في حوار لـــ«لا» رئيس الأساقفة في القدس المحتلة المطران عطا الله حنا:أي بوصلة لا تكون نحو فلسطين ليست في الاتجاه الصحيح
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
اليمن يتبنى موقفاً ثابتاً مؤازراً ومسانداً لفلسطين ولبنان ولم ولن يتبدل هـذا الموقف
غزة الأبية تتعرض منذ عام لتطهير عرقي وإبادة جماعية والسيناريو يتكرر الآن في لبنان
حوار/ عادل عبده بشر / لا ميديا -
شخصية فلسطينية عربية قومية عرف عنها الوقوف بصلابة في مواجهة التهويد في القدس المحتلة وفلسطين عامة، وتأييد مقاومة كل احتلال من فلسطين إلى لبنان، بشجاعة وثبات في وقت تتكالب فيه الأنظمة الرجعية على التطبيع مع المحتل الغاصب للمقدسات الشريفة في فلسطين المحتلة.
ليس رجل دين كالآخرين. فموقعه ودوره وشجاعته جعلته، في ظروف استثنائيّة، رمزاً من رموز مناهضة العدو الصهيوني، نراه مع المقاومين في غزّة، وفي نابلس وجنين، وإلى جانب المرابطين في الأقصى، متضامناً مع أهالي سلوان والشيخ جراح المتشبثين ببيوتهم في وجه حملات المصادَرة المتوحشة. وجدناه أيضاً، من السباقين لإدانة العدوان والمؤامرات الـ»صهيونية، غربية، عربية» التي تعرضت لها اليمن وسورية، على مدى سنوات، داعياً كل أحرار العالم إلى الوقوف مع صنعاء ودمشق وإيقاف العدوان عليهما وكسر الحصار. مطالباً العرب بتوحيد البوصلة صوب الجهة الحقيقية وهي فلسطين المحتلة والمقدسات الشريفة.
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المحتلة المطران عطا الله حنا، الذي تستضيفه «لا» في حوار صحفي مِن القدس إلى صنعاء وبيروت.
تطهير عرقي
بحلول اليوم الاثنين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2024م، يكون قد مرّ عام على العدوان الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربياً بشكل فاضح، على قطاع غزة، منذ عملية «طوفان الأقصى» التي نفذها مقاتلو النخبة في كتائب القسام فجر السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، وهي العملية التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة في وقت أوشك التآمر عليها «أمريكياً وغربياً ومن قبل أنظمة عربية» أن يقضي عليها ومعها كل مقاوم يرفع السلاح في وجه المحتل الصهيوني.
عام كامل، ارتكب فيه كيان الاحتلال جرائم إبادة وتطهير وحشي جماعي بحق أبناء غزة، إلى جانب الاعتداءات والانتهاكات المتواصلة من قبل «جيش الاحتلال» في الضفة الغربية، وحالياً يشن حرباً إجرامية على لبنان لوقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني.
حول هذا تحدث رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المحتلة، المطران عطا الله حنا، في لقاء مع صحيفة «لا» قائلاً: «إن ما يحدث حقيقة منذ عام في غزة الأبية والمحاصرة ليس حرباً اعتيادية بل هو تطهير عرقي وإبادة جماعية تستهدف القطاع الحبيب، كما أنها تستهدف شعبنا الفلسطيني بأكمله».
وأضاف: «الاحتلال العنصري الغاشم يستهدف غزة، حيث الدمار منتشر في كل مكان وهنالك كم كبير من الشهداء والدماء والآلام والأحزان، وكذلك في الضفة الغربية.. أما القدس التي منها أخاطبكم فهي المدينة المقدسة الحاضنة لأهم المقدسات الإسلامية والمسيحية، لاسيما المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة، والأقصى والقيامة في القدس هما توأمان لا ينفصلان. الاحتلال يتآمر على مقدساتنا، على مدينتنا ويسعى لطمس معالم هذه المدينة وتهميش وإضعاف الحضور الفلسطيني الإسلامي المسيحي الأصيل في مدينة القدس التي نعتبرها العاصمة الروحية والوطنية لفلسطين، كما أنها قبلة الأحرار وحاضنة التاريخ والمقدسات».
وأوضح المطران عطا الله أن «الانتهاكات الاحتلالية مروعة، وما يحدث في غزة من إجرام تقوم به السلطات الاحتلالية الغاشمة، لا يمكن أن يستوعبه عقل بشري، والسيناريو الذي شاهدناه في غزة منذ عام يتكرر اليوم في لبنان، استهداف إجرامي مروع للبنان الشقيق الذي نتمنى له السلام ونتمنى له الخير، ونطالب بأن يتوقف سريعا هذا العدوان الذي يتعرض له لبنان وأهلنا في قطاع غزة».
دعم أمريكي ووهن عربي
وحول الأسباب التي شجعت الكيان الصهيوني على الاستمرار في جرائمه والإيغال في دماء المدنيين في غزة والضفة الغربية ولبنان، قال المطران عطا الله حنا: «هنالك عدة أمور شجعت إسرائيل على أن تُمعِن في جرائمها وعدوانها بحق أهلنا في غزة والضفة وكذلك في لبنان، وأنتم تعلمون أن إسرائيل ليست قادرة لوحدها أن تفتح كل هذه الجبهات مع لبنان ومع فلسطين ومع اليمن ومع سورية.. إلخ، لولا الدعم الذي تتلقاه من أمريكا، وأنا أعتقد وأظن أنكم تشاطرونني هذا الاعتقاد، أن كل ما يحدث يتم بدعم وبتخطيط أمريكي، وأغلب الأسلحة من قذائف وصواريخ وغيرها، التي تُدمر في غزة ولبنان هي أمريكية الصنع وكأن فلسطين ولبنان أصبحا حقل تجارب لكل هذه الصواريخ والأسلحة المصنعة أمريكيا وغربياً ومن يدفع فاتورة هذا العدوان إنما هو شعبنا في فلسطين وأحباؤنا في لبنان وكذلك الأشقاء في اليمن وفي سوريا الذين يُعتدى عليهم أيضا».
وتطرق المطران عطا الله إلى أمر وصفه بأنه «غاية في الأهمية» وكان له دور كبير في إمعان الاحتلال في جرائمه بفلسطين ولبنان، قائلاً: «هنالك أيضا أمر في غاية الأهمية وهو حالة الوهن العربي، هنالك حالة ضعف، ولو كان العرب في وضع أفضل مما هم عليه الآن، لما كانت إسرائيل قادرة على أن تمعن في عدوانيتها وفي همجيتها واستهدافها لفلسطين وللبنان».
وأكد أن «إسرائيل تستثمر حالة الوهن العربي وتُمعن في سياساتها القمعية الظالمة بحق شعبنا، ولذلك أنا حقيقة لا أريد أن أحرض على أحد ولا أريد أن أخون أحدا فهذا ليس دورنا، ولكن ما أتمناه من العرب جميعاً مسؤولين وشعوباً هو أن يصوبوا البوصلة في الاتجاه الصحيح، البوصلة يجب أن تكون نحو فلسطين، وأي بوصلة لا تكون نحو فلسطين هي ليست في الاتجاه الصحيح، ويجب أن يعرف العرب كل العرب، قيادات وشعوباً، أن المتآمر على فلسطين هو متآمر على الأقطار العربية، والذي لا يريد الخير لفلسطين وللبنان لا يريد الخير لكل الأمة العربية، ولذلك أدعو إلى التضامن العربي، إلى التشاور والتعاون العربي، إلى التنسيق العربي والعمل المشترك من أجل وقف هذا العدوان وهذا النزيف في غزة، وحقيقة مر عام على هذا العدوان ولكنه مازال يزداد شراسة وعدوانية، واليوم نشهد أيضا عدوانا مماثلاً في لبنان».
سياسة الاغتيالات
وتعليقاً على جرائم الاغتيالات التي ينتهجها العدو الصهيوني، مستهدفاً من خلالها قيادات في المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني، وأبرزها رئيس حركة حماس الشهيد المجاهد إسماعيل هنية، وأمين عام حزب الله سماحة السيد المجاهد الشهيد حسن نصر الله، ومدى تأثير تلك الاغتيالات على ثبات وصمود وقدرات الفصائل المقاومة للاحتلال، سواء الفصائل الفلسطينية، أو المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله)، قال رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس في مدينة القدس المحتلة المطران عطا الله حنا: «سياسة الاغتيالات ليست سياسة حديثة العهد، منذ 1948م وحتى قبل 48 وبعد النكبة وما أكثر النكبات والنكسات التي تعرض لها شعبنا، الاغتيالات كانت سياسة ممنهجة، يظنون أنهم إذا قتلوا الأشخاص فإنهم بذلك يقتلون الفكرة والمبدأ والرسالة، هم قادرون بتقنياتهم وأسلحتهم المصنعة أمريكيا أن يصلوا إلى أي شخص يريدون أن يستهدفوه وهذا ما حدث مؤخراً ولكن يقتلون الشخص جسدياً وتبقى الفكرة والموقف والرسالة، كما أنهم ليسوا قادرين على قتل المبادئ السامية والرسائل النبيلة والتي في سبيلها ارتقى هؤلاء الشهداء».
وأضاف: «القضية الفلسطينية هي قضية حق وعدالة، وهي قضية كافة الأحرار في هذا العالم، والشعب الفلسطيني قدم ومازال يقدم التضحيات في سبيل هذه القضية وكذلك الأحبة في لبنان وفي سورية وفي اليمن، كل إنسان يدافع عن القضية الفلسطينية قد يتعرض للملاحقة وقد يتعرض للاستهداف، ولكن وبالرغم من كل ذلك ستبقى هذه القضية قضية حية، قضية شعب حي، قضية شعب يعشق الحياة».
وشدد على أن «فلسطين هي قضية الأمة كلها، وقضية الأحرار في كل مكان، وهي ليست قضية الفلسطينيين لوحدهم، وإن كانت قضيتهم بالدرجة الأولى، ولكنها قضية الأمة كلها وقضية الأحرار في كل مكان».
وقال: «نقف إجلالاً وتكريما ووفاءً لدماء شهدائنا وتضحيات شهدائنا في فلسطين وفي كل مكان فهذه دماء عزيزة على قلوبنا، رحم الله الشهداء وكان مع الجرحى والمصابين وحمى فلسطين ولبنان واليمن وسوريا من الأعداء المتربصين بها».
القضية باقية
ورداً على سؤال فحواه «كيف تنظرون إلى مستقبل القضية الفلسطينية في ظل التطورات الحالية والتآمرات الظاهرة والباطنة من قبل بعض الأنظمة العربية ومساعي البعض إلى التطبيع مع إسرائيل بحجة إجبار الاحتلال على الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟»، قال رئيس الأساقفة المطران عطا الله حنا: «مهما تآمروا على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني فإنهم لن ينجحوا في تصفية هذه القضية. منذ وعد بلفور والنكبة والنكسة وحتى الآن والفلسطينيون يتعرضون للمؤامرات من كل حدب وصوب، ولكنهم موجودون وهم رقم صعب ومتمسكون بحقوقهم وثوابتهم ووطنهم، ولن تتمكن أية قوة غاشمة لا الاحتلال ولا أمريكا ولا من يتواطؤون معهما، لن يتمكن أحد من تصفية هذه القضية».
موقف اليمن
الأب عطا الله، كما يصفه المسيحيون، تطرق في حديثه لـ«لا» إلى الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية ووقوف اليمن شعباً وقيادة وجيشاً مع إخوانهم الفلسطينيين واللبنانيين ضد العدو الصهيوني ودول الاستكبار الداعمة له، في هذه الحرب المستعرة منذ قرابة العام.
وقال: «اليمن السعيد بلد شقيق ومنذ زمن بعيد اليمن وقف دائماً الى جانب الحق الفلسطيني والقضية الفلسطينية، والموقف اليمني لم يتبدل ولم يتغير حتى هذه الساعة ولن يتغير».
وأكد أن «اليمن يتبنى موقفاً ثابتاً مؤازراً ومسانداً لفلسطين ولبنان، واليمن دائماً يرفع الصوت عالياً ويدافع عن الحقوق الفلسطينية وعن حق الشعب الفلسطيني في أن يتحرر من الاحتلال لكي يعيش بحرية وبسلام في وطنه. نحن أوفياء لما يقدمه اليمن وللمواقف اليمنية ولكل ما يقوم به هذا القطر الشقيق من اجل مؤازرة فلسطين ولبنان».
وأعرب رئيس الأساقفة في القدس المحتلة، المطران عطا الله حنا، عن رفضه وإدانته لما يتعرض له اليمن من عدوان أمريكي بريطاني صهيوني متكرر، لموقف صنعاء المساند لفلسطين ولبنان، قائلاً: «إننا نرفض العدوان الذي تعرض له اليمن قبل أيام وقبلها أيضا في الآونة الأخيرة تعرض اليمن لسلسلة اعتداءات كانت تقودها أمريكا وبريطانيا، ونحن نؤكد استنكارنا ورفضنا لهذه الاعتداءات ولهذا العدوان الذي يأتي في إطار الابتزازات والضغوط الهادفة للنيل من الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية، وهذا ما حدث في أماكن أخرى أيضا، عندما تعرضت سورية للاستهداف كان الهدف من ذلك ومازال ابتزاز سورية والضغط عليها لكي تبدل مواقفها تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وهذا لم يحدث حقيقية، لأن المواقف تجاه القضية الفلسطينية ثابتة».
مواجهة التحديات
وفي السياق قال المطران عطا الله: «إننا نرفض أي استهداف لأي قطر عربي، سواء كان اليمن أو غير اليمن، وأنا أعتقد بأن ما نحتاجه كأمة عربية اليوم هو مزيد من اللحمة والتضامن والحوار والتعاون من اجل مواجهة التحديات والمؤامرات التي تعصف بنا».
وأوضح: «أنا لست محللا سياسياً أو عسكرياً، أنا أمثل مؤسسة دينية مسيحية في القدس لها تاريخ عريق لم يتوقف منذ ألفي عام ورسالتنا دائماً كانت رسالة السلام رسالة المحبة رسالة المصالحة بين الإخوة، واليوم نؤكد أن العرب يحتاجون أكثر من أي وقت مضى إلى أن يوحدوا صفوفهم وان تكون بوصلتهم نحو فلسطين».
وأضاف: «نحن كفلسطينيين نسعى دائماً من أجل علاقات طيبة مع كل الأقطار والدول العربية، لا نريد أن نعادي أحدا وليس من مصلحتنا أن نعادي أحدا، وإن كنا نتحفظ على بعض المواقف هنا وهناك ولكن نحن معنيون بأن تكون هنالك علاقة وصداقة وتعاون بيننا وبين كل الأقطار العربية دفاعاً عن فلسطين ولبنان والأمة العربية بأكملها».
استهداف القدس
وتحدث رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس في مدينة القدس المحتلة المطران عطا الله حنا، عما تتعرض له القدس من استهداف صهيوني، قائلاً: «القدس تتعرض منذ أن تم احتلالها إلى سياسات هادفة لطمس معالمها وتزوير تأريخها والنيل من مقدساتها الإسلامية والمسيحية ولذلك فإننا نقول بأن القدس هي أمانة في أعناقنا كأمة عربية واحدة، هي أمانة في أعناق المسلمين والمسيحيين في كل مكان، وكذلك حتى اليهود غير المتصهينيين، اليهود المسالمين والرافضين للاحتلال، نحن لا نكره أحدا ولا نعادي أحدا بناء على انتمائه الديني، نحترم كل إنسان بغض النظر عن انتمائه الديني أو خلفيته المذهبية، ولكننا نتمنى من الجميع أن يتوحدوا في الدفاع عن القدس، في الدفاع عن فلسطين، في الدفاع عن هذه البقعة المباركة من العالم التي تتعرض لهذا الكم الهائل من التآمر ومشاريع التصفية».
وتوجه المطران بالنداء لكل أحرار العالم، قائلاً: «أقول لكل أحرار العالم، دافعوا عن القدس، أقول لأمتنا العربية ولكل المسلمين والمسيحيين، دافعوا عن القدس وحافظوا عليها فهذه هي أمانة في أعناقكم والمقدسيون اليوم يقفون في القدس شامخين صامدين مدافعين عن مدينتهم فهم سدنة المقدسات وهم المحافظون على القدس ويتوقعون منكم أن تكونوا معهم وإلى جانبهم».
وفي ختام اللقاء مع «لا» توجه المطران عطا الله حنا بالتحية لليمن قائلاً: «لكم منا كل التحية يا أهلنا وأحباءنا في اليمن، وأهلنا وأحباءنا في هذا المشرق وأهلنا وأحباءنا في الأمة العربة كلها، فلسطين هي قضيتكم دافعوا عنها دافعوا عن القدس، دافعوا عن غزة وعن فلسطين كلها، لأن المتآمر على فلسطين هو متآمر عليكم جميعاً».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا