في مدينة تعز بمجرد أن يمسك الصائمون عن الأكل والشرب، يتغير مذاق الوقت عندما تنزل السكينة على كافة تفاصيل المكان، معانقة الصوامع والقباب، والبيوت والأسواق. . ومع حلول شهر رمضان تسافر ذكريات من نزحوا عن مدينة تعز إلى أجواء كانت بالنسبة لهم عامرة بالحب، مشعلة أسئلة الحنين عن العودة إلى مدينة لا يحس بأسرارها إلا من عايش شهر رمضان فيها.
صحيفة (لا) أخرجت ما في القلب من حنين، وما في البال من ذكريات وأمنيات، وحولتها إلى حبر على ورق استعاد فيها عدد من أبناء تعز شيئاً من الوجد عن المدينة التي هُجروا منها، أو هربوا من أشباح القتل.
في رحاب المساجد القديمة
أنس أحمد، نازح من حي الشماسي، يفيض شوقاً إلى أوقات كان يقضيها خلال شهر رمضان في زيارة المساجد القديمة في مدينة تعز، يقول: منذ أن عرفت نفسي وأنا حريص على عادة ورثتها من أبي، وهي أداء صلاة العصر في أحد المساجد الأثرية بمدينة تعز، والتي كنت أحس فيها بطمأنينة لا أجدها إلا في تلك المساجد التي يبدو أنها مسكونة برجع صدى رجال صالحين عمروا تلك المساجد بذكر الله منذ أن بنيت قبل مئات السنين. ورغم مضي أكثر من عامين على نزوحي خارج المدينة، إلا أن الذكرى لا تزال تشدني إلى تلك المساجد، وأمنيتي أن أعود إلى مدينة تعز، وأعايش تلك المشاعر الفياضة بالإيمان، والتي تفوح من جدران وأعمدة المساجد القديمة في المدينة. إن ما تسبغه معالم مدينة تعز على شهر الصيام لا يمكن أن تجده في أي مكان آخر.
نسيمات رمضان تشعل حنيني لتعز
يقول يحيى محمد البدوي: لم تفارق تعز خيالي طوال الوقت، ومع هبوب نسيمات رمضان يزداد الحنين عندي للمدينة التي كنت أحرص على ألا يحل الشهر الفضيل إلا وأنا فيها، مهما كانت مشاغلي خارج المدينة، ومع أول نهار من أيام رمضان كان الود يتدفق بشكل أكثر من المألوف، فترى الأطفال يحملون أواني هدايا الطعام التي تتبادلها الأسر من بيت إلى بيت، بينما يقضي الكبار فترة ما بعد العصر وبعد تلاوة القرآن في مجاميع صغيرة يمضون فيها الوقت إلى فترة ما قبل الإفطار، قبل أن يعود كل فرد من بيته حاملاً سفرة للإفطار الجماعي في المسجد.
تفاصيل حميمة عن المظفر
في رحاب جامع المظفر المهيب، كان يسكن ماجد ذكوان، وقبل أن يفر من المدينة إثر طلقات أخطأت رأسه ببضعة سنتيمترات، وتسكن الجدار، أخذ ماجد يودع كل شيء عرفه في حي المظفر: شجرة (الأثاب) العملاقة التي قضى نصف طفولته معلقاً عليها، طوابير الزحام على بائع مشروب الشعير في رمضان، والقلعة التي سكنتها طيور الظلام بعد أن كانت متنزهاً يزوره الناس على مدار الوقت، ويكثر زوارها في رمضان. يقول ماجد متنهداً: عن ماذا أتحدث؟ فكل تفصيل في الذاكرة عن شهر رمضان في مدينة تعز، يحمل في طياته تفاصيل متعددة حفرت مكانها في الذاكرة، ورغم الظروف الصعبة التي نعاني منها بعد أن تركنا بيوتنا ونزحنا، إلا أن فكرة العودة لاتزال طاغية على كل ما عداها، وبمجرد أن تعيد الدولة سيطرتها على المدينة سأكون أول العائدين.
صدى المآذن يلاحق النازحين
نورية الشوافي، سيدة مسنة، تقول: قبل أن أستقر مع زوجي الذي كان كثير التنقل في الداخل والخارج بسبب عمله، كان قضاء رمضان في منزلنا في الجحملية هو الأثير على قلبي، ومنذ أن اندلعت المواجهات في شوارع المدينة، غادرنا، وقد صادفت مغادرتنا قبيل حلول شهر رمضان المبارك بأيام قليلة، وعندما مضيت كان صوت المآذن تذكر بموعد السحور، يئن في أذني. لقد كان لشهر رمضان في تعز نكهة مميزة، وأدعو الله أن نعود إلى بيوتنا في أقرب وقت، وقد أنعم الله على بلادنا بالأمان.
امتزاج حلاوة الطاعة بالمكان
إن كل من عرف لذة الطاعة في باحة مسجد عبدالهادي السودي في مدينة تعز القديمة، من الصعب عليه أن ينسى النفحات الإيمانية لشهر رمضان بمدينة تعز، بهذه الكلمات افتتح محمد الشاوش حديثه عن الحنين لصيام رمضان في تعز، ويضيف محمد حديث الذكريات قائلاً: ما يولده الجلوس في باحة مسجد عبدالهادي من نقاء روحي وعمق في التأمل، تنساب منسجمة مع حالة الصيام، سيبقى مشدوداً إلى تلك اللحظات التي كنت أنتظرها على مدار العام، وعلى عكس ظاهرة الهرج والمرج التي أصبحت ملحوظة في المساجد هذه الأيام، إلا أنك لا تسمع صوتاً مرتفعاً، رغم كثرة الزوار للمسجد في رمضان، فالجميع يتحدثون همساً، مما يدل على حالة خشوع إيمانية تهيمن على جميع زوار المسجد. إن تلك السويعات الرمضانية في تعز لا تعوض، وإذا عدنا فكيف سيكون ما أشتاق إليه بعدما أقدمت العصابات على هدم مسجد عبدالهادي؟!
مساء يضيء الخيال
عادات وتقاليد أهالي تعز في رمضان، اندفعت مرة واحدة إلى عيني عمار العبيدي، فتوهجتا وفاضتا دمعاً، قبل أن ينطق قائلاً: كلما تذكرت أن شهر رمضان يطرق الأبواب، تعود بي الذكريات إلى تفاصيل حميمة عن أيام شهر رمضان في مدينة تعز،، فمساء ليالي رمضان في تعز يضيء خيالي، بعادات التجمع في بيت من بيوت حارتنا بوادي المدام، والمداومة على تلاوة القرآن والاستماع إلى قصائد مدح النبي. ولو تم قياس المسافات بين مقر نزوحي في صنعاء ومدينة تعز، مع قدوم شهر رمضان، لوجدوا أن اشتياقي لتعز أكبر من المسافة التي تفصل بيننا.
أسواق بلا تكلف
من ناحيته، قال ناجي عنتر، نازح في مدينة إب: صحيح أن أيام شهر رمضان تكاد تتشابه في مختلف مناطق اليمن، لكن يبقى للمرابع التي قضينا فيها حياتنا بمدينة تعز مكانة خاصة. كان لي في تعز طقوس خاصة خلال شهر رمضان، والذكرى لها جزء من الروح، فقد كنت أهوى التنزه في أسواق مدينة تعز القديمة بين باب الكبير وباب موسى، في فترة ما بعد العصر، التي كنت أستمتع فيها بمشاهدة الطابع الشعبي لتلك الأسواق التي لم تتعرض لغزو تقنيات بهرجة المعارض، حيث تلاحظ أن تلك الأسواق لاتزال تحتفظ بشكلها الأول الذي وجدت عليه قديماً، وتعاملات الناس فيها تتسم بالبساطة والابتعاد عن التكلف.
صحيفة (لا) أخرجت ما في القلب من حنين، وما في البال من ذكريات وأمنيات، وحولتها إلى حبر على ورق استعاد فيها عدد من أبناء تعز شيئاً من الوجد عن المدينة التي هُجروا منها، أو هربوا من أشباح القتل.
في رحاب المساجد القديمة
أنس أحمد، نازح من حي الشماسي، يفيض شوقاً إلى أوقات كان يقضيها خلال شهر رمضان في زيارة المساجد القديمة في مدينة تعز، يقول: منذ أن عرفت نفسي وأنا حريص على عادة ورثتها من أبي، وهي أداء صلاة العصر في أحد المساجد الأثرية بمدينة تعز، والتي كنت أحس فيها بطمأنينة لا أجدها إلا في تلك المساجد التي يبدو أنها مسكونة برجع صدى رجال صالحين عمروا تلك المساجد بذكر الله منذ أن بنيت قبل مئات السنين. ورغم مضي أكثر من عامين على نزوحي خارج المدينة، إلا أن الذكرى لا تزال تشدني إلى تلك المساجد، وأمنيتي أن أعود إلى مدينة تعز، وأعايش تلك المشاعر الفياضة بالإيمان، والتي تفوح من جدران وأعمدة المساجد القديمة في المدينة. إن ما تسبغه معالم مدينة تعز على شهر الصيام لا يمكن أن تجده في أي مكان آخر.
نسيمات رمضان تشعل حنيني لتعز
يقول يحيى محمد البدوي: لم تفارق تعز خيالي طوال الوقت، ومع هبوب نسيمات رمضان يزداد الحنين عندي للمدينة التي كنت أحرص على ألا يحل الشهر الفضيل إلا وأنا فيها، مهما كانت مشاغلي خارج المدينة، ومع أول نهار من أيام رمضان كان الود يتدفق بشكل أكثر من المألوف، فترى الأطفال يحملون أواني هدايا الطعام التي تتبادلها الأسر من بيت إلى بيت، بينما يقضي الكبار فترة ما بعد العصر وبعد تلاوة القرآن في مجاميع صغيرة يمضون فيها الوقت إلى فترة ما قبل الإفطار، قبل أن يعود كل فرد من بيته حاملاً سفرة للإفطار الجماعي في المسجد.
تفاصيل حميمة عن المظفر
في رحاب جامع المظفر المهيب، كان يسكن ماجد ذكوان، وقبل أن يفر من المدينة إثر طلقات أخطأت رأسه ببضعة سنتيمترات، وتسكن الجدار، أخذ ماجد يودع كل شيء عرفه في حي المظفر: شجرة (الأثاب) العملاقة التي قضى نصف طفولته معلقاً عليها، طوابير الزحام على بائع مشروب الشعير في رمضان، والقلعة التي سكنتها طيور الظلام بعد أن كانت متنزهاً يزوره الناس على مدار الوقت، ويكثر زوارها في رمضان. يقول ماجد متنهداً: عن ماذا أتحدث؟ فكل تفصيل في الذاكرة عن شهر رمضان في مدينة تعز، يحمل في طياته تفاصيل متعددة حفرت مكانها في الذاكرة، ورغم الظروف الصعبة التي نعاني منها بعد أن تركنا بيوتنا ونزحنا، إلا أن فكرة العودة لاتزال طاغية على كل ما عداها، وبمجرد أن تعيد الدولة سيطرتها على المدينة سأكون أول العائدين.
صدى المآذن يلاحق النازحين
نورية الشوافي، سيدة مسنة، تقول: قبل أن أستقر مع زوجي الذي كان كثير التنقل في الداخل والخارج بسبب عمله، كان قضاء رمضان في منزلنا في الجحملية هو الأثير على قلبي، ومنذ أن اندلعت المواجهات في شوارع المدينة، غادرنا، وقد صادفت مغادرتنا قبيل حلول شهر رمضان المبارك بأيام قليلة، وعندما مضيت كان صوت المآذن تذكر بموعد السحور، يئن في أذني. لقد كان لشهر رمضان في تعز نكهة مميزة، وأدعو الله أن نعود إلى بيوتنا في أقرب وقت، وقد أنعم الله على بلادنا بالأمان.
امتزاج حلاوة الطاعة بالمكان
إن كل من عرف لذة الطاعة في باحة مسجد عبدالهادي السودي في مدينة تعز القديمة، من الصعب عليه أن ينسى النفحات الإيمانية لشهر رمضان بمدينة تعز، بهذه الكلمات افتتح محمد الشاوش حديثه عن الحنين لصيام رمضان في تعز، ويضيف محمد حديث الذكريات قائلاً: ما يولده الجلوس في باحة مسجد عبدالهادي من نقاء روحي وعمق في التأمل، تنساب منسجمة مع حالة الصيام، سيبقى مشدوداً إلى تلك اللحظات التي كنت أنتظرها على مدار العام، وعلى عكس ظاهرة الهرج والمرج التي أصبحت ملحوظة في المساجد هذه الأيام، إلا أنك لا تسمع صوتاً مرتفعاً، رغم كثرة الزوار للمسجد في رمضان، فالجميع يتحدثون همساً، مما يدل على حالة خشوع إيمانية تهيمن على جميع زوار المسجد. إن تلك السويعات الرمضانية في تعز لا تعوض، وإذا عدنا فكيف سيكون ما أشتاق إليه بعدما أقدمت العصابات على هدم مسجد عبدالهادي؟!
مساء يضيء الخيال
عادات وتقاليد أهالي تعز في رمضان، اندفعت مرة واحدة إلى عيني عمار العبيدي، فتوهجتا وفاضتا دمعاً، قبل أن ينطق قائلاً: كلما تذكرت أن شهر رمضان يطرق الأبواب، تعود بي الذكريات إلى تفاصيل حميمة عن أيام شهر رمضان في مدينة تعز،، فمساء ليالي رمضان في تعز يضيء خيالي، بعادات التجمع في بيت من بيوت حارتنا بوادي المدام، والمداومة على تلاوة القرآن والاستماع إلى قصائد مدح النبي. ولو تم قياس المسافات بين مقر نزوحي في صنعاء ومدينة تعز، مع قدوم شهر رمضان، لوجدوا أن اشتياقي لتعز أكبر من المسافة التي تفصل بيننا.
أسواق بلا تكلف
من ناحيته، قال ناجي عنتر، نازح في مدينة إب: صحيح أن أيام شهر رمضان تكاد تتشابه في مختلف مناطق اليمن، لكن يبقى للمرابع التي قضينا فيها حياتنا بمدينة تعز مكانة خاصة. كان لي في تعز طقوس خاصة خلال شهر رمضان، والذكرى لها جزء من الروح، فقد كنت أهوى التنزه في أسواق مدينة تعز القديمة بين باب الكبير وباب موسى، في فترة ما بعد العصر، التي كنت أستمتع فيها بمشاهدة الطابع الشعبي لتلك الأسواق التي لم تتعرض لغزو تقنيات بهرجة المعارض، حيث تلاحظ أن تلك الأسواق لاتزال تحتفظ بشكلها الأول الذي وجدت عليه قديماً، وتعاملات الناس فيها تتسم بالبساطة والابتعاد عن التكلف.
المصدر زيد المجاهد/ لا