لا ميديا -
ميثم بن يحيى الأسديّ الكوفيّ، ولأنه كان يبيع التمر في الكوفة لقّب بـ«التمّار». كان من خواص أمير المؤمنين علي عليه السلام؛ لذا فقد خصّه بعلم البلايا والمنايا.
كان ميثم عبداً لامرأة من بني أسد، فاشتراه منها أمير المؤمنين عليه السلام، وأعتقه، وقال له ذات يوم: «إنك تؤخذ بعدي فتُصلب، وتُطعن بحربة، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك وفمك دماً، يخضب لحيتك، فانتظر ذلك الخضاب، فتُصلب على باب دار عمرو بن حريث، عاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة، وأقربهم من المطهرة، وامضِ حتى أريك النخلة التي تصلب على جذعها»، فأراه إياها، وكان ميثم يأتيها فيصلي عندها، ويقول: «بوركت من نخلة، لك خُلقت، ولي غُذيت»، ولم يزل يتعاهدها حتى قُطعت، وحتى عرف الموضع الذي يصلب عليها بالكوفة، قال: وكان يلقى عمرواً بن حريث فيقول له: إني مجاورك فأحسن جواري، فيقول له عمرو: أتريد أن تشتري دار ابن مسعود، أو دار ابن حكيم؟ وحج في السنة التي قتل فيها فدخل على أم سلمة، فقالت: من أنت؟ قال: أنا ميثم. قالت: والله لربما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يذكرك ويوصي بك علياً جوف الليل، فدعت أم سلمة بطيب وطيبت لحيته، وقالت له: أما إنها ستخضب بدم. فقدم الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد، فأدخل عليه، فقيل له: هذا كان من آثر الناس عند علي. قال: ويحكم هذا الأعجمي؟ قيل له: نعم. قال له عبيد الله: أين ربك؟ قال: لبالمرصاد لكل ظالم، وأنت أحد الظلمة. قال: إنك على عجمتك لتبلغ الذي تريد، ما أخبرك صاحبك أني فاعل بك. قال: أخبرني أنك تصلبني عاشر عشرة أنا أقصرهم خشبة، وأقربهم إلى المطهرة. قال: لنخالفنه. قال: كيف تخالفه؟ فوالله ما أخبرني إلا عن النبي صلى الله عليه وآله، عن جبرائيل عن الله تعالى، فكيف تخالف هؤلاء، ولقد عرفت الموضع الذي أصلب عليه أين هو من الكوفة، وأنا أول خلق الله ألجم في الإسلام. فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيد. قال له ميثم: إنك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين عليه السلام، فتقتل هذا الذي يقتلنا. فلما دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله يأمره بتخلية سبيله، فخلى، وأمر بميثم أن يصلب، فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمرو بن حريث، قال عمرو: ولقد كان والله يقول إني مجاورك، فجعل ميثم يحدث بفضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد. فقال: ألجموه. وكان أول خلق الله ألجم في الإسلام. وكان قتل ميثم قبل قدوم الحسين بن علي عليهما السلام إلى العراق بعشرة أيام. فلما كان اليوم الثالث من صلبه طعن ميثم بالحربة، فكبر، ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً.
صُلِب ميثم التمّار في 20 من ذي الحجّة سنة 60 للهجرة، واستشهد يوم 22 من ذي الحجّة.