حاوره:أنور عون / لا ميديا -
عصام القصوص إحدى حبات اللؤلؤ التي أنجبها أهلي تعز منتصف ثمانينات القرن الماضي، في عصره الذهبي. نجم أجاد اللعب في كل المراكز، عدا حراسة المرمى.
18 سنة قضاها بين أهلي تعز وأهلي صنعاء واليرموك ووحدة صنعاء. كلما قالوا أفل نجمه، سطع في التجربة التالية.
ولأنه يرفض التسلق ولا يجيد اللعب على كل الحبال، لم يأخذ المكانة والنجومية التي توازي موهبته. ورغم ذلك ظل على نهجه، لأنه تربى على الأخلاق والقيم والقناعة التامة. كذلك الحال خارج الملاعب، لم يزاحم على المناصب التي يستحقها حتماً لتاريخ وكفاءة وتجربة وخبرة تمرغ خلالها في أطر رياضية شتى؛ لإيمانه المطلق بأن خدمة الوطن تتم من أي موقع ومنصب كان.
دعونا من ذلك ولنتذكر مع عصام مواسمه الكروية الجميلة.
 سؤال البداية دائماً عن ميلاد الموهبة الكروية؛ أين بدأت يا كابتن عصام؟
- بدأت في الحالمة تعز؛ بمدرسة النجاح ثم مدرسة الصدّيق فمدرسة الشعب، وخلالها لعبت مع ناشئي أهل تعز، وتدربت على يد علي الشرعبي وعبدالعزيز طه، وحققنا مطلع الثمانينيات بطولة الجمهورية تحت سن 18 سنة، وكان لدينا جيل رائع: ناصر غالب، خالد الخولاني، نبيل حمود، حسن مرشد، فارس عثمان، خالد قائد، خالد الذاري، عبدالملك حمود...
 وكيف انضممت للفريق الأول؟
- لعبت للناشئين والشباب لفترة وجيزة، وتم تصعيدي للفريق الأول مباشرة مع الكابتن عبدالله عتيق، وكان جيلاً مرعباً، حققنا الوصيف ثم البطولة عام 86 تحت قيادة الأسطورة عبدالعزيز القاضي.
 كابتن، بعد هذه البطولة هبط الفريق ولم تقم له قائمة، إلا من مشاركات عاثرة وتواجد نسبي في الأولى... ما الأسباب؟
- قبل انتقالي إلى العاصمة عام 90 حدثت إرباكات، فالفريق الذي كان يداً واحدة أصبح مشتتاً وأقرب إلى الشللية.
 وكيف جاء انتقالك إلى اليرموك؟ ما هي الأسباب؟
- انتقالي كان لأسباب كثيرة، أكتفي منها بدراستي الجامعية. طبعاً كانت وجهتي لأحد قطبي العاصمة، الأهلي أو الوحدة، لكن إدارة النادي حولت مساري إلى اليرموك، والحمد لله وجدت فريقاً رائعاً، ولعبت معهم موسمين، وأذكر منهم: محمد الدولة، جلال الكدس، صالح ثابت، عبدالرحمن ثابت، جهاد علي زايد، وإبراهيم الماس.
 وبعد اليرموك أين اتجهت؟
- لأسباب إدارية رحلت إلى أهلي صنعاء، وخضت معهم ثمانية مواسم، حققنا فيها بطولات، وخضت معهم مستويات كبيرة، ولعبت الإصابة دوراً كبيراً في رحيلي. بعدها لعبت لوحدة صنعاء موسماً واحداً فقط. فضلت بعدها التفرغ لعملي.
 ما المركز المحبب الذي كنت تجد فيه نفسك؟
- لعبت في كل المراكز، وتألقت بفضل الله، وأشاد بي كل من لعب معي أو دربني؛ طبعاً ما عدا حراسة المرمى.
 وماذا عن المنتخبات في مشوارك...؟
- تم اختياري مع منتخب الناشئين، ثم الشباب، فالوطني. وفي هذه المحطات لا بد من ذكر المدرب الألماني الكبير بيتر كلاوس، المدرب المحترف بمعنى الكلمة. خضت تحت قيادته عدة مشاركات ناجحة، ومن روعة هذا المدرب أنه لا يعرف المجاملة أبداً، اختار لاعبين مغمورين من أندية الثانية، شباب عبس ونادي حريب... وكان اختياره موفقاً أيضاً، كان يزرع الإخاء والمحبة بيننا. وفي إحدى المشاركات تم اختيارنا فجأة في رمضان، ونحن في ثالث ثانوي، وذهبنا لمعسكر في الطائف استمر شهرين، وأوصلنا للفورمة، وكان معنا: صلاح السيد، عبدالله الخوربي، عبدالله السياغي، مطهر ثابت، محمد السحراني، مختار اليريمي، جمال الخولاني، بهاء عبدالحفيظ، أحمد عبدالرحيم... وغيرهم. المهم أنه جاء موعد غربلة القائمة، فطلب منا الذهاب للتسوق، لأننا كنا في المعسكر أكثر من إخوة، وخشي أن نتأثر بفراق من سيعودون إلى أنديتهم. وبالفعل عندما رجعنا من السوق وأخبرنا بأن بعض اللاعبين تم استبعادهم بكينا، وتأثرت كثيراً. وهذا هو المدرب الناجح، الذي يزرع الإخاء والإيثار في نفوس اللاعبين، قبل رفع مستوياتهم.
 ولماذا لم نرك كثيراً مع المنتخب الوطني الأول؟
- نعم، هذا صحيح. تم اختياري في عدة مشاركات في عمان، لعبت مع المنتخب مباراتين وديتين في افتتاح ملعبهم، بعدها تم استدعائي لكأس فلسطين، واعتذرت، بسبب اختباراتي الجامعية، قلت لهم: اعملوا لي حل لاختباراتي، فرفضوا، واعتذرت، ثم اختارني لوسيانو لتصفيات آسيا، واعتذرت، بسبب اختباراتي أيضاً، وبعدها اعتذرت نهائياً، لأني شعرت أن هناك حسابات خاصة عند الاختيار في بعض المواقف واعتقد أن من غير المجدي الحديث عنها الآن.
 كابتن، لنتحدث بصراحة، كان رحيلك عن أهلي تعز بسبب بعض زملائك، وأخبار بأنك انتهيت كروياً...؟
- الدراسة كانت أحد الأسباب. أما بخصوص زملائي في الفريق ففعلاً صُدمت ببعضهم، فقد كنت أعتقد أن المنافسة الشريفة وتطوير الأداء هما سلاحك للعب أساسيا؛ لكني وجدت العكس. هناك من يستعمل ضدك أساليب غير رياضية لاحتلال مكانك في الفريق، وهم من كانوا يروجون أني ألعب لأن والدي رئيس النادي... ومن هذا القبيل. وفي النهاية لعبت لليرموك أمتع مواسمي، وعندما جئت ولعبت ضد أهلي تعز، سواءً مع اليرموك أو أهلي صنعاء صفق لي جمهور الأهلي، وقالوا: هذا الذي قلتم إنه انتهى!
يا أخي هذه مواقف تؤلمني لا أريد أن أتذكرها.
 وماذا عن طموحك؟ أين توقف؟
- طموحي كان كبيراً، لكنه وُئد عند خذلاني في أول عرض لي من عمان، وأنا ألعب مع أهلي صنعاء عام 1993، ومختار اليريمي شاهد على ذلك، عندما جاء مندوب النادي العماني ليراني ويوقع معي، وكانت مباراتي مع الأهلي حينها؛ لكن المؤامرة تمت بوضعي على دكة الاحتياط، وجاء المندوب العماني وشاهدني في دكة الاحتياط وانتهت القصة بإحراق الصفقة بشكل مقصود، ولا داعي لفتح ملفات قديمة انتهت. المهم أنني بقيت 18 سنة في الملاعب، رغم الحروب، والحمد لله التزمت الصمت.
لم أحارب أحداً، ولم أتدخل في شؤون أحد، ولم أستجدِ اللعب يوماً، بل كان مستواي هو واسطتي. كنت أعتقد أن هناك مثالية وتنافساً شريفاً بدون أحقاد أو تصفية حسابات؛ لكن للأسف، الواقع الرياضي والكروي بالذات مؤسف ومؤلم.
 ما هي المواقف التي ماتزال عالقة في ذهنك وتشعر بالفخر عندما تتذكرها؟
-كثيرة هذه المواقف؛ لكن مباراتي أمام التلال التي أصبت فيها بكسر في يدي وواصلت اللعب حتى آخر المباراة وأنقذت فيها هدفين حيث لعبت في الشوط الأول مهاجماً، وفي الثاني مدافعاً، وتم اختياري كأفضل لاعب فيها وحصلت على جائزة 500 دولار وتذكرتي سفر للعلاج.
 وماذا عن تسببك في طرد شرف محفوظ؟
- شرف محفوظ هو من يتسبب بطرد المدافعين؛ لكن في تلك المباراة أفقدته القدرة على التحرك، شللت حركته تماماً، وعندما التحمت معه في إحدى الكرات سقط أرضاً فداس على رجلي بعنف وطرد من المباراة. لكن بأمانة أقول إن شرف محفوظ نجم خلوق وهو المهاجم الأفضل من وجهة نظري، خطير وداهية في منطقة الجزاء، هو نجم يستحق الاحترام.
 أنقذت أهدافاً كمدافع، فماذا عن الأهداف التي أحرزتها؟
- كثيرة، أمام أهلي تعز وأهلي صنعاء والوحدة واليرموك والشعلة والشرطة وأهلي الحديدة...
 أفضل من تدربت على يده...؟
- الألماني بيتر كلاوس،والوطنيون مقبل الصلوي، علي صالح عباد، وعبدالله عتيق رحمه الله.
 أفضل حراس المرمى الذين لعبوا خلفك...؟
- محمد نجاد، محمد ناجي، عبدالرحمن ثابت، ومحمد راوح.
 أفضل مهاجم واجهته...؟
- شرف محفوظ.
 الكرة اليمنية من عهد الأشول حتى الآن...؟
- علي الأشول رحمه الله كان قريباً من اللاعب، وكان إنساناً فعلاً. اليوم الكرة اليمنية بحاجة ماسة لوضع خطط مستقبلية والاعتماد على خبراء فنيين والحرص عند اختيار أعمار اللاعبين وتأهيلهم تأهيلاً صحيحاً وتدرجاً سليماً، والتركيز على وجود تقارير فنية وإدارية عقب كل مشاركة، والتصحيح من خلالها.
 ما هي ذكرياتك مع إدارات الأندية زمان؟
- أتذكر أن إدارة أهلي تعز، التي كان يرأسها والدي رحمه الله، كانت تركز على التحصيل العلمي، لدرجة أنها توفر تكاليف الدروس الخصوصية، حتى في الأعياد تعمل على تجميع اللاعبين لزيارة كبار الشخصيات في المحافظة.
 زملاؤك الأقرب في الأندية التي لعبت لها...؟
- محمد نجاد، محمد طه، جميل حبيش، عدنان طاهر، طاهر محسن، أحمد الصنعاني، فؤاد الشرعبي، ومحمد الدولة.
 ومن من نجوم الطليعة والصقر كانوا يعجبونك؟
- حسين البرق، ونوفل أمين، وعادل إسماعيل من الطليعة، ونبيل مكرم وعبدالحكيم البرعي من الصقر.
 ختاماً، ماذا تحب أن تقول؟
- لم أكن أريد الحديث عن أحد، ولست من هواة اللقاءات؛ لكنك أخ عزيز، واحتراماً لهذه الصحيفة الرائعة التي يديرها الأهلاويان صلاح الدكاك وطلال سفيان.