اتحاد العيسي وسلة التلال أنموذجاً
موروث مهجن لجـينـــــات الهزيمة


لا يعاني اليمنيون البسطاء بالفطرة من عقدة اليمني, فهم يعيشون على ملاءة الحاصل غير مكترثين لنكسات بعض قيادات ونجوم الوطن في الألعاب الرياضية المشبعة بفقدان ثقة إمكانيات استجلاب تنويعات الإنجاز الرياضي العديم القدرة على ردم  الهوة الفاصلة بين الفشل الراهن ضمن الزمن اليمني غير النوعي والمتفشي بنظرية استحالة  صنع رياضيين قادرين على الحضور الدولي الحقيقي  بدرجة تحمل إمكانيات تسجيل موقف وطني مشرف وتحقيق نجاح من أي لون.
وبحسب ملهاة عدمية الاكتراث بانتصارات غازية التناثرات المنسية وتكريس ذهنية البيئة الطاردة المنزوعة الثقة للتفوق الضمني المسبق بتحطيم أرقام النصر, قد يكون هذا الأمر بشكل واقعي بما تفتعل به نفسية بعض من يمثلون الرياضة اليمنية النابضة بعقدة الهزيمة المباحة بدماء الانفعالية المجترة مع أعداء وطنها, كأهداف تبطنها عقولهم وأهواء وأفكار دبقة تتغلغل بأنفسهم نتيجة سطوة عقيدة الإخفاق والسقوط والعمالة بكل جدارة وبإيحاء فوقي لصورة فريق الهزائم اليمني (من السياسي إلى الكروي) وهو يحمل على ظهره صرة فشل مزمن, وهي الصورة الذهنية التي يطبعها العامل الخارجي عن الإنسان اليمني تحت ذريعة عدم قدرته على خوض أي منافسة وعدم استطاعتهرفع رأسه أمامها.
كما أن هناك عقيدة نفسية في غاية العنف, يسوقها مناهضو الإبداع, وتنص على أفخاخ وأوهام ديمومة الانكسارات اليمنية وتقترح أماكن هامشية للرياضة اليمنية بوصفها فرصة وحيدة للعب دور الدوبلير,وهو الأمر الذي يستحضره الرياضيون الوطنيون كسبب رئيسي لسقوط الرأس اليمنية في التمثيلات الخارجية.

حفلة تنكرية للغرباء
مطلع القرن الماضي تأسس الاتحاد المحمدي (التلال حالياً) وخاض بروح وطنية نزالات كروية ودموية مع فرق الاستعمار البريطاني, وبعد الاستقلال كان الفريق الكروي الجامع للجنوب يخوض معركة مع السعوديين على أرضهم وسط ملحمة جماهيرية..التحمت فيها الجماهير اليمنية يومها (شمالية وجنوبية) مع الجنود السعوديين بصورة تمثل روح اليمني الأصيل بالوقوف في وجه الصافرة الظالمة العدوانية على الفريق اليمني.
لم يمضِ نصف قرن عن هذا المشهد الرائع حتى أقدم هذا الكيان الرياضي اليمني على تقديم صورة معاكسة تماماً لروحه الأولى التي نشأ عليها وكانت هي بذرته في النزالات الرياضية أثناء تمثيله لليمن على أراضي دول الخليج التي تصغر في ميلادها عن نادي التلال اليمني بخمسة عقود.
زمن طويل وفارق لمشهد الشموخ والتحدي ومشهد الخنوع والانكسار.
ففي مربع الظل أقيمت حفلة تنكرية لعميد أندية الجزيرة العربية لتكريم الغرباء بأقنعتهم الرمزية الزائفة, موقف مهين قدمه رئيس اللجنة المؤقتة لنادي التلال بعدن مع عدد من منتسبي فريق كرة السلة بالنادي أثناء خوضهم لمعسكر خارجي بمدينة جدة السعودية استعداداً للمشاركة في البطولة العربية للأندية التي جرت في دبي من3 إلى13 الشهر الجاري, أُقحِمَ الرياضيون التلاليون في السياسة من خلال ارتدائهمفانلات حملت صورة الملك السعودي وكتب عليها «شكراً سلمان».
وقع التلاليون في خطأ فادح يستحق العقاب لرفع فريق رياضي يمني صورة مجرميداه ملطختان بدماء اليمنيين ويقود مع حلفائه الأمريكان والصهاينة عدواناً بربرياً وحصاراً خانقاً على اليمن بدم بارد.
قبل الرحلة الخليجية, أثار الفريق العدني قصة مفبركة عن عرقلة صنعاء لمستحقاته المالية التي كانت قد قدمت له على كف السرعة والراحة, اجتمعوا مع قائد مرتزقة هادي ووزير شبابه البكري, وبدأوا الإعداد لحفلتهم التنكرية مع أعداء اليمن.
لماذا ينجر اللاعبون إلى ملاعب السياسة التي تحرّمها القوانين واللوائح الرياضية؟.. ذهب التلاليون إلى هناك بعد أن تسلموا مبلغ 14 مليونريالمن صندوق رعاية النشء والشباب في صنعاء وبترشيح من اتحاد السلة لبطل السلة اليمنية السابق,طار عميد الأندية اليمنية إلى مدينة جدة السعودية للإعداد، وقاموا بأداء سكور أولي في الشباك المستفز لمشاعر اليمنيين من خلال ارتداءفانلة «شكراً سلمان»  وذهبوا للقاء رجل الأعمالبقشان وطلبوا منه دعمهم مادياً مع أنهم تسلموا مبلغاً كبيراً من صندوق النشء للإعداد والمشاركة وكذلك للكذبة الكبيرة بأنهم سيتعاقدون مع نجوم سلويين محترفين من أمريكا لتمثيل اللون السلوي للتلال في البطولةالتي خسروا فيها جل مبارياتهم بأرقام فلكية أمام فرق: الشرطة العراقي والجيش القطري والشارقة الإماراتي والبترول الجزائري, ذهبوا إلى مدينة العين لزيارة أسرة الجندي الإماراتي عبدالله الكعبي(أول قتيل من جنود الاحتلال الإماراتي لعدن) وقدموا لأسرته بعض دموع الامتنانوهم يرتدون فنائل كتب على صدرها أيضاً « شكراً شهداء الإمارات شكراً إمارات الخير».
كم هي الصورة قبيحة لبعض من يمثلون الرياضة اليمنية وهم يقدمون نموذج المنكسر المهزوم في حضرة من انهال بالدمار على ناديهم وقتل أبناء وطنهم وترك عدوانه على كيان بلادهم الرياضي الكثير من الخراب والقصص المأساوية.

أفخاخ وأوهام اتحاد سيئ
من كارثية اتحاد حسين الأحمر إلى اتحاد أحمد العيسي, ومن حكايا الشيخ القبلي المتنفذ إلى حكايا إمبراطور تهريب المشتقات النفطية, رزحت الكرة في منتصف ملعب العقوبات لأداء ركلة منكسرة القدمين تجاه مربعات الخصم.
لم تكتفِ الكرة بالتدحرج على واقع العدوان الحاقدعلى ملاعبنا ومنشآت أنديتنا الرياضية, إلى قصة أخرى كان بطلها هنا اتحاد هو المعني أولاًوأخيراً بكل التفاصيل الشائكة في طريق المنتخبات الوطنية التي يشرف عليها, إلى جانب منشأته الخاصة ومقرات وملاعب أعضاء جمعيته العمومية (الأندية) التي لم تستثنَ من بطش صواريخ طيران العدوان السعودي / الأمريكي.
«قصف الملاعب والأندية والمنشآت الرياضية شأن لايخصنا، وعلى أنصار الله أن يذهبوا ليتفاهموا مع عاصفة الحزم».. هكذا كشف الاتحاد اليمني العام لكرة القدم عن موقفه «الشاذ» عبر أحد قياداته عندما رد نهاية ابريل الماضي على أحد قيادات «أنصار الله» الذي طلب من الاتحاد المشاركة في ترتيب زيارة ميدانية لوسائل الإعلام إلى عدد من المنشآت الرياضية، وإدانة قصف الملاعب على غرار ماقامت به وزارة الشباب وبقية الاتحادات الرياضية الأخرى. 
 سقط القناع وبات اللعب على المكشوف بِرَدٍّ كشفت فيه قيادة القدم عن سِر صمتها طوال الفترة الماضية إزاء تدمير العدوان السعودي الغاشم للبنية التحتية للرياضة اليمنية بقصف طيرانه للمنشآت الرياضية في مختلف المحافظات، غير آبهة بالملاعب التي تقيم عليها أنشطتها ومسابقاتها وكلفت الدولة ميزانيات ضخمة بالمليارات لبنائها فيما يقوم تحالف العدوان على اليمن بتدميرها, أو فيما واجهته منتخباتها من مصاعب في معسكراتها الإعدادية داخل هذه الملاعب المدمرة من قبل صواريخ عاصفة الشيطان, ومشاكل الرحلات البرية والبحرية لأيام أثناء سفر منتخبات اليمن الكروية للمشاركات الخارجية في ظل عدوان مستفز لها ولوطنها. 
ومع أن الكثير لازال يتساءل عن سر عدم إدانة اتحاد كرة القدم لقصف الملاعب والأندية والمنشآت الرياضية، رغم أن كافة الهيئات والاتحادات والأطر الرياضية والشبابية أدانت واستنكرت منذ أول قصف عدواني لتلك المنشآت.. إلا أن اتحاد كرة القدم، صاحب اللعبة الأولى والأكثر شعبية بل والأكثر تضرراً من العدوان ظل صامتاً حتى جاء ردّ قياداته ليكشف عن الوجه القبيح لها. 
لقد كشف قصف العدوان بنفسه زيف ادعاءاته بأن تلك المنشآت تستخدم لتخزين الأسلحة، فلم يُصب أي سلاح، بل دمر البنية التحتية لرياضة اليمن الكسيحة أصلاً. 
لا غرابة أن تتصرف قيادة الاتحاد بهذا الشكل المستفز البعيد عن أي مسئولية تجاه كيانها الذي يتعرض لعدوان ودمار من دول خارجية, أولاً لأنها ذهبت مع حديث قوى العدوان، بدلاً من الدعوة إلى فتح تحقيق من قبل الاتحاد الدولي «فيفا» في تدمير الملاعب، وثانياً لأن قيادة هذا الاتحاد اتخذت موقفاً غير وطني يتسق مع قوى العدوان وعملائها. 
 الموقف الأحمق لقيادة اتحاد الجراف يضعها تحت المساءلة القانونية بل ويستحق أن يركل رئيس ونائب وأمين هذا الاتحاد السيئ السمعة من مؤخراتهم, كما تحتم المواقف السلبية التي تتسبب في تشويه سمعة الوطن من خلال كرة القدم اليمنية، القيام بثورة داخل الاتحاد العام لكرة القدم، تقتلع الفاسدين والمتاجرين بالوطن في سوق النخاسة الخليجية والآسيوية والدولية، فهل يتجرأ أعضاء الاتحاد على ذلك؟.. أم أن أموال العيسي ومواقفه المخزية لها الكلمة العليا؟!
من موقفَي مايعرف بعميد الأندية اليمنية وقيادة اتحاد الكرة اليمنية المقيمة منذ بداية العدوان في عواصم الخليج, لازلنا في طورالسقوطالنوعي وبمؤازرة ثلة مستهجنة بموروثات جينية منكسرة وبحالة مراثي التكهنات المسبقة بنتائج كروية كارثية.
لقد كانت مثل هذه الأحاسيس(الذهاب مع العدوان وتقديم كل أصناف العمالة) مقدمة  ذهنية مهمة لإعادة ترميم الشعور الوطني بالقدرة على صناعة موقف وطني مسئول وجدارة تحقيق الأحلام بعيداً عن هذه المسوخ, غير أنه بدا بعد هذه المواقف المتساقطة أن أمامنا مسافة طويلة لكي نعود إلى مربع استنكار الهزيمة وعقيدة خلق يمني يكون أولاً في كل شيء,ومسح الصورة المركبة ذهنياً عن اليمني الفقير المريض الأمي المهزوم في خانة العقيدة الخارجية.