يوميات ميدي
اختفاء 463 مرتزقاً في (برمودا) حقيقي

سطر أبطالنا في الجيش واللجان الشعبية (بفضل الله تعالى) انتصاراً أسطورياً في صحراء ميدي على جحافل العدوان ومرتزقته، في عملية بطولية استمرت 12 ساعة كاملة بدأت في تمام الساعة الـ12 منتصف ليل الاثنين قبل الماضي، واستمرت حتى الـ12 ظهر الثلاثاء، مسجلة أكبر رقم لخسائر المرتزقة الذين سقطوا بالمئات بين صريع وجريح. 
عملية تستحق أن تُدرس في أعرق الكليات العسكرية، فما حصل غير مسبوق، وسيجعل من كل يقرأ تاريخ الحروب يقف مدهوشاً تجاه ما قام به رجال الله الذين نصرهم فأيدهم بالثبات وغمرهم بالثقة.. وهو نعم المولى ونعم النصير.
الساعة الثالثة عصر الاثنين بدأت طائرات العدوان بقصف كل الجسور والطرق المؤدية الى ميدي، 29 غارة لقطع أي إمدادات باتجاه ميدي، تفكير عسكري عتيق بدا واضحاً للجيش واللجان.
الساعة السادسة مساءً بدأ أكبر هجوم للمرتزقة منذ بداية العدوان على اليمن انطلاقاً من منطقة الموسم السعودية عبر 3 محاور تلتقي جميعها في نقطة تجمع محددة سلفاً في صحراء ميدي، فيما طيران الأباتشي يستعد وكذا الزوارق الحربية لتمشيط المنطقة أمام جحافلهم الغوغائية. 
(تبدو الخطة محكمة على الورق).. هكذا حدث نفسه القائد الميداني المرتزق (ع. م)، فيما لا يزال يتوجس في نفسه خيفة، فأغلب الزحوفات رغم تنوع الخطط وتعدد المجاميع، اندحرت وفشلت.. يهز رأسه متصنعاً الثقة، ويتكلم مع القادة الملتفين حوله: (هذه المرة ليست كسابقاتها، ولن يصمد العدو أمام الزحف البشري غير المسبوق).. يوافقه أحدهم قائلاً: لقد دفعنا بالعدد كاملاً.. 2790 مسلحاً تسليحاً كاملاً، لن يصمد أولئك القلة.. لملموا أوراقهم وهم يرددون اسم العملية التي أطلقوا عليها (الوفاء لسلمان)..
الساعة الـ11 مساءً، قبل موعد الهجوم بساعة بالضبط، بدأت الآلة الإعلامية للعدوان ومرتزقته (قنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية) حملة إعلامية واسعة عن الهجوم البري الضخم للغاية بعدته وعتاده و... و... و...، ساعة كاملة قوامها التحفيز والتهويل.
خطة شليفن 
من يقرأ التاريخ، خصوصاً تاريخ الحروب، فلا شك يعرف ما يُسمى (خطة شليفن)، ففي عام 1891 تولى رئاسة أركان الجيش الألماني رجل ذو عبقرية عسكرية، هو الكونت ألفريد فون شليفن، قرر وضع خطة تستهدف هزيمة روسيا وفرنسا في الوقت نفسه.
افترض شليفن أن الجيش الروسي يحتاج أشهراً لكي تتم تعبئته، نظراً لكبر حجمه، لذلك يجب توجيه ضربة سريعة نحو القوات الفرنسية، قبل أن تتم تعبئة القوات الروسية، وعندما تتم هذه الأخيرة استعداداتها، يكون الجيش الألماني جاهزاً لمواجهتها وهزيمتها..
الساعة الـ12 منتصف الليل، انطلقت عملية (الوفاء لسلمان)، هكذا أطلق عليها المرتزقة، بعد التشييك على كل تفاصيل الهجوم الذي بدأ من المحور الأول، حيث تم الدفع بـ463 مرتزقاً باتجاه المنطقة (...)، مسنودين بـ20 عربة برادلي و9 دبابات وغطاء جوي قوامه سرب كامل من طائرات الأباتشي، بغرض عمل اختراق في موقع (...)، والإيهام بأن ذلك هو الهدف الرئيسي للهجوم، وإلهاء أفراد الجيش واللجان في الموقع لمدة 5 ساعات بالضبط، وهي مدة هجوم المحور الأول.. بدا قادة المرتزقة بذات الاستنساخ لخطة شيلفن، ولم يكلف خبراؤهم الأمريكيون أنفسهم عناء البحث في الخصوصية التضاريسية لصحراء ميدي، وتمرس المجاهدين وتفوقهم السيكولوجي، إضافة إلى ذلك كان هناك عامل مهم ومفصلي في هذا الهجوم، تمثل في ظاهرة القمر العملاق التي شهدها العالم تلك الليلة، وكانت لأبطال الجيش واللجان الشعبية أحد عوامل الحسم، فقد استغلوه كما يجب، وشكل عامل مفاجأة للمرتزقة، وكانت نتيجته صادمة ومروعة لهم ومفصلية في الهجوم...   
الساعة الـ12 والنصف منتصف ليل الثلاثاء، يتململ (ن.ع) وبجواره (م.م)، وهما متكومان تحت أغطيتهما بفعل برد صحراء ميدي القارس، رغم تواجدهما داخل مدرعة برادلي انطلقت ضمن رتل مكون من 20 مدرعة.. ظل الصمت مخيماً عليهما وهما يتابعان فوج المشاة الذي يبتعد رويداً رويداً حتى يختفي تماماً عن ناظريهما. 
فجأة يتناهى إلى مسامعهما صاروخ يعقبه انفجار شديد يبدو في الأعلى، وإذا بإحدى طائرات الأباتشي تهوي أمامهم.. يا للهول.. انفجار آخر بفعل لغم آليات أمامهم، فجأة انفجار مدرعتهم لترتفع مشتعلة ككرة من اللهب وتهوي رأساً على عقب.. يعقبه صوت انفجار ثانٍ.. وثالث ورابع وخامس وسادس.. انفجارات أخرى من خلفهم مصحوبة بالصرخات وأنين المحتضرين، حولت تلك المنطقة القارسة البرودة من صحراء ميدي إلى جحيم من نار ودم.
بدا قائد سرب الأباتشي الإماراتي الجنسية قلقاً وهو يشاهد السماء، فالقمر أكبر من حجمه الطبيعي وذو إضاءة باهرة كما لم يره من قبل، أمر كهذا يفترض أن يكون في مصلحتهم يتيح لهم مجال رؤية أوسع لمشاهدة ورصد أي هدف متحرك على الأرض مهما كان صغيراً، غير أن قلقه كان مرده إلى أن وضوح ضوء قمر تلك الليلة سيجعلهم أمام الجيش واللجان هدفاً وصيداً سهلاً للغاية، خاصة مع المعلومات الاستخباراتية الجديدة التي تتحدث عن امتلاك الجيش واللجان الشعبية صواريخ جديدة صنعها بنفسه حديثاً.. كل هذه المعطيات بدت مرعبة ومخيفة حد الموت، فظل يفتل شاربه وهو يبلغ قيادة العمليات بمخاوفه. 
وما هي إلا لحظات حتى سمع صوت صاروخ لم يشاهده حتى على لوحة التحكم، ولكنه شاهد لحظة ارتطامه بطائرة زميله من الجنسية البحرينية، محققاً إصابة غير مباشرة في جناحها الأيمن، لتلتف ببطء عائدة من حيث أتت والدخان خلفها.. ظل يرقب باقي الطائرات وهي تستدير إلى الخلف لتعود من حيث أتت، دون أن تكون هناك أي أوامر للانسحاب، وما إن رأى زملاءه ينسحبون حتى لحق بهم مسرعاً، تاركين خلفهم الآليات المدرعة نهباً للانفجارات، و463 من المرتزقة دون أي غطاء جوي، تركوهم وحيدين ومعزولين تماماً، فريسة سهلة لصحراء ميدي، ومن قبلها للجيش واللجان الشعبية.

مثلث برمودا
هو موقع جغرافي على خريطة العالم على شكل مثلث متساوي الأضلاع، يقع غرب المحيط الأطلسي باتجاه الجنوب الشرقي لولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، ويمتدّ من خليج المكسيك غرباً إلى جزيرة ليورد من الجنوب إلى برمودا ثم إلى جزر الباهاما. سمّي هذا المثلث على اسم جزر برمودا وعددها 300 جزيرة، وتبلغ مساحة مثلث برمودا 1140 كيلومتراً مربعاً، واشتهرت تلك المنطقة بحوادث اختفاء لسفن وطائرات من دون ترك أي أثر، وما تبع ذلك من قصص وأساطير تروى حولها.
ربما تتساءلون: ما علاقة مثلث برمودا بما يحدث في ميدي؟
أكثر أبناء ميدي، خصوصاً أهل القرى المتناثرة على أطراف صحراء ميدي، يتحدثون عن وجود منطقة غامضة في صحراء ميدي سجلت اختفاء عدد من الأهالي، يسمونها (البرمودا)، وهي تسمية ربما تكون نابعة من التأصيل التاريخي لمثلث برمودا الشهير.
اسألوا من تعرفونه من أبناء ميدي لتتأكدوا من ذلك، فقد أخبرني أحد النازحين من منطقة ميدي، بأن مجرد ذكر المنطقة يشعره بالقشعريرة هلعاً بفعل الروايات التي كان يتناقلها أغلب أبناء المنطقة عن حوادث اختفاء العديد من أهل القرية، وكيف كانت الأمهات يحدثنهم ليلاً عن قصص مرعبة لأقاربهم المفقودين.
لازلتم تنتظرون معرفة مصير أولئك الجنود، ولا زلت متردداً في إخباركم بمصيرهم، فما حدث لا يزال مروعاً ومخيفاً، والأهم (غامضاً).
وحتى كتابة هذا في تمام التاسعة مساء الأربعاء، أي بعد مرور 33 ساعة من انتهاء هجوم المرتزقة من المحور الأول، لا يزال مصير أولئك الجنود غامضاً، وهم في عِداد المفقودين، وكعادتهم تخلى العدوان ومرتزقته عنهم، ولم يكلفوا أنفسهم حتى عناء البحث عنهم، ولا يزالون يتساءلون همساً عن مصير زملائهم المفقودين حتى اللحظة.
نهاية غامضة وقاسية للمرتزقة في مرحلتهم الأولى من الهجوم، وسنواصل سرد بقية أحداث الهجوم في المحورين الثاني والثالث، لاحقاً، وهي أحداث ستجعلكم فخورين بمجاهدينا الذين قدموا ملاحم بطولية في الدفاع عن الوطن الغالي.