صحفيون أتراك يكشفون العلاقة السرية بين أنقرة و«تل أبيب» في إبادة الفلسطينيين
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
تقرير: عادل بشر / لا ميديا -
كشف تحقيق استقصائي نشرته وسائل إعلام تركية استمرار النظام التركي في دعم الكيان الصهيوني في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
ونشرت صحيفة «تركش منت» (Turkish Minute) التركية، تحقيقاً للصحفي الاستقصائي التركي متين جيهان، كشف فيه أن 41 سفينة غادرت الموانئ التركية إلى «إسرائيل» خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، رغم إعلان الرئيس رجب أردوغان وقف التجارة مع «إسرائيل».
وتتضمن قائمة التحقيق الاستقصائي، التي تم تجميعها من سجلات حركة الملاحة البحرية الدولية مفتوحة المصدر، تفاصيل السفن القادمة من موانئ مثل مرسين وإسكندرون ونمرود وغيرها والتي تتجه إلى موانئ «إسرائيلية» مثل أشدود وحيفا. وتشمل البيانات الرحلات البحرية التي جرت حتى السابع من كانون الأول/ ديسمبر، مما يشير إلى استمرار النشاط البحري بين البلدين.
وأوضح الصحفي التركي متين جيهان، الذي يعيش حالياً في المنفى، أن السجلات تعكس تدفقاً ثابتاً للبضائع من الموانئ التركية إلى «إسرائيل»، رغم موقف أنقرة العلني ضد الإجراءات «الإسرائيلية» في غزة، مما يسلط الضوء على الجدل المتزايد بشأن سياسة تركيا تجاه الكيان الصهيوني.
وأشارت صحيفة «تركش منت» إلى أن أردوغان تظاهر بأنه منتقد صريح لسياسات الكيان «الإسرائيلي» في غزة، وصوّر تركيا كحليف قوي للفلسطينيين في المنتديات الدولية، ومع ذلك فإن مزاعم التجارة المستمرة تتناقض مع هذا الخطاب، وأثارت انتقادات في الداخل والخارج..
ولفتت الصحيفة إلى أنه «في الأسابيع الأخيرة، اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء تركيا بسبب تقارير عن علاقات اقتصادية مستمرة مع إسرائيل، فيما اتهم الناشطون حكومة أردوغان بالنفاق، وأدت بعض الاحتجاجات إلى اعتقالات».
شحنات سرية
وفي تقرير حديث للصحفي ذاته، متين جيهان، نشره، أمس الأحد، في حسابه على منصة (X) ورصدته صحيفة «لا»، كشف عن استمرار تدفق السفن التجارية بين تركيا والكيان الصهيوني.
وأفاد بأن السفينة (MT CANSU Y) التي تحمل النفط من تركيا إلى حيفا المحتلة، أوقفت تشغيل (AIS)، بهدف التضليل عن الوجهة الذاهبة إليها.
وقال: «عندما ننظر إلى سجلات هذه الناقلة، نرى أنها تظاهرت بالذهاب إلى مصر، وأطفأت الإشارة في البحر الأبيض المتوسط واتجهت نحو إسرائيل»، معلقاً على ذلك بالقول: «وتستمر الشحنات السرية إلى إسرائيل، بما في ذلك النفط».
وأضاف: «هناك تقارير عن سفن أخرى تحمل بضائع إلى إسرائيل؛ لكنني بدأت أتساءل عن جدوى الاستمرار في نشرها. لقد أنكروا في البداية التجارة مع إسرائيل ثم اعترفوا بذلك، ومن بينهم نجل أردوغان، ثم قالوا إنهم قطعوها، ولكن تبين أنها مستمرة عبر فلسطين وغيرها من البلدان الثالثة، ولا يزال بإمكانك رؤية حاويات (ZIM)، الموردة للجيش الإسرائيلي، في جميع أنحاء تركيا».
وتابع: «إن وجود مواطنينا الذين شاركوا في مجازر الجيش الإسرائيلي معروف. أيضاً تشارك أكبر شركة توريد أسلحة في إسرائيل في المعرض العسكري لأصهار أردوغان، وقد تم تسليم حلول الأمن الرقمي للعديد من مؤسسات الدولة، من هيئة الأركان العامة إلى استخبارات الشرطة، إلى الشركة الإسرائيلية».
وقال: «إننا نحتفل بالوضع الجديد، الذي تعرضت فيه سورية للقصف من قبل إسرائيل، وتم تدمير قوتها العسكرية، وتم إهداء جزء من البلاد لإسرائيل، كانتصار»، مؤكداً أن النظام التركي «يقف على المحور نفسه مع إسرائيل عسكرياً واستراتيجياً وسياسياً. وبغض النظر عن الكلمات البطولية والصلوات والشتائم، فإن كل الإجراءات هي لصالح إسرائيل».
وفي تحقيق سابق، ألقى الصحفي التركي متين جيهان، الضوء على الجوانب المهمة والمثيرة للجدل في العلاقات التجارية بين تركيا و»إسرائيل»، مشدداً على دور تركيا في توفير الوقود من مصادر أذربيجان والمواد الخام الأساسية وجزء كبير من احتياجات «إسرائيل» من الكهرباء والبناء.
وأوضح جيهان، في حديثه لقناة «أوزغوروز» التلفزيونية: «نحن نرسل الوقود إلى إسرائيل لتغطية احتياجاتهم من المواد الخام، وتنتج شركة تركية أكثر من 7٪ من كهرباء إسرائيل»، مشيراً إلى أن «تركيا تزود إسرائيل أيضًا بالأسلاك الشائكة التي تستخدمها».
وبالتعمق أكثر في التفاصيل، كشف جيهان: «نحن نسلم النفط أو النفط الخام من أذربيجان وكازاخستان إلى إسرائيل دون أي عائق، وتلبي تركيا 65% من احتياجات إسرائيل من الصلب، وهو عنصر أساسي في الحرب والبناء العام. وكان التصريح بأن 95% من الأسمنت في إسرائيل، وهو مادة بناء رئيسية، يأتي من تركيا، ملفتاً للنظر بشكل خاص، نظراً لاستخدامه في المشاريع العسكرية والبنية التحتية في الأراضي المحتلة».
وألقى بحث جيهان الضوء على الدعم اللوجستي المقدم لـ«جيش الكيان»، بما في ذلك توريد الأسلاك الشائكة المحيطة بمجمع المسجد الأقصى أثناء التوترات وفي المناطق المحتلة الأخرى على أرض فلسطين. وقال جيهان: «اتضح أننا نوفر ذلك أيضاً».
وتهدف نتائجه، المستمدة من مصادر رسمية وعامة بما في ذلك بيانات من وزارة التجارة والمعهد التركي للإحصاء، إلى تقديم رؤية أكثر وضوحاً حول كيفية دعم التجارة بين تركيا و»إسرائيل» لاحتلال الأخيرة الأراضي الفلسطينية، وكشف السياسة المزدوجة للحكومة التركية تجاه غزة.
حاويات (ZIM) تجوب اسطنبول
وتعليقاً على تحقيق الصحفي متين جيهان، نشر ناشطون أتراك مناهضون لسياسة أرودغان المتماهية مع الكيان الصهيوني، مقاطع فيديو توثق شاحنات عملاقة في شوارع إسطنبول بتاريخ 9 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تحمل حاويات (ZIM) أكبر شركة لوجستية صهيونية، وعلقوا على ذلك بالقول: «ويستمر إثبات كذب خطاب المقايضة كل يوم، فكيف ستحاسبون على ذلك أمام الله؟!».
وفي خطّ موازٍ نشر الناشط التركي (Yabancı Basında Türkiye)، أمس الأول، بيانات مكتب الإحصاء المركزي «الإسرائيلي» للواردات والصادرات «الإسرائيلية» لشهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وتكشف البيانات أن الكيان الصهيوني استورد من تركيا في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، منتجات بقيمة 104.3 مليون دولار.
وفي الفترة بين كانون الثاني/ يناير وتشرين الأول/ أكتوبر 2024، استوردت «إسرائيل» ما قيمته مليار و914 مليون دولار من تركيا.
وفي الفترة ذاتها، صدّرت «إسرائيل» إلى تركيا ما قيمته 596 مليون دولار.
علماً أن حجم التبادل التجاري بين تركيا و«إسرائيل» يبلغ نحو 9 مليارات دولار، وتشكّل النسبة الأكبر منه صادرات من تركيا إلى «إسرائيل».
مقاطعة شكلية
يكشف الواقع التركي تبايناً كبيراً في وجهات النظر حيال تطبيق السلطات الرسمية قرار المقاطعة التجارية لـ«إسرائيل». فطبقاً لمزاعم أنقرة فإنها قد توقفت بشكل تام، منذ نهاية أيار/ مايو الفائت، عن أي تصدير أو استيراد مع «إسرائيل» وعدم تسجيل أي بيانات جمركية بين البلدين، في حين يؤكد آخرون أن عمليات التبادل التجاري تتم عبر دول أخرى كطرف ثالث، بعلم وتغطية من الحكومة التركية.
وبحسب الباحث التركي إسلام أوزكان، فإن المقاطعة التركية للعلاقات التجارية مع «إسرائيل» ليست دقيقة بل شكلية، موضحاً في تصريحات صحفية أن «إسرائيل لا تزال تستورد البضائع التركية بعدة طرق، خصوصاً الحديد والأسمنت وغيرها». ويؤكد أوزكان أنه بعد مرور عدة أشهر على قرار تركيا قطع العلاقات التجارية مع «إسرائيل»، تشير التقارير إلى أن هذا الإجراء لم يؤثر قطعاً على الاقتصاد «الإسرائيلي»، بسبب ممارسة معايير مزدوجة من قبل الحكومة التركية.
ووفقاً لتصريحات وزير التجارة التركي عمر بولات، فإن «إسرائيل» واجهت صعوبات اقتصادية عقب القرار التركي، بما في ذلك زيادة التضخم وصعوبة تأمين السلع بسرعة. ويأسف أوزكان لكون هذه التصريحات لا تمثل الحقيقة. ويقول إن «الاحتجاجات انطلقت مؤخراً في تركيا ضد التعامل مع الشركة التي تنقل الذخيرة إلى الجيش الإسرائيلي للمطالبة بحظرها؛ لكنها لا تزال تعمل تحت حماية الحكومة».
وكان المئات من المواطنين الأتراك قد تظاهروا منذ أيام ضد رسو السفن «الإسرائيلية» في الموانئ التركية، خصوصا في ميناء أمبرلي في إسطنبول، واتهموا أردوغان بالنفاق، وهتفوا: «الصهاينة يواصلون عملياتهم في بحارنا وموانئنا، والسفن تحمل القنابل إلى غزة»، غير أن الشرطة التركية تعاملت مع الأمر بشكل قاسٍ، على حد تعبير أوزكان، كاشفاً عن رسالة توجهت فيها الحكومة التركية إلى الموانئ التي ترسو فيها سفن وحاويات شركة «زيم» (ZIM) وأصدرت تعليمات بـ«زيادة الإجراءات الأمنية ضد الاحتجاجات».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا