عادل بشر / لا ميديا -
بينما كانت صحيفة "التايمز" البريطانية قد كشفت عن لقاءات سرية جمعت وفداً من مرتزقة الانتقالي (أدوات الاحتلال الإماراتي في اليمن) بمسؤولين "إسرائيليين"، لم ينتظر الإعلام العبري طويلاً ليفضح ما كان يُدار في الظل، فخرج باعتراف علني بتواصل مستمر لقيادة المرتزقة مع "تل أبيب"، مكملاً بذلك مشهد هرولة أدوات "أبوظبي" للتطبيع مع عدو الأمة، والارتماء في أحضانه، برعاية مباشرة من حكام الإمارات.
جاء ذلك في تقرير لصحيفة "إسرائيل هيوم" المقربة من دوائر صنع القرار في "تل أبيب"، احتفت فيه بعروض "الانتقالي" التطبيع الكامل والولاء للكيان الصهيوني ليتسنى للأخير تحقيق حلمه في مواجهة قوة صنعاء عن قرب بعد أن باتت تؤرق "تل أبيب" بصواريخها ومسيّراتها التي دكت عمق الكيان الغاصب نصرةً لغزة خلال معركة "طوفان الأقصى".
وأوضحت الصحيفة، في تقرير بعنوان "هل سيتحقق كابوس الحوثيين؟ الاضطرابات في اليمن تمثل فرصة ذهبية لإسرائيل"، أن ما يسمى "المجلس الانتقالي" طالب "إسرائيل" مراراً بدعمه بالأسلحة والعتاد العسكري والدعم اللوجستي، ليكونوا أداة للكيان الصهيوني في جنوب اليمن والممر البحري الهام. واعتبرت الصحيفة تلك المطالب وما تشهدها المحافظات الجنوبية المحتلة من قبل أدوات الإمارات من فوضى بأنه "فرصة ذهبية لإسرائيل لتحسين وضعها الاستراتيجي، وإضعاف محور المقاومة".
وأفادت بأن "حدثاً جديداً يجري في الخفاء، يُمكننا من بناء تحالف جديد في الشرق الأوسط".
وكشفت "إسرائيل هيوم" بوضوح أن مراسلها للشؤون العربية، شاهار كلايمان، على تواصل مستمر مع قيادات في "المجلس الانتقالي"، في اعتراف فاضح يكشف عمق العلاقة الإعلامية والسياسية، ويضع ما نُشر في صحيفة "التايمز" البريطانية حول لقاءات مباشرة بين وفد من الانتقالي ومسؤولين "إسرائيليين" في سياقه الحقيقي: "هرولة ممنهجة نحو التطبيع، لا مجرد خطوة تكتيكية عابرة".
وذكر مراسل الصحيفة أنه تواصل مع مسؤول في "الانتقالي" ومحافظ محلي وصحفي موالٍ للإمارات، خلال سيطرة مرتزقتها على محافظتي المهرة وحضرموت، كما سبق أن عقد محادثات عديدة مع مسؤولين في "الانتقالي" خلال الفترة الماضية، مؤكداً أن جميعهم "أكدوا مراراً وتكراراً أن إسرائيل مدعوة لمساعدة المجلس بأسلحة متطورة ومعدات عسكرية لمحاربة الحوثيين".
وقال إن من وصفهم بـ"الانفصاليين" أبدوا موقفاً متشدداً تجاه صنعاء وعملياتها العسكرية التي نفذتها ضد الاحتلال الصهيوني إسناداً للشعب الفلسطيني، وأنهم مهتمون باستغلال توجه "تل أبيب" وحلفائها ضد محور المقاومة، لصالحهم ويأملون من الكيان "توسيع دائرة التحالف ليشمل الانتقالي".
ولا تخفي "إسرائيل هيوم" احتفاءها بما يجري في المحافظات الجنوبية، مؤكدة أن ذلك "يخدم المصالح الإسرائيلية مباشرة"، وأن "الفوضى والانقسام والانفصال، كلها عناصر تُقدَّم كهدية سياسية وأمنية لتل أبيب ومدخلاً لبناء تحالف جديد في خاصرة البحر الأحمر".
كما أن الصحيفة "الإسرائيلية" لا تخفي، أيضاً، أن ما يغريها في أدوات الإمارات ليس فقط عداؤها لصنعاء، بل استعدادها للذهاب بعيداً في فك ارتباطه بالهوية اليمنية الجامعة، وتحويل الجنوب إلى كيان سياسي هش يبحث عن رعاة خارجيين، ويعرض موقعه الجغرافي وثرواته مقابل الحماية والاعتراف.
ويرى مراقبون أن "الأخطر في التقرير ليس توصيفه الميداني، بل نبرته الواثقة بأن المجلس الانتقالي بات طرفاً جاهزاً للعب دور وظيفي في مشروع إقليمي أوسع، عنوانه المعلن مواجهة صنعاء، وجوهره الحقيقي توسيع النفوذ الإسرائيلي في الممرات الملاحية وبوابات الجزيرة العربية، فالمراسل الإسرائيلي يتحدث بلا مواربة عن طلبات متكررة من قيادات الانتقالي للحصول على أسلحة متطورة ودعم عسكري مباشر، ويقدم ذلك باعتباره مدخلاً مشروعاً لإسرائيل كي تنتقل من موقع الداعم غير المباشر إلى موقع الشريك الاستراتيجي".
هذا التطور، وفقاً لمراقبين، لا يأتي من فراغ، بل ينسجم تماماً مع مسار سبق أن كشفته تقارير عديدة، حول العلاقة غير المباشرة ثم شبه العلنية بين الانتقالي والإمارات من جهة، والكيان الصهيوني من جهة أخرى. فالإمارات، التي لعبت دور رأس الحربة في إدخال "إسرائيل" إلى البحر الأحمر وخليج عدن، سواء عبر الموانئ أو الجزر التي تحتلها أو الترتيبات الأمنية، هي ذاتها التي صنعت "المجلس الانتقالي"، وسلحته، ومكنته من السيطرة على عدن ومفاصل القرار في الجنوب. وعليه، فإن انتقال العلاقة من مستوى الرعاية الإماراتية إلى مستوى التواصل المباشر مع "تل أبيب" خطوة ضمن هذا المسار.










المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا