تقرير / لا ميديا -
منذ إعلان بدء سريان اتفاق «وقف إطلاق النار» بقطاع غزة في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، ارتقى 93 شهيدا وأُصيب 324 آخرون، فيما تم انتشال جثامين 464 شهيدًا من تحت الأنقاض، جراء استمرار جرائم الاحتلال في استهداف النازحين والمنازل المدمرة شرقي خان يونس وغزة والشجاعية.
وفي مشهدٍ يعكس وحشية الاحتلال، أقدمت آلياته على نسف منازل المدنيين وتجريف مقبرة بيت لاهيا شمال القطاع، في الوقت الذي استهدفت فيه الزوارق الحربية زوارق الصيادين في عرض بحر غزة، واعتقلت ثلاثة منهم بعد تدمير معداتهم.
وزارة الصحة في غزة أكدت أن المستشفيات استقبلت خلال الساعات الـ48 الماضية 19 شهيدا إضافيا وسبع إصابات، لترتفع حصيلة العدوان إلى 68,519 شهيدًا و170,382 جريحا، في مجزرة مفتوحة تواصلها «إسرائيل» تحت مرأى العالم وصمته.
وعلى صعيد الحصار، أكدت وكالة «الأونروا» أنّ المأساة الإنسانية تتفاقم مع اقتراب الشتاء، مشيرةً إلى أن الاحتلال يمنع إدخال مواد الإغاثة والمأوى الموجودة في الأردن ومصر. ما يثبت أن العدو الصهيوني لا يكتفي بقتل الفلسطينيين بالقنابل، بل يقتلهم بالبرد والجوع.

الضفة تحت سطوة الجريمة الصهيونية
وفي الضفة الغربية المحتلة، تواصل عصابات الغاصبين وقوات العدو الصهيوني عربدتهم اليومية الهادفة الى قتل الحياة الفلسطينية ببطء خبيث، حيث اقتحمت قوات الاحتلال مدينة جنين وحاصرت منزلًا في البلدة القديمة، بينما أغلقت بوابات نابلس وأحدثت فوضى مرورية خانقة.
أما قرية المغير شمال شرق رام الله، فشهدت هجومًا دمويًا نفذه غاصبين أحرقوا ثلاث مركبات قبل أن ينسحبوا تحت حماية قوات الاحتلال، في حلقة جديدة من سلسلة الاعتداءات التي بلغت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أكثر من 7,154 اعتداء أدّت إلى استشهاد 34 مواطنًا.

مبعوث نتنياهو في الرياض وأبوظبي
في الوقت الذي يواصل فيه العدو الصهيوني سفك دماء الفلسطينيين تحت غطاء «وقف إطلاق النار»، يتكشّف أكثر فأكثر حجم التواطؤ العربي مع آلة الجريمة الصهيونية.
فبينما يُدفن الأطفال في غزة تحت الركام، كانت الرياض وأبوظبي تستقبلان مبعوثي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، لبحث ما يسمّى «خطة إعادة إعمار غزة».
ووفق اعتراف صحيفة (يسرائيل هيوم) فإن الاجتماعات لم تتطرق إلى الجرح الفلسطيني بتاتا، إذ انشغلت الوفود الخليجية بصفقات جديدة مع الولايات المتحدة والعدو الصهيوني وبملفات اتفاقيات أمنية مع واشنطن وتفاهمات اقتصادية، بينما اشترطت السعودية والإمارات نزع سلاح المقاومة كشرطٍ مسبق لأي دعم للإعمار، وكأن من يتحدث هو الكيان الصهيوني لا دول عربية.
الرد السعودي كان واضحًا: لن نشارك قبل تفكيك حماس وتسليم غزة لـ»السلطة الفلسطينية».
ونقلت الصحيفة أن كوشنر وويتكوف حملا خلال لقائهما مع المسؤولين السعوديين رسائل «إسرائيلية» تتعلق بمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وملف التطبيع وتوسيع اتفاقيات «أبراهام».
هكذا ببساطة، تحوّلت الرياض من عاصمةٍ عربية إلى صدىً للمطالب الصهيونية.
أما الإمارات، فكانت أكثر دبلوماسية في عبارات الخضوع، إذ صرّح أنور قرقاش بأن بلاده «لن ترسل أبناءها إلى ساحة معركة دون وضوح الرؤية السياسية» حد زعمه.

إسبانيا... الضمير الأوروبي الحيّ
وفي المقابل، تصنع إسبانيا حدثًا تاريخيًا مشرفا لها في كتاب التاريخ الإنساني، بعدما فتحت أعلى محكمة جنائية فيها تحقيقًا رسميًا ضدّ مدراء تنفيذيين في شركة الصلب “سيدينور” بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية بسبب تعاملهم التجاري مع شركة أسلحة صهيونية.
وقالت المحكمة الوطنية الإسبانية، إن رئيس شركة سيدينور خوسيه أنطونيو خايناغا واثنين من كبار المديرين التنفيذيين يخضعون للتحقيق بسبب بيعهم سرًّا كميات من الصلب لشركة الأسلحة الصهيونية “إسرائيل ميليتاري إندستريز”.
وأضافت المحكمة أن الشركة باعت المعدن دون أن تطلب إذنًا من الحكومة الإسبانية أو تسجّل الصفقة رسميًا، وكانت تعلم أن المواد ستُستخدم في تصنيع أسلحة.
وأشارت إلى أن التحقيق لا يشمل الشركة نفسها، نظرًا إلى أن بعض موظفيها قدّموا بلاغات داخلية وساعدوا في “منع استمرار النشاط الإجرامي”.
هذه الخطوة الجريئة تأتي استمرارًا لموقف مدريد الذي علّق تصدير الأسلحة إلى «إسرائيل» منذ بداية العدوان، في وقتٍ تواطأت فيه حكومات أوروبية وعربية مع القاتل الصهيوني بذريعة “التحالفات الاستراتيجية”.