تقرير / لا ميديا -
سلطات ارتزاق وخونج، وعصابات تنتشر في كل مكان، وأزمة مياه تتدرج حتى تصبح تعطيشا ممنهجا لمدينة بأكلمها. ذاك هو المشهد الحاصل الآن في مدينة تعز المحتلة، حيث يصبح الحصول على جالون ماء حلما عزيز المنال بالنسبة لسكانها وهم يرون صنابير المياه في منازلهم مفتوحة للخواء لا أكثر، حتى إنهم لم يعودوا يتذكرون متى كانت آخر قطرات جادت بها تلك الصنابير الخاوية. وها هم يتجهون طوابير طويلة إلى محطات تعبئة نصبها أرباب عصابات وتجار حروب لا يتورعون عن فعل شيء لقاء الربح وكسب المال، نصبوها لكي يبيعوا الماء لأولئك الظمآى الذين يقتلهم العطش، كما لو كان المرتزقة وعصاباتهم يريدون أن يرسموا لسكان تعز معادلة عادلة اسمها من لم يمت بالسيف مات ظمأ وجوعا وحصارا.

عادت أزمة المياه إلى مدينة تعز المحتلة بقوة أشد من ذي قبل، لتكشف عن سياسة ممنهجة تتبعها سلطات الارتزاق وفصائل الخونج المسلحة في تعطيش المدينة وخنقها ظمأ، بعد خنقها جوعا وحصارا وتقتيلا ونهبا، وعجزًا فاضحًا وفشلًا ذريعًا في إدارة شؤون مدينة ترزح تحت الحصار والنسيان من قبل مرتزقة العدوان وسط تفاقم إنساني غير مسبوق.
وفي مشهد بات مألوفًا لكنه أشد قسوة هذه المرة يصطف المئات من المواطنين يوميًا في طوابير طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة أمام محطات تعبئة المياه بحثًا عن قطرة حياة قد تقيهم عطش الموت البطيء.
يؤكد سكان تعز أن مدينتهم أصبحت عبارة عن حقل ألغام من الأزمات المستمرة والمتصاعدة التي لا تفتأ تشتد وتيرتها أكثر فأكثر لتكون وطأتها قد بلغت حدا ليس بعده إلا أن يكون كل شيء قد دخل في حالة احتضار.
السكان أكدوا أن سعر دبة الماء سعة 20 لترًا قفز من 300 ريال إلى 2000 ريال في حين بات العثور على مياه صالحة للشرب ضربًا من المعاناة اليومية التي ترهق كاهل الأسر المنهكة أصلاً بتدهور الأوضاع المعيشية وانعدام الدخل.
وتكاد تختفي مياه الشرب من البقالات فيما تُباع بكميات محدودة وبأسعار صادمة في بعض المحلات ما أدى إلى تفاقم الأزمة التي وصفها المواطنون بـالنكبة الجديدة محذرين من انهيار إنساني وصحي وشيك.
كما يؤكد السكان وأهالي المدينة أن ما يحدث هو عبارة عن سوق سوداء لبيع الماء بأسعار خيالية.
وبحسب معلومات ميدانية مؤكدة، فقد تم رصد شبكة فساد واسعة تتلاعب باحتياجات السكان، تضم موظفين في حكومة الفنادق وتجارًا وسماسرة مياه تعمد إلى إغلاق محطات التحلية وقطع المياه عن البقالات وخزانات السبيل، بهدف دفع المواطنين لشراء المياه من صهاريج ومحلات يديرها أفراد في هذه الشبكة الجشعة.
جهات حقوقية حمّلت سلطة المرتزقة المسؤولية الكاملة عن الانهيار المستمر في خدمات المياه، متهمة قيادات في سلطة المرتزقة بـالانشغال بالصراعات والمصالح الشخصية وترك المواطن يواجه العطش والموت البطيء.
وفي ظل هذه الأزمة المتصاعدة أطلق ناشطون وحقوقيون نداء استغاثة عاجلا لكل المنظمات الإنسانية الدولية مطالبين بتدخل فوري لإنقاذ سكان تعز المحتلة من كارثة إنسانية قد تخرج عن السيطرة محذرين من انفجار شعبي قادم إذا استمر التجاهل الرسمي لهذه الجريمة اليومية.
مصادر محلية حملت سلطة المرتزقة مسؤولية الانهيار الكامل في خدمات المياه متهمة قيادات داخل المحافظة الخاضعة لسيطرة مرتزقة العدوان بالتقاعس والانشغال بالصراعات والمصالح الشخصية بينما يواجه المواطنون الموت عطشًا في ظل غياب الدولة والمنظمات.
وحذر الناشطون من أن أزمة المياه الخانقة التي تشهدها مدينة تعز قد تتحول إلى كارثة صحية مدمرة مؤكدين أن استمرار هذا الوضع سيفجر غضبًا شعبيًا واسعًا لن يكون بالإمكان السيطرة عليه، في ظل هذا الإمعان من قبل سلطات الارتزاق وفصائل الخونج في تحويل المدينة إلى حالة احتضار سريرية، حسب تعبيرهم.