حساسية لونية متناهية الدقة، شفافية متناهية العمق، وبساطة متناهية السمو.. لوحاتها تجمع بحذاقة بين كافة الجماليات الفنية، وكل لوحة عندها ما تقتضيه عناصرها من وسائل الخط واللون والتأليف. وبهذا الإحساس رسمت الفنانة التشكيلية حنان العبيدي.
تميزت لوحاتها بالخط الظاهر المتكسر بتدرجات الظل والنور، وبالضربات المائلة، فتجعل اللوحة تتمايل وتترنح تحت همومها وأوجاعها.. فريشتها عابقة بالهموم والمآسي، وتتحرك بصدق لتنقلها إلى كل الناس، نراها تمازج الألوان وتداخلها وتحلها ببعضها البعض، كأنها تبحث عن لون جديد.. إنها لوحات حافلة بالألوان والظلال.. إن جميع لوحاتها تحمل لنا وجداً آسراً لسحر مجهول، استحضره إبداع فنانة تعرف كيف يمكن للصورة أن تقول كل شيء.
استنطاق الذات
 نود أن نسألك في مستهل حوارنا عن الفن التشكيلي، لو تعطيننا نبذة مختصرة عن هذا الفن..
الفن أو الفنون هي قدرة لاستنطاق الذات بحيث تتيح للإنسان التعبير عن نفسه أو محيطه بشكل بصري أو صوتي أو حركي، ومن الممكن أن يستخدمها الإنسان لترجمة الأحاسيس والصراعات التي تنتابه في ذاته الجوهرية، وليس بالضرورة أن يكون تعبيراً عن حاجته لمتطلبات في حياته، رغم أن بعض العلماء يعتبرون الفن ضرورة حياتية للإنسان كالماء والطعام.. فالفن هو موهبة وإبداع وهبها الخالق لكل إنسان، لكن بدرجات تختلف من فرد إلى آخر. بحيث لا نستطيع أن نصنف كل الناس كفنانين، إلا الذين يتميزون منهم بالقدرة الإبداعية الهائلة. فكلمة الفن هي دلالة على المهارات المستخدمة لإنتاج أشياء تحمل قيمة جمالية، ومن ضمن التعريفات أن الفن مهارة، حرفة، خبرة، إبداع، حدس، ومحاكاة.
الفن التشكيلي بالنسبة لي هو تلك الحياة التي يكون فيها نبضات خافتة لا يحس بها إلا من كان له أوردة مفتوحة يستقبل جميع أنواع الدم في آن واحد، فالفن التشكيلي لا يحكمه أو يحدده شيء.

لا عالم لي
 كيف استطاعت الفنانة حنان العبيدي أن تبني عالمها الفني؟
في الحقيقة ما زلت في بداية مشواري الفني، وأتعلم من الفنانين والموهوبين، مازال ينقصني الكثير والكثير جداً لكي أبني لي عالماً فنياً.

 هل لوحاتك مستمدة من البيئة اليمنية؟
أغلبها كذلك، ومن حالتي التي أعيشها.

إبداع ولكن..
  كيف تنظرين إلى واقع الفن التشكيلي في اليمن؟
الفن باليمن آية في الإبداع والجمال، رغم عدم وجود جامعات متخصصة، وإن وجدت فهي ليست بالكفاءة المطلوبة، لذلك فالفنان اليمني وإبداعه دليل على أنه قادر على العطاء بكفاءة عالية، وجميع أو أغلب الفنانين عصاميون، وهذا بحد ذاته نجاح شخصي لهم.

تقصير إعلامي
 الفنانون التشكيليون في اليمن وبدون شك يستحقون الكثير من البحث للتعريف بأعمالهم المتميزة، أين دور الإعلام من هؤلاء الفنانين؟
بصراحة، الإعلام مقصر بشكل ملحوظ جداً في إعطاء الفنان حقه بنشر أعماله، فمثلاً كل فنان له الحق بالظهور مرة واحدة على الأقل في كل جريدة.
غموض وازدواجية
 كيف يمكن للوحة أن تقول كل شيء؟
من خلال الحالة النفسية للفنان والمكانة التي تحتلها في وجدانه.

 بماذا تتميز لوحاتك عن لوحات الآخرين؟
بالغموض والازدواجية.

 من هم الفنانون الذين كان لهم دور في ظهور الفنانة حنان العبيدي؟
ردفان المحمدي وهشام العلفي والإعلاميان الصحفي الأستاذ القدير عبدالله كمال والصحفي أحمد العرامي.
55 معرضاً مشتركاً
  هل سبق أن أقمتِ معرضاً تشكيلياً خاصاً بك؟
شاركت في معارض مشتركة حوالي 55 معرضاً، لكني لم أقم بعمل معرض خاص بي، لاعتقادي بأني ما زلت لم أصل إلى المستوى الذي يؤهلني لإقامة معرض شخصي.

الحزن بدلاً عن الفرح
 نلاحظ غياب اللوحة الحزينة في أعمال الكثير من الفنانين، هل توافقينني الرأي؟
لا أتفق معك في ذلك، بالعكس فالفنانون أكثر أعمالهم تركز على جانب الحزن، متناسين زرع الابتسامة والأمل والفرح، وأنا واحدة منهم، دائماً أعمالنا نعبر فيها عن الحزن والألم والوجع.

الصمت المميت
 ما المواد التي تستخدمينها؟
المائي، وأغلب أعمالي أستخدم فيها الأكريليك.

 ما هي أبرز أعمالك؟
لوحة (الصمت المميت) ولوحة (الحيرة) و(انتظار).. أكثر أعمالي أقرب لي.

 بماذا تحلم الفنانة حنان العبيدي؟
أن أكون أنا بدون أنا.

 ما الذي يستفزك؟
كل عمل أو فعل يدعو للعنف والقتل وبيننا حمامة السلام.

  ما هو السؤال الذي غفلت عنه ولم أسألك إياه؟
أين دور وزارة الثقافة من الفنانين؟

 كلمة أخيرة..
شكر وتقدير لك ولكل من ساهم في إنجاح صحيفة (لا)، ولكل من ساهم في صنع حنان العبيدي كفنانة، وكما هي تحية إجلال وشكر لأبي وأمي وأخي وأخواتي، لأنهم سبب كل ما وصلت إليه.