عادل بشر / لا ميديا -
شكك خبراء دوليون ومحامون مختصون بالأمن البحري، في مزاعم تقرير الخبراء التابع للأمم المتحدة، حول قيام صنعاء بفرض رسوم غير قانونية على شركات الشحن لضمان المرور الآمن في البحر الأحمر.. ووصف الخبراء الأرقام الواردة في تقرير الفريق الأممي بأنها «غير محتملة» وتشكل تحدياً لوجستياً.
جاء ذلك في نقاش على منصة «ليكند إن» بدأه ضابط البحرية البريطانية السابق الخبير القانوني والمحامي البحري ستيفن أسكينز، مؤسس والمدير التنفيذي لشركة «تاتهام» الاستشارية والتي تركز على قطاعات الشحن والقانون البحري.

مبالغ كبيرة
واستهل أسكينز منشوره، الذي رصدته «لا»، بتساؤل فحواه «هل يدفع الشحن 180 مليون دولار شهرياً للحوثيين؟».
وقال: «إنه أسبوع مزدحم بالعناوين الرئيسية، وبصرف النظر عن الأخبار المزيفة والكاذبة التي تفيد بأن الحوثيين استسلموا في أعقاب انتخاب ترامب، فإن القصة التي لفتت انتباهي نشأت من أحدث تقرير للجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة بشأن اليمن، بأن الشحن كان يدفع رسوم عبور غير قانونية بقيمة 180 مليون دولار أمريكي شهريًا للحوثيين».
وأضاف أسكينز، الذي يتمتع بخبرة واسعة في القضايا التي تنطوي على فدية القرصنة واحتجاز السفن ومفاوضات الرهائن: «دفع مبلغ 180 مليون دولار شهريًا بشكل غير قانوني، هو مبلغ كبير. وربما يكون قريباً مما دفعته الصناعة في عام واحد للقراصنة الصوماليين في ذروة تلك الأزمة،  وقد تم ذلك بشكل قانوني بدعم من صناعة التأمين».
وأشار الخبير البريطاني إلى أن تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة (في الفقرة 113) أن وكالات الشحن تدفع أموالاً لتأمين العبور من خلال شركة تابعة لـ»قيادي حوثي رفيع المستوى» مع ودائع في حسابات مختلفة في ولايات قضائية متعددة من خلال شبكة الحوالة.
وقال: «الآن هذا هو العالم الذي أعمل فيه، لقد شاركت في قضايا متعددة تتعلق بأفراد الطاقم المختطفين، وعمليات الاختطاف، والاحتجاز، والرهائن الحكوميين بشكل متزايد. لقد استخدمت نظام الحوالة لدفع فدية ودفع وسطاء في القارة الأفريقية»، لافتاً إلى أنه «في لندن، من السهل دفع مبالغ صغيرة. وفي أثينا وقفت في مقهى إنترنت في الطابق السفلي مع اثنين من المراهقين الصوماليين في أول محاولة لهما كوكلاء حوالة. ولكن المدفوعات في المملكة المتحدة تخضع للمراقبة. وقد نقلت مبالغ كبيرة من النقود لدفع أموال لقراصنة صوماليين ونيجيريين».
ويشرح أسكينز: «النقود ثقيلة، وهي ضخمة. فعشرة ملايين دولار نقداً في أوراق نقدية من فئة 100 دولار تزن حوالي 100 كيلوغرام. وأنا أعلم مدى صعوبة هذا من الناحية القانونية والتنظيمية واللوجستية».
وأضاف: «لقد قمت بتقديم المشورة لأصحاب السفن المحبطين بسبب استهداف سفنهم في البحر الأحمر، وكتبت إلى مركز تنسيق العمليات الإنسانية التابع للحوثيين، سعياً للحصول على تصريح بالمرور الآمن، وحصلت عليه، ولم أسمع ولو لمرة واحدة، ولو همسة في الريح، أن شركة أمنية اقترحت تسليم النقود».
ووفقاً للمحامي والخبير البحري البريطاني، فإن المعاملات المنتظمة على النطاق الذي وصفه تقرير الأمم المتحدة من شأنها أن تجتذب الانتباه، إن لم يكن الحظر الصريح.
ورغم اعتراف أسكينز بالمخاطر الأمنية المتزايدة، فإنه يجد أن الرقم الشهري الذي تعلنه الأمم المتحدة مشكوك فيه. ويقول: «لو كانت شركات الشحن الرئيسية تدفع مثل هذا النوع من الأموال، فسأكون على علم بذلك».
وقال: «يتخذ أصحاب السفن خيارات صعبة بشأن ما إذا كانوا سيوجهون سفنهم عبر البحر الأحمر أو حوله، مما يؤدي إلى تكاليف حقيقية. لكن اقتراح دفع 180 مليون دولار شهريًا لمجموعة محظورة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، خاصة بالنظر إلى احتمال فرض عقوبات وعدم وجود تعويضات تأمينية.. أنا لا أصدق ذلك».

تفاعل
منشور خبير الأمن البحري ستيفن أسكينز، حظي بالكثير من الإعجابات وتحول إلى ما يشبه حلقة نقاشية بين خبراء بحريين من دول عدة، رصدت «لا» أبرز ما جاء فيها، حيث علق لارس هـ. بيرجكفيست وهو ضابط بحري سويدي سابقاً، ومراقب عسكري سابق لدى الأمم المتحدة، متسائلاً: «لماذا تنشر الأمم المتحدة تقريرا إذا لم يكن هناك أي مضمون لهذا الادعاء؟»، وكان رد أسكينز: «يبدو أن المصدر -الذي اعتمدت عليه لجنة الخبراء- هو مصدر واحد، ولا أستطيع أن أرى كيف يمكن أن يكون هذا صحيحاً».
وفي تعليق آخر لجان فيليبي البوكيرك المدير العام في شركة Den Hartogh Logistics رويال دن هارتوغ لوجيستكس للخدمات اللوجستية، تساءل فيه: «هل يمكن أن تسهل تجارة العملات المشفرة هذا أيضًا؟»، فقال أسكينز: «لا شك أن القراصنة في  غرب أفريقيا على سبيل المثال يدركون أهمية العملات المشفرة. وهذا ليس مفاجئًا نظرًا لأن نيجيريا واحدة من أكثر الدول استخدامًا للعملات المشفرة. ولكن في سياق دفع الأموال للحوثيين، لست متأكدًا من ذلك. إن امتلاك دولارات نقدية أمر يستحق الكثير في بعض هذه البلدان. لايزال يتعين عليك تحويل عملاتك المشفرة إلى عملات ورقية».
الخبير القانوني البحري إيان ماكلين ماستر مارينر LLM MBA AFNI، هو الآخر أبدى شكوكه في تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة، قائلاً في تعليق على منشور المحامي البحري ستيفن أسكينز: «لدي شكوك خاصة حول التقرير ويبدو لي أن هناك منطقًا لشكوكك».
أما ديميتريس مانياتيس وهو خبير في الأمن البحري على مستوى C، بحسب تعريف حسابه على منصة «ليكند إن» فقد علق بالقول: «لقد قال ستيفن أسكينز كلاماً طيباً، ولا يسعني إلا أن أتفق معه تماماً. إن هذا الادعاء سخيف ولا أساس له من الصحة، فضلاً عن أنه لا يوجد أي دليل يدعمه. كنت أتمنى أن يكون تقرير الأمم المتحدة عملياً وليس مبنياً على أقوال مسموعة».