محمد علي الهادي

 د. محمد علي الهادي / لا ميديا -
السيدة فاطمة الزهراء تمثل صورة المرأة المؤمنة التي تتجلى فيها كل معاني الهوية الإيمانية المبنية على كل الصور الإيمانية في حياتها الأسرية، كانت وزوجة وأما اتصفت بطهرها وحيائها الكامل، ومنطقها القول الحسن، لا ترفع صوتها على من حولها، وهذا يعكس الأخلاق النبوية العالية والتربية الصالحة.
السيدة فاطمة الزهراء بحر من العطاء وعنوان الصدق، ووضعت لنفسها مكانة فوق مستوى مسؤولية الفتاة أمام أبيها والزوجة أمام زوجها والأم أمام أبنائها.
مثلت عنوان الشخصية القوية التي تتحمل كامل المسؤولية بالوقوف إلى جانب أبيها في أصعب ظروف أبيها وزوجها وبنيها، اشتهرت بما سماها خير أب لأبنائه رسول الله محمد بـ»أم أبيها» لكثرة حبها وإحسانها مع أبيها وبعلها وبنيها.
الزهراء هي خير ثمرة لرسول الله في كمالها البشري خلقاً وخُلقاً، ونحن في ذكرى الصديقة الكبرى فاطمة البتول الزهراء خير ثمار رسول الله، بشر جبريل، رسول الله محمد بولادتها بعد البعثة.
الزهراء أشبه الناس بأبيها في حديثها ومنطقها، نشأت في بيت النبوة تربت بالآيات المنزلة على أبيها، بدأت حياتها بالاهتمام بأبيها وعمرها خمس سنوات بعد وفاة أمها، شاركت أباها محنته أمام سفهاء ومشركي قريش، وعندما بلغت سن رشدها تقدم الإمام علي عليه السلام إلى رسول الله يطلب منه الزواج من الزهراء وبعد أخذ موافقتها شرعوا في المراسيم ببساطة عكست عظمة أخلاق الإيمان وسماحة الإسلام، وحينها كان علي معدم المال فباع درعه ودفع ثمنها كمهر للزهراء.
عاشت الزهراء مع الإمام علي حياة الأسرة المتعاونة والدافئة بالإيمان والإحسان والأدب والاحترام وكانت خير مثال لحمل مسؤولية الخلفة الطاهرة. أنجبا الذرية المحمدية الحسن والحسين سبطي رسول الله وأبناءه وأحباءه.
تعاظمت مظلمة الزهراء بنت رسول الله وخامسة آل بيته عليهم السلام بعد وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام وهذه المظلومية كانت محطة فرزت المسلمين إلى قسمين، مؤمنين ومنافقين، ظلمت الزهراء في أبيها وزوجها وبنيها.
وكما يجب علينا جميعا أن نعرف ولو القليل عن حقيقة حياة النبي محمد وآل بيته الأطهار كخطوة ضرورية لتصحيح اعوجاج مسار الأمم السابقة ومعالجة الثقافة المزيفة لآلاف السنوات.
ومن أجل أن نكون منصفين لتتضح لنا ولأجيال الأمة القادمة حقيقة مظلومية الزهراء وعترة آل بيت النبي أثناء حكم من نصبوا أنفسهم خلفاء للأمة الإسلامية بعد وفاة خير خلق الله محمد عليه السلام ولتتضح للجميع ضبابية وقائع غُيبت عن التاريخ من قبل أصحاب السلطة وهذا عكس حال تلك المظالم التي حصلت لآل وأبناء وأقرباء رسول الله بعد موته ومظلوميتهم التي كانت عنوانا لمظالم بقية الأمة بعد رسول الله عليه السلام.
الزهراء عنوان العترة الطاهرة قدمت أعظم الأمثلة في التفاني والصبر والمعاناة من بلاء حجم الظلم الذي لحق بها، خصوصاً بعد موت والدها الكريم، والواقع الهزيل للأمة الإسلامية أمام الأمم يكشف لنا حجم الانحراف المبكر الذي تسير عليه الأمة اليوم والذي حصل بعد وفاة رسول الله.
إذ لم يستمر الأمر طويلا على وفاة الرسول الأعظم حتى تولى أمر الأمة من انتهكت في عهدهم حرمة السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء الدنيا، انتهكت وقتها حرمة النبي محمد وأهل بيته الكرام، اخترقت الأمة بمخالفة أوامر رسول الله محمد من قبل من اتخذوا دين الله دغلا وتوشح الظلم والفجور في أوساط الأمة التي ذلت للطغيان وانقادت للطغاة، وبعد موت والدها بأشهر جاءتها المنية لتلتحق بوالدها.
ولعل إخفاء قبر الزهراء حتى يومنا هذا هو أكبر دليل على حجم الظلم والقهر والغبن الذي عاشته الزهراء التي لم تستمر طويلا بعد وفاة والدها، فقبل وفاتها أوصت محبيها بإخفاء مكان دفنها وإخفاء قبر الزهراء يضع ألف علامة استفهام عن حجم مظالم آل بيت رسول الله عليهم السلام في ذلك الزمان وفي كل زمان.

أترك تعليقاً

التعليقات