تقرير: نشوان دماج / لا ميديا -
مثلما يتعامل المرء مع حذاء انتهى عمره الافتراضي مستبدلاً به حذاء آخر، هكذا يفعل الاحتلال السعودي الإماراتي بأدواته من مرتزقة ما يسمى المجلس الانتقالي. الزبيدي وبن بريك، القياديان "العتيدان" اللذان قدما كل ما يستطيع حذاء أن يقدمه، كان من المفترض أن يستمر عمرهما الافتراضي مدة أطول، لكن يبدو أن استخدامهما بكثافة من قبل التحالف طيلة سنوات وفي أكثر الأماكن قذارة ووحلاً عجّل باستهلاكهما حد التهتك، فكان لهما أن يستبدلا بأدوات جديدة وأن يُحتفظ لهما بشيء من تذكار من خلال إبقاء أحدهما في متحف بالرياض والآخر في أبوظبي، كتقاسم عادل حتى في أكثر الأشياء رخصاً.
فرضت سلطات الرياض، أمس، إجراءات مشددة على المرتزق عيدروس الزبيدي، رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي، بعد أيام من وصوله إلى العاصمة السعودية باستدعاء عاجل من الرياض.
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن سلطات ابن سلمان في الرياض عززت الحراسة على الفندق الذي ينزل فيه الزبيدي ووفده "المفاوض"، وعممت توجيهات بمنع السماح له باستقبال أو زيارة أي دبلوماسيين أجانب بدون تصريح مسبق.
وأكدت المصادر أن الإجراءات السعودية الجديدة تشير إلى أن الاحتلال لم يعد يجد نفعاً بإبقاء الزبيدي كواجهة سياسية تسوق مطالبها دولياً، في حين لم تعد تقدم على أرض الميدان إلا الهزائم المتكررة.
وكان الزبيدي، الذي توجه إلى الرياض على مضض خوفاً من إقدامها على خطوة كان يتوقعها فحدثت، عقد خلال اليومين الماضيين لقاءات مع عدة سفراء أجانب آخرهم سفير مملكة النرويج، ناقش معهم فيها دعم مرتزقته لما سماه تأمين الملاحة البحرية في خليج عدن وباب المندب.
وبحسب مراقبين، كان من شأن تحركات الزبيدي التي بدأها قبل استدعائه إلى الرياض، أن تخلط أوراق السعودية وتعقيد مهامها في الضغط على "الانتقالي" للقبول بتنفيذ الشق العسكري مما يسمى "اتفاق الرياض”.
وبالرغم من كل الغزَل والتزلف اللذين حاول من خلالهما الزبيدي، المحسوب أصلاً على الاحتلال الإماراتي، تملق الاحتلال السعودي والتقرب إليه بشتى الوسائل، سواء عبر إعلانه في لقاء مع صحيفة "عكاظ" السعودية بأن ولاءه الأول والأخير، بل والمطلق، هو للتحالف، أو عبر تلويحه بأنه لا مشكلة لدى الانتقالي من التطبيع مع الكيان الصهيوني، فإن كل ذلك لم يشفع له عند الرياض ليتحرك بحرية، ففرضت عليه إقامة جبرية كان يتوقعها ويخشاها.
ومن شأن الإقامة الجبرية التي فرضتها الرياض على الزبيدي عزل قادة الانتقالي عن قاعدتهم من مرتزقة المجلس، خصوصا وأن احتجاز الرياض له يأتي متزامناً مع احتجاز الإمارات لنائبه، التكفيري التطبيعي هاني بن بريك.
وأكدت مصادر متطابقة أن سلطات بن زايد اعتقلت هاني بن بريك في أبو ظبي، والذي كان قد اختفى عن المشهد السياسي في الآونة الأخيرة.
وفيما قالت المصادر إن الإمارات احتجزت بن بريك بعد ضغوط دولية على خلفية تورطه بأنشطة "إرهابية"، أكدت مصادر أخرى أنه أصبح عبئاً على سيده الإماراتي ولم يعد يجد فيه أي منفعة، لاسيما وقد استهلك كل أوراق تملقه، بدءاً بالولاء المطلق للاحتلال الإماراتي وليس انتهاء بإعلان نيته التطبيع مع العدو الصهيوني.
وإن كان بن بريك قد اختفى عن الساحة السياسية, فقد ظل حريصاً على تمجيد السياسة الإماراتية وحكامها ومؤيدا لتوجهاتها بما في ذلك تطبيعها مع "إسرائيل".
وشرعت النيابة العامة في إمارة ابن زايد، أمس الأول، بالتحقيق مع بن بريك، بالتزامن مع ضغوطها المتواصلة على المجلس لإدماج قواته تحت قيادة العميل طارق عفاش، قائد مرتزقتها في الساحل الغربي.
ونشر ناشطون أنباءً تفيد بتوجيه النيابة العامة في إمارة أبوظبي، أوامر بالتحفظ على هاني بن بريك، وإخضاعه لتحقيقات حول اختلاس مخصصات جرحى واستغلالها في شراء عقارات في إندونيسيا والقاهرة إلى جانب تسجيل متاجر مجوهرات باسم أقاربه.
وبحسب الناشطين، كان تحالف الاحتلال أوكل لبن بريك مسؤولية ملف علاج الجرحى في الخارج، قبل أن يوجه الأخير بإبقائهم في عدن، مشيرين إلى أن الخطوة الإماراتية بتحريك ملفات فساد ضده، تأتي في سياق الضغط على "الانتقالي" لدمج مرتزقته مع مرتزقة العميل طارق واستلام الأخير مهام قيادتها، تمهيدًا لتسليمه دفة قيادة ما تسمى "الشرعية" في الفترة القادمة.
أما البديل الآخر، المرتزق عوض الوزير، القيادي في حزب المؤتمر جناح الإمارات، فيُنتظَر ترشيحه محافظاً لشبوة، وذلك حتى يكتمل مشهد استبدال الأحذية.
وكشفت مصادر دبلوماسية في الرياض، أمس، عن مشاورات مكثفة لاختيار محافظ لشبوة يكون من مرتزقة الانتقالي، بديلاً للخونجي محمد بن عديو.
وأفادت المصادر بأن السباق يجري حاليا بين طارق صالح والانتقالي، حيث يطرح الأول اسم عوض الوزير كأبرز المرشحين، في حين طرح الانتقالي أسماء أخرى كأحمد الصالح وعلي الجبواني، رئيس فرع المجلس بشبوة.
ورجحت المصادر أن تكون المحافظة النفطية من حصة البديل طارق عفاش، الذي دفع مؤخرا بفردته الأخرى ابن الوزير إلى واجهة المشهد ويعول عليه كثيرا في تمرير أهداف سيده الإماراتي.
وكانت وسائل إعلام مدعومة إماراتيا سوقت، في وقت سابق، ما وصفته بـ"انطلاق عملية عسكرية في بيحان"، في محاولة لتسهيل مرور تعزيزات طارق صالح التي دفع بها قبل أيام إلى أبين ويحاول إدخالها إلى بعض المديريات المحتلة في محافظة شبوة ضمن مخطط للاستحواذ على المحافظة وإسقاطها من يد الخونج. 
وتأتي محاولات الإمارات تحشيد فصائلها إلى أبين عشية حراك في الرياض لتعيين محافظ جديد وسط مؤشرات إلى تمرد الخونج، ما يشير إلى أن تحالف الاحتلال يرتب لسيناريو عسكري قد يخلط الأوراق هناك.