دمشق خـاص / لا ميديا -
نظم اليمين "الإسرائيلي" المتطرف، مؤتمراً في "تل أبيب"، يوم 27 تشرين الأول، تحت عنوان "الأقليات في الشرق الأوسط" بمبادرة من الصحفي "الإسرائيلي" إيدي كوهين، المولود في لبنان، وبرعاية من اليمين "الإسرائيلي" المتطرف.
يُفهم من عنوان المؤتمر، أنه يخص الأقليات، في كل دول المنطقة، لكن الواقع يؤكد بأن المستهدف منه، هو سوريا تحديداً.
الحضور في المؤتمر، تم بشكل شخصي، وبدون أي تكليف للحضور، من أي جهات رسمية، أو سياسية، أو دينية، أو اجتماعية، وكان الحضور هزيلاً، واقتصر على نحو 30 شخصاً، معظمهم من "الإسرائيليين"، أو "أقليات" من حملة الجنسية "الإسرائيلية"، إضافة إلى شخصيات تقيم في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
لأسباب موضوعية، جغرافية واجتماعية وتاريخية، يعتبر التواصل "الإسرائيلي" مع الأكراد والدروز ميسراً، ولذلك تم التركيز على الحضور العلوي في المؤتمر، واقتصر على شخص يدعى حسن مرهج، وهو من بلدة الغجر في الجولان السوري المحتل، ويحمل الجنسية "الإسرائيلية"، ويقدم نفسه على أنه خبير بشؤون الشرق الأوسط، وهو ضيف دائم على القنوات "الإسرائيلية" والخليجية، إضافة إلى شخص يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وآخر يقيم في أوروبا.
كما حضر المؤتمر، تميم خرماشو، وهو سوري عضو في مجلس المشرق في الولايات المتحدة، وشارك عبر الفيديو مروان كيوان، أحد شيوخ الطائفة الدرزية في السويداء، وحضر أيضاً عارف باوجاني، رئيس حزب "حرية كردستان"، وعبدالإله المعلا، وهو سياسي أردني مقيم في "إسرائيل"، ومن "الإسرائيليين"، حضر الصحفي التلفزيوني زفي يحزقيلي، معلق للشؤون العربية في قناة (I24)  "الإسرائيلية"، والمؤرخ "الإسرائيلي" مردخادي كادر، والبروفيسور موشيه كوهين إيليا، وعضو الكنيست "الإسرائيلي" أكرم حسون، وناشطون من أوروبا والولايات المتحدة، من بينهم لاجئون سابقون من دول عربية.
وناقش المشاركون، أوضاع الأقليات في المنطقة، وكنت هناك دعوة مشتركة من المتحدثين، إلى "توسيع نطاق التعاون، الثقافي والسياسي مع إسرائيل".
الدخول "الإسرائيلي" على خط "الأقليات" وتحديداً من بوابة اليمين المتطرف، الذي كان وراء قانون "يهودية الدولة" الذي يعتبر الأقليات في فلسطين المحتلة، درجة ثانية وثالثة، يؤكد أنه لم يكن حباً بالأقليات، أو حرصاً على الشعب السوري، وشعوب المنطقة، وإنما حرصٌ على مصالحها، ومحاولة لتحقيق مشروعها الخاص في سورية، إذ من المعروف أن كيان الاحتلال، يعتبر سورية تحديداً، النقيض الوجودي له في المنطقة، ومشروعها لسورية هو تقسيمها، وهو ما تعمل عليه، ورأت في موضوع الأقليات، أفضل بوابة للدخول إليه.
كما أن عقد المؤتمر، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، لم يكن عبثاً، ويؤكد بأنه كان من المستحيل عقده، قبل التغيير الدراماتيكي في سورية، وأن الوصول إليه، تم من خلال الأخطاء التي ترتكبها السلطات السورية، وتحديداً في تعاملها مع ما يطلق عليهم "أقليات" رغم أنهم يشكلون مكونات أساسية من المجتمع، وموجودون في سورية وبلاد الشام، قبل الإسلام والمسيحية واليهودية، وخاصة المجازر في الساحل السوري، وفي السويداء، وبينهما ما حدث في جرمانا وصحنايا بريف دمشق، وتفجير الكنيسة في دمشق، وحالة الفلتان الأمني، والخوف والقلق، التي تسود المجتمع السوري، وخاصة المناطق التي تسكنها "الأقليات".
خرج المؤتمر بتوصيات عديدة، من المهم عرضها، ليس من باب الاهتمام بالمؤتمر، وإنما للتنبيه إلى الطريقة التي تفكر فيها حكومة الاحتلال، للعب على وتر الأقليات، ومعرفة الطرق التي تتبعها، للتعامل مع هذا الملف، وكيفية استثماره لخدمة مصالحها:
- تأسيس مكتب ارتباط إقليمي، يضم شخصيات سياسية وناشطين، يمثلون مختلف مكوّنات المنطقة، على أن يُموَّل من تبرعات ذاتية، من المهتمين بشؤون الأقليات، في كل من سوريا والعراق ولبنان و"إسرائيل".
- يتولى المكتب، تنسيق الجهود، ومتابعة التطورات المشتركة، ذات الصلة بحقوق الأقليات وحمايتها.
- اعتماد شركة حقوقية قانونية في "إسرائيل"، ترتبط مباشرة بمكتب الارتباط، تكون مهمتها إعداد تقارير دورية شهرية، تُرفع إلى مكتب رئيس الوزراء، ولجنة الأمن في الكنيست، وفي وزارة الخارجية، إضافة إلى تقارير خاصة عاجلة، في حال حدوث تطورات ميدانية أو سياسية، تستدعي المتابعة الفورية.
- إنشاء منصة إعلامية رسمية، تمثل مكتب الارتباط، تُصدر نشرة نصف شهرية، تتناول أوضاع الأقليات في المنطقة، وتعمل على تأسيس شراكات مهنية، مع كبرى الصحف "الإسرائيلية" والمؤسسات الإعلامية، ذات الصلة لتعزيز الشفافية، ونقل المعلومات الموثوقة.
- إطلاق صندوق خاص، لتلقي الشكاوى الفردية والجماعية من أبناء الأقليات، مع ضمان السرية التامة للمرسلين، وحماية بياناتهم، بما يتيح معالجة الانتهاكات، ورصدها بشكل ممنهج، وتوثيقها ضمن إطار قانوني وإنساني واضح.
- يدعو المؤتمر، إلى محاربة جميع أشكال التطرف، الأيديولوجي والديني والسياسي، وتنظيماته التكفيرية، مثل "تنظيم الدولة"،  و"جبهة النصرة"، و"هيئة تحرير الشام"، التي تحكم سوريا اليوم برئاسة (أبو محمد الجولاني سابقًا) أحمد الشرع، وذلك لما تمثله من تهديد مستمر، لحقوق الأقليات والحريات الدينية في المنطقة.
- يؤكد المؤتمر، على دعم حق مكونات المنطقة، في تقرير مصيرها بحرية، وفق الأطر القانونية والدولية، وبما يضمن تبنّي أنظمة حكم وإدارة محلّية، تراعي الخصوصيات الدينية والثقافية والفكرية لكل مكوّن، وتشكل في الوقت نفسه، رافعةً للتنمية الاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وتسهم في ترسيخ قيم العدالة والمواطنة المتساوية.
في تقييم للمؤتمر، لا يمكن توصيفه إلا كفقاعة إعلامية، ولن يترتب عليه أي نتائج حقيقية على الأرض، خارج ما يجري في تعامل القوى الإقليمية والدولية مع الملف السوري، لكن يجب الانتباه إلى أنه مجرد خطوة أولى، هدفها كسر الجدار النفسي، لمثل هذه اللقاءات، وقد يتبعها خطوات أكثر تأثيراً وتمثيلاً وقوة، ما لم تبادر السلطات السورية، الى معالجة الأخطاء، التي نفذت منها "إسرائيل"، لعقد مثل هذا المؤتمر.
كما أن قدرة "إسرائيل" على التحرك، في المؤسسات الأممية والدولية، وخاصة العاملة في المجالات القانونية، وحقوق الإنسان، كبيرة جداً، في حال رأت حاجة لذلك، وهذا يؤكد بأن خطورة المؤتمر، ليس بتأثيره المحدود على الأرض اليوم، وإنما بالمؤشرات والدلالات، التي ينبه إليها، وهذا يستدعي أخذ المؤتمر بجدية حقيقية، أكثر من كونه مؤتمرا للدعاية الإعلامية.