جدليّة الحرب والحبّ..!
 

ليسا جاردنر

ليسا جاردنر / لا ميديا - 
نستطيع القول بأن الإنسان اليمني يتحدى الموت في كل شهيق وزفير، حتى حياتهم اليومية في كل محتوياتها وأشكالها ترسم نوعا من المقاومة الجبّارة، وفي فوهة الحرب يُهدِّدنا الموت من كل مكان وتُبخر السماء روائح الأسلحة الممنوعة عوضا عن بخور العود..! وتُصدر أصوات أزيز الطائرات بدلاً من ضحكات الأطفال..!
أمام هول الحصار الشّامل لبلاد اليمن بين أنين وصراخ، وتضرّع المفجوعين من الدّمار الذي يسود كلّ البلاد والعباد، فإن الحب رغم كل ذلك يبقى الأمل الوحيد للبشرية لأنه وليد الحريّة، كما أنّهما من أسمى خصائص الإنسان ولصيقان بالطبيعة الإنسانيّة.
إن الحبّ نقيض للموت لأنه رمز الحياة وعلامتُها، وهو مضادٌّ للحرب لما للحرب من جشع القتل وإباحته! إن الحب مرادف للسّلام وهو إكسير الحياة وزهرة الخلود بعبارة «غلغامش».
في اليمن أصبح الحب واقعا مريرا وبديعا في آن..! فهو من جهة يثبت للعالم أنّ الشعب اليمني باق وخالد.. ويتجسّد ذلك في محبّته للحياة واعتقاده أن الحبّ والمحبّة سينبتان ويُزهران لا محالة رغم كل القهر والألم، ومن جهة أخرى أن اليمني لا يهاب جبروت الحرب ولا يخاف الموت.
وفي خضم الاضطرابات السياسية والاقتصادية والفكريّة يتدفق الحب كأمواج البحر في قلوب اليمنيين ويطهّرهم من أوجاع الحروب وكلّ المآسي.. لأن الحب هو في نفس الوقت القوة والسّلام! رغم ما نكابده من ضيم وظلم.. ها نحن مازلنا نتنفّس تحت وابل القذائف والرّصاص، نقاتل من أجل السلم ضد الظلم ونحارب دفاعا عن النفس والحريّة والكرامة الإنسانية.. ونحن نحبّ ونبني، ونتزوج ونُنْجب أطفال المستقبل، رافعين أغصان الزيتون والبندقيّة من أجل إرساء دعائم السّلام والحريّة.
نحبّ الحياة ونتمرد من أجلها يوميّا ونتصدى للحرب وننتصر عليها.. الحبّ ليس مستحيلاً.. بل هو ديدننا به نتغلّب على وباء الحرب وعلى كل الأوبئة.. نعانق الحياة رغم كل الأوبئة والكوارث.. مازال القلب اليمني بحبّه الفياض يمثّل معجزة.. ها نحن ننتصر في جميع المعارك ونبقى منهزمين أمام معركة الحب ومستسلمين لعبقه وجماله ولذائذه.. وننشد أجمل الأغاني ونكتب أجمل القصائد الغزلية في ملحمة تعبيريّة لا يستطيع حتى شكسبير كتابتها، لأن الإنسان اليمني رغم قساوة الحرب وشبح المجاعة وبشاعة الحصار الجائر الذي فتك بالكثير، نهض من وسط نيران الحرب ليُعَلِّمَ العالم معنى الحبّ الحقيقي ومعنى الموت الشريف من أجل الوطن.. 
وما الانتصار في أرض المعركة في الأخير إلا انتصارا للحب.. حب اليمن وعشق اليمنيين لكل ذرة من ذرات رماله الذهبيّة.

كاتبة وأديبة إنجليزية يمنية الأصل

أترك تعليقاً

التعليقات