تقرير / لا ميديا -
لم يكد يستبشر المواطنون في مدينة تعز المحتلة خيرا بمبادرة حكومة صنعاء إلى فتح طريق «جولة القصر» في مدينة تعز لتسهيل تنقلات الناس داخل المدينة، وعادت إليهم بعض الحياة التي افتقدوها لسنوات، حتى فوجئوا بحزمة إجراءات كانت تعدها سلطة الارتزاق على الطرف الآخر من المدينة لإعاقة حركتهم وتحويل الطريق المنفتح إلى طريق أشبه بالمغلق أمام شاحنات نقل البضائع وباصات النقل وغيرها.

في حزيران/ يونيو 2024، تم فتح طريق «جولة القصر» – «حوض الأشراف» بمدينة تعز المحتلة، بعد إغلاق استمر قرابة تسع سنوات من قبل تحالف العدوان ومرتزقتهم في حكومة فنادق الرياض. كان يوما تاريخيا بالنسبة للمواطنين في المدينة، وتحدثت عنه مشاعرهم ودموعهم وأشواقهم على أمل أن يروا كل شمل مدينتهم قد التأم وعاد إلى عهده دونما عوائق ولا حواجز ولا تقطعات. لكن فصائل وسلطات الارتزاق استمرأت حالة الابتزاز ورأت في فتح الطريق ضربة قاصمة لمصالحها، فتحينت الفرص لتعود إلى ممارساتها مجدداً.
عدد من السائقين في المدينة المحتلة تحدثوا إلى صحيفة «لا» عن معاناتهم، بالقول إنه لم تمض إلا فترة قصيرة على السماح للشاحنات بالعبور عبر طريق «جولة القصر» من قبل سلطات حكومة صنعاء، حتى فوجئوا بإجراء اتخذه المرتزقة في مدينة تعز المحتلة يمنع دخول وخروج شاحناتهم عبر الطريق الذي تم فتحه رسميا.
يؤكد لصحيفة «لا» أحمد الصهيبي، سائق باص نقل جماعي إلى السعودية: «فوجئت أثناء عبوري إلى جولة القصر بتحذيري من العبور مرة أخرى إلى الحوبان التي فيها أكثر الزبائن المسافرين وكذلك الرسائل إلى السعودية» .
ويضيف الصهيبي: «طلبوا مني تحرير التزام خطي بعدم العودة للعبور مرة أخرى، وفي إحدى المرات أثناء التفتيش تلفظ علينا أحد المرتزقة بألفاظ وكلام جارح لم أستطع تحمله فاضطررت للعودة عبر طريق الضباب والكدحة وصولاً إلى الساحل الغربي لمدينة تعز المحتلة المسيطر عليها من مرتزقة الاحتلال الإماراتي ثم إلى عدن المحتلة».
الصهيبي أكد أنه رغم أن أكثر المسافرين كانوا من مناطق الحوبان ومحافظة إب، «لكن التعسف الذي حصل لي من قبل المرتزقة أجبرني على تركهم والعودة إلى الطريق التي كنا نمر فيها قبل مبادرة حكومة صنعاء بفتح طريق جولة القصر في بداية أيام العشر من ذي الحجة التي وجه فيها قائد الثورة والمسيرة القرآنية السيد أبو جبريل حفظة الله».
بدوره، يقول جمال شائف، سائق شاحنة لنقل «البُلُك» من الحوبان إلى بير باشا بمديرية المظفر، لصحيفة «لا»: «المنع تم خلال الأيام القليلة الماضية لتعود معاناتنا من جديد عبر طريق الأقروض بعد أن كنا قد أحسسنا بالراحة وقرب المسافة التي كانت تكلفنا أياما بأكملها في طريق الأقروض، خصوصاً في موسم الصيف الذي تكثر فيها الأمطار الغزيرة».
وأضاف شائف: «نحن ننقل البلك الويفر إلى الزبائن الذين لديهم أعمال بناء مسلح في تعز، حيث لم يعد يوجد في المدينة المحتلة أي مصنع بلك خفيف، فكان يتم منحنا القيمة مقدماً من قبل الزبائن بعد السماح لنا بالعبور من قبل سلطات حكومة صنعاء التي بادرت بالتواصل مع الطرف الآخر بأن يتم عبور الشاحنات من أجل تخفيف معاناة أصحاب الشاحنات من بعد المسافات التي كنا نقطعها عبر طريق الأقروض».

فتح الطريق.. منع العبور
يقول محمد الخامري، سائق شاحنة نقل، إن الطريق خصصت للسيارات الخاصة بنقل الركاب، على أن تفتح طريق أخرى تربط بين شارع الستين في شمال المدينة وحي الحصب غربها لشاحنات نقل البضائع.
وأشار الخامري إلى أن تعثر السماح بمرور شاحنات النقل الثقيل يعود إلى تغاضي حكومة فنادق الرياض، ورغم المبادرات التي أطلقها محافظ تعز أحمد أمين المساوى، ولكن بقاء على منفذ جولة القصر بحيث يتم مرور الشاحنات منه ضمن اتفاق بين سلطات صنعاء والمرتزقة بالسماح بعبور الشاحنات إلى أن يتم حل الخلاف حول طريق عبور الشاحنات.
يقول علي الجرادي، سائق باص نقل جماعي، إن المنع بدأ يوم الثلاثاء 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 حيث رفضت قيادة قوة أمنية تابعة لمرتزقة العدوان في مدينة تعز المحتلة خروج سيارات النقل الثقيل من حوض الأشراف، إلا بالتزام خطي بعدم العودة للعبور مرة أخرى.
وأضاف الجرادي أن نقطة التفتيش التابعة للمرتزقة أمام كلية الطب رفضت دخول السيارات القادمة من جولة القصر إلى وسط المدينة المحتلة، مؤكدا أن المنع شمل الشاحنات الكبيرة وسيارات النقل المتوسط كالدينات وباصات النقل الجماعي للركاب.

جبايات
يشير الصهيبي إلى أن عملية الدخول والخروج كانت تتم بسلاسة خلال الشهرين الماضيين مقابل دفع السائقين مبالغ مالية في نقطة التفتيش، «ولم نرفض دفع المبلغ المقرر من قبلهم، بسبب قرب المسافة».
بدوره، أكد السائق علي سعيد فيروي لصحيفة «لا»: «لم نكن نرفض لهم أي طلب، رغم أنهم كانوا يتعسفون من أجل نتقدم بشكوى أو مناشدة ضد ما يقومون به؛ لكننا ظللنا ساكتين من أجل استمرار العبور، ولم نكن نعلم عن عملية المنع».

خلافات على الجبايات
أشارت مصادر مطلعة إلى أن خلافا نشب بين أفراد مرتزقة العدوان على توزيع الجبايات التي فرضت على السيارات المخصصة لنقل البضائع في نقطة كلية الطب بين قيادات فصائل مرتزقة العدوان.

ارتفاع نسبة الجبايات
ويؤكد الصهيبي أن نقطة التفتيش الواقعة أمام بوابة كلية الطب بالكمب، تتقاضى 100 ألف ريال من كل شاحنة نقل ثقيل قادمة من جولة القصر، و50 ألف ريال من تلك الخارجة من مدينة تعز المحتلة.

المال مقابل تخفيف المعاناة
يقول السائق معمر التهامي: «نحن نفضل دفع المال مقابل أن يسمح لنا بالعبور من طريق جولة القصر، بدلاً من طريق الأقروض الضيقة التي تحتاج الرحلة عبرها لأكثر من ست إلى سبع ساعات، حينما يكون الخط صالحاً، قياسا بأقل من نصف ساعة عبر طريق جولة القصر».

أعداء الحياة
إلى كل ما سبق، لمست صحيفة «لا» خشية حقيقية لدى السائقين الذين التقتهم، من أن أعداء الحياة الظلاميين في المدينة المحتلة يتمكنون من فرض إرادتهم بمنع المرور من طريق جولة القصر، كما يخشون العودة إلى طريق الأقروض مع استمرار الخلاف بين أدوات الارتزاق، وإعادة توجيه حركة الشاحنات إلى ذلك الطريق المأساوي الذي تسبب طيلة السنوات السابقة بكوارث حقيقية.