شايف العين / لا ميديا -
 تنتهي اليوم الثلاثاء، الهدنة الإنسانية العسكرية المعلنة والمتفق عليها بين تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي والقيادة اليمنية في صنعاء، ولم يعلن عن تمديدها حتى كتابة هذا التحليل في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين.
غير أن أهمية الاتفاق على تمديد الهدنة من عدمه تستدعي التوقف عندها، خصوصا وأن وسائل الإعلام الدولية أفردت مساحات واسعة إخبارية وتحليلية بشأن ذلك، بالتزامن مع حراك واسع شهده الوسط الدبلوماسي الدولي وخصوصا الأمريكي والأوروبي خلال الأيام العشرة الفائتة.
ويظهر جليا أن هدف التحرك الدبلوماسي هو إقناع صنعاء بقبول تمديد الهدنة كون قيادتها اعتبرت صراحة وعلى لسان الرئيس مهدي المشاط أن الهدنة "كانت تجربة مخيبة للآمال".
فقد شهدت أواخر الأسبوع الفائت وصول السفير الألماني لدى اليمن إلى العاصمة صنعاء قبل أيام من انتهاء الهدنة وتبعه أمس الأول وفد عماني رفيع المستوى التقى مع القيادة اليمنية ممثلة بالرئيس المشاط الذي أكد على ضرورة أن يرافق أي هدنة تحسين ملموس للوضع الاقتصادي والإنساني للشعب اليمني بما في ذلك صرف مرتبات كافة موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين.
وقال المشاط خلال لقائه الوفد العماني إن مطالب الشعب اليمني المتمثلة في وقف العدوان ورفع الحصار بشكل كلي وفوري عن مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة وصرف مرتبات كافة موظفي الجمهورية، محقة وعادلة، ولا تنطوي على أي تعجيز أو تستدعي تنازلاً من الطرف الآخر.
وشدد على أهمية انخراط تحالف العدوان بقيادة أمريكا في إجراءات داعمة لبناء الثقة ومقتضيات السلام، معتبراً تمسكهم بالحصار جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية تتنافى تماماً مع ضرورات السلام.
في المجمل لا تنظر قيادة صنعاء إلى أن ثمة جدوى من تمديد الهدنة ما لم تحصل على ضمانات بتنفيذ تحالف العدوان كل تلك المطالب التي طرحها المشاط على الوساطة العمانية، كونه لم يلتزم بتنفيذ استحقاقات الهدنة في فترتيها المنقضيتين.
وما يظهر حتى الآن طوال فترتي الهدنة التي بدأت في 2 نيسان/ أبريل وتم تجديدها في 2 حزيران/ يونيو لشهرين تنتهي اليوم الثلاثاء، هو فائدة كبيرة لواشنطن والرياض ومن معهما في تحالف العدوان على اليمن، ويأتي حرص تلك العواصم على تمديدها لأسباب كثيرة لعل أبرزها ضمان سلامة وصول إمدادات الطاقة العالمية من الخليج في ظل الحرب الروسية الأوكرانية.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية قالت في تقرير مطول نشرته قبل أربعة أيام إن تمديد الهدنة قدم للسعوديين شيئًا أرادوه بشدة وهو وقف الهجمات الصاروخية والجوية بالطائرات المسيرة للقوات المسلحة اليمنية عبر الحدود وبالأخص المستهدفة منشآت ومراكز "أرامكو" النفطية، وهي ذات الهجمات التي استهدفت الإمارات شريكة النظام السعودي في عدوانه على اليمن.
وكشفت "واشنطن بوست" السعي الحثيث لإدارة جو بايدن من أجل تمديد الهدنة، حيث ذكرت أن "رفض مصر، وهي إحدى الدولتين اللتين تسمحان برحلات جوية دولية من صنعاء، حتى الآن قبول أكثر من رحلة طيران واحدة خلال الهدنة، دفع بايدن إلى مناشدة شخصية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالسماح لمزيد من الرحلات قائلا إن هناك أيضًا جهدا جاريا لتوسيع قائمة الوجهات من صنعاء".
وبينت الصحيفة الأمريكية أن واشنطن تسعى بشدة لتمديد الهدنة ستة أشهر، مشيرة إلى أن خبراء غربيين رجحوا أنه في حال موافقة صنعاء على التمديد فلن يكون لفترة طويلة كما سعت الإدارة الأمريكية عبر الأمم المتحدة.
مصادر متطابقة ذكرت أن قيادة صنعاء طرحت -أمس الاثنين-  للوفد العماني مطالب تضمنت البدء بتوحيد الملف الاقتصاد وصرف رواتب الموظفين، وتدشين المزيد من الرحلات من وإلى مطار صنعاء، وإنهاء ملف الأسرى وفتح الطرق المقطوعة.
كما تضمنت مطالب صنعاء  بنودا نصت على أن يدفع النظام السعودي تعويضات كاملة عن الدمار الذي خلّفه عدوانه بالبنية التحتية في اليمن والانهيار الذي ألحقه بالاقتصاد الحكومي والخاص.
كما تشترط صنعاء، وفقا للمراقبين، وقف كل الطلعات الجوية لتحالف العدوان نهائياً، وتسليم مناطق يمنية حدودية تسيطر عليها قوات العدو السعودي مقابل تسليم صنعاء مواقع في داخل عمقه، وأشياء أخرى.
‏وأكد المراقبون أن النظام السعودي يحاول حفظ ما تبقى من ماء وجهه أمام الرأي العام وخصوصا الخليجي،من خلال التكتم عن ذلك.
في سياق متصل نقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول دولي قوله إن مسؤولي الإدارة الأمريكية "يستغلون حرب اليمن للتلويح بملف حقوق الإنسان في وجه المملكة العربية السعودية المدانة بجرائم حرب ارتكبتها بحق المدنيين في اليمن".
وعلى تلك التصريحات التي ظهرت على الواقع وفي المحافل الدولية طيلة ثماني سنوات من العدوان، ينظر آخرون إلى الهدنة على أساس أنها خديعة أمريكية حالت دون استغلال القوات اليمنية التوتر الحاصل بفعل الحرب في أوكرانيا والضغط على تحالف العدوان على اليمن بتهديد إمدادات الطاقة العالمية من خلال استهداف منشآت "أرامكو" في السعودية.
وأكدوا أن تنصل تحالف العدوان من تنفيذ استحقاقات الهدنة طول الأربعة الأشهر الفائتة، يبرهن أن واشنطن تناور بالهدنة لكسب وقت حتى تتضح ملامح الوضع في أوكرانيا، مؤكدين أنه في حال ميل الحرب لصالح الغرب على حساب روسيا فإن التحالف بقيادة أمريكا سيستأنف عدوانه على اليمن ويعمل على التصعيد.
وعلاوة على كل ما سبق ذكره، إذا ما ربطنا الوضع في اليمن مع المتغيرات العالمية فالنتيجة واحدة وأكيدة وهي أن قرار التمديد من عدمه بيد صنعاء وقيادتها كونها الطرف الأقوى في اللحظة الراهنة والذي تميل متغيرات العالم لصالحه، حيث إن واشنطن مؤرقة من التهديد الحتمي الذي تشكله القوات المسلحة اليمنية على إمدادات الطاقة العالمية القادمة من الرياض، في ظل نقص تلك الإمدادات نتيجة العقوبات الأمريكية الغربية المفروضة على موسكو ومنها مقاطعة النفط الروسي.