ليزا جاردنر / مرافىء -

تركت وراءها جملاً مثقوبة بثُقوبٍ سوداء، ومنفية من وجه الإيمان، حاضنة لكل الأحزان. تركت لي خيالاً عديماً وواقعاً قديماً يعانق الأمس بكل حواسه المُنهَكَة المتعبة. لا يتذوَّق شفاه الشعر ولا يرى خصْرَ الوطن، ولا يقدر على لمس قلبي أو حتى يدي.
ينْتَفِضُ القلب أمام الرّصاص ويصرخ في جنون. ماذا تركت لي الأوراق الباهتة؟! لقد تركت دقات ثقيلةً، صادرة من قلب متحجِّر. تركت جسدي المتعفّن لمخالب الحرب، وأنياب الجندي المُدجّجة برشاشاته لقطع أوصالي. يموت الحلم أمام تعفُّن الحضارة الإنسانيّة.
أصبح واقعُنا يرقص ثملِاً بين ورقة خضراء من الأشجار، وأخرى خضراء من الدولار.
ماذا تركتْ لي الأوراق غير رائحة العَدَم وصوت الألم، وأشباه وجوه مشوَّهة الذَّات والعبر. تركت لي الأوراق الكلمات والجُمل أمام مرآة الخجل، الخجل من أفعال البشر، ضدّ البشر والشجر والحجر. استقال النصّ من الورق وهرب بعيدا، متواريا خلف خطاب الحُزْن والمرارة والقهْر، مرارة الأحرف أمام عنف الأسلحة وأنين الأرض، وصراخ قهر الإنسان وأمام عار الصّمت الجبان إلى حدِّ اختفاء القمر.
يا أيُّها اليمنيّون الأحرار، يا أحرار العباد والبلاد، كلُّنا في تصدٍّ مُمِيتٍ ومقاومة شرسة لهذه الفيروسات ولكلّ من قَتَل ومن عذَّبَ ومن حكم بغير حقّ. نحن لهم قانتون ، نحن لهم مسلَّحون، نحن لهم صامدون. ولليمن الأمر والنهي في البدء والأمَد.
* كاتبة بريطانية يمنية الأصل