عادل بشر / لا ميديا -
في لحظة خاطفة، تهاوى وهم «السماء المحصّنة». لم تكن الضربة التي استهدفت مطار بن غوريون في 4 أيار/ مايو 2025 مجرّد صاروخ شقّ طريقه من اليمن إلى قلب الاحتلال الصهيوني، بل كانت إعلانًا ناريًا عن ولادة زمن جديد: زمن المقاومة العابرة للحدود، والقادرة على كسر هيبة الردع «الأميركي -الإسرائيلي» في عقر دارها.
هكذا وصف الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني الدكتور محمد الأيوبي، حالة الإرباك التي تعصف بحكومة الاحتلال منذ استهداف صنعاء لمطار اللد «بن غوريون» بصاروخ فرط صوتي، متجاوزاً جميع منظومات الدفاع «الإسرائيلية والأمريكية»، حيث إن الضربة لم تصب المطار فقط، بل أصابت مركز الأعصاب في منظومة التفوق الجوي «الإسرائيلي»، وفضحت هشاشة الأسطورة الأمنية التي روّجت لها «تل أبيب» لعقود، ولهذا السبب شن طيران الاحتلال الصهيوني، أمس، سلسلة غارات استهدفت منشآت خدمية مدنية في العاصمة صنعاء ومحافظة عمران، في عدوان يعكس حقيقة فشل العدو الصهيوني ومن خلفه أمريكا، في تحقيق أهدافهم، ومحاولة للبحث عن «نصر زائف»، رغم علمه بأن هذه الضربات سبق أن جُرّبت ولم يكن لها أي أثر يُذكر على القرار اليمني بإسناد قطاع غزة.
وتركَّزَ القصف الصهيوني على مطار صنعاء الدولي بسلسلة من الغارات؛ مما ألحق أضرارًا بالمطار الذي يعد شريانا رئيسياً للملاحة الجوية في البلاد، كما طالت الغاراتُ محطةَ كهرباء ذهبان المركَزية بمديرية بني الحارث في صنعاء، ومحطة كهرباء حِزْيَز جنوبي العاصمة صنعاء، ومحولات الكهرباء في منطقة علمان وكولة جدر بمديرية بني الحارث.
وأفادت مصادر محلية بأن القصف استهدف أيضاً، منطقة عطان، ومحطة توزيع كهرباء عصر بمديرية معين، وذلك في استهداف مباشر يهدّدُ بتفاقم الأزمة الإنسانية عبرَ التأثير على خدمات الكهرباء الأَسَاسية للمواطنين.
وامتد العدوان ليشمل محافظة عمران مستهدفاً مصنع أسمنت عمران بعدة غارات.
وأعلنت وزارة الصحة والبيئة، عن استشهاد وإصابة 38 مواطنًا جراء العدوان «الأمريكي الإسرائيلي» على أمانة العاصمة ومحافظتي صنعاء وعمران في حصيلة غير نهائية.
وأكدت الوزراة أن 16 مواطنًا أُصيبوا بفعل الغارات على مصنع أسمنت عمران، واستشهد مواطنان اثنان وأصيب سبعة آخرون جراء استهداف العدوان لمحطة ذهبان المركزية بمديرية بني الحارث، كما أُصيب مواطنان إزاء الغارات على منطقة عصر بمديرية معين.
وأوضحت أن مواطنًا استشهد وأصيب ثلاثة آخرون، جراء الغارات على مطار صنعاء الدولي، فيما أدى استهداف محطة حزيز المركزية بصنعاء إلى إصابة سبعة مواطنين.
وكانت وزارة الصحة قد أكدت استشهاد مواطنين اثنين وإصابة 42 آخرين في حصيلة غير نهائية، جراء غارات شنها طيران العدوان «الأمريكي الصهيوني» على مصنع أسمنت باجل في محافظة الحديدة، مساء أمس الأول، كما شن ست غارات على ميناء الحديدة استهدفت الأرصفة وأدت إلى خروجه عن الخدمة.
من جهتها قالت وسائل إعلام عبرية إن العشرات من طائرات «سلاح الجو الإسرائيلي» شاركت في الضربات على اليمن، أمس، بما في ذلك طائرات مقاتلة وطائرات تزويد بالوقود وطائرات تجسس.
واعترفت «القناة 12» العبرية، بالهجوم على بنى تحتية مدنية، بحيث أشارت إلى أنّه «تم الهجوم على المدرجات وبرج المراقبة ومحطة توليد الكهرباء وخزانات الوقود».
وقال «جيش الاحتلال» إن هذه الغارات تأتي رداً على استهداف صنعاء لمطار اللد «بن غوريون» وإعلان القوات المسلحة اليمنية فرض حظر جوي على «إسرائيل».
إيلام العدو
في السياق أكدت حكومة التغيير والبناء أن الجمهورية اليمنية «تخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، إسناداً للشعب الفلسطيني المظلوم في غزة، بحرب ضد العدو الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني، ونتوقع فيها أي شيء، فنحن أمام عدو اعتاد ارتكاب جرائم الحرب والإبادة واستهداف المدنيين والأعيان المدنية».
وقالت الحكومة في بيان صادر عنها أمس: «ما نحن متأكدون منه، أن اليمن فاعل فيها ويؤلم العدو، وأن قدراته العسكرية تتطور مع كل عدوان، وأن عمليات القوات المسلحة اليمنية ستستمر، وأن تماسك الموقف الرسمي والشعبي يتعزز باضطراد، وأن إسناد اليمن لفلسطين لن يتوقف إلا بوقف العدوان وإنهاء الحصار عن غزة».
وأدان المكتب السياسي لأنصار الله استهداف العدو الصهيوني للمنشآت والأعيان المدنية في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، ووصف هذه الهجمات بأنها «دليل إضافي على عجز الكيان الصهيوني وإفلاسه».
وأكد سياسي أنصار الله، في بيان له أمس، أن استهداف الموانئ اليمنية ومطار صنعاء ومصانع الأسمنت ومحطات الكهرباء يأتي في إطار محاولات فرض الحصار على الشعب اليمني، معتبرًا أن هذا العدوان الإسرائيلي والأمريكي «لن يمر دون رد».
وشدد على أن اليمن لن يتخلى عن موقفه المساند لغزة، وسيستمر في خياراته الضاغطة على الكيان الصهيوني حتى يتم وقف العدوان ورفع الحصار عن القطاع.

هجمات بلا جدوى
وتعليقاً على صورة «النصر الزائف» و»القوة العظمى» التي حاولت «حكومة الاحتلال» تصوريها من خلال غاراتها المكثفة على صنعاء ومحافظتي عمران والحديدة، أكدت وسائل إعلام عبرية أن «الرد الإسرائيلي على صنعاء لن يحقّق الهدف، ولن يوقف وصول المسيّرات والصواريخ البالستية اليمنية».
ورأت العضوة السابقة في «الكنيست» عن حزب «العمل الإسرائيلي»، إميلي موآتي، أنّه «لا جدوى كبيرة من الهجمات الإسرائيلية باستثناء إرضاء الرأي العام والرد بأن العين بالعين والسن بالسن».
وقالت موآتي: «الهجمات الإسرائيلية كما قبلها الأميركية والبريطانية والسعودية في اليمن بلا جدوى وإنما هي لمخاطبة الرأي العام».
وعلّلت موقفها في مقابلة مع «القناة 13»، بأنّ «الأميركيين والسعوديين والبريطانيين منذ زمن طويل يهاجمون اليمن ولم نرَ نتائج».
من جهتها قالت مراسلة «القناة 13» موريا اسرف،  إنّ «الهجمات الإسرائيلية تلقى تفهّماً لدى الأميركيين وهي منسقة معهم لأن الهجمات اليمنية لها تأثير كبير جداً على طرق الوصول جواً إلى إسرائيل بعد إلغاء العديد من شركات الطيران رحلاتها».
إلى ذلك لفت محمد مجادلة، الصحافي في «القناة 12»، إلى أنّه «من يتابع تغطيات الإعلام الإسرائيلي يستمع باستمرار إلى مصطلح «قصف غير مسبوق»، ولكن الحقيقة هي أن الجيش قصف مطار صنعاء العام الماضي وهذه ليست المرة الأولى».
وتساءلت العاد زيني، في «القناة 13» العبرية، عمّا إذا كان «ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي هو في النهاية محاولة لإضافةٍ ما، على ما يقوم به الأميركيون، لكن هل هذا سيساعد؟».
وأشارت زيني إلى أنّ «ما تحاول إسرائيل فعله هو أن تزيل قدر الإمكان ولو بصورة غير تامة تهديد الصواريخ البالستية، لكن المشكلة أن هذا السلاح محمي في مناطق جبلية في محافظات قريبة من صنعاء»، مضيفةً: «لذلك لازالت صنعاء قادرة على إطلاق الصواريخ في هذا الوضع».
كما أضافت أنّ «قدرة الإنتاج والإطلاق هي أمر قائم، والآن مع كل الصواريخ البالستية أو أغلبيتها، وكذلك المسيرات موجودة في أماكن محمية، ولا يمكن الوصول إليها من الجو»، مشيرةً إلى أنّ «الأميركيين حاولوا ولديهم قوة هائلة وحتى الآن لم يحلّوا المشكلة».