عادل عبده بشر / لا ميديا -
جلسة أخرى شهدتها محكمة الأموال العامة بالعاصمة صنعاء، اليوم الثلاثاء 28 أيار/ مايو 2024، لمحاكمة 38 متهماً من كبار تجار المبيدات والعاملين لديهم، بتهم إدخال وتداول وبيع مبيدات مهربة ومحظورة ومنتهية الصلاحية.
الجلسة، التي رأستها رئيسة المحكمة القاضي سوسن الحوثي، لم تقلّ سخونة عن الجلسات الأسبوعية السابقة في القضية ذاتها، حيث بدأت باستعراض رئيسة المحكمة قرارها الصادر في الجلسة الماضية 21 أيار/ مايو الجاري، والمتضمن تكليف النيابة بإغلاق محلات المتهم الثاني (عجلان) وتنفيذ القرار السابق بإحضار أربعة متهمين قهراً، بينهم المتهم الثاني واثنان من أسرته، والتعميم بأسمائهم على النقاط الأمنية وفي منافذ العاصمة، وللنيابة في ذلك سجن ضمنائهم وإغلاق محلاتهم التجارية.
وبسؤال ممثل النيابة عما تم تنفيذه، أفاد بأن النيابة وجهت مذكرة إلى مدير مباحث الأموال العامة بتاريخ 26 أيار/ مايو الجاري، بخصوص إغلاق محلات المتهم الثاني (عجلان) لامتناعه عن حضور الجلسات، دون أن تقدم النيابة ما يفيد بأنه تم التنفيذ على الواقع، خصوصاً وأن القاعة خلت من أي تواجد للمتهم (عجلان)، فكررت القاضية سوسن الحوثي السؤال لممثل النيابة: هل تم إغلاق محلات المتهم عجلان؟ فجاء الرد متلعثماً، ما دفع رئيسة المحكمة إلى القول: «يعني لم يتم تنفيذ قرار المحكمة؟!»، مضيفة: «هناك استهتار واضح من النيابة بهذا الخصوص».
وأكدت القاضية الحوثي أن المتهم (عجلان) لم يحضر أيّاً من الجلسات التي عقدتها في هذه القضية.

استجواب الزراعة
الجلسة التي وثقت وقائعها صحيفة «لا» اقتُطع جزء كبير من وقتها الذي تجاوز الساعة بقليل، لاستجواب مدير إدارة وقاية النباتات بوزارة الزراعة والري، المهندس أحمد الكول، الذي كان حاضراً بناءً على قرار المحكمة في الجلسة السابقة، حيث سألته عن كميات المبيدات المحظورة والمهربة والممنوعة وغيرها، التي ضُبطت في مخازن المتهمين خلال الحملة التي نفذتها الوزارة والجهات المعنية في النيابة والأمن، في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وتم تحريزها في مخازن تابعة لوزارة الزراعة، فأفاد المهندس الكول بأن تلك الكميات مازالت مُحرزة في مخازن الوزارة، إلا ما تم صرفه من قبل الوزارة لمكافحة حشرة المنّ الزغبي لمحصول العنب، بكمية تُقدر ما بين طن ونصف إلى طنين، بالإضافة إلى تعرض كمية أخرى للسرقة من مخازن الوزارة.
وكان المتهم الأول (ع. دغسان) قد اتهم وزارة الزراعة في الجلسة الماضية بالتصرف في الكمية التي ضُبطت في مخازنه.
القاضية الحوثي وجهت أيضاً للمهندس الكول عدداً من الأسئلة عن المبيدات وأنواعها وأضرارها، فأشار إلى أن جميع المبيدات غير آمنة، إذا تم استخدامها بعشوائية.
وحول مبيد «بروميد الميثيل» أفاد المهندس الكول بأن هذا المبيد يُستخدم لتعقيم الأتربة والبيوت المحمية، وهو عبارة عن غاز شديد السُّمّية، يقتل الإنسان بمجرد أن يستنشقه.

اعترافات المتهم الأول
من جهته اعترف المتهم الأول (ع. دغسان) بأن جميع المبيدات التي تم ضبطها في مخازنه، سواء كانت مهربة أو ممنوعة، هي تابعة له. وحين واجهته رئيس المحكمة بمذكرة سابقة طالب فيها وزارة الزراعة بإعادة المبيدات المضبوطة له، اعترف (دغسان) بأنه تسلم من وزارة الزراعة 635 كرتوناً من مبيد «بروميد الميثيل» بتوجيه من النيابة، وتصرف بها.
وأفاد «لا» مصدر قضائي بأن الكارتون الواحد من هذا المبيد يحوي 24 علبة سعة لتر ونصف، بإجمالي 15 ألفا و240 عُلبة.
وكان دغسان قد اعترف في الجلسة السابقة بأن المبيدات المضبوطة لديه «مقيدة ومقيدة بشدة ومسموحة» قام بإدخالها اليمن عبر التهريب، قائلاً بأن وزارة الزراعة رفضت إعادتها له رغم أن لديه توجيهاً من النيابة وجهات عُليا.

نصيب الأسد
وبالرغم من أن المتهم (ع. دغسان) يتصدر قائمة المتهمين الـ38، في هذه القضية، إلا أن رئيسة المحكمة القاضية سوسن الحوثي، كشفت، في جلسة اليوم، أن المببيدات المضبوطة في مخازن المتهم الثاني (ص. عجلان) تزيد عن تلك المضبوطة في مخازن دغسان بأضعاف.
وأشارت القاضية الحوثي إلى أن الكشوفات التي تحوي أسماء وأصناف المبيدات المضبوطة والتابعة للتاجر عجلان عددها 17 كشفاً، بينما التابعة للتاجر دغسان لا تتجاوز 3 كشوفات.

قرار المحكمة
في ختام الجلسة قررت المحكمة مخاطبة رئيس النيابة العامة حول تساهل النيابة في تنفيذ القرار السابق القاضي بإغلاق محلات شركة عجلان وإخوانه، وشددت المحكمة على إلزام النيابة بتنفيذ هذا القرار وموافاتها بما يؤكد ذلك في جلسة الثلاثاء القادم.

قائمة الاتهام
تشمل قائمة المتهمين الـ38 في قرار الاتهام الصادر عن النيابة كلاً من: ع. دغسان، ص. عجلان، ص. أ. عجلان، ع. عجلان، هـ. قعيش، م. قعيش، ص. جار الله، ن. المساجدي، م. الخولاني، ع. السياغي، ع. ح. السياغي، خ. الميفاعي، ص. الميفاعي، م. الميفاعي، ن. المهرس، أ. الفرح، ن. الظفري، م. الظفري، س. حيدر، ح. حيدر، س. دهمش، م. الصائغ، ص. الرياشي، هـ. السفياني، أ. القحوم، ع. العمراني، أ. الأكومي، ع. الوصابي، أ. الصبري، س. الصالحي، م. سعد، ص. الغيثي، خ. الشاعري، م. العابد، ب. المغلس، م. أبو هدعش، ع. أبو حليقة، أ. عجلان.
وتتهم النيابة المشمولين في قرارا الاتهام بإدخال وتداول وبيع مبيدات مهربة وممنوعة ومنتهية الصلاحية، وما تؤدي إليه من جرائم تعريض حياة الناس للمخاطر والموت بفعل الأضرار البيئية الكبيرة التي تسببها المبيدات ونفاياتها السامة، من خلال تهريب مبيدات محظورة وإدخالها إلى أراضي الجمهورية اليمنية مع علمهم أن تلك المبيدات محظورة وخطيرة، والقيام ببيعها بطريقة غير مشروعة.
ووفقاً لقرار النيابة فقد تم ضبط كميات كبيرة من المبيدات الممنوعة وغير المصرحة والمقيدة والمنتهية والمهربة في مخازن وبدرومات التجار المشمولين في قرار الاتهام.

من جيبوتي إلى ساحل عدن
قائمة أدلة الإثبات المقدمة من نيابة الأموال العامة ومكافحة الفساد، أشارت إلى أن المتهم الأول أقر في أقواله بمحاضر تحقيقات النيابة بأنه يقوم بالاتجار والتداول بالمبيدات المهربة والمحظورة والممنوعة والمنتهية، وأنه يقوم بإدخال المبيدات المهربة إلى البلاد منذ العام 2015.
كما اعترف بأن المبيدات التي تم ضبطها في منزله تابعه له، وأن المبيدات المحظورة تم إدخالها عبر التهريب من جيبوتي إلى ساحل عدن وبعدها تم نقلها إلى صنعاء براً عبر مهرب يدعى (أ. الحسني).
يُذكر أن جذور هذه القضية تعود إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2018، حيث تم آنذاك تنفيذ حملة رقابة وتفتيش على محلات ومخازن مبيدات الآفات النباتية بأمانة العاصمة، وضبطت الحملة كمية تُقدر بأكثر من 125 طناً من المبيدات الممنوعة والمحظورة والمقيدة الاستخدام بشدة، بحسب تصريحات إعلامية لوزارة الزراعة والري، حينها.