تقرير - خاص / لا ميديا -
أحداث دامية تشهدها مدينة عدن المحتلة، وقد تحولت مديرية كريتر إلى ساحة لتصفية الحسابات بين فصائل ما يسمى "المجلس الانتقالي"، الموالي للاحتلال الإماراتي، فيما حكومة الارتزاق تعيش سباتاً عميقاً ممتداً من فنادق الرياض إلى قصر معاشيق في مديرية كريتر التي عاشت صباحاً دامياً وحرب شوارع على مرمى حجر من سرير معين عبدالملك، الذي تسلل إليه بمجنزرة سعودية، فيما أكدت مصادر أنه وحكومته ليسوا في قصر معاشيق أصلاً، وأن ما روجت له الصور المأخوذة في مطار ما عن عودة ما لم يكن سوى مسرحية من إخراج الاحتلال السعودي.
حرب شوارع استفاقت عليها كريتر بمدينة عدن المحتلة، سقط إثرها ما لا يقل عن ستة مدنيين، بينهم طفل، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، فيما لم يعرف بعد عدد القتلى والجرحى في صفوف الانتقالي، الذي أعلن المديرية منطقة حرب بين فصائله.
مصادر محلية أكدت أن اشتباكات عنيفة بمختلف الأسلحة اندلعت أمس بين فصيل ما يسمى معسكر عشرين، التابع للجماعات السلفية بقيادة المرتزق إمام النوبي، وفصيلي "الحزام الأمني" و"العاصفة" المتمركزين على مشارف المديرية بعد انسحابهم إثر اشتباكات ليلية أجبرتهم على التقهقر، مشيرة إلى أن الاشتباكات دارت في شوارع أروى والبنك والميدان وحارة الجمالة ووصلت إلى محيط شرطة كريتر، وامتدت إلى حي الطويلة.
وشهدت كريتر، صباح أمس، عملية نزوح غير مسبوقة، مع استمرار تبادل القصف بين فصائل الانتقالي المتمركزة داخل المديرية وأخرى على تخومها. حيث شوهد سكان المدينة القديمة يفرون من منازلهم باتجاه مديريات أخرى كالتواهي.
وتحدثت مصادر محلية عن قتلى وجرحى من المدنيين لايزالون محاصرين في منازلهم ولم تتمكن فرق الإسعاف من الوصول إليهم بسبب شدة الاشتباكات.
مصادر مطلعة تحدثت عن اعتقال إمام النوبي ومقتل 3 من أشقائه بينهم القيادي عواد النوبي.
ورغم استقبال مشافي عدن لجثث ثمانية قتلى وأكثر من 15 مصاباً، رجحت مصادر طبية ارتفاع الحصيلة نظرا لكون المعارك تدور في أزقة الحارات وصعوبة الوصول إلى المحاصرين في منازلهم نتيجة شدة المواجهات.
وتابعت المصادر أن عدداً من منازل وسيارات المواطنين في كريتر شوهدت وهي تحترق، فيما مكبرات الصوت في المساجد تدعو إلى ما سمته "الجهاد”.
وسبق قتال الشوارع إغلاق قوات "الحزام الأمني" مداخل ومخارج كريتر بعربات ومدرعات انتشرت في المنطقة بهدف القبض على منتسبي "شرطة كريتر" بسبب إضرابهم عن العمل بعد اقتحام أطقم من "الحزام" مقرهم بأوامر من المرتزق إمام النوبي، شقيق نائب قائد "الحزام الأمني"، وإطلاقها عنوة أحد المطلوبين المقربين من النوبي، بعد اختطافها رئيس قسم التحريات في كريتر المرتزق عواد السيد.
وعد مراقبون انسحاب فصيلي "الحزام" و"الصاعقة" من كريتر انتكاسة كبيرة للانتقالي خصوصا في هذا التوقيت العصيب بالنسبة له.
وتحدثت أنباء في ساعة متأخرة من مساء أمس أن قوات الاحتلال السعودي هددت باستخدام طيران الأباتشي ضد "الحزام الأمني" و"العاصفة" إذا ما تم اقتحام كريتر، ما استدعى اجتماعا في معاشيق ضم ضباطا للاحتلال وقيادات في الانتقالي، فيما تحدثت أنباء أخرى عن اعتقال إمام النوبي ومقتل ثلاثة من أشقائه في المعارك الطاحنة.
بدوره، قال إمام النوبي، في سلسلة تغريدات على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إنه رفض وساطة لاحتواء الوضع مع الانتقالي، مشيرا إلى أن مديرية كريتر أصبحت تحت سيطرة قواته التي وصفها بـ"المقاومة الشعبية”.
وتوعد المرتزق النوبي بطرد من وصفها بـ"مليشيات الجبل"، في إشارة إلى فصائل الضالع، طارحا عددا من الشروط أبرزها إخراج هذه الفصائل من عدن.
وزعم أنه يهدف إلى محاربة الفساد والنهب، إلى جانب إطلاق سراح المحتجزين على ذمة التظاهرات الأخيرة المنادية بتحسين الوضع الخدمي والمعيشي، داعيا إلى بدء تشكيل "المقاومة الشعبية" ضد الانتقالي.
إلى ذلك، يكتنف الغموض مصير المرتزق معين عبدالملك، رئيس حكومة الفنادق، وعدد من وزرائه، في ظل المعارك التي تدور منذ مساء الجمعة في محيط قصر المعاشيق بعدن، مقرها الرئيس. فيما أفادت مصادر في الانتقالي بأن حكومة معين ليست متواجدة في عدن أصلا، مشيرة إلى أن زيارة معين للمدينة انتهت بعد ساعات على وصوله، مرجحة أن يكون معين يقيم حاليا في شبوة حيث تم تعزيز قوات الاحتلال السعودي والإماراتي هناك.

التلميح بدور سعودي في الأحداث
الانتقالي ألمح إلى وجود دور سعودي في دعم ما سماه تمرداً ضده في عدن، تزامناً مع فشله في اقتحام مديرية كريتر التي تنتشر فيها قوات للاحتلال السعودي.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمدرعات سعودية تشارك في المعارك إلى جانب فصيل النوبي، معتبرين أن تحرك الأخير كان ضمن مخطط سعودي يهدف لخلط الأوراق على الانتقالي والإمارات.
الانتقالي الذي وصف فصيل النوبي بالبلاطجة النازحين، أشار إلى ما سماها "تحركات مفتعلة معدا لها سلفا، وربما بالتنسيق مع عناصر الشرعية في معاشيق وخلاياها في كريتر وغيرها”.
وأوضح أن القصد من ذلك حدوث اضطرابات واشتباكات داخل أحياء كريتر أثناء وبعد وصول رئيس حكومة الارتزاق، ليتخذ من تلك الأحداث ذريعة للهروب من عدن تحت ذريعة أن المدينة غير آمنة. 
وفيما أصدرت ما تسمى اللجنة الأمنية، التابعة للانتقالي، بياناً عصر أمس، أعلنت فيه تنفيذ عملية عسكرية واسعة في كريتر ضد من سمتهم المجاميع والبؤر الإرهابية الخارجة عن النظام والقانون، معتبرة المديرية منطقة حرب، اتسعت المواجهات، وأصبح صدى أصوات قذائف المدافع وأزيز الرصاص يقترب من مديريات أخرى كالمعلا والتواهي، وهو ما يشير إلى أن الانتقالي الذي أراد احتواء فصائله في كريتر يتجه لخسارة المزيد من مناطقه في المدينة التي يعدها عاصمة دولته المزعومة. وفي موازاة المعارك في كريتر، ثمة تظاهرات وتحركات في مديريات أخرى كالشيخ عثمان ودار سعد، وجميعها مؤشرات إلى أن المجلس الذي أعلن الطوارئ قبل أسبوعين في مأزق حقيقي.

ترهيب الشارع
ويرى مراقبون أن هذه الاشتباكات مجرد مسرحية تهدف إلى تخويف الشارع من الخروج في مظاهرات الجياع، التي أربكت المحتل وأدواته في مدينة عدن.
وأكدوا أن المظاهرات ستستمر طالما هناك احتلال وطالما هناك حكومة ارتزاق فاسدة جلبت الويل للمواطنين في المحافظات المحتلة.
من جانبه، أكد محافظ عدن، طارق سلام، أن المأساة التي يعيشها المواطنون في مدينة عدن، تعكس واقع المناطق الخاضعة لفصائل التحالف.
وعلق سلام على المعارك الطاحنة التي تشهدها عدن بين فصائل الاحتلال الإماراتي، قائلا إن الاحتلال يخشى من تحركات المحافظات الجنوبية التي تطالب بخروجه، ولهذا يقوم بقمعها بهذا الشكل.
وأوضح أن الأجندة الإماراتية والسعودية تهدف للسيطرة على أبناء المحافظات الجنوبية، وإخضاعهم عبر مصادرة حقهم في الحياة، لافتا إلى أن الشارع الجنوبي يطالب اليوم برحيل الاحتلال والإفراج عن السجناء الموجودين في السجون السرية، مضيفاً أن المحافظات الجنوبية تعاني صحياً واقتصادياً وخدماتياً، إضافة للاعتداءات المتكررة على المواطنين.