شنت حملة تشويه لصرف النظر عن فضيحة المبيدات الفاسدة.. ديدان «فيسبوكية» تنخر المانجو اليمني
- تم النشر بواسطة مارش الحسام / لا ميديا
استطـلاع: مارش الحسام / لا ميديا -
تعيش الأسواق اليمنية هذه الأيام طوفان مانجو بأنواعه وأصنافه القادمة من عدد من المحافظات اليمنية، التي يشتهر عدد منها بزراعة أنواع مختلفة من المانجو، وهو ما جعلها من أكثر المحاصيل جودة ومذاقا، وتناسب كل الأذواق المتباينة. مع ذلك لم تسلم هذه الثمرة من الإشاعات المغرضة، التي تستهدف كل ما هو وطني، بما فيه المانجو بمختلف أنواعه. وكشفت مصادر خاصة لـ«لا» عن قضية قومية أكبر وأخطر من محاربة وتشويه منتج يمني عالي الجودة.
معاناة متراكمة
يبدأ موسم المانجو عادة في آذار/ مارس، وينتهي أواخر حزيران/ يونيو. وفي حال وُجدت إرادة وطنية حقيقية للتطوير والتصدير والزراعة بطرق حديثة، سيشكل هذا المحصول مصدر دخل للدولة وللمزارعين، الذين نجدهم يعانون في كل موسم من أزمة اقتصادية حادة بسبب الكساد وتدني الأسعار وعدم تصريف الإنتاج. هذه المعاناة كانت تخص المواسم السابقة، وقبل أن تساهم الشائعات الأخيرة هذا الموسم في عزوف بعض الناس عن شرائه، خاصة في ظل قيود وصعوبات التصدير للخارج.
وباعتبارها فاكهة موسمية، رافقتها هذا الموسم حملة تشويه شعواء تسببت في حالة ركود وتلف للمنتج أضر بتجارها ومزارعيها.
ويسوق مروجو هذه الشائعات وجود «ديدان» داخل المانجو. الحملة رافقها تداول فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تزعم وجود ديدان في المانجو المحلي. الشائعات تسببت بانخفاض أسعار المانجو بشكل كبير. على سبيل المثال، ولأول مرة تقريباً، ينخفض سعر الكيلوجرام من المانجو إلى مئة ريال، وأربعة أو خمسة كيلوجرامات بألف ريال للصنف الفاخر، مثل «التيمور» و«قلب الثور»، اللذين يمتازان بجودتهما التي تدل عليها شهرتهما، بدلا من ألف أو ستمائة أو سبعمائة ريال للكيلوجرام الواحد. الفرصة استغلها كثير من المواطنين غير آبهين للشائعات، وقاموا بشراء كميات كبيرة من المانجو بثمن بخس، ليظهروا بعدها بفيديوهات يطمئنون فيها الآخرين حول سلامة المانجو، بدليل أنهم لم يعثروا على أية ديدان بداخلها كما أشاع البعض.
حملة مضادة
بعد أيام من الحملة المسعورة ضد المانجو، أطلق ناشطون حملة مضادة لدعم المانجو. نشر هؤلاء تغريدات ومنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم «#نازل_أشتري_سلة_مانجو»، منتقدين الشائعات التي أطلقها من وصفوهم بـ«أعداء المنتج الوطني، والمغرضين الذين يحاربون ما تبقى من جمال اليمن، والمتمثل في المانجو بأنواعه المختلفة».
وأشار الناشطون إلى أن الشائعات التي أطلقت على المانجو، تستهدف منتجا وطنيا ذا جودة عالية.
ديدان فيسبوكية
أكد العديد من المشاركين في الحملة شراء سلة من المانجو نوع «تيمور» بسعر رخيص، بسبب الشائعات، وقاموا بتقشير بعض ثماره، ولم يجدوا شيئاً مما ينشر عن الديدان، وأكدوا أن «الديدان طلعت في المفسبكين الذي يبثون هذه الشائعات».
انضم للحملة المضادة الداعمة للمانجو عدد من المغتربين اليمنيين، عبر فيديوهات قصيرة، مؤكدين أن المانجو يعد ثاني فاكهة عليها طلب بعد الموز، مشيرين إلى عدم توفره في العديد من الدول، وفي حال وجد فإن جودة المانجو اليمني لا تقارن بغيره.
ديدان بشرية مسرطنة
مصدر في الإدارة العامة للتسويق والتجارة الزراعية بصنعاء، أكد لصحيفة «لا» أن موضوع «الديدان» أكبر وأخطر من تشويه ومحاربة فاكهة يمنية ذات جودة عالية، وأن الهدف الحقيقي من هذه الشائعات هو صرف البوصلة عن قضية قومية خطيرة تهدد أمن ومستقبل اليمن.
أضاف: «تم خلق شائعات ديدان المانجو لصرف انتباه الرأي العام عن المبيدات المسرطنة، التي كانت حديث الشارع، بعد أن كان من غير المسموح التطرق إليها، حيث كان كلما يثار الموضوع حولها يتم تكميم الأفواه ومنعها من الحديث عن مخاطرها. لكن بعد أن أثيرت كقضية رأي عام بعد نشر الوثائق التي تثبت أنها دخلت البلاد بطريقة «مشروعة» وبتوجيهات عليا، كان هناك دعوات لإعادة فتح ملفات المبيدات المسرطنة ومحاسبة المتورطين فيها كمطلب شعبي وقضية رأي عام. لكن بقدرة قادر تم صرف الانتباه عن هذه القضية باختلاق أخرى، وتصوير كمية فاسدة من المانجو بداخلها ديدان ونشرها كقضية رأي عام».
سمعة المنتج
تجار ومتعاملون في سوق ذهبان المركزي لتسويق الفواكه، كشفوا لـ»لا» عن علاقة الديدان بمنفذ الوديعة، لافتين إلى أن عددا من دول الجوار شددت تعقيدات وإجراءات دخول المنتجات الزراعية اليمنية إلى أراضيها، على خلفية قضية المبيدات المسرطنة التي يتم استخدامها في اليمن، والتي يتم إثارتها من وقت إلى آخر.
وأكدوا أن فضحية المبيدات الأخيرة قضت على ما تبقى من سمعة المنتج اليمني خارجيا، وأن السعودية منعت دخول عدد من شحنات المانجو، بعد أن منحت المستورد رخصة استيرادها، لتتراجع عن قرار ترخيصها على خلفية قضية المبيدات المسرطنة التي أثيرت مؤخرا.
وأشاروا إلى أن شحنات المانجو وبعد رفض إدخالها من منفذ الوديعة، عادت أدراجها، ليتم تفريغها من ثلاجات الحاويات إلى المخازن في محاولة لتسويقها محليا، وبعضها أصابه التلف نتيجة سوء التخزين وتأثرها بتقلبات درجات الحرارة.
جلد الضحية
أضاف التجار في سوق ذهبان: «الفواكه بشكل عام تصاب بالتلف نتيجة سوء التخزين، وأيضا تصاب بالعديد من الآفات. ومع ذلك من الطبيعي أن تنمو ديدان في الفواكه الفاسدة، كحال بعض كميات المانجو العائدة من منفذ الوديعة، وكان من الطبيعي أن تثير عودتها ضجة في الشارع اليمني، وأن يتضاعف السخط الشعبي لمحاربة المبيدات المسرطنة والمطالبة بمحاسبة المتورطين بإدخالها إلى اليمن، باعتبار أن سمعة المنتج الوطني تعتبر قضية أمن قومي والمساس به يعد مساسا بأمن البلد القومي. لكن للأسف وبقدرة قادر وبدلا من توجيه السخط نحو الجناة الذين أضروا بسمعة المنتجات الزراعية اليمنية تم جلد الضحية ومحاولة تصوير أن السعودية رفضت شحنة المانجو بسبب أن منتجات المزارع اليمنية هي ديدان وليست فاكهة، فيما قد يكون السبب الحقيقي لمنعها أن مزارع اليمن تنتج فواكه مسممة».
حرف مسار قضية المبيدات
ويؤكد الخبير الاقتصادي رشيد الحداد ما ذهب إليه المصدر في التسويق الزراعي وشهادات التجار والمتعاملين في سوق ذهبان لتسويق الفواكه.
الحداد قال: «رغم أن الفواكه اليمنية موسمية إلا أنها تتميز بجودة عالية. لكن الحملة الأخيرة ضد تجار المبيدات انحرفت عن مسارها، وباتت تستهدف سمعة وجودة الإنتاج الزراعي ككل».
وأشار إلى أن إنتاج اليمن من الفواكه يُقدر بنحو 1.5 مليون طن سنوياً، يتصدرها المانجو بحوالى 400 ألف طن، ومنها ما يُصدر للخارج بكميات كبيرة.
المصدر مارش الحسام / لا ميديا