للتأمل فـي التاريخ
 

أحمد الكبسي

أحمد الكبسي / لا ميديا -
14 أيلول/ سبتمبر 2019 شنت القوات المسلحة اليمنية عملية توازن الردع الثانية بالطائرات المسيّرة وصواريخ كروز. الهجمات استهدفت منشآت أرامكو السعودية في بقيق وخريص. مثلت هذه الضربة تحولا كبيرا في مسار الحرب على اليمن، بعد استهداف عصب الاقتصاد السعودي وتوقف حوالى  النصف من صادرات النفط السعودي.
بعدها بأيام أطلق رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، خلال كلمة له بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 21 سبتمبر، مبادرة سلام مع السعودية من طرف واحد.
فقد أعلن الرئيس المشاط وقف استهداف أراضي السعودية بالطيران المسيّر والصواريخ البالستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف، محتفظا بحق الرد، وهو ما حدث فعلاً في 25 آذار/ مارس 2022، ليعلن بعدها المبعوث الأممي في نيسان/ أبريل 2022 هدنة أممية تم تمديدها ستة أشهر والعمل بها حتى اليوم، 14 أيلول/ سبتمبر 2023، حين وصل وفد صنعاء الرسمي إلى الرياض لأول مرة منذ بدء العدوان على اليمن في آذار/ مارس 2015، وهو الحدث الذي سيغير مجريات الأحداث كما فعلت المسيّرات والصواريخ البالستية في الحرب العسكرية. سيتمكن أعضاء الوفد الوطني في المعركة السياسية  من انتزاع حقوق الشعب اليمني ابتداء بالملف السياسي وليس انتهاء بالوقف الشامل لإطلاق النار، حيث تحرص الرياض على خلط الأوراق والاعتراف باستحقاقات السلام بالتجزئة، محاولة تصوير أن اليمنيين وحدهم من يتحمل أعباء الحرب، وأن الأنصار لا يختلفون عن غيرهم من القوى السياسية اليمنية التي ارتمت في أحضانها، متناسية عمليات توازن الردع التي قد تعود في أي لحظة تعثر لمسار الحل السياسي.
إن المتأمل في مجريات الأحداث يدرك ولادة قوى ثورية يمنية تسعى السعودية ومن خلفها القوى الاستعمارية الدولية إلى وأد مشروعها التحرري، بل إن الأخطر هو انكفاء أنصار الله على أنفسهم وعدم استثمار فائض القوة لصالح اليمن الكبير من خلال الرؤية التحررية التي التف حولها اليمنيون لمناهضة العدوان السعودي الأمريكي والتحول نحو بناء مستقبل اليمن الذي تشارك فيه القوى الوطنية وتستغل فيه الطاقات بقوة الإرادة وحسن الإدارة.

أترك تعليقاً

التعليقات