خاص دمشق  - أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
كل الدلائل تؤكد أن ما بعد العدوان الصهيوني الأخير على مطار تيفور والبادية السورية، ورد حلف المقاومة بقصف قاعدة التنف الأمريكية، غيرت قواعد اللعبة والاشتباك في المنطقة، وتحديدا بما يخص الاعتداءات الصهيونية والأمريكية على مواقع سورية.
الإعلام الصهيوني لم يهدأ منذ هذه التطورات في تحليل تداعياتها، وكلها تؤكد أن الوضع تغير وما بعد قصف التنف غير ما قبله.
ما نقلته قناة "كان" الصهيونية عن مصدر أمني أن "الجيش الإسرائيلي سيكون مضطرا للعمل من أجل استعادة التفوق في سورية"، يلخص الموقف والرأي الذي أجمعت عليه وسائل الإعلام، والمحللون السياسيون والعسكريون، والمصادر الأمنية والعسكرية الصهيونية.
وبحسب المصدر فإن "سلاح الجو الإسرائيلي سيكون مضطرا كي يقرر قريبا ما إذا كان سيقوم بعملية شاملة ضد أنظمة الدفاع الجوي السورية، من أجل الحفاظ على التفوق الإسرائيلي في المنطقة".
وأضاف أن "إسرائيل تتخوف من تقييد حرية عمل سلاح الجو الاسرائيلي في سورية، بسبب تحسين قدرات أنظمة الدفاع الجوي السورية، المصنوعة في روسيا وإيران".
وكشف المصدر أنه "في الهجمات الأخيرة المنسوبة إلى إسرائيل في سورية، تم إطلاق عشرات الصواريخ المضادة للطائرات على الطائرات الإسرائيلية، الأمر الذي يثير قلقا شديدا لسلاح الجو الإسرائيلي".
بالتأكيد ليس صعباً على أي متابع ومراقب للأحداث أن يفهم من كلام المصدر الأمني الصهيوني أنه إقرار بأن قواعد الاشتباك تغيرت بالنسبة للاعتداءات الصهيونية على مواقع سورية، وان الكيان الصهيوني أصبح مقيداً بعد رد حلف المقاومة على العدوان الصهيوني بقصف قاعدة التنف الامريكية، التي قدمت الخدمات اللوجستية لتنفيذ العدوان الصهيوني، وبالتأكيد سيحسب ألف حساب بعد الآن قبل التفكير بتنفيذ أي اعتداء.
أما عن تهديده بقصف أنظمة الدفاع الجوي السورية فهذا مجرد كلام لرفع المعنويات فقط، لأن تحالف العدوان عمل كل ما يستطيع لتنفيذ هذه المهمة، وجنّد لها أعتى العصابات الإرهابية، وكانت هذه المهمة بتوجيه وإشراف مباشر من المخابرات الفرنسية، وحدثت بسببها فجوة في أنظمة الدفاع والمراقبة الجوية السورية، مما مكن العدو الصهيوني والأمريكي وغيره، من تنفيذ اعتداءات عديدة قبل أن تتمكن سورية من ترميم هذه الفجوة بمساعدة روسية وإيرانية وبإنجازات العقول والخبرات والكوادر السورية التي طورت ما لديها من أسلحة، وبالتأكيد لن يكون التهديد الصهيوني بتدمير هذه الأنظمة بهذه السهولة التي يحاولون ترويجها، خاصة وأن الدفاعات الجوية السورية أثبتت براعة في التصدي للصواريخ الصهيونية تجاوزت حد 90 بالمئة، مما أثار استغراب القادة العسكريين الصهاينة، وهو ما أكدته صحيفة "هاآرتس" نقلاً عن مصادر أمنية صهيونية بأن "منظومات الدفاع الجوي السورية حسّنت قدراتها بفضل الأنظمة الدفاعية الجوي الإيرانية، بحيث تمكنت قوات الدفاع الجوي السورية من تقليص مدة ردها بإطلاق النار على الطائرات الإسرائيلية، وطوّرت قدرتها على تدمير الذخيرة التي يطلقها الطيران الإسرائيلي على أهداف في سورية".
وإضافة إلى ذلك فإن هذا الأمر لم يعد يخص سورية وحدها، وإنما يخص أيضاً روسيا وإيران اللتين زودتا سورية بهذه الأنظمة، مع الإشارة إلى أن الفنيين والخبراء السوريين يطورون أسلحتهم بشكل دائم وفعال.
كما من المؤكد أن قصف قاعدة التنف سيجعل الرؤوس الحامية في الكيان الصهيوني تفكر ألف مرة زيادة عن السابق قبل تنفيذ أي عدوان جديد على سورية، لأنها تدرك أن أي عدوان سيليه هذه المرة رد مناسب، وهو ما أكده بيان غرفة عمليات المقاومة الذي صدر بعد العدوانين الصهيونيين على مطار تيفور والبادية، وتم تنفيذ التهديد بقصف الأمريكيين في التنف، مع الإشارة إلى أن القصف على التنف تم تنفيذه بصمت روسي وهذه الأمر يفهم الصهاينة مغزاه جيدا بعد فشل روسيا بوقف الاعتداءات الصهيونية على سورية إلى الدرجة التي أغضبت السوريين.
اما قول المصدر بأنه تم خلال العدوان الصهيوني الأخير إطلاق عشرات الصوا ريخ السورية على هذه الطائرات فهو تضليل ومحاولة لإعطاء انطباع بفشل أنظمة الدفاع الجوي السورية بالتصدي لاعتداءاتها، لأن جميع التقارير عن العدوان الأخير قرب مطار التيفور والبادية أكدت أن طائرات العدو خالفت قواعد الطيران الدولية، واستخدمت ممرا جويا للطائرات المدنية خلال تحليق طائرتين في الممر، مما جعل أنظمة الدفاع الجوي السورية تمتنع عن إطلاق الصواريخ حتى لا تصيب الطائرات المدنية، وكان هذا الأمر أحد مبررات قصف قاعدة التنف. أما الاعتداءات السابقة فكان يتم التصدي لها بكفاءة فاجأت قادت العدو.
طبعا هذا لا يعني أن العدو الصهيوني لن يفكر بالمغامرة وشن اعتداءات جديدة، خاصة على أنظمة الدفاع الجوي السورية، لأن الأمر بالنسبة للكيان الصهيوني ليس مجرد حدث عادي وإنما قضية وجودية، لكن ما تنقله وسائل الإعلام الصهيونية يؤكد في الوقت نفسه أن هناك في الكيان الصهيوني تحديدا من ينصح الرؤوس الحامية بالتفكير كثيرا قبل تنفيذ أي عدوان، لأن اللعبة تغيرت وقواعد الاشتباك تغيرت، وما قبل التنف وبيان غرفة عمليات حلف المقاومة غير ما بعدها.