بول ايدون  مجلة "فوربس" الأمريكية
ترجمة خاصة لـ "لا":زينب صلاح الدين / لا ميديا -

تباهت إيران مؤخراً بأن دفاعاتها الجوية هي الأفضل في الإقليم، وأنها كذلك من بين أفضل الدفاعات على مستوى العالم. وفي الوقت الذي تطورت فيه بلا شك بشكل كبير خلال العقد الماضي، تباهت أيضاً دول أخرى في الشرق الأوسط ببعض الدفاعات الجوية الهائلة لديها.
في يوليو، أشاد قائد الدفاع الجوي الإيراني، العميد علي رضا صباحي، بدفاعات بلده الجوية، مدعياً أنها الرقم واحد في كل المجالات، من حيث الكشف إلى الاعتراض في كل المنطقة.
وزعم أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي إحدى القوى العظمى بالنسبة للدفاع الجوي ليس فقط في الإقليم، بل في العالم".
لقد قطعت الدفاعات الجوية الإيرانية شوطاً كبيراً بشكل ملفت منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وبالعودة إلى تلك الفترة كان الإيرانيون -على سبيل المثال- غير قادرين على ملاحقة واكتشاف، ناهيكم عن اعتراض، طائرة تخترق مجالها الجوي. لذا كانت ناقلات القوات الجوية الأمريكية في بعض الأحيان تمضي أكثر من ساعتين داخل المجال الجوي الإيراني من دون أن يتم اكتشافها. وكانت صواريخ الدفاع الجوي الإيراني التي صنعتها طهران في السبعينيات خلال حكم آخر شاه في البلد مؤلفة بشكل أساسي من صواريخ (إم آي إم - 23) الأمريكية القديمة.
منذ ذلك الحين، قامت إيران بشراء صواريخ الدفاع الجوي (إس-300 بي إم يو-2) عالية الارتفاع من روسيا وقامت أيضاً بتطوير صواريخ مماثلة خاصة بها.
في العام 2014، كشفت طهران عن طائرة "خرداد الثالث" المسلحة بصواريخ (طائر-2بي) المصنع محلياً، الذي بإمكانه أن يستهدف طائرة العدو من مسافة تصل إلى أكثر من 25 ميلاً. وفي يونيو 2019 أسقطت "خرداد" طائرة أمريكية من نوع "نورثروب غرومـــــــان غلوبال هوك آر كيو-4" خـــلال الخلافـات المتصاعــــدة بين إيران والولايات المتحدة في الخليج الفارسي.
وفي 2019 كشفت إيران عن "بافار-373" كمقابل لصواريخ (إس-300) الروسية وصاروخ باتريوت الأمريكي. تزعم طهران أن هذا النظام المذكور أعلاه يستطيع أن يكتشف أكثر من 300 هدف في آن واحد من مسافة أكثر من 180 ميلاً، وأن يشتبك مع ستة أهداف بصواريخ "صياد-4" الذي يبلغ مداه كما تزعم أكثر من 120 ميلاً.
وفي حين أن هذا التطور يبدو مثيراً للإعجاب سيكون من المبالغة في الوقت ذاته القول بأن إيران تمتلك أنظمة دفاع جوي هي الأفضل في المنطقة برمتها.
وعلى امتداد الخليج الفارسي، تمتلك دولة أصغر بكثير، وهي الإمارات، مزيجاً مميتاً من أنظمة الدفاع الجوي ما بين المتوسط وعالي الارتفاع. تدير أبوظبي صواريخ الدفاع الجوي طويلة المدى الأمريكية (باتريوت إم آي إم-104)، ودفاع الارتفاعات العالية (ثاد) المضاد لأنظمة الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى "بانتسير-إس 1" متوسطة المدى الروسية. وقد تم تخصيص الدفاعات الجوية الإماراتية للمساعدة في حماية المجال الجوي للدول المجاورة من عدد من التهديدات المحتملة.
وكذلك تدير السعودية أنظمة دفاع جوي أمريكية عالية التقنية. وعلى الرغم من ذلك حاولت الرياض قصارى جهدها أن تكافح ضربات الصواريخ وطائرات الدرون المعقدة بشكل تصاعدي التابعة للحوثيين في اليمن. وكان أكثر من 860 طائرة وصاروخاً قد استهدف الأراضي السعودية منذ أن شنت الرياض حملاتها العسكرية على الحوثيين في العام 2015.
في 14 سبتمبر 2019 فشلت صواريخ الدفاع الجوي الأمريكية التي تملكها السعودية في إيقاف ضربة الطائرات بلا طيار والصواريخ التي يحتمل أنها من تدبير إيران مستهدفة معمل البقيق وهو جزء مهم وخطير من البنية التحتية للنفط السعودية.
ولكن لم يكن ذلك مؤشراً بالضرورة إلى أن دفاعات المملكة غير فعالة. كما تشير سيرة ذاتية حديثة لولي عهد السعودية صاحب النفوذ فإن الطريقة التي قسمت بها المملكة القوة العسكرية تقليدياً بين الفصائل المختلفة في ظل العائلـــــــة المالكة والحاكمة التي تتحكم بمختلف الوزارات أنها ربما تكون قد لعبت دوراً غير مقصود فــي عجـــــز الرياض عن تجنيب البقيق تلك الضربة. بعد كل شيء، كانت القوات المسلحة التابعة لوزارة الداخلية هي المسؤولة عن حماية منشآت النفط التي من بينها البقيق. إلا أنها لم تكن تملك أياً من دفاعات المملكة باتريوت التي تتحكم بها وزارة الدفاع (أدى تقسيم القوات الجوية الملكية وقوات الدفاع الجوي السعودي الملكي أيضاً إلى تقليل الكفاءة المفترضة لهذين الفرعين المجهزين بشكل جيد للجيش السعودي).
أما البلدان الأخرى الواقعة شمال الخليج فتمتلك دفاعات جوية أقل تأثيراً أو أقل إثارة للإعجاب.
بالنسبة للعراق فهو يدير فقط بضع عشرات من "بانتسير-إس 1" اشتراها من روسيا في 2010، وهو نظام الدفاع الجوي الوحيد الجدير بالذكر الذي يملكه والذي كان قد حصل عليه خلال عقود منذ حكم صدام. وقوته الجوية من طائرات (إف-16) ليس لديها حتى صواريخ (ايم-120 أمرام جو-جو) طويلة المدى.
وكان قد تم تدمير قطع كبيرة من الدفاعات الجوية السورية القديمة في وقت سابق خلال عقد من الحرب الأهلية التي دمرت البلد. وقد شنت إسرائيل مئات الضربات الصاروخية والجوية على سورية لمنع إيران من توسيع قواتها في البلد. وما بين العامين 2018 و2020 دمرت إسرائيل ثلث الدفاعات الجوية السورية.
في سبتمبر 2018، أسقط صاروخ سوري (إس-200 أرض جو) طائرة روسية أثناء محاولته اعتراض ضربة جوية إسرائيلية، ما أدى إلى مقتل كل أفراد طاقمها الخمسة عشر. روسيا اتهمت إسرائيل في الحادثة وردت عليها بإرسال صواريخ (إس-300) إلى الجيش السوري، على الرغم من أن أفراد الجيش الروسي هم من يديرون هذه الأنظمة ولا يسمحون لسورية بإطلاقها. وبعيداً عن صواريخ (إس-300) هذه فإن صواريخ الدفاع الجوية الأبرز في الترسانة السورية هي بلا شك "باك-إم2" و"بانتسير-إس 1" متوسطة المدى بعددها المحدود.
أما مملكة الأردن فتمتلك دفاعات جوية أقل. وافتقار لبنان الكلي للدفاعات الجوية يعني أنه لا يستطيع منع القوة الجوية الإسرائيلية من الانتهاك المستمر لمجاله الجوي.
في الجهة المقابلة تمتلك إسرائيل الدفاعات الجوية الأفضل في المنطقة. وبعيداً عن إدارتها لعدد متنوع ومتطور من صواريخ الباتريوت، طورت إسرائيل أيضاً صواريخ الدفاع الجوي متعددة المستويات والمتطورة للغاية بمســـاعدة الولايــــات المتحـــدة وبتمويلها. ويستطيع نظامها (القبة الحديدية الأيقـــــــوني) اعتراض الصواريخ قصيرة المدى كتلك التـي تطلقهـــا حمـــــــــــاس باستمرار عليها في غزة. وكان نظام "حزام دافيد" قد صنع من أجل اعتراض الصواريخ الباليستية التكتيكية على ارتفاع منخفض صغير، و"أرو-3" مصمم من أجل اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات أثناء تحليقها في الجو، الذي من شأنه -على الأقل نظرياً- أن يحيد أي صواريخ تحمل رؤوساً غير تقليدية بأمان.
في يوليو، وقعت شركة أنظمة الدفاع المتطورة "رفاييل" التابعة لإسرائيل اتفاقية مع شركة "لوكهيد مارتن" لتحسين نظام دفاع جوي بالليزر الذي تأمل إسرائيل أن "يوسع" مظلتها الدفاعية الجوية متعددة الطبقات. كما تسعى إلى إدخال هذا النظام في جيشها في 2024.
ومصر الجارة الشمالية لإسرائيل تدير كل شيء ابتداءً من "تور" الروسية قصيرة المدى وأنظمة "أفينجر" الأمريكية إلى (إس-300 في إم) و(باتريوت باك-3). كما قامت القاهرة بتحديث وإطالة عمر طرازات الأنظمة الأقدم (إم آي إم-23) و(سوفييت إرا إس إي-6).
أما تركيا، منذ زمن بعيد تفتقر إلى صواريخ الدفاع الجوي بعيدة المدى. وأقرب شيء امتلكته هو الإصدار الحادي والعشرون من (إم آي إم-23) و"رابير" البريطاني الصنع. تخطط أنقرة لاستبدال هذه الأنظمة القديمة بعائلة "هيزار" المتألفة من صواريخ أرض جو قصيرة إلى طويلة المدى تعمل على تصنيعها حالياً.
 كان على تركيا أن تعتمد على حلفائها في الناتو لوضع بطاريات الباتريوت التابعة لهم في أراضيها خلال الفترات التي واجهت فيها خطر الضربات الباليستية المحتملة من سورية أو العراق. مع ذلك بدلاً من أن تشتري صواريخ الباتريوت المتعددة اتخذت أنقرة قراراً مثيراً للجدل، وهو شراء صواريخ (إس-400) الروسية، على الرغم من الاعتراضات العنيفة لواشنطن التي ردت بإخراج أنقرة من برنامج مقاتلة (إف-35) المشترك، مانعة إياها من شراء نفاثة الجيل الخامس لقواتها وفرضت عقوبات على أعلى هيئة لمشترياتها وتطويرها الدفاعي.
لماذا قد يسعى عضو في الناتو بعناد إلى مثل هذا النظام الروسي المتطور على الرغم من أن مشاكل التشغيل البيني والتكاليف الاقتصادية والسياسية الباهظة المتوقعة لمثل هذه المشتريات المثيرة للجدل -لنقل على الأقل- هي موضع تساؤل وشك. تكهن بعض المحللين بأن تركيا كانت تبحث عن نظام دفاع جوي قادر على إسقاط طائرات (إف-16) معادية بفاعلية من قوتها الجوية في حال حدوث محاولة انقلاب أخرى كالانقلاب الذي هز كيان البلد في 15 يوليو 2016. ومن الممكن أن يمثل التأمين أيضاً طريق تركيا لتقليل اعتماد جيشها التقليدي على الولايات المتحدة والصناعات العسكرية الغربية الثقيلة.
في الأخير، لدى الشرق الأوسط بعض الدفاعات الجوية المتطورة المدمرة التي قد تطرح تحدياً كبيراً حتى أمام أحدث وأقوى القوات الجوية في العالم.