تقرير / خاص / لا ميديا -

استبشر اليمنيون خيراً بالبُشرى التي زفها لهم، منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، وزير الزراعة والري، المهندس عبدالملك الثور، بتمكن الوزارة من تحقيق الاكتفاء الذاتي من بذور البطاطس، التي أًصبحت تُنتج محلياً عبر الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس.
وزادت بُشرى الشعب مختلطة بفرحة أثلجت صدورهم مع إعلان وزارة الزراعة، بتاريخ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، منع استيراد بذور البطاطس، نتيجة تحقيق الاكتفاء الذاتي منه.
غير أن البُشرى أًجهضت، والفرحة وُئِدت ومُزِّقت أشلاءً، باثني عشر تصريح استيراد لبذور البطاطس، أصدرتها الوزارة دفعة واحدة، لأحد التجار، في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، الأمر الذي عدّهُ معنيون ومختصون بالشأن الزراعي والاقتصادي تجاوزاً وتحدياً لتوجهات القيادة الثورية والسياسية في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتنظيم عملية الاستيراد.
ولا يخلو خطاب لسيد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، من التأكيد على ضرورة الاهتمام بالجانب الزراعي والتوجه المجتمعي والوطني نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي كخطوة أساسية للتحرر من قوى الاستعمار الخارجية، والارتقاء بالوطن وقوته وكرامته وسيادته.
صحيفة «لا» حصلت على نسخ من تصريحات الاستيراد التي أصدرتها مؤخراً وزارة الزراعة والري عبر قطاع الخدمات الزراعية، لأحد التجار، وعددها اثنا عشر تصريحاً، يُسمح فيها للتاجر ذاته باستيراد شحنات من بذور البطاطس بآلاف الأطنان، من هولندا وألمانيا، وإدخالها إلى اليمن عبر منفذ الوديعة الحدودي.
ويرى المختصون بالشأن الزراعي أن تلك الشحنات مُدمرة للجهود الزراعية وللخطط التي تم وضعها بناء على موجهات القيادة الثورية والسياسية لتنظيم عملية الاستيراد وبما لا يضر بالمنتج المحلي، مشيرين إلى عدم وجود إجراءات واضحة وضامنة لخلو تلك الشحنات من الآفات والأمراض الخطيرة التي تسبب إضرارا بالتربة وتدمرها وتخرجها عن الصلاحية للزراعة لسنوات قادمة.
وأوضحت مصادر مطلعة أن بعض شحنات بذور البطاطس المستوردة وصلت إلى اليمن وهناك كميات تتواجد حالياً في منفذ عفار بمحافظة البيضاء وأخرى في منفذ ذمار.
وكيل وزارة الزراعة لقطاع الخدمات الزراعية، ضيف الله شملان، أفاد لـ«لا» بأن قطاع تنمية الإنتاج بالوزارة هو المعني بالرفع إلى قطاع الخدمات الزراعية فيما يخص البذور كاملة واستكمال إجراءات تصاريح الاستيراد.
وقال شملان، في اتصال هاتفي أجرتهُ معه الصحيفة: «تم الرفع إلينا من قبل وكيل قطاع تنمية الإنتاج، سمير الحناني، بالتكرم باستكمال إجراءات قطع التصاريح لاستيراد كميات بذور البطاطس، ونحن استكملنا الإجراءات».
وأضاف شملان: «قطاع الإنتاج هو المعني بالبذور، ونحن في قطاع الخدمات مهامنا فيما يخص البذور هو الرقابة على البذور وفحصها من الناحية الحجرية فقط».
في السياق ذاته، تواصلت الصحيفة هاتفياً مع وكيل قطاع تنمية الإنتاج، سمير الحناني، إلا أن هاتفه كان مغلقاً وتم إبلاغه برسالة (SMS) وكذلك بالاتصال بمرافقه الذي قال إن «الأستاذ خارج صنعاء». وتتمنى الصحيفة من الوكيل الحناني تفسير وإيضاح أغوار هذه الشحنات المثيرة للكثير من علامات الاستفهام.
يذكر أن الشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس أصدرت، مطلع كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بياناً استغربت فيه الحملة المسعورة التي شنتها عليها وسائل إعلام تابعة للعدوان جراء إعلان وزارة الزراعة تحقيق الاكتفاء الذاتي من بذور البطاطس ومنع الاستيراد.
وأشارت الشركة إلى أن تلك الحملة تستهدف المؤسسات الوطنية التي تغلبت على الحصار من خلال تأمين الغذاء لكافة المواطنين شمالاً وجنوباً، انطلاقاً من واقع المسؤولية الملقاة على عاتقها.
وقالت الشركة إن تلك الحملة كشفت عن توجه الشركات الأجنبية المتضررة من إعلان الاكتفاء الذاتي في بذور البطاطس، جراء الضربة الموجعة التي تلقتها الشركات الأجنبية، والسعي إلى إعاقة التوجهات الوطنية الصادقة بواسطة وكلائها في الداخل لاستهداف المنتج الوطني، بهدف أن تبقى اليمن سوقاً مفتوحة أمام الصادرات الأجنبية، لاسيما من البذور المهربة عقيمة الإنتاج والجدوى على المزارعين، والتي تلحق أضراراً فادحة بالمنتج وآثاراً كارثية على التربة.
وأضافت أنها تجاوزت كافة الصعوبات التي فرضها العدوان على اليمن وأحدثت نقلة نوعية في إنتاج الرتب العليا من تقاوي بذور البطاطس، وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، مبينة أنها «عملت على التقليل من فاتورة الاستيراد لأكثر من 1900 طن كمتوسط سنوي من البذور، بقيمة تتجاوز 2  مليون دولار، وإنتاج قرابة 14 صنفاً من بذور البطاطس المحلية الجديدة المتنوعة، شكلت تطوراً نوعياً لبذور البطاطس ذات الجودة العالية، بأحدث التقنيات العلمية وبأيادٍ يمنية خالصة»، لافتةً إلى أن تلك الأصناف المحلية استطاعت منافسة الأصناف الهولندية من حيث الإنتاج والمقاومة للجفاف، ما مكن الشركة من رفد القطاع الزراعي بالبذور في مختلف محافظات الجمهورية.
وفي سياق متصل كشف لـ«لا» مزارعون ومكاثرون لبذور البطاطس في محافظة عمران عن انتشار واسع للفيروسات والآفات الزراعية في أراضيهم عبر بذور البطاطس المستوردة، الأمر الذي أدى إلى تراجع الإنتاج والجودة وتضرر مساحات واسعة من الأراضي وعدم صلاحيتها لزراعة البطاطس لعدة سنوات قادمة.