انتهجت دول العدوان سياسة القصف المتعمد لكل البنى التحتية في اليمن، ومنها المدارس والمنشآت التعليمية، التي دمر الكثير منها بفعل الغارات الهمجية لطائرات العدوان، وهي تستهدف بذلك تعطيل الدراسة والتحصيل العلمي لشباب اليمن، وبالتالي القضاء على العقل اليمني المفكر.
غير أن شعبنا اليمني الصامد تحدى كل الظروف الناتجة عن العدوان، ومنهم أبناؤنا الطلاب الذين استمروا في الدراسة وتحصيل العلوم رغم كل الظروف، وليس ذلك فقط، بل إنهم ثابروا واجتهدوا ليحصدوا ثمرة تفوقهم مع نهاية كل سنة دراسية، خصوصاً الذين حصلوا على المراكز الأولى (الأوائل) في امتحانات الثانوية العامة للعامين الدراسيين المنصرمين.

بادرة أولى من نوعها
في أول بادرة من نوعها قام المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ ممثلة بوزارة التربية والتعليم بتكريم 116 طالبا وطالبة من المتفوقين في الثانوية العامة في العامين الدراسيين 2019/2018 و2020/2019، وذلك في احتفالية خاصة تليق بكفاحهم ونضالهم في سبيل رفد الوطن بدماء جديدة في مختلف المجالات والعلوم.
وقد تضمنت الاحتفالية توزيع أربع سيارات كهدايا للطلاب الأربعة الأوائل على مستوى الجمهورية، إضافة إلى أجهزة حواسيب محمولة وأجهزة آيباد لجميع الأوائل.
«لا» كانت حاضرة معهم لحظة بلحظة وشاركتهم الفرحة والتكريم والتقت بعضا منهم وتساءلت عن رسالتهم للعالم، فكانت الحصيلة التالية:   

الظروف جعلت منا رجالا
مهند منور محمد عبدالله الصغير (الأول على مستوى الجمهورية)، حصل على سيارة إضافة إلى حاسوب محمول وجهاز أيباد، وقد شاركته صحيفة «لا» الفرحة وهو يصعد سيارته، وسألته عن شعوره وهو يقود السيارة التي حصل عليها كهدية نتيجة اجتهاده وتفوقه، فقال: «هذه اللحظة من أجمل لحظات عمري، كوننا أنا وزملائي نحقق هذا التفوق رغم الظروف الصعبة التي واجهناها نحن وبلدنا بشكل عام، أما رسالتي للعالم فأقول فيها: شعب اليمن صامد وقوي، والظروف هي التي جعلت منا رجالا، وبإذن الله سنصل للقمة بالقريب العاجل».   

أكبر رسالة للعدوان
بتول حسين المختفي (المركز العاشر على مستوى الجمهورية للعام الدراسي 2019/2018) تقول: «شعوري في هذه اللحظة يصعب لي وصفه، كوننا حققنا هذه النجاحات في ظل الحصار والعدوان والظروف الصعبة، ورسالتي للعالم أننا مستمرون في تحقيق النجاحات ورفع راية وطننا عاليا بالعلم والتفوق مهما استمررتم بحصاركم وعدوانكم، وتكريمنا اليوم أكبر رسالة لكم».

شعور يفوق الوصف
أديب العزي أحمد الجرافي (المركز الثاني على مستوى الجمهورية للعام الدراسي 2020/2019) يقول: «شعوري لا يوصف وأنا أصل لهذه المرحلة المهمة، إذ إنني أعدت العام مرة أخرى فقد كنت حصلت على معدل 96%، ولم أقتنع حتى وصلت للمعدل الذي أهلني أن أكون من أوائل الجمهورية، وبفضل من الله حققت ذلك، وهنا أشكر كل من ساندوني ومدرستي التي ذللت لنا الصعاب، فقد مررنا بظروف صعبة، ولكنها لم تثننا عن تحقيق ما نطمح إليه».

فما عذركم أنتم؟
محمد عبدالرحمن العزاني (المركز السادس على مستوى الجمهورية) يقول: «أشكر والدي العزيزين اللذين كان لهما الفضل الكبير بعد الله، وكذلك لمدرستي ثانوية جمال عبدالناصر ولوزارة التربية التي أعدت وجهزت لهذا التكريم الكبير. ورسالتي للعالم: نحن حققنا نجاحاتنا رغم حصاركم فما عذركم في عدم رفع الحصار وإيقاف الحرب.

والدتي قدوتي
يحيى عبدالباسط منصر (المركز الثالث للعام الدراسي 2020/2019) يقول: «بفضل الله تغلبنا على صعوباتٍ كبيرة كالعدوان الغاشم على بلدنا اليمن، وجائحة «كوفيد 19». ورسالتي لكل طالب وطالبة عليهم بالجد والاجتهاد وعدم الاستسلام، حتى وإن كان الاجتهاد موجوداً لديهم جميعا، لكن يجب ألا يستسلموا».
ويضيف: «ما أشعر به الآن لحظة التكريم، هو ما كنت أسعى إليه منذ طفولتي، فقد كرمت والدتي التي كانت هي أيضا من أوائل الجمهورية في العام الدراسي 2008/2007، وكان هذا طموحي من الصف الأول، وحققته بفضل الله».

الفضل لمعلماتي
نهى حمود الحسيني (المركز التاسع)، تقول: «أشكر من كان لهن الفضل في وصولي لهذه المرحلة، معلماتي بمدرسة القدس الشريف اللائي كان لهن الفضل بعد والدي، أما شعوري فهو شعور لا يوصف أن تأتي لحظة وتكوني فيها واقفة أمام الوسائل الإعلامية ويتم تكريمك من الوزارة، وهو شرف كبير حصلنا عليه. أما رسالتي للعالم فهي: نحن مصرون على النجاح مهما فعلتم بنا، وسننتصر بعلمنا وجهادنا».

شعور بالفخر
فاطمة شيبان (المركز الخامس) تقول: «أشعر بالفخر كوننا بوضع استثنائي، وبالتالي حققنا الذي لم يستطع غيرنا تحقيقه، فبفضل الله والوالدين ومعلمينا تجاوزنا كل الظروف. ورسالتي أولا لزملائي واصلوا المسير نحو أرقى النجاحات، ورسالتي للعالم مهما فعلتم سنواصل في تحقيق النجاحات».

بهؤلاء سننتصر
الحفل الذي كان لائقا وكبيرا بطلابٍ اجتهدوا وسط ظروف صعبة واستثنائية، لا بد أن المنظمين والقائمين على ذلك لهم الجهود الكبيرة والحثيثة في ذلك.. لأهمية ذلك التقت «لا» هاشم حميد الدين (عضو اللجنة التنظيمية للفعالية) الذي أوضح أن الوزارة تسعى دائما لتكريم الأوائل، وهذا العام سبقت الاستعدادات منذ شهر ونصف والوزارة على قدمٍ وساق لحشد الداعمين، وتنسيق الأعمال والجهود، ولجان عدة عملت على إنجاح ذلك.
وأضاف حميد الدين: «كما أننا تميزنا عن الأعوام السابقة كاستضافة الطلاب لمدة 5 أيام لأنهم من جميع المحافظات، وبجانب الطالب حضر كل من والده ووالدته، وتخلل هذه الاستضافة العديد من الندوات العلمية والصحفية، واستضفنا وزارتي التعليم العالي، والتعليم الفني، وعدداً من الوزراء في قيادات الدولة، ومؤسسات علمية كمؤسسة بنيان والهيئة العليا للابتكارات، كما تميز الحفل هذا العام بجانبيه الرسمي والشعبي.
وختم قائلا: «إصرارنا على إقامة هذا الحفل رغم ضعف الإمكانات والقدرات إلا أن له قرينة بعزائمنا لمواجهة العدوان، ونضع نصب أعيننا أننا بهؤلاء سننتصر لأنهم قادة المستقبل، وكذلك نجاح هذا الحفل الذي تقيمه الوزارة لأول دفعة مع تجربة (الأتمتة) وكذلك الأقل، إذ إن عددهم قليل مقارنة بما مضى».

استعدادات كبيرة ومبكرة
أما صفوان الحذيفي (عضو اللجنة الإعلامية)، فقد تحدث بدوره قائلا: «تم الاستعداد للحفل من عدة نواح، وأقول للعالم ولدول العدوان إنه كلما زادت سنوات العدوان زاد إصرارنا على النجاح والتفوق، وبذل الأفضل من عامٍ لآخر، أما رسالتي لطلاب الثانوية العامة الذين مازالوا على مقاعد الدراسة فأتمنى منهم أن يجتهدوا ليصلوا إلى ما وصل إليه زملاؤهم».
وأضاف: «من جانبٍ آخر، فقد كان التفاعل سخيا من الجهاتِ الحكومية، والشركات الخاصة، لرعاية وإنجاح الحفل التكريمي، ويعد التكريم بسيارات للأوائل تقريبا أول مبادرة على مستوى الجمهورية، وكذلك لابتوبات (أجهزة حواسيب محمولة) وجوائز عينية أخرى».

علماء صغار
فكيهة إدريس فتح الله (متخصصة في البيانات الجغرافية بوزارة التربية والتعليم) تحدثت عن أهمية هذه المناسبة التكريمية والدلالات والمضامين التي تحملها. مشيرة إلى أن هؤلاء المتفوقين هم بمثابة «علماء صغار» كما أطلق عليهم الوزير، و»كما تفوق اليمنيون في الجانب العسكري، فإنهم قادرون على التفوق في بقية العلوم الأخرى، كالطب والهندسة والهندسة وغيرها من العلوم، وسنجد منهم مستقبلا علماء في مختلف المجالات، وهنا نعوّل أكثر على الطلاب المجتهدين».
وأضافت فكيهة: «رسالتي للعالم أن هذه المدارس التي تحت الأنقاض سيتخرج منها علماء المستقبل، وهؤلاء هم النصر الحقيقي».
وختمت حديثها بالقول: «شعرت برهبة وإحساس رائع أن يتم استقبال الطلاب بهذه الطريقة الرسمية ونقلهم على متن أضخم الباصات وترافقهم المدرعات كوفد دولي وأكثر، مع العلم أن التكريم ضم كل أبناء المحافظات اليمنية (شمالا وجنوبا) دون تمييز، وهذا أشعرنا أننا لحمة واحدة ولم ولن يستطيعوا تفريقنا، وواثقون من النصر بإذن الله».
تلك كانت رسائل أبرقها الأوائل للعالم بأنهم لن يستسلموا أبدا، وأن الظروف جعلتهم أكثر قوة وصلابة، وهي أيضا رسالة لزملائهم الذين مايزالون على مقاعد الدراسة بأن عدم الاستسلام لأي ظرف، سيكون رفيقه التألق والتحليق عاليا.