ليزا جاردنر / مرافىء -

ماذا لو ننسى ما هو حولنا وما هو خلفنا، وإن كنّا لا نريد أن ننسى كل شيء  فقط نرغب في أن نَمْحو الوجع الذي يمْخُر أطرافنا الملتصقة بأجزاء الجسد، ويَنْصَهِرُ الوجع الرَّهيب مع نبضات القلب ويصطدم مع الذاكرة ويعمّق آلامها ومآسيها.
يسْحق ويحْرق معظم الذكريات الجميلة المتطفلة على حافة هاوية الحنين، لينتحر وينزف قطرات الدّمع وينهزم أمام تيار ذلك الوجع فيتهاوى في متاهات فضاء الآهات الدّامية.
نشعر بذاك الثقل المرير، ثقل صوت دواليب طاحون قديم يصرخ ويَطحن ما تَبَقَّى منّا، من إنسانيّة، من كينونة وكونيّة اهترأت فأكلت الجسد ونهشت اللّحم وأطفأت ابتسامة لم تُولد بعد على شفاه العذراء.
يتساقط الثلج البارد ليغمر الأرض ببياض حزين وببرودة قاسية ويخطف ضوء الشّمس الأصفر. قد سرق من فم طفلة نورَ ابتسامة هربت من برد حُجْرَتِها المُظْلمة ومن صقيع الموت المُخيف.
لقد تسلّل الثّلج داخل كلّ جسدها وجمّد أطرافها وصَلَّب مشاعرها وعفّن إحساسها فتساقطت أطرافُها أجزاءً مهترئةً، ليبيعها سيد الثلج في الأخير قِطَعَ غيارٍ مُبَعْثَرةً بلا هويّة، ويسلب منها حُلْمَهَا.
كانت تحلُم أن تكون دائما شابة يانعة... تشرب من إكسير الطفولة ليتجمَّل ثغرُها وخِصْرها...!
أيها القلب الضعيف لا تخف من وجعي، بل ارتجف من سيّد الثلج المَقِيت.
* شاعرة وكاتبة بريطانية يمنية الأصل