إنه أحد الشعراء المميزين الذين عملوا على تجديد القصيدة الشعبية، وأحد المبدعين الذين أخرجوا الشعر الشعبي من أغراضه التقليدية إلى أغراض حديثة تتناسب مع العصر.
القصيدة الشعبية كانت مغلولة عن العطاء بتلك الأغلال الثقيلة، لكن الشاعر عبدالكريم مقبل فك عنها هذا الربط وفتح أبواب كنوزها التي لا نهاية لها، ومنحها المفردات وبدائع الجمل، وأصبح لها هذا المقام الأول، وصارت أكثر رحابة.
انفرد بإحساس عالٍ، وهو الأمر الذي انعكس على قصائده التي تميزت بنزعة وطنية، وكان للوطن نصيب كبير من شعره من خلال قصائده التي كان لها دور في رفد الجبهات ومواجهة العدوان السعودي القبيح.
الشاعر المائز عبدالكريم مقبل متكئ على معرفة عميقة وثقافة شعرية فتحت لنا آفاقاً جديدة في عالم الشعر الشعبي. كما يتميز شعره بقوة الألفاظ وجزالة التعابير وسهولة المعاني..
بطاقة شاعر
ـ كيف يحب الشاعر عبد الكريم مقبل أن يقدم نفسه لقراء صحيفة (لا)؟
الشاعر المجاهد عبدالكريم مقبل أبو كريم.. مواليد 1985 ـ صنعاء ـ بني حشيش.. الحالة الاجتماعية: عازب.
وأعرف بنفسي أيضاً ببعض الأبيات من قصيدة (بطاقة شاعر):
يوم فاح الزور واجتاح الهرا
في سراب الوهم يغري سامعيه
يوم كلاً قد تقدم للورا
في خطا الشيطان يتبع تابعيه
كنت مثل الطفل تايه في العرا
قبل ما أعانق هداي والتقيه
جيت مانا زيف أو محض افترا
جيت وجه الحق ما جيت أرتديه
يا بصيص النور في عتم الكرى
يا شعار الحق ذي لا شك فيه
قل لجاهل عاب قدري وازدرى
ما يعيب الماس جاهل يزدريه
ما يصدي معدنه مهما جرى
من يبيعه ألف غيره يشتريه
يا صروف الدهر عزمي ما اهترا
سيف يا دنيا بنارك تصقليه
دمت أنا يا سامعيني في الورا
حيد واقف والمواقف تصطفيه
بالعوافي والطواري والضرا
صاحبي بالفعل والقول أنتقيه
ذمتي ما هي لبيع ولا شرا
موقفي بالحق له ولا عليه
ما أرى بعيون غيري ما أرى
كذِّبي يا عين إلا ما تريه
واثق الخطوات وثَّقت العرى
ذاك خطي بالخطايا ما اختطيه
نهج ربي والنبي خير الورا
نهج آل البيت بالهدى أهتديه
داخلي قاموس معجز من قرا
في عيوني صدر يعجز يحتويه
سري المكنون عمره ما سرى
خلها في القلب قد ما فيه فيه
دمعي المحجوب في قلبي جرى
موطني يا جرح من وين أبتديه
جرحك المنبوش عمره ما برا
دمك المسفوك قلبي قد بكيه
جيت باسم الحب يا أمي ترى
ما نسي قلبي حنانك ما نسيه
للتعانق شوق في القلب اعترى
والمنافق كل خسة تعتريه

إما سلاح أو مجرد كلام
ـ كيف تنظر الى مستقبل وآفاق القصيدة الشعبية؟
هذا الشيء مرتبط بالقضية التي نحملها نحن كشعراء. فالشعر إذا كان يحاكي قضايا سامية تهم الأمة، فهو سلاح لايمكن للأعداء ردعه، وله آفاق واسعة ومستقبل زاخر. أما إذا كان العكس مواضيع حب وغزل و.. و.. فهو مجرد كلام مقفى، فالحب ليس كما صورته ثقافة الغرب المغلوطة.

حيوية وزخم
ـ هل المشهد الشعري في بلادنا لا يزال على حيويته؟
أعتبر أن حيوية الشعر الشعبي بدأت مع العدوان، ولازالت في نفس الزخم، بل تتطور الى الأحسن.

حمار نهم أطهر منهم
ـ ماذا تقول للشعراء المحايدين من هذا العدوان؟
مهما كانت براعتهم الشعرية فليس لهم أية قيمة، وأضيف للمحايدين شعراء أو غيرهم، فليعلموا أن الحمار في نهم الذي يمد رجال الله، أغلى وأطهر منهم، مهما كانت مناصبهم ومراكزهم الاجتماعية.

الغناء ممنوع
ـ هل لك قصائد غنائية؟
طبعاً لا.

ـ ومن هو الفنان الذي تمنيت أن يتغنى بقصائدك؟
لا أحد، ولا أكتب قصائد من هذا النوع، ولا أقبل بذلك، وأقول لمن يغني في هذه المرحلة خصوصاً الإذاعات (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت).

يزعجني عدم الشعور بالمسؤولية
ـ ما الذي يزعجك؟
التفريط سواء مني أو من غيري، أضيف أيضاً شيئاً كلما أسمعه أحس بالقهر والحزن عندما أسمع مقطعاً للشهيد القائد (سلام الله عليه)، وهي كلمة عن عدم الشعور بالمسؤولية إزاء الخطر الأمريكي،لكننا لن نفرط في السيد عبدالملك قائد الثورة لو نهلك بما معنا.

مبتدئ في الفصيح
ـ هل تكتب القصيدة الفصحى؟
نعم منذ سنين كانت هوايتي مثل الرسم، لكني لا أقول إني كنت شاعراً. فأنا لم أنشر منها أية قصيدة، ولن أنشرها أبداً، لأنها مواضيع غير مهمة إلا القصائد القومية فسأنشرها، لأني كنت أكتب في كل المواضيع. ولا أقول إني متمكن، بل مبتدئ في الشعر الفصيح.

سطوة الزامل
ـ لماذا غابت القصيدة الفصحى وخصوصاً في هذه المرحلة؟
لم تغب، بل طغت القصيدة الشعبية (الزوامل)، لأنها سلسة وتصل للعامة، ولها صدى أقوى، رغم مكانة الشعر الفصيح الكبيرة، لهذا توجهت للشعر الشعبي أحاول جاهداً إيصال رسالتي المستلهمة من مبادئ المسيرة القرآنية، أيضاً رفع الروح المعنوية لكل مجاهد، وفضح مكائد الأعداء. 

واجب ديني ووطني
ـ لنعد بالذاكرة الى البداية، متى بدأ ولعك بكتابة القصيدة؟
أول قصيدة كانت في ساحة المطار (ضد الجرعة)، لكن البداية الفعلية من أول يوم من العدوان. والشعر بالنسبة لي ليس ولعاً أو هواية، وإنما واجب ديني ووطني، أشعر عندما أكتب أني في متراس، وأني سأهزم العدوان، وأني مسؤول عن كل شيء يحصل، ويجب عليَّ أن أقوم بواجبي، ولولا القضية العظيمة التي أحملها ما كتبت ولا نشرت بيتاً واحداً.

وصول (بركان) الرياض أبكاني
ـ ما الذي يبكيك؟
سأكون صريحاً، بكيت من الفرح يوم كنت جالساً لوحدي، لم يسبق لي أن بكيت هكذا إلا عندما كنت طفلاً، لكن بصمت، دموع الفرح تلك كانت يوم وصول (بركان) إلى الرياض، أول ضربة.

أمنية تحققت
ـ ما هو الشيء الذي تمنيته وتحقق؟
أن أكون فعالاً في هذه المرحلة المهمة، الله سبحانه وتعالى عالم النيات وفقني بالمنشد المجاهد العظيم عيسى الليث، أعتبره هو المجاهد الذي يجاهد في كل جبهة، كما أني تعلمت الكثير منه ومن فريق عمله، أشكرهم جميعاً.

ـ هل لك أعمال شعرية مطبوعة؟
لا يوجد.

كنز المسيرة القرآنية
ـ ما هو الكنز الذي أعطتك إياه الحياة وتفخر به؟
الشيء الذي أحمد الله عليه هو نعمة المسيرة القرآنية، وأفخر أني من أبنائها، أموت ألف مرة على أن أتخلى عن مبادئها وأهدافها.

استفزاز قصيدة
ـ متى تستفزك القصيدة؟
إذا حركت إحساساً مكبوتاً بداخلي، مثلاً قصيدة (فليقصفوا لست مقصف) للعملاق البردوني (رحمه الله) الذي كان متنبئاً يقرأ الأحداث بشكل مذهل.

روح الشهيد النمري
ـ بمن تأثرت؟
أحمد مطر (عاد ليفتي، والنملة والفيل)، وأيضاً بعض قصائد نزار قباني (قتلوك يا بلقيس، أية أمة تلك التي تغتال أصوات البلابل) وغيرها من القصائد. وفي الشعر الشعبي تأثرت بروح الشهيد النمري سلام الله عليه.

ـ عندما يفرح الشعراء تصبح الحياة استثنائية، هل هذا صحيح؟
نعم، وعندما يحزنون أيضاً.

فرق بين شاعرين
ـ ما هو المجد الذي يحظى به الشاعر من الشعر؟
هناك فرق بين الشاعر المجاهد الذي يسعى للأجر، والشاعر الذي يسعى للمكاسب الدنيوية، والمجد هو أن تصنع المجد للأمة، وتنصر الإسلام والمستضعفين، ويكون لك موقف مشرف.

كنا نحسبهم كباراً
ـ من هو الشاعر الذي صدمك من خلال انحيازه للعدوان؟
يمكن شعراء لا يستاهلون الذكر، لكن ما صدمني هو صمت بعض الشعراء الذين كنا نحسبهم كباراً أساتذة، لكنهم تقزموا، خصوصاً شاعر لا أحبذ ذكر اسمه، أقول له يا دكتور إن لم تكن مؤمناً فلا تكن منافقاً، (قدك صامت اصمت).


دعوة لمواجهة المشروع الصهيوني
كلمة أخيرة..
أدعو كل مسلم عامة وكل يمني خاصة أن يتجهوا لمواجهة المشروع الصهيوني الماسوني الذي يسعى الى أهدافه الشيطانية، ومنها طمس الهوية والثقافة الإسلامية. والسبيل لمواجهتهم اتباع ما أمرنا به الله سبحانه ورسولنا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، اتباع كتاب الله وعترته آل البيت سلام الله عليهم. واليوم لدينا بفضل الله أعلام الهدى، ولا يجب أن نفرط فيهم، لكي ننتصر، والمسيرة القرآنية هي مسيرة للأمة عامة، وليست لجماعة أو فئة، هي سبيل عودة العزة والكرامة والهداية لأمة الإسلام وللعالم عامة.