غاري أندرسون - صحيفة (theDefensePost)
ترجمة خاصة:إياد الشرفي / لا ميديا -
تفتقر البحرية الأمريكية وسلاح مشاة البحرية إلى القدرة على القيام بعمليات برية فعالة. هذا الأمر أدى بالنهاية إلى تراجع استعراض القوة العسكرية، والاعتماد على الخصوم لإنهاء القتال. وقد فقدت البحرية الأمريكية السيطرة فعلياً على البحر الأحمر؛ لأن أسلوب الحرب الأمريكي الحالي، الذي يتضمن إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة من مواقع نائية، محدود وغير مُجدٍ. وعليه فإن التفوق الجوي الكامل لا يعني النصر براً أو بحراً، وسرعان ما يدرك أعداؤنا حدودنا السياسية الفعلية.

فيتنام مثال جيد
بحلول أوائل سبعينيات القرن الماضي، كانت الولايات المتحدة تتمتع بتفوق جوي شبه كامل على فيتنام الشمالية. ومع ذلك، ولأن فيتنام الشمالية رسخت البنية التحتية العسكرية الحيوية بين المدنيين، لم تُحدث الضربات الجوية الأمريكية سوى فرق استراتيجي ضئيل. في ظلّ الانشقاق الداخلي، لم تستطع الولايات المتحدة التأثير بشكل حاسم على الحرب بالقوة الجوية وحدها.
 في العام 1972، كنتُ ملازماً ثانياً في سلاح مشاة البحرية. كتبتُ مقالاً في جريدة «مشاة البحرية غازيت» اقترحتُ فيه إمكانية كسر الجمود بغارة برمائية واسعة النطاق على شمال فيتنام.
اقترحتُ غزواً لمدة 60 إلى 90 يوماً يُدمر جيشهم النظامي وبنيتهم التحتية العسكرية وموانئهم. وأيّدتُ خياراً بحرياً؛ لأن المتمردين الفيتناميين سيكونون أقل عرضة لتعطيل خطوط اتصالاتنا، ولن يعرفوا أبداً أين سنضرب. كانت الحرب الباردة قد بدأت، وكان معظم صانعي السياسات الأمريكيين يخشون أن يؤدي غزو واسع النطاق إلى تدخل الاتحاد السوفييتي أو الصين. جادلتُ بأنه بحلول الوقت الذي يتمكن فيه أيٌّ منهما من التدخل بفاعلية، ستكون قوات المارينز قد رحلت، وأن هانوي ستستغرق سنوات قبل أن تتمكن من شن غزو ناجح لفيتنام الجنوبية.
اعتقدتُ أن هذا سيمنح الجنوب وقتاً لبناء ديمقراطية فعّالة ومنتجة وذات توجه غربي، مثل كوريا الجنوبية التي أصبحت كذلك اليوم. ولم يكن من المستغرب أن الإدارة لم تكن راغبة في أخذ المشورة الاستراتيجية من ملازم ثانٍ، وأن مزاج البلاد لم يكن ليدعم عملاً عسكرياً كبيراً. وبحلول العام 1975، انهارت فيتنام الجنوبية تحت وطأة غزو شمالي.
يعتقد العديد من الأمريكيين، الذين لم يعيشوا تلك الفترة (وبعضهم ممن عاشوها)، أن مدينة سايغون، العاصمة لفيتنام الجنوبية، سقطت في أيدي فلاحي «فيت كونغ»، المسلحين فقط ببنادق (AK-47 ) وقذائف صاروخية. في الواقع، فإن جيش فيتنام الشمالية الحديث، ذا الأسلحة المشتركة، والذي استخدم الدبابات والمدفعية والصواريخ المضادة للطائرات السوفييتية الصنع، اجتاح الجنوب الفيتنامي - وهو بالضبط الجيش الذي كنت أقصده، وأن الغزو الأمريكي لو كان قد حدث لقضى عليه في مهده.

نقص القدرات
بالنسبة لخصم ذكي، يُعد إخفاء منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة في المناطق الاستراتيجية فعالاً عندما نقتصر على الهجمات الجوية. ويزداد الأمر صعوبة عندما تكون الوحدات موجودة على الأرض، وقادرة على استهداف المواقع دون قتل المدنيين.
 في أوائل سبعينيات القرن الماضي، كانت البحرية الأمريكية قادرة على إنزال فرقتين كاملتين من مشاة البحرية، مُزودتين بالدبابات، ولديها القدرة أيضاً على بناء الجسور لعبور أي نهر في فيتنام، مع تدمير كامل قدراتها على المناورة أو بسط نفوذها على الجنوب.
اليوم، ستواجه البحرية صعوبة بالغة في إنزال لواء واحد من مشاة البحرية. لم يعد لدى مشاة البحرية دبابات أو قدرة هجومية على بناء الجسور والاختراق لتخطيط العمليات العسكرية ودعمها، بما يتجاوز رأس جسر ضيق.
لقد ارتكب مشاة البحرية هذا الخطأ بأنفسهم تحت إشراف قائد أساء تفسير طبيعة الحرب الناشئة، وسارعت البحرية إلى ذلك.

أرسلوا مشاة البحرية
يجب أن يكون هناك درس للإدارة الأمريكية. إذا استمرت الأمور على هذا النحو، فإن الطريقة الوحيدة ربما لوقف تهديد الصواريخ والطائرات المسيّرة الحوثية في البحر الأحمر هي أن يتمكن الإيرانيون من إقناع حلفائهم بالتوقف.
لم تصل البحرية الأمريكية إلى هذا المستوى من الإذلال منذ الأيام الأولى للحرب على قراصنة البربر في القرن التاسع عشر. وقد وصلت قدرة البحرية الأمريكية/ سلاح مشاة البحرية في استعراض قواتها على الخصوم إلى أدنى مستوياتها منذ 7 كانون الأول/ ديسمبر 1941.
هذه هي المرة الثانية خلال السنوات الأربع الماضية التي نضطر فيها إلى الأمل بأن يُخرجنا أعداؤنا من وضعٍ خلقناه بأنفسنا بسبب عجزنا.
عندما كانت أمريكا تُوقع نفسها في مأزقٍ في الخارج، كان بإمكان الرؤساء أن يقولوا: «أرسلوا مشاة البحرية». أما اليوم فقد اقتصر الدور على إرسال الإيرانيين للتوسط.
14 نيسان/ أبريل 2025