مدير إعلام غزة إسماعيل الثوابتة لـ«لا» :وحده اليمن وقف شامخا وصواريخه فاجأت العالم
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا
حوار - عادل بشر / لا ميديا -
كل شيء في غزة يعتبر جبهة مقاومة ضد العدو الصهيوني، الصمود الأسطوري للفلسطينيين، من نساء ورجال وأطفال، رغم المجازر الوحشية وجرائم التدمير الممنهج والحصار الغاشم والمآسي التي لا تتوقف عن التنامي ثانية واحدة.. الطواقم الطبية، الدفاع المدني، الصحفيون، المنظمات المدنية، وغير ذلك من القطاعات التي مثلت كل واحدة منها جبهة مقارعة للاحتلال وفاضحة لجرائمه بحق الإنسانية، إلى جانب المقاومة العسكرية وفي مقدمتها كتائب القسام وسرايا القدس وغيرها من الفصائل التي حطمت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر".
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، هو الآخر أثبت أنه جبهة إعلامية مكتملة، كشفت بكفاءة واقتدار الوجه الإجرامي للكيان الصهيوني، وفي هذه المساحة تستضيف صحيفة "لا" مدير عام المكتب الإعلامي الأستاذ المجاهد إسماعيل الثوابتة، في حوار صحفي قلبه في غزة ونبضه في صنعاء، تحدث خلاله عن 125 يوماً من العدوان الصهيوني على شعبنا الفلسطيني، ومدى الصمود الشعبي والتفاف أبناء القطاع حول المقاومة وصدى العمليات اليمنية لدى أهالي غزة.
أربعة أشهر عدوان
- بعد مرور أربعة أشهر من العدوان الصهيوني على غزة، حدثنا بشكل مختصر عن الوضع الإنساني في القطاع؟
أكثر من أربعة شهور على حرب الإبادة الجماعية المتواصلة، وحرب التطهير العرقي التي يشنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل وعلى المدنيين والأطفال والنساء، ارتكب خلالها 2395 مجزرة، إننا أمام كارثة حقيقية متعددة الأوجه، طالت أكثر من 15 قطاعاً حيوياً، وفي ظل هذه الكوارث المستمرة وحرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا العظيم نؤكد أننا سئمنا من مطالبة المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على الكيان الصهيوني لإيقاف حرب الإبادة الجماعية، كونهم شركاء في الحرب على غزة، وهم من منحوا الضوء الأخضر للاحتلال لشن حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا، ورفضوا إيقافها، ونحن هنا نُحمّلهم ومعهم الاحتلال الصهيوني كامل المسؤولية تجاه هذه الجرائم والمجازر وتجاه أفظع كارثة إنسانية في العصر الحديث، ونطالب المنظمات الدولية وأحرار العالم بالضغط على الاحتلال "الإسرائيلي" من أجل وقف حرب الإبادة الشاملة ضد شعبنا الأعزل وندعوهم إلى ملاحقة الاحتلال في المحاكم الدولية ولا ننسى هنا أن نوجه التحية والشكر للدول والحكومات التي تبذل جهوداً كبيرةً في إطار ملاحقة الكيان الصهيوني وتجريمه، ونخص بالشكر جنوب إفريقيا التي كشفت الوجه الحقيقي للمجرم الصهيوني أمام العالم.. كما نطالب ونناشد الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية العمل الجاد على فتح معبر رفح بشكل دائم وفوري عاجل، ليكون ممراً إنسانياً سالكاً على مدار الساعة وبلا قيود، وذلك من أجل تحويل أكثر من 6000 جريح للعلاج في الخارج فوراً، ولإدخال مئات آلاف الأطنان من المساعدات المتكدّسة على الجانب الآخر من المعبر، وإدخال الوقود لكل المرافق الحيوية، وفتح المعبر أمام الحركة الانسيابية للبضائع والأفراد. ونطالب كل دول العالم بأن تكون إنسانية وأخلاقية أمام هذه الإبادة الشاملة وبذل كل الجهود في كل الأطر والقطاعات لإعادة الحياة إلى قطاع غزة. وكذلك نناشد مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وكل دول العالم الحر التداعي الفوري والعاجل وعقد المؤتمرات العالمية والدولية من أجل وضع حلٍ للكارثة الإنسانية المتعلقة بإعمار قطاع غزة، حيث دمر الاحتلال أكثر من 360.000 وحدة سكنية، بات أصحابها في الشوارع بلا أي مأوى.
تآمر عالمي
في ظل الحديث عن مقترحات ما تُسمى "ورقة باريس" وما تتضمنه من صفقة جديدة لتبادل الأسرى على مراحل إلى جانب هدنة "طويلة".. كيف هي انطباعات المواطنين في غزة حول هذا الأمر؟ وهل يؤيدون مقترح الهدنة أم أنهم متمسكون بالثوابت التي أعلنتها فصائل المقاومة ومن أبرزها إيقاف شامل للعدوان وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع..؟ وهل أثرت المعاناة الإنسانية في معنويات أبناء غزة بحيث إنهم يتقبلون أي حل لينعموا ببعض الراحة وما تيسر من الطعام والمساعدات الإنسانية؟
شعبنا الفلسطيني عامة وقطاع غزة بشكل خاص، لا يثقون بالاحتلال "الإسرائيلي" مطلقا، ويشعرون أيضا أن معظم أنظمة العالم متآمرة علينا وعلى القضية الفلسطينية، بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرهما، لكنهم يثقون بالمقاومة ثقة كبيرة جداً، وأنها التي ستأتي لهم بحقهم، فهذا العالم لا يفهم إلا لغة واحدة وهي لغة القوة والحزم والصرامة، وأن الحقوق لا تستجدى وإنما تنتزع انتزاعاً.
المطالب التي فرضتها المقاومة هي مطالب وحقوق بسيطة ويجب الاستجابة لها، وفي مقدمة ذلك وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال وإنهاء معاناة شعبنا لفلسطيني، أما معنويات الناس هنا في قطاع غزة فهي عالية جدا والجميع يهتف للمقاومة، ويؤيدون ما تسعى لتحقيقه المقاومة التي تجمع كل الفصائل الفلسطينية.
محافظة الشمال
ماذا عن شمال القطاع والمناطق التي دخلتها قوات الاحتلال في محافظات القطاع؟ هل عاد المواطنون إليها؟
محافظة شمال غزة نزح منها جزء من المواطنين ولكن العدد الأكبر مازال موجوداً فيها رغم الخطورة على حياتهم من الاحتلال الذي يمارس الإبادة الجماعية بشكل مقصود وممنهج، وذلك من خلال مسح مربعات سكنية بالكامل بالقصف الجوي والصواريخ وإلقاء أطنان من المتفجرات على منازلهم، لكنهم صامدون ثابتون في منازلهم وأحيائهم ومدنهم، فمازال في محافظة شمال غزة أكثر من 400 ألف مواطن يعيشون حياة صعبة وقاسية، أكلوا أعلاف الحيوانات وحبوبها من شدة الجوع وانعدام وجود الدقيق والطحين، ورغم هذه المعاناة مازالوا صامدين في بيوتهم ومنازلهم.
فُتات المساعدات
هل فعلاً تم خلال الأيام القليلة الماضية إدخال شاحنات المساعدات من معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم؟
المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة لا تتجاوز 1% من احتياجات المواطنين وهي كمية قليلة جداً ولا تكفي لسد حاجة الناس، نحن نتحدث عن قرابة 2.4 مليون إنسان، يصلهم الفتات من المساعدات، ولدينا معلومات أن هناك مئات آلاف الأطنان من المساعدات متكدسة على الجانب الآخر من المعبر منذ شهور ولم تدخل وهذا مؤسف جدا، وفي حال تم إدخال شيء من المساعدات فبكميات محدودة جداً، رغم وجود حالة جوع في كل المحافظات، وهناك مجاعة حقيقية بدأت في محافظة شمال غزة، إلا أن ذلك لم يعمل على زيادة كميات المساعدات التي تدخل، وهذا سلوك غير مفهوم، سوى أنه يشكل ضغطا كبيرا على المواطنين في قطاع غزة.
ما يتم إدخاله إلى قطاع غزة بأقل القليل من الدقيق والسكر والمواد الغذائية والمعلبات والخيام الخاصة بالنازحين، والمياه وبعض المستلزمات الطبية والصحية غير المهمة مثل المحاليل، ومواد تنظيف، وبعض المفروشات والأغطية بكميات قليلة جداً، هذا بشكل عام.
في ظل هذا الحصار الظالم فإننا نرغب فعليا بوقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد شعبنا الفلسطيني وخاصة الأطفال والنساء، ونطالب بإدخال المساعدات، ومن المؤذي وغير المعقول أن يتم تكديس هذه المساعدات في الجانب الآخر من المعبر، وتلف الأطنان من المساعدات قبل وصولها إلى غزة، وكذلك نرغب في أن يكون هناك جسر جوي لإلقاء مساعدات غذائية وخاصة الطحين والسكر والملح إلى محافظة شمال غزة التي بدأت بها مجاعة حقيقية، وكذلك محافظة غزة، حيث إن الاحتلال يمنع إيصال المساعدات إلى هاتين المحافظتين اللتين تضمان قرابة 800 ألف مواطن، وصل بهم الحال إلى طحن حبوب وأعلاف الحيوانات لتكون بديلاً عن الطحين والقمح للأسف، وهذا عار على جبين الإنسانية والعالم الذي يتفرج على هذه المأساة.
أكتوبر المجيد
كصحفي من أبناء غزة وكمسؤول حكومي في القطاع، من الذي يدير المعركة ويتحكم بها؟ هل المقاومة الفلسطينية أم قوات الاحتلال؟ وما مدى استعداد المقاومة لمعركة طويلة الأمد مع قوات بإمكانيات وقدرات كبيرة؟
المقاومة بدأت معركة "طوفان الأقصى" بضربة قاصمة وقاسية للاحتلال، فتمكنت من قتل آلاف الجنود والمستوطنين في أكثر من 25 محورا وموقعا عسكريا صهيونيا في أرضنا المحتلة.. أطبق عليهم أبطال المقاومة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر المجيد ولقنوا العدو درساً قاسياً لن ينساه أبدا وربما هو الدرس الأعنف على الكيان الصهيوني منذ تأسيس دويلتهم المارقة دويلة الاحتلال، وهذا باعترافهم، وإضافة إلى ذلك فإن المقاومة تمكنت من أسر مئات الجنود والمستوطنين، وأذلت الاحتلال، وهي التي تقوم بتلقين العدو يومياً دروساً في القتال والتكتيك العسكري والقنص واصطياد المجندين كالطرائد، والاحتلال يعترف يوميا بسقوط قتلى بين صفوف الضباط والقادة والجنود في جميع محاور القتال، وما يحدث في قوات الاحتلال من ضربات للمقاومة لم يمر عليهم في جميع معاركهم السابقة.
المعادلة اليمنية
ما التغيير الذي أحدثه دخول اليمن المعركة ضد الكيان الصهيوني إلى جانب شعبنا الفلسطيني، وتأثير ذلك على سير المعركة في القطاع؟ وكيف هو صدى عمليات القوات المسلحة اليمنية لدى أهلنا في غزة؟
لم يتوقع العالم كله أن يكون اليمن على هذه الدرجة من الجرأة والبسالة في دخول هذه المعركة على المستوى الإقليمي والعالمي، وهذا الدخول المساند للشعب والمقاومة في غزة يعتبر خطوة بطولية قومية عربية إسلامية، متقدمة على جميع الصعد.
اليمن أحدث موقفاً تاريخياً فارقاً لا يمكن أن ينساه الشعب الفلسطيني، ففي الوقت الذي تخلى الجميع عن غزة كان اليمن العزيز بشعبه وقيادته وقواته المسلحة سبّاقين لنصرة وإسناد إخوانهم في غزة، من خلال مواقفهم السياسية والعسكرية والشعبية، فمن كان يتوقع أن يطلق اليمن، البعيد جغرافياً القريب دما وأخوة وديناً، الصواريخ والمسيّرات لتعبر آلاف الكيلومترات شمالاً، والإعلان رسمياً عن قصف مواقع للكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بصواريخ باليستية وأخرى مجنّحة ومُسيّرات انتحارية.
فعلا كانت خطوة تاريخية مشكورة وجريئة وشجاعة لم يسبق لها مثيل على مدى عقود من الزمن، وإننا في غزة رغم الألم الذي نشعر به نتيجة الخذلان على مستويات كثيرة، إلا أننا شعرنا أن هناك من يقف معنا وينصرنا ويقدم الدماء ويقف بكل شموخ في وجه دول وقوى الاستكبار العالمي دون خوف أو قلق، وشعاره الوحيد "أوقفوا العدوان على غزة وارفعوا الحصار عن شعبنا الفلسطيني"، وربما هذا فاجأ الجميع.. واسمح لي هنا أن أوجه رسالة اعتزاز وفخر وتعظيم إلى الشعب اليمني الأصيل وقيادته وقواته المسلحة لموقفهم التاريخي المشرف أمام قوى الإرهاب العالمي والصهيوني لكي يقولوا (لا) للمجازر في غزة و(لا) لحرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني و(لا) للخنوع وللمواقف المزدوجة، فكل الشكر والتقدير لهم على هذه المواقف النبيلة الشجاعة الجريئة. ونحن في غزة شعباً ومقاومة نقدر عاليا ما يقوم به اليمن العزيز الحبيب من جهد استثنائي، ونحن على ثقة بأن هذا الموقف وهذا الدور الكبير والرائع سيستمر في إسناد غزة والضفة والانتصار للقضية الفلسطينية التي ينظر لها الشعب والقيادة اليمنية بأنها قضيتهم المركزية وأن الانتصار لها يأتي انطلاقاً من واجبهم الديني والإسلامي والأخلاقي والقيمي والعروبي الأصيل، في الوقت الذي زاغ فيه الجميع عن المساندة وهربوا من استحقاقاتهم تجاه فلسطين والأقصى، إلا اليمن العظيم.
إن الموقف اليمني العزيز أغاظ الأعداء وأعوانهم وحلفاءهم، هؤلاء البغاة الذين لا يفكرون إلا في هزيمة الأمة العربية والإسلامية وإلحاق الضرر بها واحتلالها وسرقة مقدراتها.
وإننا نستنكر وندين بأشد العبارات العدوان الأمريكي والبريطاني على أهلنا في اليمن وهو عدوان غير مبرر، وعدوان فاضح ومخالف للقانون الدولي، ويأتي في سياق الدعم الأمريكي المتواصل لجرائم الاحتلال "الإسرائيلي" على غزة، وحماية لظهر الاحتلال، لاستكمال مهمة التدمير والإبادة الجماعية التي يمارسها ضد المدنيين والنساء والأطفال ولكل شيء في قطاع غزة.
تحية معطرة ومعبقة بدماء الشهداء من هنا من فلسطين ومن غزة تحديداً إلى اليمن العزيز وشهدائه الكرام، هؤلاء العظماء الذين لن ننسى مواقفهم ووقفتهم مع شعبنا الفلسطيني العظيم.
بالأرقام: جرائم الاحتلال خلال 125 يوماً من العدوان على غزة
66.000 طن متفجرات أُلقيت على غزة
2395 مجزرة
27.840 شهيداً (12.150 طفلاً - 8300 امرأة - 340 عنصرا طبيا - 46 عنصر دفاع مدني - 123 صحفياً)
7000 مفقود تحت الأنقاض، 70% من الأطفال والنساء
67.317 جريحاً
17.000 طفل يعيشون بدون ذويهم
2600 معتقل
مليونا نازح في محافظات قطاع غزة
361.128 واقعة تدمير (395 مدرسة وجامعة - 447 مسجدا - 3 كنائس - 360 ألف وحدة سكنية - 83 مستشفى ومركزا صحيا - 200 موقع أثري)
3000 وحدة سكنية قام الاحتلال بإحراقها بشكل كامل
130 مليون شيكل سرقها مجندو الاحتلال من المنازل والمحال التجارية ومن المواطنين في الحواجز العسكرية
2000 قبر تم نبشه في محافظات غزة والشمال وخان يونس وسرقة أكثر من 300 جثمان وإتلاف عشرات الجثامين وسرقة أعضائها
800 ألف فلسطيني يعيشون مجاعة حقيقية في محافظتي غزة والشمال
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا