تحليل/ شايف العين / لا ميديا - 

بات من الضروري على أي من دول العالم في عصر التطور التكنولوجي امتلاك وسائل عدة إذا ما أرادت الحفاظ على وجودها واستقلالية قرارها وسيادتها من أي مطامع تبديها دولة أو دول أخرى تجاهها، وإلى جانب الوسائل العسكرية والاقتصادية تأتي الوسائل الاتصالية المرئية والمقروءة والمسموعة، والتي تعرف بـ»الإعلام».
غير أن الدول السائرة في فلك الأحادية القطبية الطاغية الممثلة بنظام العدو الأمريكي وكيان العدو الصهيوني، امتلكت قنوات تلفزيونية فضائية وصحفاً وإذاعات ومواقع إلكترونية، احتلت مواقع متقدمة في قائمة أسلحتها المسخّرة لفرض هيمنة تلك الأحادية على شعوب العالم وقهرها.
حيث روجت تلك الوسائل، وأبرزها المحطات التلفزيونية الدولية، لتوجهات وأساليب وسياسات قوى الظلم والطغيان، وسعت إلى تنميط الوعي المجتمعي لدى الشعوب المستهدفة من قبل تلك القوى ببث وإذاعة ما يخدم مصالحها ويحقق أجنداتها على أساس أنه الحقيقة المجردة من أي انحياز أو اصطفاف رغم زيفه المفضوح.


حياد زائف
فعلى سبيل المثال لم ينحصر العدوان الذي شنه التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي في 26 مارس 2015، على الوطن وأبناء الشعب، في الجانبين العسكري والاقتصادي، بل امتد إلى جوانب أخرى كالجانب الإعلامي الذي حضرت فيه الماكنة الإعلامية الضخمة التابعة لقوى الهيمنة والطغيان كركيزة ضمن ركائز أساسية عدة اتكأ عليها وسخر لها مليارات الدولارات لتحقيق النجاح المرجو منها.
وظهرت هذه الماكنة الإعلامية المتنطعة بالحياد والحرية والانحياز إلى الإنسان بصورة معاكسة تماما لما روجت له طيلة عقود عن توجهاتها، بغرض رسم صورة ثابتة في وعي المتلقي تجعلها بنظره «محايدة» ومنحازة دائما إلى عرض الحقيقة فقط والاصطفاف إلى جانب «الإنسانية» كونها حرة وغير مقيدة بسياسات بلدانها تجاه بقية البلدان والشعوب الأخرى، حد زعمها.
إلا أن تعاطي تلك الماكنة الإعلامية مع العدوان على اليمن، كشف زيف ذلك الادعاء ليس فقط بافتراءات لا تمت للحقيقة بصلة، بل بصيغة خطابها الذي توجهه للرأي العام في القالب الخبري وغيره من القوالب الصحفية حول ما يرتكبه تحالف دولي على رأسه نظام العدو الأمريكي من جرائم بحق الشعب اليمني يندى لها جبين الإنسانية ولم يشهد العصر مثيلها.
وفي هذه المادة الصحفية نضع بين أيدي قراء صحيفة «لا» تحليلا لمضمون كيفية تعاطي تلك الفضائيات الدولية مع أحداث واكبت العدوان وطريقة عرضها لها ومدى إسهام مراسليها اليمنيين في صنع خطابها.
وقد اخترنا عدداً من القنوات الفضائية العربية والدولية العاملة في صنعاء كعينة لتحليل مضمون خطابها تجاه العدوان على بلادنا.. وهذه القنوات هي: «فرانس 24، BBC، الحرة، روسيا اليوم RT، العربي، الجزيرة، الميادين، العالم، المنار، العهد، نبأ».

«حكومة» و«متمردون»
من خلال تحليل مضمون التعاطي الإعلامي للقنوات الفضائية العربية والدولية العاملة في اليمن، نجد أن هناك اختلافات في استخدام المصطلحات والتسميات بينها، كل قناة بحسب توجهاتها ورؤيتها للعدوان والحصار على اليمن، فضلا عن السياسات الإعلامية التي تسير وفقها هذه القنوات الفضائية (العينة).
تستخدم قناة «فرانس 24» تسمية «الحوثيين الموالين لإيران»، أو «المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران» على قوات الجيش واللجان الشعبية، بينما تطلق على العدوان على اليمن «التحالف العربي العسكري بقيادة السعودية»، وتسمي مرتزقة العدوان «الحكومة المعترف بها دوليا» أو «القوات الحكومية» أو «القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه»، كما تسمي الجماعات التكفيرية المرتزقة «تنظيم الدولة الإسلامية».
وتظهر قناة «فرانس 24» ما يجري في اليمن على أنه «نزاع بين الأطراف المحلية» و«حرب بالوكالة»، وبالنسبة للقناة فإن غارات طيران العدوان على المدنيين، هي استهداف لمواقع عسكرية «حوثية»، حيث تقول: «قوات التحالف العربي بقيادة السعودية تستهدف مواقع عسكرية للحوثيين في صنعاء».

«تحالف إقليمي»
من جهتها، تسمي قناة «الحرة» تحالف العدوان «التحالف الإقليمي الذي تقوده السعودية» أو «التحالف بقيادة السعودية»، بينما تطلق على مرتزقته تسمية «الحكومة اليمنية»، أو «الجيش اليمني»، أما قوات الجيش واللجان الشعبية فتسميها «مليشيات الحوثي».
أما قصف المدنيين فتقول عنها «غارات لطيران التحالف على مواقع عسكرية لمليشيا الحوثي في صنعاء»، وعندما تتحدث الأمم المتحدة ومنظماتها عن سقوط شهداء تصفهم «الحرة» بالمدنيين، حيث تقول: «مقتل مدنيين بغارات للتحالف الإقليمي بقيادة السعودية».

«عاصفة حزم»
قناة «روسيا اليوم» ملتزمة بالتسمية السعودية، حيث تطلق على العدوان تسمية «تحالف عاصفة الحزم بقيادة السعودية»، وتطلق على العميل هادي لقب «رئيس الجمهورية اليمنية»، أما حكومة المرتزقة فهي «الحكومة المعترف بها دوليا» أو «الحكومة اليمنية» و»الجيش اليمني»، بينما قوات الجيش واللجان تطلق عليهم «المسلحين الحوثيين» و«عناصر الحوثي» و«جماعة أنصار الله الحوثية».
وعن استهداف المدنيين من قبل طيران العدوان تقول قناة «روسيا اليوم» عنها: «غارات لتحالف عاصفة الحزم على مواقع ومعسكرات الحوثيين»، أما شهداء الغارات فتسميهم «قتلى مدنيين بغارات للتحالف العربي على صنعاء».

حرب بالوكالة
أما قناة «بي بي سي» البريطانية، فتسمي مرتزقة العدوان «القوات اليمنية الموالية للسعودية والإمارات»، «الحكومة المعترف بها دوليا»، وتسمي دول العدوان «التحالف العربي المدعوم من الغرب»، أو «الحملة العسكرية للتحالف بقيادة السعودية»، أما القوى الوطنية فتسميها «حركة أنصار الله الحوثية».
كما أن القناة تقول أحيانا إن ما يحدث في اليمن هو «حرب بالوكالة بين السعودية وإيران»، وتستخدم في أوقات ما مصطلح «طرفي النزاع في اليمن الحكومة المعترف بها دوليا والحوثيين».
وبالنسبة لاستهداف المدنيين من قبل طائرات العدوان، فإن القناة تتحدث عن استهداف مواقع عسكرية، حيث تقول: «طائرات التحالف بقيادة السعودية تقصف مواقع عسكرية للحوثيين في صنعاء»، أما في مسألة استشهاد مدنيين في غارات لتحالف العدوان، فهي تشير إلى ذلك بالقول: «مقتل مدنيين بغارات لطائرات التحالف».

من «تحالف عربي» إلى عدوان
قناة «الجزيرة» القطرية، وفي بادئ الأمر كانت تستخدم تسميات «التحالف العربي بقيادة السعودية»، «قوات الجيش الوطني» أو الحكومة المعترف بها دوليا» أو «المقاومة الشعبية» على طرف العدوان ومرتزقته، وتطلق تسميات «مليشيا الحوثي والمخلوع صالح»، «مليشيات الحوثي المدعومة من إيران» على الجيش واللجان الشعبية والقوى الوطنية، كما أن القناة كانت تستخدم مصطلح «عاصفة الحزم لإعادة الشرعية» لتسمية العدوان على اليمن، وأن «طيران التحالف العربي لإعادة الشرعية يستهدف مواقع عسكرية للحوثيين في صنعاء»، في الوقت الذي كان فيه طيران العدوان يستهدف المدنيين.
وبعد إعلان قطر انتهاء مشاركتها في تحالف العدوان على اليمن وبدء الخلاف بينها وبين نظامي العدو السعودي والإماراتي، غيرت القناة سياستها تجاه العدوان على اليمن، واستخدمت مصطلحات وتسميات جديدة خلاف سابقاتها، وذلك كالتالي: «جماعة أنصار الله»، أو «جماعة أنصار الله الحوثية»، أو «جماعة الحوثي» على الجيش واللجان الشعبية، و«مليشيات الانتقالي الموالية للإمارات» على مرتزقة المجلس الانتقالي، ولم تتغير تسميتها كثيرا لمرتزقة العدوان المنتمين لحزب الإصلاح حيث تدعوهم بـ«الجيش اليمني»، أو «الشرعية»، كما باتت تستخدم اسم «الحرب على اليمن» بدلا من «الحرب في اليمن»، أو «عاصفة الحزم لإعادة الشرعية»، و«التحالف السعودي الإماراتي» بدلا من «التحالف العربي».
أما في حال سقوط شهداء بقصف للعدوان فتقول «مقتل وجرح مدنيين بغارات للتحالف السعودي الإماراتي»، و«غارات للتحالف السعودي الإماراتي على مدنيين».

«شرعية» و«حوثيون»
قناة «العربي» تسمي القوى الوطنية «الحوثيين المدعومين من إيران»، بينما تطلق على المرتزقة تسمية «الحكومة الشرعية» أو «المقاومة الشعبية» أو «اللجان الشعبية الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي»، أما عن غارات العدوان التي تستهدف المدنيين فتقول: «طائرات تحالف عاصفة الحزم تغير على مواقع عسكرية للحوثيين»، وعند سقوط شهداء تقول: «مقتل يمنيين بغارات للتحالف العربي بقيادة السعودية في صنعاء».

عدوان سعودي إماراتي
قناة «الميادين» اللبنانية تطلق على العدوان عدة مصطلحات، مثل: «العدوان السعودي على اليمن»، «عدوان التحالف السعودي على اليمن»، «العدوان السعودي الإماراتي على اليمن»، ومؤخرا استخدمت مصطلحي «التحالف السعودي وقوات هادي والإصلاح»، و«حرب التحالف السعودي على اليمن».
كما تسمي القوى الوطنية المدافعة عن اليمن وشعبه ضد العدوان «قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية» أو «القوات المسلحة اليمنية»، أما الشهداء فتطلق عليهم التسمية ذاتها، حيث تقول: «شهداء بغارات لتحالف العدوان السعودي على صنعاء»، أو «شهداء بغارات للتحالف السعودي». 

فصائل مرتزقة العدوان
قناتا «العهد» و«نبأ» تطلقان على العدوان تسمية «العدوان السعودي على اليمن»، وتسميان المرتزقة «جماعة الإخوان»، أو «فصائل المرتزقة»، بينما تسميان القوى الوطنية «قوات الجيش واللجان الشعبية»، أو «حكومة صنعاء»، و«المجلس السياسي الأعلى»، و«أنصار الله»، وتطلقان تسمية الشهداء على ضحايا غارات طيران العدوان، حيث تقولان: «شهداء وجرحى بغارات لطيران العدوان السعودي».
أما قناتا «المنار» و»العالم» فتتفقان في استخدام المصطلحات والتسميات ذاتها، حيث تطلقان على العدوان تسمية «العدوان السعودي الإماراتي على اليمن»، وتسميان المرتزقة «مرتزقة العدوان السعودي الإماراتي»، بينما تسميان القوى الوطنية «قوات الجيش واللجان الشعبية»، أو «القوات المسلحة اليمنية»، وتطلقان تسمية الشهداء على ضحايا غارات طيران العدوان، حيث تقولان: «شهداء وجرحى بغارات لطيران العدوان».
ويتضح من خلال تحليلنا لأبرز المصطلحات التي تستخدمها تلك الفضائيات في تغطيتها الإعلامية للعدوان على اليمن، أن جميعها تنقاد خلف رواية إعلام تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي ومرتزقته، ما عدا القنوات المحسوبة على قوى المقاومة والمتمثلة في «الميادين» و«المنار» و«العالم» و«العهد» و«نبأ» والتي تتشابه تغطيتها الإعلامية للعدوان على اليمن مع التغطية التي تقوم بها وسائل الإعلام الوطنية.
ويبقى التساؤل هو عن دور اليمنيين الذين يعملون مراسلين لتلك القنوات من العاصمة صنعاء في صياغة ذلك الخطاب الرائج والمقيد بتوجهات وسياسات واشنطن، حتى إن بعض هذه الفضائيات إذا ما أرادت الحصول على معلومات أو مداخلات من قيادات وطنية في موضوع أو حدث ما توظفها ضمن خطابها وسياساتها الإعلامية تلقى تسهيلات كبيرة في ذلك، وللإجابة على ذلك تواصلت الصحيفة مع مراسلي تلك القنوات لكن لم يرد على تساؤلاتها سوى اثنين منهم هما مراسل قناة «المنار» ومراسل قناة «فرانس 24».

حدود صلاحية المراسل في صياغة خطاب القناة
يقول مراسل «المنار» خليل العمري إن القناة لديها خط إخباري واحد يتضمن قواعد حاكمة للخطاب بشكل عام، وليست مخصصة لساحة دون أخرى، فما يحكم خطابها عن اليمن هو ذاته ما يحكم خطابها عن سوريا والعراق ومصر وشتى الأقطار، والهدف هو كشف الحقائق وليس أي شيء آخر.
وذكر العمري أن من أهم تلك القواعد الناظمة للخطاب هي قاعدة «الدقة قبل السبق»، أما المحاذير فتتمثل في اثنين، وهما الحذر من أي مضمون يوحي بالرغبة في التطبيع مع كيان العدو الصهيوني، والاحتراس من الخطاب الطائفي، ودون ذلك فما على المراسل إلا الالتزام بقواعد المهنة، وهي موجهات عامة تتبناها كل قناة تحترم نفسها وتسعى إلى كشف الحقائق.
وأكد أنه خلال 16 سنة من عمله لدى القناة لم يحدث أنها وجهته بالتحامل أو التشنيع على هذا الطرف أو ذاك، ولا طلبت منه تلميع «زيد أو عمرو من الناس»، وفي أحيان كثيرة يغدو مستشارا لها فتستأنس إدارتها برأيه حول الأسلوب الذي ينبغي أن تعتمده في تناول الحدث والتعاطي معه.
أما مراسل «فرانس 24» في صنعاء عدنان الصنوي فيقول إنه لا يوجد خطاب للقناة إزاء المشهد اليمني، وإنما قواعد عمل مجردة يمكن انطباقها مع مختلف البلدان تقريبا.
ويضيف الصنوي أن «فرانس 24» قناة إخبارية مغلقة على هذا الفن الصحفي وفروعه كالحوار والتحقيق والقصص، معتقدا أنها أفضل مثال لمحطة إخبارية، كون سياق العمل لديها لا يحتمل إبداء الرأي أبدا من جانب المراسلين إلا إن كان ذلك نقلا عن المصادر، أو المراقبين.
وأوضح أن 15 دقيقة هي كل المساحة الإخبارية المخصصة في القناة لنشرة أخبار مفصلة، وبالتالي فإن أمام المراسل في الغالب ثلاث دقائق فقط كحد أقصى ليصف ما رآه، أو سمعه حول التطور، أو الحدث الذي هو بصدد المداخلة عنه.

وجوب استخدام مصطلحات معينة 
أما عن توجيهات من مركز القناة توجب على المراسلين استخدام مصطلحات معينة أثناء صياغتهم للمادة الإعلامية بمختلف قوالبها، يقول العمري إن هذه الموجهات موجودة في كل قناة، والمصطلحات يتم اختيارها بناءً على محددات واقعية ومنطقية وتتفق مع قيم الحق والعدل والإنصاف.
ويضيف أنهم على سبيل المثال يسمون «الحرب السعودية الإماراتية على اليمن» عدواناً، ويطلقون على «الجيوش التابعة له» اسم مرتزقة، وهذا يتفق مع قوانين وشرائع الأمم، ومع أدبيات الشعوب عبر التاريخ.
من جانبه تحدث الصنوي بقوله: «فرانس 24، وشقيقتها الأكثر خبرة مونت كارلو الدولية، كانتا على النهج نفسه في تغطية النزاع اليمني، بما في ذلك الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات وإعلاء أصوات الضحايا كما هو الحال مع ضحايا الغارات الجوية لمقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية منذ 6 سنوات»، مؤكدا أن كل ذلك يأتي في سياق معايير العمل الصحفي التي تعلمها الصحفيون جميعهم على مقاعد الدراسة.
وتفرض القناة على مراسليها في اليمن وغيرها استخدام مصطلحات معينة في صياغتهم للمادة الإعلامية، حيث يفيد الصنوي أن القاسم المشترك بين مراسلي «فرانس 24» و«مونت كارلو الدولية»، هو «الوصف المجرد للأحداث بما يتسق مع الدلالات القانونية ومبادئ الصحافة الحساسة»، وفقا لتعبيره.
ويرى أن مصطلحات القناة التي تستخدمها في تغطيتها للعدوان على اليمن كانت «متوازنة إلى حد ما» وتعطي «الأطراف» مساحة مناسبة لعرض قضاياهم دون أدنى تحفظ، مستدلا على ذلك بعدم قيام الحكومة اليمنية بحجب مواقعها الإلكتروني منذ بداية العدوان.
ويشير إلى أن مراسل القناة يلتزم بالقواعد والمحاذير المعتمدة من قبل السلطات في منطقة عمله، ولا سبيل أبدا تحت أي ظرف مخالفة تلك القواعد السارية على كافة المراسلين، لذلك لم يحدث على الإطلاق أن تعرض فريق القناة لأي تهديد.

أولوية المراسل في مقاربة المشهد بين محددات القناة  وبين وطنيته
وحول الأولوية بالنسبة للمراسل في مقاربة ما يحدث في اليمن إذا ما كانت تعتمد على المحددات التي تضعها القناة، أم رأيه كمواطن يمني يعيش الحدث، يقول الصنوي: «نحن جميعا بشر في النهاية ننتمي إلى هذه الأرض التي تمسكنا بالبقاء فيها وعدم مغادرتها تحت أي ظرف، وبالتأكيد لدينا مشاعرنا المنسجمة مع مواقف أهلنا وبلدنا». مضيفا أن خدمة القضايا يمكن أن تأتي أيضا عبر معايير وأسس الوسيلة العلمية والمهنية العامل فيها، والتي تفرض عليه، عدم كتابة أي تعليق أو موقف على وسائل التواصل الاجتماعي من شأنه أن يخل بتلك المعايير.
أما العمري فيقول: «بشكل عام فإنه من الطبيعي أن تكون محددات القناة هي الحاكمة، وما عليك كمراسل إلا أن تقبل العمل في هذه القناة، ومن ثم القبول بتلك المحددات، أو ألا توافق على العمل معها».
ويضيف أنه بالنسبة إليه فليس هناك تعارض بين قناعاته ومحددات القناة، بل إن القناة تعمد أحيانا إلى كبح جموحه في التناول المنفعل لحدث ما، إذا رأت أن في ذلك خروجا عن مهمة الصحفي.

لا امتيازات للمراسلين 
ومن المعروف عن وسائل الإعلام الدولية منحها مراسليها في مناطق الحرب امتيازات عديدة بسبب ارتفاع نسبة المخاطر على حياتهم، يقول الصنوي إنه فضل البقاء في صنعاء تحت أية صيغة تعاقدية مع «فرانس 24»، ولهذا لا يعمل لديها كمراسل براتب ثابت، وإنما بنظام القطعة، بمعنى أنه مراسل إخباري فقط، ولا يتلقى تعويضات عن كونه في منطقة حرب.
ويوضح أنه لا يستطيع الجزم إن كان المراسلون اليمنيون يحصلون على هذا النوع من الامتيازات أم لا، وبالنسبة إليه فقط لا يحصل على أي مقابل ما لم تكن هناك تطورات في الأحداث.
«نحن في منطقة حرب بالفعل، لكن المنار قناة المقاومة، وساحة مقدسة من ساحات المواجهة مع قوى الاستكبار، والطواقم العاملة فيها هم سرايا القتال بالكلمة، ومشاريع استشهاد في هذه المنازلة التاريخية الكبرى بين الشعوب التواقة إلى الحرية والكرامة المنحازة إلى قيم الحق والخير والجمال، وبين طاغوت الهيمنة والاستعباد الجاثم على صدر الإنسانية»، هذا ما أجاب به مراسل القناة خليل العمري.
ويوضح العمري أنهم في القناة لا يحصلون الآن على ما هو أكثر مما كانوا يحصلون عليه قبل العدوان، بل على العكس من ذلك تماما، فالحرب الشرسة على محور المقاومة والتضييق والحصار، حتّم على القناة سياسة مالية تقشفية، وما يحصلون عليه الأن أقل بكثير مما كان سابقاً، مؤكداً أنه مع ذلك يحصل على ما هو خير وأبقى من تلك الامتيازات المالية، وهو شرف النضال في هذه القناة المجاهدة «قناة المنار.. قناة العرب والمسلمين».

45 شهيداً للإعلام الوطني وأكثر من 25 جريحاً
الصحفيون لم يكونوا بمنأى عن غارات الموت التي يشنها طيران تحالف العدوان الأمريكي السعودي ويستهدف فيها كل البشر والحجر والشجر على الأراضي اليمنية، ومن ضمنهم الإعلاميون سواء في وسائل الإعلام الوطنية والمحلية أو مراسلي الوسائل الخارجية.. وكشفت إحصائيات رسمية عن أن عدد شهداء الإعلام الوطني بلغ 45 شهيداً، وأكثر من 25 جريحاً خلال 5 سنوات من عمر العدوان، وذلك بغارات شنها طيرانه بشكل مباشر على مقرات المؤسسات الإعلامية.
كما أدت غارة جوية لطيران العدوان على منطقة جارف في صنعاء، إلى إصابة الصحفي اليمني المقداد مجلي مراسل إذاعة «صوت أمريكا»، أثناء بحثه عن شهود على تلك الغارات العدوانية يضمن شهاداتهم في التقرير الذي كان يعده للوسيلة العامل فيها، ليفارق الحياة متأثراً بجراحه قبل وصوله إلى المستشفى.

بثينة عين الإنسانية
الطفلة بثينة فقدت كل أفراد عائلتها بغارة شنها طيران تحالف العدوان الأمريكي السعودي على منزلها بالعاصمة صنعاء، في 25 أغسطس 2017، وأثارت الطفلة تعاطفا دوليا واسعا عقب ظهورها في صورة وهي تحاول فتح عينها اليمنى وإبقاءها مفتوحة بأصابع يدها نتيجة الإصابة التي لحقت بها بفعل الغارة العدوانية وتورمت بسببها كلتا عينيها، ثم وضع العدو السعودي خطة بالتعاون مع مرتزقة تابعين له لاختطافها وادعاء أن ذلك تم بغرض علاجها، وهنا نعرض تعاطي تلك القنوات الفضائية مع هذه الجريمة.
- قناة «فرانس 24» بدأت تقريرها بأن بثينة نجت من ضربة جوية قاتلة قضت على كل أفراد عائلتها بأعجوبة، ثم أتبعت ذلك بادعائها: «ثم نُقلت إلى السعودية لتلقي العلاج وأعيدت فجأة إلى منزل عمها في صنعاء لتصبح أحد رموز النزاع المدمر في البلد الفقير».
وبثت القناة ضمن تقريرها فقرة عن إقرار نظام العدو السعودي بالوقوف خلف الجريمة، لكنها قالت فيها إن الأخير أكد أن إصابته هدفاً مدنياً وقعت بسبب «خطأ تقني»، متبعة إياها بفقرة ذكرت فيها أن الغارات التي ينفذها «التحالف» تسببت بقتل مئات المدنيين.
- قناة «الحرة» لم تورد أي خبر أو تقرير أو ذكر لمأساة الطفلة بثينة وجريمة اختطاف نظام العدو السعودي لها عقب قتله جميع أفراد أسرتها.
- قناة «BBC» البريطانية لم تبث خبرا عن بثينة إلا بعد أيام من ارتكاب تحالف العدوان للجريمة، حين ذكرت في موقعها الإلكتروني أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي نشروا صورا لهم بعين مغلقة وأخرى مفتوحة تضامنا مع طفلة يمنية أصيبت في «قصف جوي للتحالف العربي الذي تقوده السعودية طال منزلهم وقتلت فيه عائلتها التي تضم 8 أفراد».
- قناة «روسيا اليوم»، هي الأخرى، لم تبث خبراً عن بثينة في يوم ارتكاب الجريمة، وإنما بعدها بأيام، حيث قالت: «جذبت الطفلة اليمنية بثينة، الناجية الوحيدة من بين أفراد عائلتها من قصف شن على العاصمة صنعاء، أنظار العديد من النشطاء، بعد انتشار مشاهد مؤلمة لإخراجها من تحت الأنقاض».
واختتمت خبرها بـ«وكان التحالف العربي بقيادة السعودية، أقر بأن خطأ تقنيا تسبب في الحادث (غير المقصود)، حيث كان المستهدف مركزا للقيادة والاتصالات خاصاً بالحوثيين، معربا عن أسفه عن الحادث الذي تسبب بمقتل 14 شخصا، بينهم 6 أطفال».
كما تعاطت القناة مع جريمة اختطاف نظام العدو السعودي للطفلة بثينة بعد قتله لكامل عائلتها، بخبر خاص بها لم تذكر فيه الاختطاف، بل قالت: «أثار خبر وجود الطفلة اليمنية بثينة الريمي، الناجية الوحيدة من أسرتها بعد قصف طيران التحالف العربي لمنزلهم، في المملكة السعودية، أثار غضب الحوثيين».
- قناة «الجزيرة» وإبان خلاف حكومة قطر مع نظام العدو السعودي، عرضت مأساة الطفلة بثينة عبر فيلم استقصائي أنتجته وبثته في 18 أغسطس 2019 بعنوان «عين بثينة» سلطت فيه الضوء على معاناة أطفال اليمن بوصفهم الفئة الأكثر تضررا من غارات تحالف العدوان الأمريكي السعودي والتي سمتها بين قوسين «الغارات الخاطئة» التي يشنها «التحالف السعودي الإماراتي» على أماكن المدنيين، وذلك انطلاقا من حالة الطفلة بثينة منصور الريمي التي كانت الناجية الوحيدة من «قصف جوي» استهدف منزل أسرتها في صنعاء يوم 26 أغسطس/ آب 2017.
وذكرت القناة في نبذة تعريفية عن الفيلم أن الأمر لم يتوقف عند قصف منزل عائلة بثينة، بل استدراج «السعودية» لها ولعمها واختطافهما جواً إلى عاصمتها وادعائها أن ذلك تم بغرض علاجها، محملة تحالف العدوان المسؤولية.
- قناة «الميادين» بدأت تقريرا مصورا لها كان أول تعاطيها مع المجزرة بقولها: «الطفلة اليمنية بثينة الريمي، الناجية الوحيدة من بين 8 أفراد استشهدوا بغارة جوية للتحالف السعودي على منزلهم في منطقة فج عطان، ترقد اليوم في أحد مستشفيات صنعاء يرافقها الألم والوجع المتواصلان لتبقى شاهدة على حجم المجزرة».
أما عن جريمة الاختطاف فأوردت «الميادين»: «منظمة سما للتنمية تتهم التحالف السعودي بالإقدام على تهريب واختطاف الطفلة بثينة الريمي الناجية الوحيدة من أسرة قضت في غارة على حيّ عطان الشهر الماضي، مراقبون رأوا أنّ المحاولة تسعى إلى طمس جريمة التحالف السعوديّ بحقّ الطفلة وعائلتها».
- قناة «نبأ» أوردت مأساة الطفلة بثينة لأول مرة في تقرير لها بعنوان «أيام العيد كأيام الحرب عند اليمنيين.. وصواريخ السعودية لم تترك فسحةً للفرح»، قالت فيه: «لم ينجح العدوان الذي بدأ منتصف مارس العام 2015 وحتى الآن ـ وعلى بشاعة جرائمه وفظاعة انتهاكاته ـ في تحقيق أهدافه السياسية والاستراتيجية، إلا أنه ألحق باليمن وشعبه خسائر إنسانية كبرى. في آخر قائمة ضحاياه بثينة الريمي، الطفلة التي تركتها مجزرة فج عطان وحيدة مع جراحاتها وآلامها. والعيد في اليمن كعيد بثينة ليس حلوا ولا هو مناسب للاحتفال». وبعده بثت تقريرا آخر عن اختطاف بثينة عنونته بـ«السعودية تختطف بثينة الهاربة من الموت.. والشاهدة على مجازر العدوان».
- وكما هو حال قناة «نبأ» فإن قناتي «العالم» و«المنار» بثتا عدة أخيار وتقارير عن الجريمة التي ارتكبها طيران العدوان في حق الطفلة بثينة، وكذلك في اختطاف العدو السعودي لبثينة تحت مبرر علاجها.
- قناة «العهد» العراقية لم تبث عن الجريمة أو عن اختطاف نظام العدو السعودي للطفلة بثينة أي خبر وفقا للمواد المنشورة على موقعها الإلكتروني.
وكذلك الحال بالنسبة لقناة «العربي» التي تجاهلت تماما هذه الجريمة، ولم تشر إليها نهائيا.
 
مجزرة أطفال حافلة ضحيان
ارتكب تحالف العدوان الأمريكي السعودي، في 9 أغسطس 2018، مجزرة دامية في صعدة عبر الاستهداف المتعمد من قبل طيرانه الحربي لحافلة تقل أطفالا عائدين من رحلة مدرسية في سوق مدينة ضحيان، مخلفاً 51 شهيداً بينهم 40 طفلاً، و79 جريحاً بينهم 56 طفلاً، فكيف تعاطت الفضائيات (العينة) مع هذه الجريمة؟
- قناة « فرانس 24» بدأت أول أخبارها وتقاريرها عن الجريمة المدوية لتحالف العدوان بالحديث عن «فتح التحالف العربي بقيادة السعودية تحقيقا بشأن القصف الجوي الذي استهدف حافلة تقل أطفالا بسوق ضحيان في محافظة صعدة».
وأضافت: «يلتزم التحالف العربي التزاما ثابتا بإجراء التحقيقات في كافة الحوادث التي يثار حولها ادعاءات بوقوع أخطاء أو وجود انتهاكات للقانون الدولي ومحاسبة المتسببين وتقديم المساعدات اللازمة للضحايا».
وغير بعيد عن رؤية تحالف العدوان أوردت القناة في خبرها: «يتهم التحالف بانتظام الحوثيين بالاختلاط مع المدنيين أو باستعمالهم كدروع بشرية». وأيضا: «تتهم الحكومة اليمنية والتحالف ومنظمات إنسانية المتمردين الحوثيين أيضا بتجنيد عشرات الأطفال للقتال في صفوفهم».
وفي فقرتها الأخيرة أرادت القناة أن توحي لمشاهديها ومتابعيها بأن حافلة ضحيان «تعتبر هدفا عسكريا مشروعا»، حتى وإن كان الذين على متنها هم عشرات الأطفال، وهو ما روج له تحالف العدوان.
- قناة «الحرة» كان تعاطيها الأول مع المجزرة عبارة عن تقرير إخباري عنونته بـ«اليمن.. عشرات القتلى والجرحى في غارة على صعدة»، لكنها بدأته بالحديث بعيدا عن الجريمة حيث قالت: «أعلن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن أن الرياض اعترضت مساء الأربعاء صاروخا باليستيا أطلقه الحوثيون من اليمن وأدى تناثر شظاياه إلى مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح».
وبعد خمس فقرات في تقريرها تطرقت إلى ذكر المجزرة بصورة مغالطة للحقائق حيث أوردت: «وفي سياق آخر، أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تغريدة بمقتل وإصابة العشرات في هجوم على حافلة تنقل أطفالا في سوق ضحيان في محافظة صعدة، من دون أن توضح طبيعة الهجوم»، وبعده بخمسة أيام نشرت خبرا بعنوان «السعودية تتعهد بكشف التفاصيل حول غارة صعدة».
- قناة «BBC» البريطانية بثت خبرا عن المجزرة، قالت فيه: «قتلت غارات جوية شنها التحالف بقيادة السعودية عشرات الأشخاص، بينهم أطفال، في مدينة صعدة شمال اليمن، حسبما ذكرت مصادر طبية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، الخميس».
ولم يخل الخبر من إبراز وجهة نظر العدوان، حيث قالت: «ودافع التحالف بقوة عن الهجوم واعتبره عملا عسكريا مشروعا، وبحسب بيان له، فإن الهجوم استهدف العناصر التي خططت ونفذت استهداف المدنيين ليلة البارحة (الأربعاء) في مدينة جازان وقتلت وأصابت المدنيين».
ثم اختتمت الخبر بصيغة تتهم جميع الأطراف بما يحصل للأطفال اليمنيين، مدللة على ذلك بأن «مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة اتهم التحالف بقيادة السعودية وحركة أنصار الله الحوثية بانتهاك القانون الدولي الإنساني، وشدد على أن الانتهاكات تشمل الاعتداءات الجنسية وتجنيد الأطفال بصورة خاصة».
- قناة «روسيا اليوم» قالت في أول قالب صحفي تعاطت فيه مع المجزرة بتصريح لمصدر أمني في صعدة لمراسلها، وقالت: «مقتل وجرح عشرات الطلاب، جراء غارة جوية للتحالف العربي بقيادة السعودية، استهدفت حافلة كانت تقلهم في مدينة ضحيان».
وتماشيا مع الحياد المزعوم، أوردت القناة: «كانت الأمم المتحدة أدرجت التحالف العربي، مع الحوثيين والقوات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وقوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيا واللجان الشعبية وتنظيم «القاعدة»، على اللائحة السوداء للدول والتنظيمات التي تنتهك حقوق الأطفال في مناطق النزاعات».
- قناة «الجزيرة» تعاطت مع المجزرة بعدة أخبار وتقارير واخترنا أولها والذي عنونته بـ»مجزرة صعدة: إدانات للتحالف ومطالبات بالتحقيق». وقد جاء في سياق الخبر: «تواترت الإدانات الدولية والمطالبات بالتحقيق عقب مقتل عشرات المدنيين - معظمهم أطفال - في غارة للتحالف العربي السعودي الإماراتي على بلدة في محافظة صعدة (شمالي اليمن)».
كما أنها تناولت اعتراف تحالف العدوان بارتكاب الجريمة وتبريره الذي اعتبرته غير واقعي، حيث قالت: «أقر التحالف السعودي الإماراتي بصورة غير مباشرة بمسؤوليته عن الغارة، قائلا إنه أغار على «هدف عسكري مشروع»، الأمر الذي تناقضه الوقائع».
وزادت بالقول: «التحالف السعودي الإماراتي سارع إلى تبرير قتل المدنيين في صعدة بقوله إن الغارة استهدفت خلية حوثية أطلقت صاروخا على مدينة جازان (جنوبي السعودية) أمس مما تسبب في مقتل مدني وجرح آخرين».
- قناة «الميادين» عنونت أول تغطية لها للمجزرة بـ«مجزرة التحالف السعودي في صعدة: 50 شهيدا و77 جريحا».
ثم أتبعته بتقرير خبري مصور بعنوان «التحالف السعودي تعليقا على محزرة ضحيان في صعدة شمال البلاد: لم نتوصل بعد إلى الحقيقة الكاملة للحادثة».
وأيضا تقرير خبري بعنوان: «تشييع حاشد لشهداء مجزرة ضحيان في صعدة شمال البلاد».
كما أنها نشرت عدداً من الأخبار والتقارير تتناول الإدانات الدولية والإقليمية للجريمة ومطالبات بإجراء تحقيق حولها.
- قناة «العهد» العراقية نشرت تقريرين قصيرين مصورين عن المجزرة، عنونت الأول بـ«مجزرة ضحيان المروعة.. آلاف اليمنيين يشيعون شهداء المجزرة في صعدة»، وأوردت في مقدمته: «شيّعَ آلاف اليمنيين شهداءَ مجزرةِ صعدة التي ارتكبها العدوانُ السعودي والتي راحَ ضحيتَها مئةٌ وواحدٌ وثلاثونَ مواطنا بينهم ستةٌ وتسعونَ طفلا»، وعنونت تقريراً ثانياً للمجزرة بـ«مجلس الأمن الدولي يدعو لتحقيق موثق وشفاف بشأن مجزرة صعدة».
- قناة «نبأ» المعارضة لنظام العدو السعودي، نشرت تقريراً خبرياً عن المجزرة في يوم ارتكابها بعنوان: «50 طفلاً شهيداً بمجزرة العدوان السعودي في صعدة»، وبدأته بقولها: «في جريمةٍ جديدة تضاف إلى السجل الأسود لتحالف العدوان السعودي على اليمن، سقط أكثر من 50 شهيداً و80 جريحاً معظمهم من الأطفال، حصيلة جريمة ارتكبها التحالف السعودي استهدف فيها حافلة تقل أطفالاً في سوق ضحيان في محافظة صعدة».
كما نشرت القناة تقارير أخرى عرضت فيها ردود الفعل الإقليمية والدولية وردود أفعال المنظمات الحقوقية حول مجزرة تحالف العدوان بحق أطفال ضحيان صعدة.

تداعيات الحصار على مرضى الفشل الكلوي والسرطان
تسبب تحالف العدوان الأمريكي السعودي والحصار الشامل الذي يفرضه على البلاد بتفشي جملة من الأمراض والأوبئة، وكانت أكثر الفئات تضررا مرضى الفشل الكلوي والسرطان الذين تفاقمت معاناتهم بسبب منع تحالف العدوان دخول الأدوية والمحاليل الطبية اللازمة لهؤلاء المرضى، وأيضا استمراره في فرض إغلاق مطار صنعاء الدولي الذي قطع الطريق على آلاف المرضى من السفر للعلاج في الخارج.. ونستعرض هنا كيف تعاطت الفضائيات الدولية مع هذه القضية.
- لم تتطرق قناة «فرانس 24» في أخبارها وتقاريرها إلى معاناة مرضى الفشل الكلوي والسرطان في اليمن باعتبارها ناتجة عن الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان على اليمن ومنعه دخول الأدوية والمحاليل الطبية اللازمة، وأيضا منعه سفر المرضى من مطار صنعاء الدولي للعلاج في الخارج.
ولم تتحدث القناة عن هؤلاء المرضى إلا ضمن خبر نشرته في فبراير 2020 وقالت فيه إن طائرة تابعة للأمم المتحدة أجلت من مطار صنعاء 16 يمنيا بينهم 7 أطفال يعانون من أمراض لتلقي العلاج في الخارج، وذلك في أول رحلة ضمن جسر جوي لنقل مرضى من العاصمة الخاضعة لسيطرة «المتمردين».
وحاولت إشاعة أن هذه الرحلة أتت بمبادرة من طرف تحالف العدوان حيث قالت: «هذه المرة الأولى التي تُفتح فيها أجواء المطار أمام سلسلة رحلات لنقل المرضى بموجب مبادرة أعلن عنها التحالف العسكري بقيادة السعودية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي من باب بناء الثقة بين أطراف النزاع». 
- قناة «الحرة» عرضت معاناة مرضى السرطان في اليمن بفعل العدوان والحصار من قبل التحالف الأمريكي السعودي في تقرير لمراسلها من صنعاء مختار الشرفي، تحت عنوان: «نقص علاجات السرطان في اليمن يحيل حياة المرضى إلى كابوس».
وقالت القناة في تقريرها: «يعاني مرضى السرطان في اليمن من مشكلة توقف خدمات العلاج المجاني الذي كانت مراكز علاج السرطان تقدمه لهم على نفقة الدولة، وتمنع ظروف الحرب والحصار المفروض على البلاد، دخول الأدوية اللازمة لمرضى السرطان، ما أدى إلى نقص ملحوظ في كميات الأدوية المطلوبة».
كما نشرت القناة في يوليو 2018 تقريرا مصورا عن معاناة مرضى الفشل الكلوي، لكنه لم يتطرق البتة إلى تحميل تحالف العدوان الأمريكي السعودي المسؤولية بفعل عدوانه على اليمن وحصاره الجائر، بل ذهب إلى تحميل الحكومة اليمنية في صنعاء وسلطات المرتزقة في المحافظات غير المحررة تلك المسؤولية، واتهمها بنهب الأدوية التي تقدمها المنظمات الدولية للمرضى.
- أما قناة «الميادين» فقد بثت تقريرين عن معاناة مرضى الفشل الكلوي بسبب الحصار المفروض على اليمن، تحدثت فيهما عن المعاناة التي يعيشها مرضى الفشل الكلوي في اليمن وسط صعوبة في توفير تكاليف الأدوية نتيجة «حرب التحالف السعودي وشدة الحصار».
- قناة «الجزيرة» تحدثت عن معاناة مرضى الفشل الكلوي في تقرير عنونته بـ»مرضى الفشل الكلوي في اليمن واقع مؤلم وحقوق مغيبة»، لكنها تناولت التقرير بصبغة إنسانية بعيدا عن ذكر المتسبب الحقيقي، حيث قالت: «إن مرضى الفشل الكلوي في اليمن لم يحصلوا على حقوقهم الطبيعية كمرضى، بحسب القانون الدولي، ويرجع ذلك لعدة أسباب، أهمها دخول البلاد في أزمات وحروب، يرافق ذلك إهمال حكومي كبير تجاه شريحة مرضى الفشل الكلوي، وحتى المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية لا تفي بالغرض».
- تلفزيون «العربي» بث تقريراً عن معاناة مرضى الفشل الكلوي أعده مراسله في صنعاء خليل القاهري، لكنه لم يشر إلى تحالف العدوان الأمريكي السعودي كمتسبب رئيس في تلك المعاناة عبر عدوانه وحصاره، وذهب التقرير إلى تحميل المسؤولية على ما سماهم «أطراف الصراع ومموليه وأطرافه الفاعلة».
- قناة «RT» الروسية هي الأخرى ظل مراسلها في صنعاء جمال الأشول يرغي في تقرير له عن معاناة المرضى بفعل الحرب الدائرة دون تحديد من بدأ تلك الحرب العدوانية، ومن المتسبب الرئيس في معاناة هؤلاء المرضى، وذكر فقط في ختام التقرير «كثيرة هي المآسي التي أفرزها القتال والحصار في اليمن».
- قناة «BBC» البريطانية لم تتعاط مع معاناة المرضى في اليمن بفعل العدوان والحصار، وانكفأت على الترويج لدعوات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والنعيق بالخطاب الذي دأبت عليه قنوات تحالف العدوان الرسمية.
- قناة «العالم» عرضت في تقارير لها حجم المعاناة التي يعانيها المرضى في اليمن وعنونت آخرها العام قبل الماضي بـ«اليمن.. معاناة مرضى الفشل الكلوي في ظل العدوان» وقالت فيه: «تتفاقمُ معاناة مرضى الفشل الكلوي في اليمن يوماً بعد آخر مع استمرارِ العدوانِ والحصار وإغلاق مطار صنعاء الدولي، حيث يموت العشرات منهم بسبب نقص المحاليلِ الطبية وتدهور العناية الصحية. منظمةُ الصحة العالمية كشفتْ عن وجود أكثر من سعبة آلاف مصاب بالفشل الكلوي في اليمن».
ـ بدورها أفردت قناة «المنار» مساحة مناسبة لتغطية تداعيات الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان على مرضى الفشل الكلوي والسرطان وتسببه بارتفاع معاناتهم، كما تناولت قناتا «العهد» و«نبأ» هذه المعاناة ولكن بنسبة أقل مما تناولته «المنار».

عمليات توازن الردع
منذ الوهلة الأولى لصمود اليمن عبر أبطال جيشه ولجانه الشعبية ضد العدوان الذي شنه تحالف دولي أمريكي صهيوني سعودي إماراتي في 26 مارس 2015، روج العدو من خلال إعلامه لشائعات مازال يرددها حتى لليوم، مفادها أن إيران هي من تدعم ذلك الصمود وتزوده بالأسلحة والصواريخ والطائرات، رغم إدراك الأعداء أنها مصنوعة محليا 100٪ إلا أنهم لا يريدون الاعتراف بذلك، كونه اعترافا بظهور قوة وازنة جديدة في المنطقة هي اليمن.
ووجهت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير في الجيش واللجان ضربات موجعة ردا على استمرار العدوان والحصار على أهداف حيوية عسكرية واقتصادية تابعة لنظام العدو السعودي والعدو الإماراتي في عمقهما، بينما يستمر إعلام العدو في ادعاء أن تلك الضربات تمت بأسلحة إيرانية، ولعل أبرزها عملية توازن الردع التي استهدفت في 14 سبتمبر 2019 أكبر منشآت شركة «أرامكو» النفطية وحقول تنقيبها في بقيق وخريص، واخترنا هذه العملية لتحليل مضمون تعاطي تلك القنوات الفضائية الدولية مع عمليات الجيش واللجان.
- قناة «الحرة» عنونت خبرها عن العملية بـ«هجوم تبناه الحوثيون يستهدف منشأتين لأرامكو السعودية» وبدأته بمقدمة قالت فيها: «هاجمت طائرات مسيرة أعلن المتمردون الحوثيون اليمنيون تبعيتها لهم، أكبر منشأة لمعالجة النفط في العالم في المملكة السعودية وحقل نفط رئيسيا تديره شركة أرامكو السعودية، في وقت مبكر السبت، ما أدى إلى اندلاع حريق هائل في معالج بالغ الأهمية لإمدادات الطاقة العالمية».
كما أفردت القناة مساحة إعلامية كبيرة تضمنت أخباراً وتقارير ومداخلات تدعي فيها أن الهجوم لم ينطلق من اليمن، وإنما قامت به إيران.
- قناة «فرانس 24» نشرت تقريرا عن عملية توازن الردع الثانية تحت عنوان «السعودية: الحوثيون يتبنون هجوما بطائرات مسيرة ضد منشأتين نفطيتين لشركة أرامكو».
وفي تقرير آخر بعنوان «السعودية تتهم إيران بدعم هجوم أرامكو وتؤكد أن مصدره من الشمال» قالت القناة: «اتهمت السعودية الأربعاء إيران بأنها دعمت الهجوم الذي استهدف السبت موقعي نفط تابعين لشركة أرامكو. لكنها أكدت أنه لم ينطلق من اليمن، بل من موقع من الشمال يجري التحقق منه».
- قناة «الميادين» نشرت على شريطها الإخباري العاجل «اليمن: القوات المسلحة اليمنية: سلاح الجو المسير نفذ عملية بعشر طائرات مسيرة على معملين لأرامكو في بقيق».
وتابعت القناة بنشر تصريحات ناطق قوات الجيش واللجان الشعبية حول العملية في شريطها العاجل، إلا أنها نشرت فيه أيضا ما يروج له نظام العدو السعودي حيث قالت: «السعودية: وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية: استهداف بقيق وخريص تمّ بأسلحة إيرانية»، ثم عنونت «الميادين» خبرها الرئيسي عن العملية بـ«مسيّرات يمنية تستهدف معملين لأرامكو السعودية.. وبومبيو يتهم طهران».
- حاولت قناة «BBC» البريطانية منذ الوهلة الأولى نسب الهجوم لإيران حيث قالت في أول تقارير تغطيتها: «الهجوم على أرامكو: واشنطن حددت مواقع في إيران أطلقت منها طائرات مسيرة وصواريخ»، و«الهجوم على أرامكو في بقيق وخريص: واشنطن تنشر صورا لـ«ضلوع إيران» في الهجوم على منشآت نفط سعودية».
- ونظرا لحجم الهجوم غير المتوقع من قبل العالم بأسره لم تستطع كافة وسائل الإعلام الدولية غض الطرف عنه، وهنا قناة «روسيا اليوم» أفردت أيضا مساحة لتغطية العملية، وعنونت أول تقاريرها بـ«حركة أنصار الله الحوثية تتبنى هجوما واسعا على منشأتي نفط لأرامكو في السعودية»، وعنونت آخر بـ«إدانات دولية لهجوم الحوثيين على مصافي تكرير النفط السعودية» حيث ذكرت فيه: «تعرضت السعودية لهجوم واسع استهدف منشأتين نفطيتين لشركة «أرامكو» العملاقة شرق البلاد، وهما مصفاة بقيق لتكرير النفط وحقل هجرة خريص، تبنته جماعة «أنصار الله» الحوثية اليمنية المسيطرة على المناطق الحدودية مع السعودية شمال اليمن، حيث قالت إن العملية نفذت بـ10 طائرات مسيرة».
- قناة «الجزيرة» القطرية احتفت بالهجوم كونه أتى في وقت يشهد توتراً في العلاقات بين نظام العدو السعودي وحكومة قطر، وأفردت القناة مساحة إعلامية في خارطتها البرامجية استمرت إلى نهاية سبتمبر 2019 تتحدث فيها عن الهجوم وتداعياته على اقتصاد العدو السعودي، لكنها أيضا كانت تذهب في تغطياتها إلى رواية العدو الأمريكي والسعودي التي تدعي أن الهجوم لم يأت من اليمن حيث نشرت تقريرا بعنوان «هجوم أرامكو.. واشنطن تتهم طهران وحديث عن إطلاق الصواريخ من إيران أو العراق».
وفي أحد تقاريرها أعادت «الجزيرة» إلى الأذهان هجمات القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير على عمق العدو السعودي حيث عنونته بـ«أبرز هجمات الحوثيين على أهداف سعودية (جدول زمني)»، كتبت في مقدمته: «على مدى أكثر من 4 سنوات، دُمر اليمن في حرب شعواء بين الحوثيين والقوات الحكومية المعترف بها دوليا المدعومة بتحالف عسكري تقوده السعودية والإمارات منذ العام 2015».
- أفردت قناتا «العالم» و«المنار» مساحة إعلامية واسعة للتعاطي مع هجوم القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير للجيش واللجان الشعبية على منشآت أرامكو في بقيق وهجرة خريص.
وعنونت قناة «العالم» أول تقاريرها عن العملية بـ«السعودية بطل من ورق... أرامكو تحترق!».
ثم نشرت القناة تقريرا آخر بعنوان: «لماذا استهداف محطة بقيق صفعة قوية للسعودية؟» وقالت فيه: «لا ينتهي «الجيش واللجان الشعبية» من استهدافهم لمطار أو قاعدة عسكرية جنوب السعودية، حتى يعاودوا قصف مرافق حيوية أكثر أهمية، كحقول النفط أو محطات التكرير التابعة للشركة السعودية النفطية العملاقة «أرامكو» ذات الفروع المنتشرة في عموم المملكة».
أما قناة «المنار» فقالت في أحد تقاريرها إن الطائرات المسيرة اليمنية استهدفت منشأتي نفط تابعتين لشركة أرامكو. وتوالت تقاريرها وتغطيتها لتداعيات الهجوم على نظام العدو السعودي وتحالف العدوان على اليمن.
- قناة «نبأ» عنونت أبرز مواد تغطيتها للعملية بـ«اليمنيون ينفذون وعيدهم ويضربون بقوة: قصف مصفاتي نفط بقيق وخريص في أقصى شرق السعودية» و«أنصار الله تنصح السعودية: أوقفوا الحرب حفظاً لماء وجهكم»، «عملية توازن الردع الثانية تقصف مصافي النفط في بقيق وخريص».