صفحة منسية من تاريخ العرب المشرف
- محمد محسن الجوهري الجمعة , 8 نـوفـمـبـر , 2024 الساعة 6:00:15 PM
- 0 تعليقات
محمد الجوهري / لا ميديا -
في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1956، شنت كل من "إسرائيل" وبريطانيا وفرنسا العدوان الثلاثي على مصر، رداً على تأميم جمال عبدالناصر قناة السويس في تموز/ يوليو من العام نفسه.
ونجح تحالف العدوان في احتلال كامل شبه جزيرة سيناء، بما فيه المدن الثلاث الواقعة على القنال (السويس، بور سعيد، الإسماعيلية)، إضافة إلى هجوم مماثل على ميناء الاسكندرية بهدف تشتيت الجيش المصري فيه، وطالت الغارات الجوية أبرز المدن المصرية كالقاهرة، ما تسبب في استشهاد نحو 3000 مصري، أغلبهم من المدنيين.
إلا أن العدوان الثلاثي على مصر توقف بعد أيام قليلة، وتحديداً في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، وبضغوطٍ أمريكية، وكانت هذه هي المفاجأة غير المتوقعة من حليف غربي للصهاينة؛ لكن أحداثاً كبيرة أجبرت البيت الأبيض على ذلك الموقف.
ومع أن الإعلام العربي والعالمي لا يتحدث كثيراً عن دوافع واشنطن في إيقاف العدوان الثلاثي على مصر، إلا أن التاريخ سجل بطولات عربية نوعية أجبرت الغرب على التراجع عن احتلال مصر، وهي تفجيرات 3 تشرين الثاني/ نوفمبر العظيمة التي أوقفت ضخ النفط إلى أوروبا، والتي أثبتت أن الذهب الأسود سلاح فعال، وورقة موجعة فيما إذا استخدمها العرب.
والفضل في تفجيرات تشرين الثاني/ نوفمبر الشهيرة ليس للأنظمة، بل للعمال العرب في دول الخليج وسورية والأردن وليبيا، والذين بادروا إلى الخطوة بجهودٍ ذاتية، بداية من الأراضي السورية، حيث استهدف العمال والضباط خطين لنقل النفط العراقي إلى ميناءي بانياس السوري وطرابلس اللبناني على البحر الأبيض المتوسط.
وفي اليوم التالي، نفذ عمال أردنيون تفجيرات مماثلة استهدفت أنبوباً آخر تابعاً للنفط العراقي ينتهي إلى ميناء العقبة، فيما اضطرت السعودية إلى وقف تصدير النفط للغرب خوفاً من تفجيرات مماثلة، وبعد إضراب أغلب العمال العرب في حقول المملكة النفطية، كما عمت دول خليجية أخرى مظاهرات عارمة للمطالبة بإيقاف تصدير النفط، على غرار ما حدث في سورية والأردن، أُجبرت دول الخليج على الاستمرار في وقف تصدير النفط حتى تاريخ منتصف آذار/ مارس من العام التالي، أي بعد 120 يوماً من الحصار النفطي على الغرب.
هذا الموقف العظيم من أندر وأشرف المواقف العربية على الإطلاق، وكان للشعب السوري قصب السبق في تفجير شرارته، قبل أن يلتحق به الأردني وسائر الشعوب العربية، وهو ما أضعف موقف الغرب، وأجبره على سحب الدعم عن الكيان، وإيقاف العدوان الثلاثي على مصر.
مثل هذه التحركات القومية يمكن أن تشكل حافزاً لتغيير واقع اليوم، فغزة بحاجة ماسة إلى مثل هذه المواقف المشرفة، خاصة من الشعب الأردني المعروف بغضبه القومي، فأنابيب النفط تعبر الأراضي الأردنية ناقلةً النفط السعودي، والخليجي بشكل عام، إلى الكيان الصهيوني وشركائه الغربيين، حتى يستمروا في إبادة الشعبين العربيين في فلسطين ولبنان.
ولا مجال للرهان على الأنظمة، فهي تدين بولائها للغرب الذي أنشأها؛ ولكن الرهان على الله وعلى الشعوب العربية الأصيلة، فالنفط سلاح مؤثر، وسيجبر الغرب على التراجع عن دعم الكيان، ومثل هذه التحركات سيخلدها التاريخ للشعوب، كما سيسجل عار الحكام الخونة ومشاركتهم الكيان في كل جرائمه بحق نساء وأطفال غزة.
المصدر محمد محسن الجوهري
زيارة جميع مقالات: محمد محسن الجوهري