إعداد: علي عطروس / «لا» 21 السياسي -
يعتمد الكونجرس الأميركي «قانون قيصر» منذ العام 2020، والذي بموجبه تواجه أيّ مجموعة أو شركة تتعامل مع الحكومة السورية عقوبات شاملة وقاسية. 
ويوسع القانون، الذي يؤكد خبراء خلفياته السياسية البحتة، نطاق العقوبات الموجودة سابقاً على سورية، والتي فرضتها الولايات المتحدة
 وحلفاؤها الأوروبيون منذ بداية الحرب في البلاد عام 2011.
لقد سلب «قانون قيصر»، الذي أقرته الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب في كانون الأول/ ديسمبر 2019، ودخل حيّز التنفيذ في حزيران/ يونيو 2020، حق سورية في امتلاك مستلزمات الاستجابة للأزمات بعد ما استنفدته الحرب -على مدى عقد كامل- من المعدات والأدوات والآليات، وفرضته من هجرة الأدمغة والطواقم الطبية والتمريضية وغيرها من الطاقات الشبابية. فآلة الحرب الاقتصادية التي أطبقت على سورية في حزيران/ يونيو 2020، كانت أقسى من مقصلة الحرب التكفيرية الإرهابية. وتشير بيانات التقارير الرسمية المختلفة إلى الفارق الشاسع بين تأثير الحرب التي اندلعت سنة 2011، وحرب «قانون قيصر» 2020، على القطاعات السورية بمجالاتها كافة.
المحنة الراهنة فرصة للخروج من الكذبة التي روّج لها البعض من أهل الإعلام والسياسة حتى صدّقوها؛ الكذب على الشعوب بأن «قانون قيصر»، الذي يخنقهم، ليس مُصلتاً على رقابهم، وإنما على حكوماتهم. فالعقوبات التي تستثني الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية في سورية على سبيل المثال لا الحصر، تشمل المصرف المركزي السوري والمعاملات المالية، أي أنها تمنع استيراد السلع وتجعل من حصول عملية الاستيراد أساساً مستحيلة، إضافة إلى التداعيات الناجمة عن ذلك في تفاقم انهيار العملة السورية وانخفاض القدرة الشرائية وشلّ الحركة الاقتصادية.
معطيات واردة من العاصمة الفرنسية تشير إلى أن عملاء الغرب من المعارضين السوريين يحذرون السلطات الأوروبية من تقديم الدعم لمناطق تقع تحت سيطرة دمشق ويطالبون بإحياء «الخوذات البيض»، التي لا تعدو كونها مجموعة من المرتزقة تعمل لدى الاستخبارات الغربية وتمدها بمعطيات ذات طابع أمني، أو عبر منظمات غير حكومية أقامها أرباب المعارضة السورية ويعيشون على حسابها.
وفي الوقت الذي كان فيه معظم الإعلام العربي يركّز على تركيا، مديراً ظهره لسورية وشعبها الذي قضى تحت الدمار، كانت طائرات المساعدات الإنسانية تحوم ذهاباً وإياباً باتجاه تركيا حال وقوع الكارثة. هكذا، ظلّت سورية شبه وحيدة، ما أدى إلى انتشار صورة تعبّر عن هذا الوضع بكثافة هائلة مع أبيات من رائعة الراحل محمود درويش «مديح الظلّ العالي»، خصوصاً عندما يقول: «كم كنت وحدك يا ابن أمي، يا ابن أكثر من أب كم كنت وحدك».
قال الموقع الإلكتروني «الاشتراكي العالمي» إن الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية يدين الرأسمالية، حيث كانت ردّة فعل «الرأسماليين» على الكارثة جداً قاسية، حيث ارتفعت أسعار شركات الأسمنت.
لقد وقعت الكارثة في مركز حملة الحروب الإمبريالية التي تشنها قوى «الناتو» بقيادة الولايات المتحدة على مدى ثلاثة عقود في الشرق الأوسط، عقب تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991. وقد كلفت الحروب في العراق وأفغانستان وسورية تريليونات الدولارات وملايين الأرواح، حيث دمرت سورية بسبب حرب «الناتو» بالوكالة، وأودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص وشردت أكثر من 10 ملايين شخص.
فرق شاسع ما بين ترليون دولار على الأقل، المبلغ الذي خصصته السعودية لدعم المجموعات الإرهابية خلال الحرب الكونية ضد سورية منذ سنوات، وما بين عشرات ملايين الدولارات فقط التي خصصتها الرياض كـ»دعم متأخر» لسورية في مواجهة كارثة الزلزال الأخير.
أطلقت قطر حملة إعلامية مدروسة ضدّ الحكومة السورية، في محاولة لاستثمار الكارثة. وظَهر ذلك بوضوح في أداء وسائل الإعلام القطرية أو تلك التي تدعمها الدوحة، والتي نشرت تقارير عدّة تُقارن ما عاشته سورية خلال الحرب من دمار، بالدمار الذي خلّفه الزلزال، ضمن عملية واعية لاستثارة الأحقاد، ومنْع أيّ انفتاح قد تَخلقه الظروف الإنسانية الصعبة على الأرض.
شاعت مع بداية الزلزال «طرفة» سوداء تقول إن الحكومات العربية والإسلامية «توجّه تعازيها إلى سورية والمساعدات المادية إلى تركيا»!
وصل أردوغان إلى السلطة عبر حزب «العدالة والتنمية» عام 2002 بسبب ممارسات الدولة العميقة الفاسدة والقمعية وتدخل مؤسسة الجيش «الأتاتوركية» في الحياة السياسية. إلا أن كارثة طبيعية ساهمت، بدورها، في صعود نجم أردوغان ووصوله إلى السلطة. ففي العام 1999، وقع زلزال ضخم عُرف باسم «زلزال مرمرة»، وذلك في ولاية كوجايلي الصناعية القريبة من إسطنبول، وأودى بحياة 25 ألفاً على الأقل، فيما تقول تقديرات أخرى إن الرقم ناهز الأربعين ألفاً من الضحايا. حينذاك، كانت استجابة السلطات التركية سيئة وبطيئة للغاية، الأمر الذي خلق نقمة حقيقية على الحكم خدمت أردوغان الساعي للوصول إلى الحكم، فقد استفاد الرجل من النقمة الشعبية على السلطات الحاكمة، وراح يُغذي المشاعر المعادية لها ويُقدّم نفسه بديلاً حقيقياً وشاباً حيوياً أكثر اكتراثاً بحياة الأفراد ومصالح الشركات من السلطات الحاكمة ليحصل «العدالة والتنمية» على أكثرية برلمانية وتشكيله حكومة منفرداً في العام 2002.
الانتخابات الرئاسية والنيابية القادمة ستكون الامتحان الجدي والأخير لأردوغان، فقد برز سوء إدارة نظامه في اليوم الأول لوقوع الزلزالين، وذلك باعتراف أردوغان نفسه الذي قال إن «هناك تقصيراً وحالة من الضياع شهدها عمل الإغاثة في اليوم الأول من الكارثة؛ لكن الأمور في تحسن».
ويعرف الحزب الحاكم ورئيسه أن وقوع الزلازل خبرٌ سيئٌ لهم، ويدفعهم لعمل المستحيل من أجل تخطي الأزمة. لا بديل عن الإسراع في إغاثة الناس، وذلك لعلم أردوغان وحزبه أن خصومه المحليين سيستخدمون الكارثة التي حلّت بالبلاد لمحاولة إزاحته عن السلطة، حيث بدأ أنصار ومسؤولو الأحزاب المعارِضة بشن الحملات الدعائية والسياسية على أردوغان وتحميله المسؤولية، فيما تركيزهم هو على أعمال الحكومات الحالية، حيث لحظوا، على سبيل المثال، تخصيص 0.5 بالمئة فقط من الميزانية الحكومية العام الماضي لبرامج متعلقة بتحسين البنى التحتية وإدارة الكوارث في المدن والولايات المعرضة للزلازل. أما زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو فذهب بعيداً في نقده، إذ شهر سيف القطيعة والمواجهة مع أردوغان وحزبه، معتبراً أن أردوغان «هو المسؤول عن الكارثة، وهذه الحكومة لم تجهّز البلاد لمواجهة الزلازل رغم وجودها في السلطة مدة 20 عاماً. لهذا السبب لم أفكر مطلقًا في التحدث مع أردوغان، وأنا لا أرى هذه القضية فوق السياسة أبداً. إن سياسته هي التي أوصلتنا إلى الوضع الحالي».
رغم موقفه الرافض للمساعدات الأجنبية خلال معظم الأزمات السياسية والاقتصادية والطبيعية السابقة، إلا أن أردوغان وحكومته لم يمانعا، هذه المرة، في طلب كل أشكال المساعدات الأجنبية من أجل إغاثة الضحايا ومساعدة الإدارات الرسمية، فيما عرضت حوالى 80 حكومة -على الأقل حتى الآن- تقديم مساعدات إلى تركيا.
قال رئيس المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء والبراكين، البروفيسور كارلو دوغليوني، إن الزلازل التي ضربت تركيا تسببت في تحرك البلاد (لوحة الأناضول) 3 أمتار نحو الغرب.
بحسب خبراء، فإن الزلزال الذي وقع في تركيا بولاية قهرمان مرعش، كان أقوى بألف مرة من زلزال 2016 الذي حدث في إيطاليا.
نشرت «شارلي إيبدو» الفرنسية مؤخراً، رسماً كاريكاتورياً مستفزّاً، ساخرة من الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وسورية. بأسلوب فيه الكثير من الشماتة، طبعت المجلة المثيرة للجدل رسماً، معلّقة إياه بعبارة «زلزال في تركيا... لا حاجة لإرسال الدبّابات!»، في إشارة ألى أن الزلزال أدى إلى تدمير تركيا وليست بحاجة إلى غزو تلك البلاد بالدبّابات!
ولو كان الآلاف من الفرنسيين هم من الذين ماتوا، أو اليهود أو غيرهم من مجتمعات الشواذ، فلن نسمع لـ»شارلي إيبدو» صوتا؛ لكن الأمر يتعلق بالمسلمين فقط، لذا لا ترى في ذلك غضاضة.
في تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، فإن الزلزال الذي ضرب منطقة شرق المتوسط في تركيا وسورية، أنتج طاقة تكفي لإنارة مدينة نيويورك 4 أيام.
وقال عالم الزلازل في جامعة ملبورن الأسترالية، جانوكا أتاناياكي، إن الطاقة التي انبعثت من الزلزال كانت تُعادل 32 «بيتا جول» تقريباً.
وأضاف أتاناياكي: «من ناحية الطاقة، سنجد أن الزلزال الذي سجل 7.8 درجة أقوى بـ708 مرات من زلزالٍ بقوة 5.9 درجة»، في إشارةٍ إلى الزلزال الذي ضرب ملبورن الأسترالية عام 2021، عندما تعرضت المدينة لبعض الأضرار الخفيفة.
يجري قياس قوة الزلازل باستخدام مقياس الحجم المحلي، الذي كان يُعرف في وقتٍ من الأوقات باسم «مقياس ريختر».
ويُعَدُّ هذا المقياس من المقاييس الخوارزمية، إذ إن كل زيادةٍ يسجلها بمقدار عددٍ صحيح واحد تعني زيادة حجم الطاقة المنبعثة من الزلزال بـ32 ضعفاً تقريباً.
ولا يشعر البشر بالزلازل التي تبلغ قوتها 1 درجة على مقياس ريختر.
يصف العلماء الزلازل التي تبلغ قوتها 7 درجات 
بأنها تمتلك «طاقةً تُعادل نحو 32 قنبلة ذرية كتلك التي ضربت هيروشيما»، وفقاً لمدير المعهد الفلبيني لعلم البراكين والزلازل ريناتو سوليدوم خلال حديثه إلى «نيويورك تايمز» الأمريكية عام 2013.
عادت عبارة «حتى الناجي الوحيد لم يعد كذلك» التي اختتم بها مسلسل «ضيعة ضايعة» (تأليف ممدوح حمادة وإخراج الليث حجو) إلى التداول مجدداً، بعد انتشار صور الدمار التي لحقت بأحد المنازل التي صوّر فيها العمل الشهير، إثر الزلزال الذي ضرب سورية.
بتلك العبارة، كشفت صفحات السوشيال ميديا عن الأضرار التي أصابت منازل قرية السمرا في منطقة كسب (محافظة اللاذقية) حيث صوّر الجزءان من العمل السوري الشهير (عرض عامي 2008 / 2010) الذي حقق ملايين المشاهدات حول العالم.
في هذا السياق، أجمعت التعليقات في صفحات السوشيال ميديا عن حزنها على الدمار الذي حلّ بمنازل القرية التي اشتهرت في العالم العربي باسم «أم الطنافس الفوقا»، خصوصاً أن القرية تحوّلت بعد نجاح «ضيعة ضايعة» إلى أهم معالم الساحل السوري السياحية. وراحت التعليقات تتذكر حجم الأحداث المأساة التي شهدتها تلك القرية في الأعوام الأخيرة، مؤكدة أن القرية نجت من الحرب القاسية التي عاشتها سورية لسنوات طويلة؛ ولكن جاء الزلزال ليقضي عليها ويأخذ جزءاً من ذكريات محبي ذلك العمل الدرامي الناجح.
يذكر أن «ضيعة ضايعة» جمع باقة من النجوم السوريين من بينهم: باسم ياخور (جودة أبو خميس) والراحل نضال سيجري (أسعد خشروب)، وتولاي هارون، وفادي صبيح، والراحل زهير رمضان وغيرهم من الفنانين.
يروي المسلسل الساخر، قصة قرية بسيطة يغلب على سكانها الطيبة، وتنقل معاناة جارين، هما جودي وأسعد، يحاولان التغلّب على مشاكلهما بأسلوب فيه الكثير من السخرية والنقد السياسي والاجتماعي اللاذع.
«أين هو إلهكم الآن؟!»، عبارة تتصدّر المنصّات السويديّة التواصليّة بعد وقوع زلزال تركيا، وتشفّياً بضحاياه، وجاء ذلك بعد تعطيل تركيا لانضمام السويد إلى حلف الناتو، وموقف حكومتها الحاد من حرق القرآن، واعتبروا أن الله عاقب تركيا لمواقفها من السويد وحقدها عليها بالزلزال.
مقطع فيديو مُتداول لأحد المُسعفين في سورية مناطق سيطرة المُعارضة، وخلال مُحاولته إنقاذ أحد العالقين تحت الأنقاض، ظهر على كتفه علم تنظيم الدولة الإسلاميّة «داعش»، ما أثار تساؤلات حول ما إذا التنظيم المذكور لا يزال يملك نفوذاً في هذه المناطق، وبعد افتراض القضاء عليه.
ضجت منصات التواصل ووسائل الإعلام بتساؤلات عن التنبؤ بوقوع الزلازل الكبرى لتفادي آثارها وتحجيم الخسائر، لاسيما بعد تصريحات جيولوجي هولندي تحدّث فيها عن زلزال شديد سيضرب تركيا وسورية، وهو ما حدث بالفعل بعد 3 أيام ليفتح باباً من الجدل.
إلا أن الجيولوجي الهولندي نفسه، ويدعى فرانك هوغيربيتس، قال إن «الزلازل تميل للحدوث عندما تصل كواكب إلى مواقع محددة في النظام الشمسي»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن التنبؤ بالزلازل».
وقبل أيام، كتب هوغيربيتس: «عاجلاً أو آجلاً سيقع زلزال بقوة 7.5 درجات على مقياس ريختر في هذه المنطقة (جنوب أو وسط تركيا، الأردن، سورية، لبنان)».
وانقسمت الآراء حول التغريدة التي حصدت ملايين المشاهدات بين النبوءة والصدفة، خصوصاً أن الخبير سبق له أن اشتهر بهذا النوع من التنبؤات التي صدقت في بعض الأحيان.
إلا أن الباحث الهولندي عاد وحاول تفسير تغريدته وحقيقة ما حدث، مؤكداً أن الزلازل تميل للحدوث عندما تصل كواكب إلى مواقع محددة في النظام الشمسي، مشيراً إلى أنه «لا يمكن التنبؤ بالزلازل».
وأضاف في تغريدة: «لا تأخذوا انطباعاً بأنه يمكننا التنبؤ بمواقع الزلازل. لا يمكننا ذلك! نركز على هندسة كوكبية محددة في محاولة لعزل المناطق الزمنية الحرجة المطبقة على الكوكب بشكل عام».
كذلك أوضح أن هناك مقاومة كبيرة داخل المجتمع العلمي فيما يتعلق بتأثير الكواكب والقمر على موضوع الزلازل، إلا أنه لفت إلى عدم وجود بحث موسع «يدحض» ذلك.