تقرير / لا ميديا -
أقرت وزارة المالية في حكومة الإنقاذ الوطني، آلية جديدة لتحصيل الإيرادات الحكومية في المنافذ الجمركية البرية.
وتضمنت مذكرة رسمية موجهة من نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وزير المالية رشيد أبو لحوم، إلى رئيس مصلحة الجمارك، حصلت "لا" على نسخة منها، بشأن تحصيل الرسوم الضريبية والعوائد الأخرى على كافة السلع المستوردة عبر المنافذ البرية كما في ميناء الحديدة بنسبة 100% توريدا نقديا من إجمالي القيمة الجمركية، فيما تستمر نسبة الرسوم الجمركية 50% من إجمالي القيمة الجمركية لكافة السلع والواردات إلى المراكز البرية، سواءً جاءت عبر المنافذ البرية أو البحرية للمناطق المحتلة اعتباراً من يوم 8 آب/ أغسطس الجاري.
وبموجب هذا التوجيه سيدفع التجار والمستوردون لبضائعهم عبر الموانئ البحرية أو البرية المسيطر عليها من قبل العدوان، رسوما ضريبية بنسبة 100% نقداً، بخلاف الآلية السابقة التي كان يتم دفع 50% من إجمالي القيمة الجمركية، النصف منها عبر شيكات والنصف الآخر نقداً.
وبحسب توجيه وزير المالية، فإن هذا الإجراء يأتي بناءً على الآلية التشجيعية المقرة للتوريد عبر ميناء الحديدة لمختلف السلع التي استهدفت تخفيف الأعباء على المستهلكين وحماية التُجار من التعسفات التي كانت تتم في المناطق المحتلة، وبما يُحقق السياسات العامة في تشجيع واستمرار التوريد عبر ميناء الحديدة وسلامة السلع من التلف وتقييد التوريد عبر المنافذ البرية إلا للضرورة ووفق السياسات التي تقرها اللجنة الاقتصادية العليا.
وقوبل هذا التوجيه بوجهات نظر مختلفة لخبراء اقتصاد ومراقبين للسياسات الاقتصادية وتوجهات المرحلة القادمة، ففيما اعتبره البعض خطوة إيجابية لإجبار التُجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة، إلا أن البعض الآخر حذروا من عواقب غير مدروسة للقرار، قد تُضاعف معاناة المواطنين اليومية في مطاردة لُقمة العيش.
وطبقاً لمراقبين فإن زيادة الضرائب الجمركية على السلع والصادرات القادمة من موانئ ومنافذ حكومة الفنادق، بنسبة 100% ستعود بنتائج سلبية على أسعار تلك السلع والصادرات، حيث سيضطر التاجر إلى دفع الضرائب في مناطق الاحتلال بحسب الآلية السابقة 50% من إجمالي القيمة الجمركية، و100% في جغرافيا السيادة، الأمر الذي سيتوجب عليه لجوء التاجر ذاته إلى رفع أسعار تلك السلع والصادرات، والمتضرر الوحيد من ذلك هو المواطن، حدّ تعبيرهم.
ووصف أصحاب هذا الرأي، القرار بـ"الكارثي" وأنه "عبء على المواطن".. لافتين إلى أنه بدلاً من هذا الإجراء "كان يُفترض أن يتم تسهيل إجراءات الاستيراد عبر ميناء الحديدة، والاكتفاء باستلام الرسوم الرسمية المتعارف عليها، عبر المنافذ البرية للسلع القادمة من المناطق المحتلة، خصوصاً وأنه يوجد الكثير من السلع التي لا يمكن استيرادها عبر ميناء الحديدة أو أي من الموانئ البحرية، بل عبر المنافذ البرية".
وذهب مراقبون إلى أبعد من الهدف الذي تضمنته ديباجة مذكرة وزير المالية "تشجيع الاستيراد عبر ميناء الحديدة"، قائلين بأن "هكذا قرارا يأتي وكأننا دولتان منفصلتان ولسنا دولة واحدة موحدة"، مذكرين بإجراءات حكومة المرتزقة، التي قالوا إنها "لم تملّ أو تكل من المطالبة بإعادة القيود على موانئ الحديدة وفرض حصار خانق، غير مبالية بالملايين من أبناء الشعب في جغرافيا السيادة".
كما تساءلوا عن المواد القانونية التي صدر بموجبها هذا القرار.
من جهة أخرى قلل الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، من التخوفات المذكورة آنفاً، وخصوصاً في ما يتعلق بارتفاع أسعار المواد والسلع القادمة عبر المنافذ البرية نتيجة تنفيذ زيادة الضريبة الجمركية بنسبة 100%.
وقال الحداد لـ"لا": "ما حدث هو استيفاء مبلغ الضريبة الذي يتم أخذه في منافذ حكومة الطرف الآخر، حيث كانت الآلية المتبعة أن الطرف الآخر يأخذ مبلغ 51% من إجمالي الضريبة في المنافذ الواقعة تحت سيطرة حكومة معين، بينما حكومة الإنقاذ الوطني تستوفي بقية المبلغ بنسبه 49%، وما حدث حالياً وبحسب قرار وزير المالية الأخير، يتم التعامل مع الواردات القادمة من المنافذ البرية كأنها قادمة عبر ميناء الحديدة، فتؤخذ الضرائب بنسبة 100% نقداً".
وأوضح الحداد أن هذا القرار يأتي في إطار دفع التُجار للعودة للاستيراد عبر ميناء الحديدة، مشيراً إلى أن بعض التُجار "يتهربون من الاستيراد عبر ميناء الحديدة، رغم وجود الكثير من الامتيازات المقدمة لهم، لكنهم مُصرون على الاستمرار في الاستيراد من منافذ حكومة الطرف الآخر، وخصوصاً موردي السلع الكمالية كالملابس وقطع الغيار وغيرها، ليتسنى لهم البيع بالأسعار التي يريدونها، بحجة أنهم استوردوا بسعر 750 ريالا للدولار، وهي أسعار تفوق السعر الحقيقي للسلعة في حال استوردوها عبر ميناء الحديدة بسعر 250 ريالا للدولار، إضافة إلى كونهم خارجين عن نطاق رقابة وزارة التجارة والصناعة بحكومة الإنقاذ".
وقلل الخبير الاقتصادي رشيد الحداد من مخاوف تأثر أسعار السلع القادمة عبر المنافذ البرية، موضحاً أن "جميع السلع الأساسية كالمواد الغذائية والمشتقات النفطية وغيرها، تأتي عبر ميناء الحديدة".
وقال: "هذا القرار يضع التاجر أمام خيارين، إما أنه يستورد عبر ميناء الحديدة ويدفع رسوما واحدة، أو يتحمل الرسوم التي يتم أخذها في منافذ الطرف الآخر على حسابه".. متسائلاً: "لماذا يرفض بعض التجار الاستيراد عبر الحديدة، في الوقت الذي اتجه تُجار في مناطق حكومة معين، للاستيراد عبر ميناء الحديدة، بسعر الدولار الجمركي 250 ريالا، ونتيجة للعديد من المزايا الممنوحة للاستيراد عبر الحديدة، ومن ابرزها عدم خضوع السفن التجارية للتفتيش في موانئ جدة وما يترتب على ذلك من غرامات التأخير وغيرها من الإجراءات التي تزيد من أسعار السلع المستوردة، في حال تم دخولها عبر ميناء عدن".