إنصاف أبوراس -

صغيرة كنت، أسند أحلامي على كتف والدي المنهك. قطرات عرقه تروي ظمئي، تجعل الصعب سهلاً حد اللامعقول. أقف مذهولة بذلك الزي المدرسي، المنساب على أجساد بيضاء لا تشبه لون بشرتي. أسأل، ولا يصلني الرد من فم والدي، المتيبسة شفتاه. يكتفي بإشارة بكفه المتسخة من أثر المخلفات التي يحملها طوال النهار: لم لا يوجد بينهن سوداء مثلي؟ كبرت بقدرهن. اليوم الأول لي في المدرسة الشغوف بها قلبي، زيها يطوق جسدي، حقيبتي تستلقي على ظهري بفرح، لكنني لم أصبح بيضاء! مقعد منطو عليه، رميت حيرتي، أفتش عن إجابة: ماذا ينقصني؟ دفاتري، أقلامي، هم فقط من يخلصون في صحبتي. وحدهم، لحسن حظي، من لم يكن لهم أعين يرون بها لون بشرتي. لم يمنحنا الله لوناً يبعد الآخرين عنا ونصنف بسببه تصنيفاً ظالماً؟! كبرت، واستمر لوني يبني حولي سوراً شاسعاً يبعد الجميع عني. التحقت بالجامعة، مازال البياض مسيطراً على المقاعد؛ لكنني الآن بت أدرك موقعي. هذه المرة اخترت أن أدير اللعبة، اعتبرتني شيئاً مختلفاً وينبغي علي الحفاظ على تميزه. أردت أن أجدني حيث أردت، أن أوجه للتمييز العنصري ألف صفعة وصفعة. منحت حلمي جل طاقتي، اعتذرت لله من لومي، اعترفت له بأنني أدركت أنه كان كريماً معي حين وهبني مقدرة أن أقف على منصة هذه القاعة الواسعة أراقب نظرات الغيرة ممن أغرقتني نظرات الاستحقار طوال عمري. أتنفس بحرية، بينما يبتلعون خوفهم، وهم يصغون برهبة ويقيدهم العجز من رفض أن تكون مهمشة سوداء أستاذتهم.