عادل بشر / لا ميديا -
طفت مآسي أبناء محافظة مأرب مع مرتزقة العدوان من حزب الإصلاح وتنظيمات «القاعدة» و«داعش» على السطح مجدداً مع حملة إلكترونية لناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، تطالب بالإفراج عن المختطفين من آل الأمير أبناء الأشراف وإنقاذهم من الموت تحت آلة التعذيب الإخوانية في معتقلات سرية لا يعرف النور طريقاً إلى زنازينها.
الحملة التي أطلقها ناشطون من أبناء مأرب وتفاعل معها شخصيات من ذات المحافظة ومحافظات أخرى عُنونت بـ«هاشتاجات»:
#الافراج عن معتقلي_الأشراف
#مطلب_الجميع
#الافراج عن معتقلي الأشراف للعام الرابع وإخراج القوات من البيوت المحتلة فـي المنين مطلب الجميع وهدفت الحملة التي رصدتها «لا» إلى التذكير بمأساة أهالي منطقة المنين، جنوب مدينة مأرب، التي تعرضت للاجتياح الوحشي من قبل مليشيا الإخوان والقاعدة، واستباحة منازل الأشراف وآل الأمير.
الناشطون عبروا عن استنكارهم الشديد تجاه ما حَلّ بهذه الأسرة الكريمة من تنكيل وتوحش، مؤكّدين أن ما ارتكبته عصابات الإجرام ومن يقف خلفها بحق آل الأمير من قتل للرجال والأطفال والأسرى واعتقال أكثر من 33 شاباً وطفلاً وشيخاً، وإحراق منازلهم ومزارعهم وتدمير ونهب ممتلكاتهم، وتهجير عشرات الأُسر واحتلال منازلهم، تُعد جرائم إبادة جماعية يجب ألا تتغافل عنها المنظمات الحقوقية والإنسانية أَو تتجاهلها.
ودعا الناشطون للإفراج عن المعتقلين لدى سلطة مرتزِقة العدوان منذ نحو أربع سنوات، محملين قيادات «الإصلاح» بالمحافظة وسلطة العرادة المسؤولية الكاملة عن حياتهم ووضعهم الصحي والنفسي، ومؤكّدين أن يد العدالة ستطال جميع من شارك أَو تورط في الجريمة.

جرائم لن تسقط بالتقادم
وفي هذا السياق أكد محافظ محافظة مأرب اللواء علي محمد طعيمان أن مأساة أبناء الأشراف القابعين في معتقلات وسجون حزب الإصلاح منذ قرابة أربع سنوات وما حدث لمنازلهم في منطقة المنين من حرق وتدمير، إضافة إلى تهجير عشرات الأسر، يُعد أنموذجا بسيطاً للجرائم الوحشية التي يرتكبها حزب الإصلاح ومسلحو القاعدة وداعش بحق الوطنيين من أبناء المحافظة الذين رفضوا الانصياع لجماعة الإخوان اللذين باعوا الأخلاق والدين والوطن والكرامة مقابل حفنة من المال السعودي والإماراتي المُدنَّس بدماء أبناء مأرب.
ودعا المحافظ طعيمان في تصريح لـ«لا» قيادات الإصلاح في مأرب، وفي مقدمتهم سلطان العرادة إلى الاستماع لصوت العقل والاستجابة لضمير الإنسانية والإفراج عن المعتقلين من أبناء الأشراف وبينهم أطفال وآخرون كبار في السن مصابون بأمراض تضاعفت في السجون جراء الانتهاكات التي تُمارس بحقهم من تعذيب نفسي وجسدي وحرمان من التغذية والأدوية وغيرها.
وقال محافظ مأرب: «نستنكر بأشد العبارات جرائم حزب الإصلاح والقاعدة وداعش بحق الأسرى والمختطفين في مأرب والانتهاكات التي تُمارس في المُعتقلات وترقى لجرائم ضد الإنسانية، وندعو قيادات الإخوان وعلى رأسهم سلطان العرادة إلى الإفراج عن المعتقلين الذين يتجرعون الظلم والتعذيب النفسي والجسدي في سجون الجماعة ومعتقلات القاعدة والاستخبارات العسكرية، وتسبب ذلك في حدوث حالات وفاة وإعاقة دائمة نتيجة التعذيب الوحشي للمختطفين، وكان آخرها وفاة العميد خالد محمد صالح الأمير الحوشبي».
كما دعا اللواء طعيمان، المنظمات الحقوقية للتحرك لزيارة المختطفين والضغط على قيادات الإصلاح وقوى العدوان للسماح لأسرهم بزيارتهم والاطمئنان عليهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، مُحمِلاً قيادات الإصلاح المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه الجرائم المرتكبة بحق الأسرى والمختطفين، ومؤكداً أن «هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم وستطاردهم حتى في مناماتهم».

جرائم ضد الإنسانية
من جهتهم عزز قانونيون الحملة الإلكترونية وما تضمنته من اتهامات لقيادة الإخوان في مأرب بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ببنود قانونية أكدت إدانة العرادة وبقية قيادات الجماعة في المحافظة بتلك الجرائم وتحملهم المسؤولية القانونية، وفق المادة 25 من نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية الموقع في يونيو 1998م، حيث قاموا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومنها الإخفاء القسري والتعذيب والقتل والحبس وأخذ الرهائن والتهجير واستهداف المدنيين والأعيان المدنية واحتلال المنازل.

قتل تحت التعذيب
أهالي عدد من مختطفي الأشراف الذين هُجروا من منازلهم كشفوا لـ«لا» جانباً من الجرائم التي ترتكبها مليشيات الإصلاح بحق أبنائهم المُغيبين في غياهب سجون ومعتقلات الإخوان وتنظيمات «القاعدة» و«داعش» وبإشراف ضباط سعوديين بمدينة مأرب.
وأفاد الأهلي أن أبناءهم المعتقلين يعيشون جحيماً لا يهدأ أو يستقر جراء المعاملة اللاإنسانية والخارجة عن القيم والأعراف، حيث يتجرعون أنواع التعذيب التي يصعب وصفها، ويمارسها السجانون بحق المختطفين، ومن بينها التعذيب بالضرب بالأسلاك وتعليق الأيدي والأرجل وبتر الأصابع وحرمانهم من الأكل والشرب وعدم السماح لهم بالدخول إلى دورة المياه إلا مرتين في اليوم ولمدة دقيقتين فقط، إضافة إلى منع الدواء عن المرضى، الأمر الذي تسبب بحدوث إعاقات بين المعتقلين ووفاة البعض.
وأكدوا قيام الجماعات التكفيرية بإصدار فتاوى تكفير للعديد من الأسرى والمختطفين، وإجبار البعض على الاعتراف بتهم مُلفقة من بينها إنكار وجود الخالق عز وجل، كنوع من التبرير لما يمارسونه في حقهم من مختلف أنواع التعذيب.
وفي ذات السياق أفادت «لا» مصادر حقوقية في مأرب أن ضحايا التعذيب في سجون الإصلاح من أبناء الأشراف وغيرهم ممن تم اعتقالهم في عمليات متفرقة يُقدرون بخمسين مختطفاً لقوا حتفهم جراء التعذيب داخل تلك السجون.
وكان آخر الضحايا العميد خالد محمد صالح الأمير الحوشبي، الذي توفي مطلع آذار/ مارس الجاري بعد ثلاث سنوات من الاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي.
وذكرت مصادر محلية أن العميد الحوشبي توفي بعد دخوله في مضاعفات خطيرة نتيجة إصابته بالفشل الكلوي جراء التعذيب الذي تعرض له في سجن ما تسمى الاستخبارات العسكرية التابع لمليشيات الإصلاح والخاضع لإشراف من ضباط سعوديين.
وأوضحت المصادر أن وفاة العميد الحوشبي تأتي بعد عامين من وفاة ابنته «صفاء» جراء التعذيب في سجن خاص بالنساء بعد اعتقالها مع زوجها ووالدها وشقيقها وعدد من أفراد أسرتها، مشيرة إلى أن القتيلة البالغة من العمر 24 سنة، تم اختطافها ليلة زفافها وأذاقوها صنوف العذاب حتى فارقت الحياة، ثم ألقوا بجثتها في ثلاجة المستشفى العسكري ودونوا في شهادة الوفاة «سكتة قلبية»، ولايزال زوجها وبقية أفراد أسرتها مُغيبين في سجون المرتزقة.
وطبقاً للمصادر قام مرتزقة العدوان بنهب وسلب كافة مقتنيات وممتلكات منزل العميد الحوشبي بدءاً من سلاحه الشخصي وانتهاء بجميع الحلي والذهب الخاص بأسرته وكذلك المبالغ المالية وحتى الأواني المنزلية المستخدمة في الطباخة لم تسلم من شغفهم الكبير للنهب والسلب.
وينتمي العميد خالد محمد صالح الأمير الحوشبي إلى قبيلة الحواشب بمنطقة المسيمير محافظة لحج.
المصادر ذاتها أكدت أن أدوات العدوان من حزب الإصلاح وما ينضوي تحت مظلته من جماعات تكفيرية أنشأوا خلال سنوات العدوان سجوناً خاصة بالنساء لا تختلف عن سجون الرجال في ظروف الاعتقال وأصناف التعذيب.

مدينة المعتقلات
مصادر «لا» أشارت إلى أن قيادات الإخوان حولت مدينة مأرب إلى مجمع للسجون والمعتقلات، يُديرها الجهاز الأمني التابع للجماعة، بإشراف سعودي.
ولفتت إلى أن عدد السجون قبل العدوان على اليمن في مارس 2015، لم يكن يتجاوز السجنين فقط، وهما «السجن المركزي وسجن الأمن السياسي»، ليصل العدد حالياً إلى 16 سجناً داخل المدينة، تضم الآلاف من الأسرى والمعتقلين، الكثير منهم تم اختطافهم من الطرقات والأسواق والشوارع في مأرب ومحافظات أخرى كشبوة والجوف، والزج بهم في تلك السجون التي تشبه -وفقاً للمصادر- إلى حدٍ كبير معتقل «أبو غريب» سيئ الصيت في العراق، جراء التعذيب الوحشي الذي يتعرض له نُزلاؤها من رجال ونساء، وإخفائهم لسنوات دون محاكمة أو حتى إبلاغ ذويهم بأماكن احتجازهم، أو السماح لهم بزيارتهم والاطمئنان عليهم.