هيرب كينون - صحيفة «The Jerusalem Post» العبرية
ترجمة خاصة: إياد الشرفي / لا ميديا -
«تواجه إسرائيل فترة متوترة من القلق والاستعداد، تذكرنا بعام 1967، حيث تستعد للانتقام المحتمل من إيران وحزب الله بعد الاغتيالات الأخيرة التي طالت شخصيات بارزة».
كانت الأسابيع الثلاثة التي سبقت حرب الأيام الستة عام 1967 واحدة من أكثر الفترات توتراً في تاريخ إسرائيل، وهي الفترة المعروفة باسم «فترة الانتظار».
كانت هذه فترة من القلق وعدم اليقين والاستعداد داخل إسرائيل حيث واجهت البلاد التهديد الوشيك بحرب إقليمية شاملة. أغلقت مصر مضيق تيران، وهو عمل حربي، بينما كان الخطاب من الأراضي العربية مخيفا.
كان «البلد» عمره 19 عاماً فقط ومعزولًا دوليًا، وكان هناك قلق حقيقي من أن البلاد قد لا تنجو. كان القلق ملموسًا، مع حفر مقابر جماعية في الحدائق كإجراء احترازي قاتم.
انتهت هذه الفترة المليئة بالقلق في الخامس من يونيو/ حزيران 1967، عندما سبقت إسرائيل أعداءها، فدمرت القوات الجوية المصرية على الأرض في غضون ساعات، وغيرت مجرى التاريخ.
تتبادر هذه الفترة إلى الأذهان اليوم حيث تسيطر المخاوف من جديد على البلاد، في انتظار رد من إيران وحزب الله والحوثيين -إما معا، أو بشكل منفصل، أو مع جهات فاعلة غير حكومية أخرى في «محور المقاومة»- على اغتيال رئيس أركان حزب الله فؤاد شكر في بيروت، وزعيم حماس إسماعيل هنية في طهران الأسبوع الماضي.
سيكون من الخطأ القول إن البلاد في حالة ذعر، فهي بالتأكيد ليست كذلك. إن المبيعات النشطة للمولدات الكهربائية المنزلية والمياه المعبأة والتونة المعلبة والسلامي هي علامات على الاستعداد، والذعر معا.
يأتي الذعر في شكل صراخ الناس لمغادرة البلاد، أو رفض مغادرة منازلهم، أو رؤية الحياة اليومية تتوقف. هذا ليس ما تعيشه إسرائيل.
لكنها تعاني من القلق. ومن يستطيع أن يلومها؟ مع تهديد حزب الله وزعماء إيران بالانتقام، ومع وسائل الإعلام المليئة بالتكهنات التي لا نهاية لها حول نوع الانتقام المتوقع ومتى، فإن التوتر مفهوم.
لكن السؤال هو ما إذا كان هناك قلق مماثل يشعر به في بيروت وطهران. هل هم أيضاً يخزنون التونة والمياه المعبأة والسلامي؟ هل يتساءلون متى ستضرب إسرائيل، وكيف، ومن أي اتجاه؟

إذا لم يكن الأمر كذلك:
هناك شيء غريب في الوضع الحالي. لقد تم القضاء على اثنين من كبار الإرهابيين -أحدهما في بيروت حيث أعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، والآخر في طهران دون أن تعلن إسرائيل حتى مسؤوليتها- ومع ذلك فإن إسرائيل هي التي تتبنى موقفًا دفاعيًا، وهو ما يسمى بالعبرية (konnenut sfiga)، أي الاستعداد لهجوم.
بدلاً من أن تكون إسرائيل في موقف دفاعي من أجل القضاء على الإرهابيين، فإن بيروت وطهران يجب أن تكونا قلقتين، لأنهما كانتا تؤويانهم.
إن هذه الفترة تذكرنا بأوائل أبريل بعد أن قتلت إسرائيل قائد الحرس الثوري الإسلامي محمد رضا زاهدي في دمشق عندما استعدت إسرائيل للرد الإيراني الذي جاء في شكل أكثر من 300 طائرة بدون طيار وكروز وصواريخ باليستية أطلقت على البلاد.
إن مشاهدة محطات البث التلفزيوني وهي تعلن في ليلة السبت في منتصف أبريل/ نيسان عن الموعد المقرر لوصول الطائرات بدون طيار والصواريخ والقذائف كان أشبه بمراقبة شاشة الوصول في مطار بن جوريون. كان شعوراً غريباً: فقد رأيت رصاصة تتجه نحوك ودعوت أن تعمل دفاعات البلاد وأن يتم اعتراض الرصاصة أو تخطئ هدفها. بعبارة أخرى، كان هناك شخص يحاول قتلك، ودعوت فقط ألا ينجح.
إن إحدى مشاكل الوضع الحالي هي أنه يولد شعوراً بالعجز بين السكان: انتظار سقوط الحذاء الثاني، انتظاراً للحتمية.
ولكن إسرائيل بعيدة كل البعد عن العجز. فبدلاً من مجرد الانتظار لمعرفة ما سيحدث -أو عدد القتلى- قبل الرد، ينبغي لها أن تستعرض قوتها بالفعل. وإذا كانت لا تريد تفاقم الوضع أو إذا كانت الولايات المتحدة تمنعها من اتخاذ المزيد من الإجراءات، فيتعين على البلاد على الأقل أن توضح أن أي نوع من الهجوم سوف يقابل بقوة فورية وساحقة. وينبغي التخطيط لمثل هذا الرد، كما هو الحال بالتأكيد، أن يكون جارياً بالفعل.
هذه المرة لا بد أن تكون التهديدات مدعومة باتخاذ إجراءات فورية، وليس كما كانت الحال حتى الآن، بالخطاب الفارغ من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أو وزير الدفاع يوآف جالانت، أو رئيس الأركان هيرتسي هاليفي حول «إعادة لبنان إلى العصر الحجري». التهديدات التي تصدر في كثير من الأحيان إلى الحد الذي يجعل من المشكوك فيه أن يأخذها أي شخص على محمل الجد. وهذه المرة، لا بد أن يكون الرد فورياً ومدمراً.
إن استعراض القوة يشكل أيضاً أهمية بالغة لمعنويات البلاد. فإسرائيل ليست عاجزة. فهي تمتلك واحدا من أقوى الجيوش في العالم. إن الشعب الآن بحاجة إلى تذكيره بهذا الأمر وإدراكه للحفاظ على سلامته النفسية. إن الشعور بالعجز أمر ضار، وهذا الانحناء الدفاعي في مواجهة التهديدات الإيرانية وحزب الله يضعف الروح المعنوية.
لقد جاءت الضربة التي تلقاها «شكر» بعد مقتل 12 طفلاً وشاباً بنيران صواريخ حزب الله على مجدل شمس. ولم يتم اغتيال شكر إلا بعد هذه الفظاعة، وهذا يعزز نمطاً سيئاً: إذا كان الهجوم «ناجحاً» وتسبب في وقوع ضحايا، فإن إسرائيل ترد؛ وإذا لم يكن كذلك، فإنها ستتركه يمر.
إن هذا النهج معيب. فلو تحركت إسرائيل لتدمير قدرات حماس بعد أن أطلقت المنظمة الإرهابية عدداً لا يحصى من الهجمات الصاروخية منذ عام 2001، بدلاً من انتظار وقوع عدد كبير من الضحايا قبل الرد، لكان الوضع الحالي مختلفاً تماماً.

لماذا نحن في موقف دفاعي؟
إنه لخطأ أن تتخذ البلاد هذا الموقف الدفاعي. فهو يرسل الرسالة الخاطئة إلى أعداء إسرائيل وإلى شعبها.
ولكن هناك أوجه شبه واختلاف بين فترة الانتظار الحالية وتلك التي سبقت حرب الأيام الستة.
أولاً، في عام 1967، كانت هناك شكوك حول ما إذا كان الجيش الإسرائيلي قادراً على الصمود في وجه هجوم منسق من جانب الدول العربية المجاورة. واليوم، في حين توجد مخاوف بشأن الأضرار المحتملة، هناك ثقة أكبر في قدرة الجيش على إدارة التهديد.
كانت القدرات العسكرية الإسرائيلية أكثر محدودية في عام 1967؛ أما اليوم، فهي تمتلك قوة أعظم كثيراً وأقوى نظام دفاع صاروخي في العالم.
ثانياً، في عام 1967، شعرت إسرائيل بالعزلة التامة في العالم، وخاصة بعد أن طالبت مصر بسحب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من سيناء، وهو ما وافقت عليه الأمم المتحدة. وكان هناك أيضاً تشكك في مستوى الدعم الذي يمكن لإسرائيل أن تتوقعه من العالم.
اليوم، أرسلت الولايات المتحدة سفناً حربية إلى المنطقة لمساعدة إسرائيل في صد الطائرات بدون طيار والصواريخ والقذائف من السماء، كما فعلت في أبريل/ نيسان. بالإضافة إلى ذلك، هناك تنسيق مع تحالف دفاعي إقليمي (الأردن، الإمارات، مصر) تأسس بعد اتفاقيات إبراهيم تحت قيادة القيادة المركزية للجيش الأمريكي. وهذا يمثل تحالفاً إقليمياً مهماً.
أخيراً، هناك فرق كبير في طبيعة التهديد الوجودي الذي تواجهه إسرائيل الآن مقارنة بعام 1967.
في ذلك الوقت، كان هناك خوف حقيقي من أن تؤدي الحرب إلى تدمير إسرائيل، أن تغزو الجيوش المعادية الدولة اليهودية وتقضي عليها. اليوم، بينما لاتزال إسرائيل تنظر إلى نفسها على أنها منخرطة في معركة وجودية، فقد تغيرت فورية وطبيعة التهديد.
القلق الحالي ليس أن الهجوم الفوري من قبل إيران وحزب الله والحوثيين من شأنه أن يدمر الدولة بشكل مباشر، على الأقل حتى تحصل إيران على قدرات نووية. بدلاً من ذلك، يتركز الخوف على إمكانية اندلاع حرب استنزاف مطولة إذا فشلت إسرائيل في هزيمة أعدائها أو ردعهم بشكل حاسم الآن. إن مثل هذه الحرب قد تؤدي إلى تدمير البلاد تدريجيًا، مما يجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لمواطنيها، ويدمر الاقتصاد، ويهدد قدرة إسرائيل على البقاء على المدى الطويل.
إن هذا التهديد المستمر -وهو تهديد وجودي أيضاً- يتطلب اتخاذ تدابير استباقية. لا تستطيع إسرائيل أن تنتظر الهجمات بشكل سلبي. يجب على البلاد أن تتخذ إجراءات وقائية أو تستجيب بسرعة وحسم لتأمين مستقبلها وبقائها.