استمرار مسلسل الحرب البيولوجية على اليمن.. مصـادر «لا» : رصد بذور ملوثة يتم إدخالها عبر المخا
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
تقرير - عادل بشر / لا ميديا -
في تطور جديد يؤكد أن الحرب على الأرض اليمنية لم تعد تقتصر على القنابل والصواريخ، بل تشمل أيضاً بذوراً ملوثة ومبيدات مهربة واستهدافاً ممنهجاً للأمن الغذائي الوطني، ضبطت الأجهزة الأمنية شاحنة محملة ببذور بطاطس مصرية المنشأ قادمة من مناطق مرتزقة السعودية والإمارات.
وأفادت "لا" مصادر محلية بأن نقطة الأمن في منفذ محافظة ذمار ضبطت الشاحنة وهي محملة بأكثر من خمسة أطنان بذور وتقاوي بطاطس مستوردة قادمة من مأرب، بعد أن تجاوزت -بطريقة مشبوهة- منفذ عفار الرابط بين محافظتي مأرب والبيضاء.
وأشارت المصادر إلى أن الشحنة المضبوطة قد تكون جزءاً من الشحنة الضخمة من بذور البطاطس المصرية الملوثة بأمراض بكتيرية بالغة الخطورة، التي أُدخلت عبر منفذ الوديعة الرابط بين اليمن والسعودية، بتصريح صادر من وزارة الزراعة في حكومة المرتزقة بعدن، وكشفت "لا" عنها بالوثائق في تحقيق سابق أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي.
بالتوازي مع ذلك، وفي مشهد يختزل التواطؤ السياسي والاقتصادي مع العدوان على اليمن، كشفت مصادر "لا" عن رصد الجهات المختصة في صنعاء شحنات بذور بطاطس بعضها مجهولة المنشأ تم إدخالها إلى الأراضي اليمنية عبر ميناء المخا الواقع تحت سيطرة مرتزقة الإمارات.
وأوضحت المصادر أن تلك الشحنات تضم بذور بطاطس ملوثة بفيروسات وأمراض تستهدف خصوبة التربة لسنوات، مشيرة إلى أن الشحنات تضمنت أيضاً شتلات بطاطس سُجلت في تصاريح الاستيراد بأنها "تجارب لأنواع مختلفة من البطاطس".
وأكدت المصادر أن هذا النمط المتكرر من إدخال بذور ملوثة عبر منافذ متعددة يُثبت وجود منظومة تستغل المنافذ والوسطاء والتهريبات البحرية والبرية لنسف أهم إنجاز زراعي حققته صنعاء والمتمثل في الاكتفاء الذاتي من تقاوي البطاطس عبر تقنية الأنسجة.
كارثة وطنية
استشعاراً للخطر الحقيقي الذي يتهدد بذور ومحصول البطاطس والتربة اليمنية، توجه منتجو ومكاثرو بذور البطاطس وبطاطس الأكل، أمس، إلى وزارة الزراعة في العاصمة صنعاء، معربين عن قلقهم العميق إزاء هذا الخطر الذي يغذيه استمرار التساهل مع من يثبت تورطهم في إدخال البذور المستوردة، رغم الاكتفاء الذاتي.
والتقى مكاثرو ومنتجو بذور البطاطس بوكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية لقطاع الثروة النباتية، الدكتور إبراهيم السراجي، بحضور أمين عام محلي محافظة عمران، صالح المخلوس، وقاموا بتسليم الوكيل مذكرة موقعة من كبار المنتجين والمكاثرين في اليمن، تطالب القيادة والجهات الرسمية بالتدخل الفوري لإنقاذ الإنتاج المحلي.
المذكرة المرفوعة إلى القائم بأعمال رئيس الوزراء، محمد مفتاح، والقائم بأعمال وزير الزراعة، إبراهيم المداني، وممثل السيد القائد، صادق أبو شوارب، أكدت أن "إدخال كميات كبيرة من البذور المستوردة إلى البلاد، يعد كارثة وطنية واقتصادية بكل المقاييس… ويهدف إلى إغراق السوق المحلية وضرب المنتج الوطني وإلحاق خسائر فادحة بالمزارعين والمكاثرين الذين كرسوا جهودهم لتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال الحيوي".
وأضافت: "وقد وصل الأمر إلى إدخال كميات كبيرة من هذه البذور المستوردة إلى محافظة مارب التي تعد من أهم الأسواق لتصريف المنتج المحلي مما ينذر بعواقب خطيرة".
وكشفت المذكرة أن "محاولات تهريب تلك البذور إلى مناطقنا يشكل تهديداً مباشراً للمنتج الوطني وجهود الدولة في تعزيز الأمن الغذائي"، لافتة إلى أن المنتجين والمكاثرين لبذور البطاطس وبطاطس المائدة "بذلوا خلال السنوات الماضية جهوداً كبيرة في إنشاء البنى التحتية اللازمة للإنتاج والتخزين والتوزيع، وتمكنا من توفير كميات وفيرة من البذور المحلية عالية الجودة تكفي لتغطية احتياجات المزارعين في مختلف المحافظات، كما نواصل العمل بخطى ثابتة لتوسيع نطاق الإنتاج وتعزيز قدراتنا المستقبلية بما يمكننا من الوصول إلى مرحلة التصدير الخارجي، دعماً للاقتصاد الوطني وترسيخاً لمكانة المنتج اليمني في الأسواق الإقليمية والدولية".
وناشدت المذكرة القيادة الثورية والسياسية العليا ورئاسة الحكومة "التوجيه العاجل لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المنتج الوطني، ومنع استيراد أي بذور خارجية تمس أمننا الغذائي، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في هذه الممارسات التي تستهدف ضرب السوق المحلية وإضعاف الاقتصاد الوطني".
قرار منع الاستيراد وتأكيد المحاسبة
وكيل وزارة الزراعة، الدكتور إبراهيم السراجي، أكد في تصريح لـ"لا" التزام الوزارة بقرار منع استيراد بذور البطاطس أو بطاطس الأكل. وقال: "بحمد الله حققنا إنجازاً وطنياً في الاكتفاء الذاتي من بذور البطاطس الرتب العليا المنتجة محلياً بأيادٍ وكوادر يمنية 100%، وذلك عبر الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس التابعة للوزارة، وبذلك استغنينا عن الاستيراد تماماً".
وأوضح أن "المحاولات التي تأتي من بعض المستوردين الغرض منها تدمير هذا الإنجاز". وفيما يخص الشحنة المضبوطة في منفذ ذمار، أكد الوكيل السراجي: "سنقوم بإتلافها".
هذه الكلمات تشكّل صمام أمان رسمياً؛ لكنها في الوقت ذاته تسلط الضوء على تحدٍّ أكبر، وهو كيف يتم تجاوز القرار في الميدان؟ وكيف تمرّ شحنات عبر طرق التهريب رغم تعميم الجهات الأمنية بمنع أي بذور بطاطس واردة؟
تجار حرب وخيوط التواطؤ
من جهته أمين عام المجلس المحلي بمحافظة عمران، صالح المخلوس، لم يختزل الاتهام في وصف عاطفي؛ بل وضعه في إطار عملي حين أشار، في تصريح لـ"لا"، إلى الكميات التي تقوم حكومة الفنادق باستيرادها من الخارج، قائلاً: "استوردوا بطاطس أكل من مصر وفي اليمن، وخصوصاً في المحافظات الشمالية وحدها، ما يكفي السعودية والخليج من هذا المحصول وبجودة عالية"، واصفاً الأمر بـ"الكارثة".
وأضاف أن "تجار البطاط مثل تجار الحروب، هناك (أي في حكومة الفنادق) تجار حروب وهنا تجار بطاط".
هذا الكلام وفقاً لمراقبين يرسم صورة عن شبكة من المتعاملين والمستفيدين التي تستغل الفجوات الرقابية والفساد لترويج بذور مستوردة ومصابة تقوّض الإنجاز الوطني وتكسب أرباحاً قصيرة الأمد على حساب مستقبل الأرض.
حماية الإنجاز الوطني
نائب مدير عام الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس، الشيخ طارق القحوم، الذي كان حاضراً الاجتماع، لم يخفِ هو الآخر خطورة الاستمرار في دخول بذور بطاطس مستوردة.
واستعرض القحوم، خلال الاجتماع، ما أنجزته الشركة في مكاثرة البذور بتقنية زراعة الأنسجة التي أثبتت تفوقها على الأصناف المستوردة، وبجودة عالية مقاومة للأمراض والآفات الزراعية وخالية من الأمراض المسببة لضعف الإنتاجية ومقاومة للظروف المناخية.
وأكد القحوم، في تصريح لـ"لا" عقب الاجتماع، ضرورة تنسيق الجهود بين الجهات المعنية الزراعية والأمنية وحتى القضائية لحماية هذا المنجز الوطني الذي حققته الشركة في ظل ظروف الحرب والحصار، مشدداً على ضرورة الالتزام بآلية منع استيراد أي كمية، سواء من محصول أو بذور البطاطس، بما يسهم في تشجيع الإنتاج المحلي من المحصول ويعزز من دوره في مجال الأمن الغذائي.
وقال: "الدخول المتكرر للبذور يعني إدخال أمراض قد تبقى في التربة لسنوات، وتدمير منظومة إنتاج بذور نقية طورتها كوادر يمنية بتقنية الأنسجة، والنتيجة المتوقعة بالتأكيد ستكون خسائر فادحة للمزارعين، وللاقتصاد الوطني".
وكانت صحيفة "لا" قد كشفت في تحقيق صادر بتاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2025، معزز بالوثائق، قيام حكومة الفنادق بالتصريح لاستيراد نحو ألف طن من بذور البطاطس مصرية المنشأ وإدخالها إلى اليمن عبر السعودية، رغم المعلومات المستقاة من تقارير وفحوصات مخبرية، أن هذه الكميات ملوثة بأمراض بكتيرية بالغة الخطورة أبرزها مرض العفن البُني، أحد أخطر الأمراض التي تفتك بالمحاصيل الزراعية ولا يقتصر أثره على الموسم الواحد، بل يظل كامناً في التربة لعشر سنوات متواصلة وينتقل إلى مساحات زراعية أخرى عبر الأدوات الزراعية والمياه وغيرها، مدمراً الإنتاج الزراعي ومهدداً الأمن الغذائي للبلاد.










المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا