لا ميديا -
من خواص أصحاب أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وكان يسميه راشد المبتلى، وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا فكان يلقى الرجل ويقول له تقتل قتلة كذا فيكون كما قاله رضوان الله عليه.
مر ميثم التمار على فرس له، فاستقبل حبيباً بن مظاهر الأسدي، عند مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلفت أعناق فرسيهما، ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطيخ عند دار الرزق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليهم السلام، يبقر بطنه على الخشبة! فقال ميثم: وإني لأعرف رجلاً أحمر، له ضفيرتان، يخرج لنصرة ابن بنت نبيه، فيقتل، ويجال برأسه بالكوفة، ثم افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحداً أكذب من هذين! قال: فلم يفترق أهل المجلس، حتى أقبل رشيد الهجري، فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا، فقال رشيد: رحم الله ميثماً ونسي «ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم»، ثم أدبر، فقال القوم: هذا والله أكذبهم.
فقالوا بعدها: والله ما ذهبت الأيام والليالي حتى رأينا ميثماً مصلوباً على باب دار عمرو بن حريث، وجيء برأس حبيب بن مظاهر، قد قتل مع الحسين (عليه السلام)، ورأينا كل ما قالوا.
خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) يوماً إلى بستان ومعه أصحابه، فجلس تحت نخلة، ثم أمر بنخلة فلقطت فأنزل منها رطب، فوضع بين أيديهم فأكلوا، فقال رشيد الهجري: يا أمير المؤمنين ما أطيب هذا الرطب! فقال: يا رشيد أما إنك تصلب على جذعها، فقال رشيد: فكنت أختلف إليها طرفي النهار أسقيها، ومضى أمير المؤمنين، ثم أدخلت على عبيد الله بن زياد فقال: هات من كذب صاحبك، فقلت: والله ما أنا بكذاب ولا هو، ولقد أخبرني أنك تقطع يدي ورجلي ولساني، قال: إذن والله نكذبه! اقطعوا يديه ورجليه وأخرجوه، فلما حمل إلى أهله أقبل يحدث الناس بالعظائم وهو يقول: أيها الناس سلوني فإن للقوم عندي طلبة لم يقضوها، فدخل رجل على ابن زياد، فقال له: ما صنعت قطعت يديه ورجليه وهو يحدث الناس بالعظائم. قال: فأرسل إليه ردوه، وقد انتهى إلى بابه فردوه، فأمر بقطع يديه ورجليه ولسانه وأمر بصلبه».