مروان أنعم / لا ميديا -

عندما تجتمع الأوبئة والأمراض الفتاكة من جهة، والخونة من العملاء والمرتزقة من جهة، أخرى على أهل مدينة ما، فإنه بلاء عظيم.. وذلك هو حال المناطق المحتلة من أرض الوطن التي تفتك بها الفيروسات والأوبئة والسلطات العميلة التي لا تلقي بالاً لتفاقم مشكلات القطاع الصحي وعجزه عن تقديم أبسط الخدمات الصحية للمواطن، وعوضاً عن ذلك اكتفت سلطات المناطق المحتلة بما تسميه الإعلان اليومي عن الحالات المصابة والوفيات لترى في ذلك إنجازاً تم تحقيقه، يقي المواطنين شر تلك الأمراض التي تفتك بهم يومياً، وتعوضهم عن التدمير الممنهج لكافة القطاعات الحيوية والهامة في المناطق المحتلة.

العدوان مسؤول عن إدخال الأوبئة إلى اليمن
الاحتلال السعودي- الإماراتي، له اليد الطولى في إدخال الوباء والأمراض الأخرى وانتشارها، بدءاً بعدن ومحافظات جنوب الوطن ووصولاً إلى مدينة تعز المحتلة، وباقي محافظات الجمهورية. وبالرغم من المطالبة الشعبية الواسعة في كل المحافظات اليمنية واحتجاج الأهالي على استمرار فتح المنافذ والموانئ الجوية والبحرية والبرية، إلا أن سلطات الاحتلال وعبر أدواتها العميلة لم تكترث لخطورة إدخال وباء كورونا إلى البلاد عبر الحاملين له والمصابين به القادمين من دولتي الاحتلال السعودي والإماراتي. 
وبالرغم من إعلان غالبية دول العالم بما فيها دولتا الاحتلال عن إقفال كافة المنافذ، إلا أن الإصرار على فتح المنافذ في المناطق المحتلة كان يثبت سوء النية وإصرار دول العدوان على إدخال الوباء إلى اليمن، ففي شهر مارس المنصرم ازداد عدد الرحلات الجوية إلى مطاري عدن وسيئون، والقادمة من مناطق تشهد تفشياً كبيراً للوباء كمصر والسعودية والإمارات والأردن، إضافة إلى قيام السلطات السعودية بترحيل أكثر من 4000 مغترب إلى الأراضي اليمنية عبر منفذ الوديعة. ولم تكتف سلطات الاحتلال بذلك، بل قامت بإنشاء محاجر عزل صحية لجنودها في عدن والمخا وأماكن أخرى.
وحاولت الإمارات في 25 فبراير بمساعدة من مرتزقتها تحويل مستشفى الصداقة بعدن إلى محجر صحي للعائدين من الصين، وحال دون تنفيذ تلك الجريمة رفض الأهالي وأبناء المنطقة واحتجاجهم وتصعيدهم للقضية إعلامياً، مما اضطر دولة الاحتلال وأدواتها إلى تأجيل الفكرة.
ومع بداية شهر أبريل الماضي استنكرت وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ الوطني، مساعي تحالف دول العدوان لنشر الوباء من خلال إلقاء طائراتها صناديق تحوي كمامات وأدوات أخرى على المناطق السكنية في صنعاء والحديدة، بالرغم من عدم إعلان السلطات الرسمية عن وجود أية حالة مصابة في ذلك وقت.

عدن مدينة منكوبة
أعلنت حكومة العميل هادي في 21 أبريل الماضي، عدن مدينة منكوبة، إثر الفيضانات التي اجتاحت المدينة وخلفت وفيات وخسائر كبيرة في ممتلكات المواطنين، وقالت حكومة المرتزقة -آنذاك- إنها خصصت مليارات الريالات لمواجهة الكارثة، بالإضافة إلى الدعم الدولي المقدم لها، إلا أن كل تلك المليارات والدعم الدولي لم يكن لها أي أثر على أرض الواقع، ولم يلمس المواطن أي شيء منها.
كوارث السيول تسببت بمضاعفة مشاكل القطاع الصحي المتدهور أصلاً، فقد غمرت مياه سيول الأمطار العديد من المختبرات والصيدليات والعيادات الخاصة في كريتر والشيخ عثمان والمعلا ومناطق أخرى، وتسببت بخسائر كبيرة، وأدت إلى توقف عمل القطاعات الصحية الهامة، وهو ما جعلها عاجزة تماماً عن تقديم ولو أبسط الخدمات لمواجهة الجائحة.

سبات صيفي لحكومة المرتزقة
هذه الكارثة التي أصابت عدن المحتلة كان من المفترض أن تجبر حكومة العميل هادي على التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من القطاع الصحي المتضرر جراء السيول حتى يستطيع تقديم ولو بعض الخدمات للمواطنين تساعدهم في مواجهة وباء كورونا وبقية الحميات والفيروسات المنتشرة، إلا أن الحكومة العميلة فضلت التواري عن الأنظار، وكأن شيئاً لم يحدث، ولم تظهر إلا من أجل استعطاف المجتمع الدولي لتقديم الدعم والمساعدات لمواجهة الأمراض التي انتشرت، ومنها وباء كورونا، ليتسنى لها القيام بما تبرع فيه من نهب للمساعدات وأموال الدعم التي قد تأتي.
فوزير الصحة في حكومة المرتزقة والمقيم في فنادق الرياض لم يظهر إلا مرتين دعا فيهما من سمَّاهم الأشقاء والمجتمع الدولي إلى تقديم الدعم للقطاع الصحي في عدن، ثم عاد ليكمل سباته الصيفي في فنادق الرياض.
عدد المستشفيات الحكومية في عدن يتجاوز الـ10، أغلبها أغلقت أبوابها في وجه المرضى، ولا تستقبل الحالات المصابة بالفيروس والأمراض الأخرى، فيما شهدت مستشفيات في عدن والضالع وتعز هروب الطواقم الطبية والإدارية عندما وصلت إليهم حالات مشتبه إصابتها بفيروس كورونا.
كما أن الإهمال المتعمد من حكومة المرتزقة لوضع القطاع الصحي جعل الخوف يتسلل إلى قلوب الأطباء والمواطنين معاً، في ظل ما هو عليه القطاع الصحي من تدهور وعدم توفير أية إمكانيات أو تجهيزات تساعد في التصدي للوباء، الأمر الذي أسهم في فقدان الناس الثقة بإمكانية المستشفيات في تقديم أية رعاية طبية ولو بسيطة لهم.

محجر الأمل وحيداً في عدن
مصدر صحفي في عدن فضل عدم ذكر هويته، أكد لصحيفة «لا» أن محجر الأمل في البريقة هو الوحيد الذي يستقبل الحالات المصابة بكورونا بالرغم من إعلان حكومة العميل هادي عن تجهيز محجر في مستشفى الجمهورية، إلا أنه لم يتم من ذلك شيء.
وأضاف المصدر: حتى محجر الأمل لم يكن جاهزا لاستقبال الحالات، وعقب قيام مجموعة من الناشطين بتنفيذ حملة إعلامية تطالب بتجهيز المحجر وتفضح كل ادعاءات حكومة العميل هادي، تدخلت منظمة «أطباء بلا حدود» واستلمت المركز من حكومة المرتزقة ودشنت العمل فيه، مع العلم بأن القدرة الاستيعابية للمركز ضعيفة، فبحسب المعلومات المتوافرة لدينا فإن المركز يتضمن 22 سريراً فقط، 7 منها مزودة بأجهزة تنفس صناعي.
وأشار إلى أن جميع المستشفيات في عدن كانت تغلق أبوابها عند الاشتباه بوجود أية حالة مصابة بكورونا، وهذا أسهم بشكل كبير في وفاة العديد من المصابين بالحميات والأمراض التنفسية الأخرى كالربو.
وبحسب المصدر فإن أمراض الحميات الأخرى فاقمتها كوارث السيول، التي أوجدت العديد من المستنقعات وبرك المياه الراكدة في الأحياء السكنية، وهو ما أدى إلى انتشار البعوض الناقل للأمراض، فيما لم تقم أدوات الاحتلال سواء شرعية الفنادق أو مليشيات المجلس الانتقالي بأي دور يذكر لردم هذه البرك الراكدة والمستنقعات التي ظلت شاهدة تحكي مأساة المدينة الموبوءة بأدوات ومليشيات الاحتلال.
وأشار إلى أن عدداً كبيراً من المواطنين فقدوا حياتهم بسبب «الاستهتار» في التعامل مع الحالات التي تتشابه أعراضها مع أعراض فيروس كورونا، فهؤلاء ذهبت أرواحهم سدى بسبب عدم توفير الأوكسجين لهم وهم مصابون بالربو وأزمات تنفسية أخرى، وبسبب التعامل معهم باستهتار ورفض استقبالهم بأي مستشفى إلى أن اختنقوا وذهبوا إلى ربهم.

«مركز عزل تعز» بالصدفة
أما في تعز المحتلة فلم يتم تخصيص مركز أو مستشفى منذ وقت مبكر للإعداد والتجهيز من أجل استقبال الحالات المصابة، هذا ما أفاد به مصدر طبي من المدينة المحتلة، مضيفاً أنه «تم تحويل عنبر بالمستشفى الجمهوري عن طريق المصادفة إلى مركز لاستقبال الحالات المصابة بفيروس كورونا».
وقال المصدر: «عندما تم إسعاف أول حالة مصابة بالفيروس إلى المستشفى الجمهوري في مايو الماضي، قررت السلطات في حينه اعتماد المستشفى لاستقبال المصابين بالرغم من عدم توافر الإمكانيات، فلا يوجد فيه سوى غرفة عناية مركزة واحدة فقط، وكل الفحوصات والتحاليل يتم إجراؤها خارج المستشفى، كونه لا يمتلك المحاليل ولا الفحوصات اللازمة».
مدير المستشفى الجمهوري الدكتور نشوان الحسامي، كان قد صرح بأن الأعداد الحقيقية للمصابين بفيروس كورونا تتجاوز بمئات المرات ما يتم الإعلان عنه، ففي تعز وحدها قد يصل العدد إلى 100 ألف مصاب، وأن الموتى بالآلاف، بينما المستشفيات لا تقدم للمرضى سوى القليل من الخدمات الطبية البسيطة، فيما يتحمل الأهالي تكاليف الفحوصات والعلاج، والتي يتم شراؤها من خارج المستشفيات.
وعن الدعم المقدم من منظمة الصحة العالمية قال الحسامي: «منظمة الصحة العالمية واليونيسف، لم تقدما لنا، حتى الآن، أي شيء سوى جهازي تنفس صناعي، كانا في منطقة الضباب، أما اليونيسف فمنحتنا 4 أجهزة تنفس صناعي، قدمتها لنا بدون منَظِّمات كهربائية، واضطررنا لشراء تلك المنظِّمات بمليون ريال».
أما في ما يخص الدعم المقدم من حكومة العميل هادي للقطاع الصحي في تعز، فقال: «سمعنا عن رصد مليارات طارئة لمواجهة الوباء ولتحسين وضع القطاع الصحي وتجهيزه لاستقبال الحالات، إلَّا أننا لم نتلق أي ريال دعماً مقدماً من الحكومة، والمستشفى الجمهوري يعتمد على نفقاته التشغيلية والمقدرة بسبعة ملايين ريال شهرياً منذ أعوام، ولا يوجد أي دعم آخر يتلقاه المستشفى، ونحن نقدم الممكن ولا نستطيع صناعة المستحيل».
المواطن محمد المقطري أفاد صحيفة «لا» بأن الناس أصبحوا لا يرغبون بالذهاب إلى المستشفيات في تعز، ويفضلون الموت في منازلهم بدلاً من دفع التكاليف الباهظة في المستشفيات التي لا تقدم لهم أية خدمات صحية.
وأضاف: «الكثير ممن أعرفهم فضلوا الاستعانة بالوصفات الشعبية والتقليدية لمواجهة الوباء أو بمشورة الأطباء الذين يعرفونهم أو ممن لديه تجربة مع كورونا أو الأمراض الأخرى التي تفتك بسكان المناطق المحتلة بتعز».

حكومة المرتزقة تفرض جبايات باهظة لفحص العائدين إلى الوطن
حكومة العميل هادي وعبر سفارتها وقنصليتها في السعودية تمارس ابتزازاً واستغلالاً لكل الراغبين بالعودة إلى أرض الوطن، هذا ما تم الكشف عنه من قبل المغتربين اليمنيين هناك، فبحسب شكوى رفعها بعض العالقين اليمنيين في 28 مايو المنصرم، فإن قنصلية العميل هادي بجدة قامت بالتعاقد مع أحد المختبرات الخاصة في السعودية لفحص المغتربين الراغبين بالعودة إلى اليمن، وبرسوم فحص باهظة.
ويؤكد المغتربون أن ما يطلبه المختبر المتعاقد مع القنصلية كرسوم فحص يصل إلى 1300 ريال سعودي، بينما لا تتجاوز رسوم الفحص في أي مختبر آخر أو مستشفى خاص 600 ريال سعودي، متهمين قيادات في حكومة العميل هادي بالاحتيال والنصب على المغترب اليمني.
وسبق أن فرض المرتزق هاشم الأحمر الذي تسيطر مليشياته على منفذ الوديعة الحدودي، مبلغ 200 ريال سعودي على كل مواطن عائد إلى أرض الوطن، مقابل فحص كورونا، في الـ14 من مارس الماضي.
وقال مواطنون عائدون عبر المنفذ إن سلطات المنفذ استحدثت صندقة داخل منفذ الوديعة للقيام بفحص فيروس كورونا للمسافرين اليمنيين العائدين من السعودية. 
وأوضح المسافرون أنه يتم إجبار كل واحد منهم على دفع 200 ريال سعودي مقابل الفحص، عوضاً عن دفعهم مبالغ مالية تتفاوت ما بين 100 و250 ريالاً سعودياً، مقابل تأشيرة الخروج وختم جوازات سفرهم.
وأفادوا أن كل من يرفض دفع تلك المبالغ، يتم احتجازه، وعرقلة خروجه من المنفذ، مما يجعلهم مضطرين إلى دفعها.
بالتأكيد فإن فاقد الشيء لا يعطيه، وهذا هو حال حكومة الفنادق وانتقالي الإمارات، فتلك الأدوات التي تتصدر المشهد في المناطق المحتلة ما هي إلا مترجم فعلي لرغبات دول الاحتلال ومطامعها في اليمن، ولسان حالهم يقول: «.. وليذهب الناس إلى الجحيم».