لم تعد المرأة اليمنية أسيرة الحجب الاجتماعي واقتصار العمل الوطني والسياسي على الرجال فحسب، فقد استطاعت خلال الأحداث التي مرت بها البلاد منذ 2011، أن تنتزع حقها في المشاركة الوطنية الفاعلة، وكسرت الحواجز التي تعوق مشاركتها في الحقل السياسي والوطني العام.
وبات للنسوة نون تحضر في مواقف كثيرة، تتنافس أطراف الصراع على اجتذابها لما لها من حضور فعّال ومؤثر، وقد شكَّل العدوان السعودي الأمريكي تحولاً كبيراً في دور المرأة اليمنية، بأن نقلها من مرحلة التأييد والمشاركة السياسية إلى مرحلة الدعم اللوجستي والعمل الميداني المناهض للعدوان.
وبرز للمرأة دور فعّال، ودعمها السخي الذي وصل إلى حجم لم يكن يتوقعه المجتمع من خلال الإسهامات والتبرعات التي شكلت عاملاً مهماً في صمود الشعب اليمني ومواجهة العدوان، كما أن خروجها الميداني وحملها للسلاح في المسيرات والمظاهرات النسوية، يثبت عظمة المرأة اليمنية، وعزمها على التضحية في سبيل الدفاع عن الوطن. 
المرأة اليمنية تتصدر مناهضة العدوان
على خطى بلقيس بنت الهدهد، وأروى بنت أحمد الصليحي، تتصدر المرأة اليمنية القوى الاجتماعية في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي، وتضع بصماتها دفاعاً عن الوطن وسيادته واستقلاله وكرامة أبنائه ضد قوى الغزو والاحتلال وأذيالهم وعملائهم، وجنباً إلى جنب مع شقيقها الرجل تحيك ثوب انتصار اليمنيين ناصع البياض كشمس الحرية حين تشرق في سماوات أرضنا الحبيبة.
أحلام عبدالكافي واحدة من أولئك النسوة اللاتي خلدن نونهن في محراب الدفاع عن الوطن، فهي ترفض العدوان السافر على الشعب اليمني، وكبقية حرائر اليمن، من موقعها باعتبارها كاتبة صحفية سخرت قلمها لكشف جرائم العدوان وفضح قبح أساليب التزييف الإعلامي، والرد على الأكاذيب المستمرة التي يتبناها إعلام العدوان، الذي عمد إلى التضليل على مظلومية الشعب اليمني وتزييف الحقائق تجاه الانتهاكات السافرة التي يرتكبها العدو بحق الأبرياء نساء وشيوخاً وأطفالاً، بحسب قولها.. وتعد أحلام واحدة من ذوي الأقلام الوطنية المدافعة عن الوطن، لاسيما بعد توظيف وتسخير بعض الناشطات لصالح العدوان، وشراء مواقفهن التي تنم عن خيانة للوطن، وتعتبر التصدي لكذبهن وفضح ادعاءاتهن التضليلية والوقوف بجدية حيال مظلومية المرأة اليمنية الحرة الأبية، أمراً حتمياً على النساء الناشطات الوطنيات، والسعي لإظهار حقيقتها للعالم، لا كما تمثله تلك النسوة العميلات.

صمود أسطوري
تقول أحلام عبدالكافي: (إن المرأة اليمنية اليوم أصبحت رقماً لا يستهان به، فقد اعتلت على نساء العالمين بصبرها وثباتها الأسطوري، حين استشعرت بالخطر والمؤامرة التي تحاك ضد الوطن، فتحركت في جميع المجالات السياسية والإعلامية والثقافية، وعلى كافة الأصعدة، وفي جميع المجالات كل بحسب قدرتها وإمكانياتها، حتى لو لم تكن تمتلك تلك الدرجات العلمية، إلا أنها بوعيها وإيمانها الكبير بالله القوي وبثقتها به وبولائها للوطن، استطاعت أن تحقق أكبر الإنجازات في ساحة الدفاع المقدس عن اليمن، خصوصاً بعد سقوط العديد من النساء بين شهيدة وجريحة، وبعد أن جعلها العدوان أحد الأهداف المباشرة لقصف طيرانهم المباشر الذي يستهدف الأطفال والنساء ليل نهار، في جميع محافظات الجمهورية بكل وحشية).
وتضيف: (يقف العالم مذهولاً أمام قوة وصلابة المرأة اليمنية، تلك الأم التي تودع ابنها الشهيد بالزغاريد وبالفل والرياحين. أية عظمة تلك التي تجسدت بها هذه الأم، بل تلك الزوجة التي تدفع بزوجها ورفيق دربها للجهاد. وأية روحية تلك التي تحملها المرأة اليمنية حين تبذل حليها لرفد جبهات الجهاد والعزة من ناحية، والتي تلهج بالدعاء لله القوي ليل نهار، لنصرة وطنها.. صور مختلفة وتعدّدات متكررة رسمت واقعاً حقيقياً تعجز الأقلام عن وصفه، وتجف الألسن عن إدراك كنه عظمته، تعكس كلها مشهداً خرافياً اسمه المرأة اليمنية، قهرت العدوان).

مشاركة المرأة.. صحوة شعبية
ومن واقع مشاركة المرأة اليمنية في مواجهة العدوان، فقد برزت العديد من الشخصيات النسوية، وجعلهن الواقع ناشطات وكاتبات وإعلاميات استطعن بجدارة أن يتحركن في كل المجالات للتصدي للعدوان الغاشم على اليمن، وترى أحلام أن ذلك مؤشر بدا واضحاً ومترجماً على أرض الواقع في قدرة المرأة اليمنية على بناء الوطن ومشاركة أخيها الرجل في معركة تحرير الوطن ومواجهة كل التحديات والصعوبات التي تواجهه، وأنها صحوة شعبية تقود الوطن إلى المستقبل الأفضل. 
من جهتها، ترى نائب عميد كلية الآدب الدكتورة ابتسام المتوكل، أن مشاركة المرأة اليمنية في الدفاع عن الوطن قوية وفاعلة، لكنها في مجملها ما زالت أسيرة الوعي التقليدي تجاه أدوار المرأة، وإن تجاوز بعض الفاعلات هذا الوعي النمطي، لكن الأغلبية مازلن في إطاره، إما بوعي أو عدم قدرة على التجاوز، أو دون وعي وانغماس في الوعي السائد. 

تأييد العدوان انسلاخ عن الهوية الوطنية
وتؤكد المتوكل أن تأييد العدوان لا يعود إلى كونه مسألة نساء أو رجال، بل في مواطن/ة يمني/ة يساند العدوان ضد أرضه وأهله وماضيه ومستقبله، وتلك حالة من التشوه والانسلاخ عن الهوية، يتعذر وصفها، بل تخيلها، والتخلف الحق هو في السقوط في وحل خيانة الوعي والأهل والتراب.. وتقول: (حريتي الحقة هي في رفض التبعية للخارج أياً كان، فما بالك بالتبعية لمشيخات وممالك لا تؤمن بحق الفرد، أو تعترف بحقوق النساء والمدنية)، وتتعجب من النسوة المواليات للعدوان يتهمن المرأة المناهضة للعدوان بأنها متخلفة (تتخلى عن حقوقها المدنية، وتكرس تهميش المرأة في المجتمع اليمني)، بقولها: (تهميش المرأة الصارخ في النظام السعودي يدين من يساند هذا النظام بمناهضة حقوق النساء).
ثقافة العملاء بضاعة فاسدة
وتتابع الدكتورة ابتسام أن الثقافة التي تخون أو تبيع أو تداهن، ليست إلا بضاعة فاسدة وسلالم ملغومة لرهن المبادئ، متسائلة: (هل سمعت في العالم مثقفاً يؤيد قتل الأطفال أو تدمير البيوت أو مداهنة المحتل؟). وتعتبر المثقف الحقيقي بأنه المثقف الذي يتصل بنبض مجتمعه، ويعبر عن تطلعات أمته، وأنه المساند للمبادئ مهما كان البطش، وهو صوت الهامسين والضعفاء، والمدافع عن الحقوق.
لا تقف حدود مشاركة المرأة اليمنية في مناهضة العدوان السعودي الأمريكي الغاشم، عند المسيرات والدعم المالي للجبهات، بل تحضر بفاعلية في صناعة القرار السياسي الداخلي ومحاكمة العدوان خارجياً، فهي عضوٌ في اللجنة الثورية العليا المهتمة بتسيير أوضاع البلاد في الوقت الحالي، وعضو في الوفد الوطني للمشاورات الكويتية، كما أن هناك عدداً من الناشطات والحقوقيات لا يدخرن جهداً في سبيل تعرية العدوان وكشف جرائمه بحق أبناء الشعب اليمني للرأي العام الدولي.
تعمل رند الأديمي، الناشطة والكاتبة الصحفية، على تسخير كل إمكانياتها خدمةً للقضية الوطنية؛ فإلى جوار الأعمال الخيرية تقوم بدورها الصحفي في تغطية الأخبار وكتابة المقالات التي تشرح حال المواطنين وأسر الشهداء الذين يعاصرون ألم ونكبة الحرب، تقول بأن المرأة اليمنية تتواجد في مختلف الأنشطة والفعاليات الوطنية المناهضة للعدوان، وفي طلائع المساهمين في الأعمال الخيرية والإنسانية، وينشطن في مختلف المجالات كالكتابة والأدب والشعر.
وترى أن اليمنيات يقاتلن بالقلم بالأمل؛ إذ تقاتل المرأة اليمنية وهي تبعث في نفوس أولادها الصبر والعزيمة، وهي تودعهم للمدرسة برغم تحليق الطائرات، وتودع أغلب الأمهات أبناءهن لساحات الجهاد صيانة لكرامة الوطن، فالمرأة هي الأم التي تمد الأبناء والآباء بالعطاء. وبالنسبة لمؤيدات العدوان، فإنها لا تفرق بين خائني الوطن أكانوا رجالاً أو نساء، وتسخر من مبرراتهم بأنهم يخونون الوطن نكاية بصالح والحوثي.

يمنيات يشاركن في صنع القرار الثوري
ومن موقعها في اللجنة الثورية ترى علياء فيصل الشعبي أن العدوان انتقل إلى مرحلة أخرى منذ بدء المشاورات الكويتية، واعتبرت ارتفاع سعر الدولار عدواناً آخر بمثابة قصف الطائرات، كما أنها تقدم النصح لأبناء المحافظات الجنوبية بألا تنطلي عليهم إغراءات المحتل الخليجي بطرد أبناء المحافظات الشمالية، وتصديقهم وهم الانضمام لمجلس التعاون الخليجي، فهو مجرد وهم ودغدغة لمشاعر الجنوبيين، لجعلهم مطية لتمرير مشاريع الاحتلال، بحسب قولها.. وكانت علياء ضمن وفد اللجنة الثورية الذي قام بزيارة عدد من البلدان حول العالم، (بهدف تعريف العالم بالذي يحصل في اليمن، فالعالم لا يفهم ما الذي حصل في اليمن بسبب التغطية الإعلامية المضللة، وهناك بعض الدول غيرت موقفها، لأنها رأت تنوعاً في الوفد، وتغيرت لديها الصورة عما كان يصور لها الإعلام بأن ثورة 21 أيلول من طرف واحد)، وتمكنت من إنجاح عمليات تبادل الأسرى بين أبطال الجيش واللجان الشعبية من جهة، والحراك الجنوبي من جهة أخرى.

نساء الفنادق.. نون خيانة
على النقيض من ذلك تماماً، نجد نسوة يمنيات سخرن أنفسهن للعدوان وتبرير جرائمه، البعض منهن انتقل مع فريق العملاء برئاسة هادي إلى الرياض، ويمارسن مهام العمالة والارتزاق من الفنادق المخصصة لإقامتهن في الرياض، وأخريات لازلن في اليمن يباشرن نشاط الخيانة للأهل والوطن من على التربة اليمنية الطاهرة، وينخرط عدد من النساء - كناشطات ومثقفات - في صف العدوان بتأييده أو الشرود عن مسألة العدوان الذي يفتك بأبناء الشعب اليمني.
وتعمل هؤلاء النسوة على حرف مسار القضية الوطنية من مواجهة العدوان، إلى قضايا أخرى جانبية عن طريق نشاطهن في منظمات المجتمع المدني التي تعد حوامل لتغلغل القوى الاستعمارية، وعلى رأسها الأمريكية، داخل المجتمع اليمني، لاستهدافه من الخارج، فتارة يقمن بإثارة قضية الجامعة التي هي في الأصل مشكلة ابتكرها العدوان، محاولاً إيجاد ثغرة داخل العاصمة صنعاء، ويقفن مع ربط إدارة الجامعة بالشرعية الهاربة في الرياض، والتي تشرعن العدوان، وأخرى برفع تقارير حقوقية لمنظمات دولية بضحايا راجع المضادات، وإغفال ضحايا قصف طائرات العدوان السعودي الأمريكي.. ويكشف توجه الأمم المتحدة الذي برز مؤخراً بضم وجوه نسائية ارتبطت بالمنظمات إلى مشاورات الكويت بطلب المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، تحقيقاً لرغبة الأمم المتحدة في تحسين وضع المرأة في الملف اليمني، بحسب ولد الشيخ، بأن عدداً من الوجوه النسوية تستخدمهن الأطراف الخارجية كبيادق لتحقيق الأجندة الخارجية.
ويلجأ عديمو القضية إلى استثارة العاطفة، بالإعراض عن حقيقة أنهم يقاتلون بخدمة آل سعود وحلفائهم، بصورة فتيات، وكأن القتال قضية المجتمع لا مكسب من يقبضون مال العمالة، من خلال تجنيد عدد من الفتيات كما فعل مرتزقة العدوان في تعز وتصويرهن بالبنادق، على الرغم من أن وجود الفتيات يعتبر فائضاً لا قيمة له مع وجود طائرات (F16) ومرتزقة متعددي الجنسية.
ومع وجود التباين النسائي في الموقف من العدوان، تجد النسوة اللاتي يناهضن العدوان، أنهن يعبرن عن إرادتهن في الدفاع عن الوطن، ويسجلن حضورهن في الدفاع عن الأرض اليمنية، بينما تدرك المواليات للعدوان في قرارة أنفسهن أنهن مجرد أدوات وجواري في بلاط المليك السعودي.