
تقرير / لا ميديا -
في غزة، شعبٌ بأكمله في مواجهة لا متكافئة بين البقاء والإبادة. في غزة، لم يعد الوقت يُقاس بالساعات، بل بعدد الشهداء، والأنفاس التي انقطعت قبل أوانها، بجرائم العدو الصهيوني. قرابة 20 شهراً، يعيش القطاع المحاصر بين فكي الموت، حيث لا تنفك آلة الجريمة الصهيونية تعمل على تدمير كل شيء. في كل زاوية من القطاع المنكوب، يجلجل الموت، وكل نداء استغاثة يُرد عليه بالصمت ومزيد من القصف الوحشي.
في يوم دامٍ جديد، أكثر من 70 شهيداً انضموا إلى قافلة الدم، خلال 12 ساعة فقط، في قصف صهيوني متواصل طال المنازل والمستشفيات والمدارس وخيام النازحين.
ومن بين الشهداء، كان الصحفي بلال الحاطوم، الذي قضى نحبه وهو يوثق الحقيقة في منطقة الصفطاوي شمالي القطاع، ليلتحق بالمئات من زملائه الذين دفعوا حياتهم ثمناً لنقل حقيقة عدوان الإبادة على غزة.
الإبادة المستمرة
حتى الأمس، ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين في غزة إلى 53,822 شهيداً، إضافة إلى 122,382 مصاباً، في حرب هي الأبشع في تاريخ العدوان على القطاع المحاصر. ومنذ استئناف العدوان قبل شهرين، في 18 آذار/ مارس، ارتقى 3,673 شهيداً، وأصيب 10,341 آخرون.
وخلال الـ24 ساعة الأخيرة فقط، وصل إلى مستشفيات غزة 60 شهيداً و185 إصابة. وتبقى هذه الأرقام ناقصة، فشمال القطاع، خاصة جباليا، لا تزال جثث الضحايا تحت الركام، وسط عجز كامل لفرق الإنقاذ، بسبب قصف مستمر، ونقص حاد في المعدات، وانهيار المنظومة الصحية.
مجزرة في جباليا
في جباليا، أعلنت فرق الدفاع المدني بغزة انتشال جثامين 4 شهداء وإنقاذ 6، من تحت أنقاض منزل دمّرته غارة صهيونية، ولا يزال أكثر من 50 شخصاً مفقودين، يصارعون الموت تحت الركام، دون أمل. يقول الدفاع المدني: «انتهت عمليات البحث؛ ليس لأننا عثرنا عليهم؛ بل لأننا لم نعد نملك الوسائل لننقذهم».
الاحتلال يحرق مستشفى العودة
في مشهدٍ آخر يختزل قسوة هذا العدوان الصهيوني وشدة حصاره، أطلقت إدارة مستشفى العودة في تل الزعتر نداءً أخيراً للعالم، للمؤسسات الأممية، للصليب الأحمر، لمنظمة الصحة العالمية؛ نداء لم يكن طلباً للدواء، بل لرجال الإطفاء، لإخماد حريق اندلع في مستودع الأدوية، نتيجة قصف مباشر للمستشفى. منذ مساء الخميس، والنار تلتهم ما تبقى من أدوية في مستودع المستشفى.
وكأنّ القصف لم يكن كافياً، حيث فجّرت قوات العدو روبوتاً مفخخاً قرب المستشفى، ما ألحق دماراً جديداً ببنية المستشفى. ومنذ بدء العدوان الصهيوني، استُهدف معظم مستشفيات القطاع، وأُخرجت عن الخدمة، ليُترك المرضى يصارعون الموت على أبوابها.
«عربات جدعون» تقود الحصار الأخير
بالتزامن، يتواصل التوسع البري للعدوان الصهيوني، في العملية المعروفة باسم «عربات جدعون»، بتدمير ما تبقى في القطاع، ترافقها موجات قصف جوي ومدفعي مكثف.
القصف البري والجوي والمدفعي لا يهدأ، كأنّ غزة كُتب لها أن تذوق كل أصناف النار في وصفة واحدة.
80 دولة تعترف بأن غزة تموت
في خضم هذا الخراب، أصدرت 80 دولة بياناً مشتركاً، أعلن أن قطاع غزة يعيش أسوأ أزمة إنسانية منذ بدء العدوان الصهيوني. ورحّبت حماس بالبيان، باعتباره تأكيداً على اتساع دائرة الرفض الدولي لجريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
وأكدت الحركة أن استخدام الاحتلال للمساعدات كأدوات ضغط سياسي يتطلب تحركاً دولياً لوقف التجويع وكسر الحصار الوحشي. ودعت إلى إجراءات عقابية ملموسة، لا تكتفي بالإدانة.
الضفة الغربية: جبهة
وبينما غزة تغرق بدمائها يرتكب العدو الصهيوني جرائم أخرى كبيرة وخطيرة في الصفة الغربية، كلها تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بالتهجير والخطف والقتل.
في طولكرم، نابلس، القدس، وطوباس، اقتحمت قوات العدو القرى والبلدات، خرّبت مشاريع تعبيد الطرق، اعتقلت الأطفال، وأطلقت نيرانها على الأهالي. في بلدة عناتا، لم تكتفِ تلك القوات بمداهمة المنازل، بل اعتقلت طفلين، دون أن تذكر اسميهما.
ومنذ اندلاع العدوان على غزة، استشهد 969 فلسطينياً في الضفة، وأصيب قرابة 7,000، واعتُقل أكثر من 17,000. الحرب ليست قصفاً فقط، بل منظومة إذلال، قائمة على الاجتياح، الاعتقال... وهدم مقومات الحياة.
المصدر لا ميديا