خاص / لا ميديا -
لم يكد يمضي شهر ونصف حتى اهترأ ما حاول تحالف الاحتلال ترقيعه، طيلة الأيام السابقة، من خلال جمع كل بيادقه المتناقضة في بوتقة واحدة اسمها «المجلس الرئاسي». عمرة العليمي وفريقه في الرياض ومن ثم التوجه إلى أبوظبي لاستباق جعالة العيد، لم تسعف مجلسه الرئاسي العودة إلى عدن بشكل من أشكال الوفاق، حتى وجد نفسه في آخر اجتماع مع نائب واحد. فيما المبعوث الأممي يحاول بما تبقى من أيام انتهاء الهدنة أن يتدارك فشله بزيارة إلى عدن زادت من تعقيد مهمته.

يلاحق الفشل ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي، المشكل من قبل تحالف الاحتلال في الرياض، نهاية آذار-مارس المنصرم، كتتويج لمشاورات شكلية هزيلة جُمع إليها أسماء من هنا وهناك. فمنذ أول وصول لهم إلى مدينة عدن المحتلة، ظهر التباين جلياً في عدم وجود رؤية موحدة رغم محاولات الاحتلال السعودي والإماراتي إظهارها حتى شكلياً على الأقل. سبعة أعضاء وثامنهم العليمي، لم يكادوا يؤدون ما سمتها وسائل إعلام الاحتلال «يميناً دستورية»، حتى سقطت كلمة وحدة ونظام جمهوري من قسم أحد أولئك السبعة، فاعتُبر الأمر حينها من باب «السقوط سهواً». لكن ما سيحدث من اجتماعات كان يتناقص فيها السبعة حتى غدت آخر جلسة مكونة من اثنين فقط: رئيس ونائب. حيث كل من الستة الباقين كان قد غادر عدن، عاصمة مجلسهم المفترضة، وعاد إلى منطقة سيطرته وإقامته.
وقالت مصادر مطلعة إن مجلس الاحتلال الرئاسي برئاسة المرتزق رشاد العليمي، علق جلساته، وسط  مغادرة معظم أعضاء المجلس مدينة عدن متجهين إلى مناطق سيطرتهم وإقامتهم.
وأكدت المصادر أن المجلس شهد خلال الأيام الماضية خلافات واسعة بين أعضائه بسبب حصص التعيينات؛ حيث يحاول كل نائب الحصول على حصة معينة لجماعته، في حين بقيت الحقائب السيادية كالدفاع والداخلية وهيئة الأركان محل صراع كبير حال دون استئناف المجلس لجلساته.
وأشارت إلى أنه خلال الأيام الماضية غادر أعضاء المجلس كلا على حدة إلى داخل وخارج اليمن؛ حيث ظهر المرتزق عبدالله العليمي، النائب السابع، في العاصمة السعودية ملتقياً بالمبعوث الأممي هناك، في حين واصل العميل طارق عفاش زيارته لمعقله في المخا، والمرتزق سلطان العرادة لمأرب والمرتزق فرج البحسني لحضرموت، فيما انتقل التكفيري أبو زرعة المحرمي إلى معقله في لحج، ولم يتبق في عدن سوى المرتزقين عيدروس الزبيدي ورشاد العليمي.
وأثار الانقسام الجديد موجة سخط عارمة في صفوف المرتزقة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفه ناشطون مرتزقة بمؤشر على تفكك المجلس، بينما اعتبره آخرون انعكاسا طبيعيا لحجم الفساد ومحاولات الحصول على نفوذ على حساب المواطنين في تلك المناطق المحتلة.
وأكدت المصادر أن الخلافات التي تعصف بمجلس العليمي تنذر بانفراط ما حاول تحالف الاحتلال ترقيعه طيلة الفترة السابقة.
وقالت المصادر إن الخلافات دفعت المرتزق عيدروس الزبيدي، رئيس ما يسمى «المجلس الانتقالي» الموالي للاحتلال الإماراتي، الأربعاء، للتهديد بطرد مجلس العليمي من عدن، فضلا عن مقاطعته لجلسات المجلس.
وأكدت المصادر أن الخلافات احتدمت بين الزبيدي والعليمي حول عملية دمج مرتزقة «الانتقالي» ضمن ما تسمى وزارتي الداخلية والدفاع رسميا تنفيذا لاتفاق الرياض، موضحة أن الزبيدي يتمسك بعدم ضم فصيلي الحزام الأمني التابع لخصومه من يافع وقوات مكافحة الإرهاب التي يقودها المرتزق شلال شائع.
ولم يتضح بعد ما إذا كان الزبيدي الذي وافق على ضم فصائله كـ»العاصفة» و»الصاعقة» يحاول الاحتفاظ بوحدات خارج إطار سلطة الارتزاق الجديدة التي بات جزءا منها أم لإضعاف خصومه في الانتقالي.
وكان الزبيدي قاطع لقاء المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ والمجلس الرئاسي رغم وجوده في عدن.
وكان الصحافي الخونجي أنيس منصور، مستشار سفارة الارتزاق في الرياض، كشف عن تهديد الزبيدي لأحد أعضاء المجلس الرئاسي بطرده، مشيرا إلى أن الزبيدي قال خلال جلسة مناقشة دمج الفصائل في عدن بأن المجلس ضيف لدى «الانتقالي» وعليه الالتزام بقواعد الضيافة.
ولم يشر منصور إلى من يكون ذلك العضو الذي هدد الزبيدي بطرده من عدن، لكن مراقبين يعتبرون أن العميل طارق عفاش، الموالي الآخر للإمارات، شكل هاجسا مقلقا للانتقالي، باعتباره المنافس البديل عنه لدى الاحتلال الإماراتي.
وفي تطور لاحق، هدد المرتزق فرج البحسني، العضو في مجلس القيادة الرئاسي المشكل من تحالف الاحتلال بقيادة السعودية، بنقل عاصمة المجلس من عدن إلى حضرموت، ووقف اتفاقيات المجلس بشأن تأهيل وتطوير عدن المعقل الأبرز للانتقالي.
جاء ذلك خلال كلمته في لقاء للمكتب التنفيذي لمحافظة حضرموت ألمح فيه إلى إمكانية نقل العاصمة إلى حضرموت.
ومنذ انتهاء إجازة العيد لم يعقد أعضاء المجلس الرئاسي اجتماعا، كما لم يشاركوا في لقاء المبعوث الدولي، وسط تقارير عن خلافات جمة وصلت حد تهديد الزبيدي بطرد المجلس الرئاسي في محاولة منه للضغط على المجلس لتمرير أجندته بحكم سيطرة فصائله على المدينة.
وفيما تحتدم الخلافات بين بيادق الاحتلال في تشكيلته الرئاسية، تشارف هدنة الشهرين الأممية على الانتهاء (بعد أسبوعين)، من دون حدوث اختراقات جديدة على الأرض لحلحلة القضايا الخلافية.
وفي محاولة لإنقاذ الاتفاق، عاد المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، مساء الاثنين، إلى مدينة عدن، حاملاً معه عدّة مقترحات، لعلها تستطيع تمديد الهدنة إلى ما بعد الشهرين، وسط توقعات بفشل مهمته لاسيما مع التعنتات التي تبديها شرعية العمالة فضلاً عن احتدام الخلافات بين أعضاء مجلسها الرئاسي، والتي تصعب من مهمة المبعوث الأممي.