تقرير: مروان أنعم / لا ميديا -

نعت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, وفاة أمينها العام السابق الدكتور رمضان شلح، أمس الأول، متأثراً بإصابته بمرض عضال، عقب حياة حافلة بالتضحيات والمقاومة للمحتل الصهيوني.
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في بيان لها نشرته على موقعها الإلكتروني: "(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ,فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).. بمزيد من الحزن والأسى، تنعى حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الأخ القائد الوطني الكبير الدكتور رمضان عبدالله شلح، الأمين العام السابق، الذي وافته المنية مساء اليوم السبت بعد مرض عضال. وإننا إذ ننعي للشعب الفلسطيني وفاة هذا القائد الكبير الذي نذكر تاريخه وجهاده منذ تأسيس حركة الجهاد، ومواقفه الوطنية الشجاعة وقيادته لحركة الجهاد الإسلامي بكل فخر واعتزاز لأكثر من 20 عاماً، كان فيها فارس الكلمة وفارس الموقف ورجل المقاومة".
وتابعت الحركة: "إنه يوم حزين وثقيل على القلب إذ نودع رجلاً كبيراً وقائداً مميزاً حمل الأمانة على أفضل ما يكون وحافظ على راية الجهاد عالية، لم يتردد يوماً وبقي على عهد الجهاد والمقاومة وعهد فلسطين والقدس وعهد الإسلام، وعهد العروبة".
وفور الإعلان عن وفاة الدكتور شلح، نعت حركة المقاومة الإسلامية حماس الفقيد عبر ناطقها الإعلامي حازم قاسم، حيث قال: "رحم الله الدكتور رمضان عبدالله شلح.. هو أحد قيادات الشعب الفلسطيني الأماجد ورجالها الميامين.. قاتل من أجل قضية فلسطين ودافع عن ثوابتها".
وتتالت النعوات من حركات المقاومة والرئاسة الفلسطينية وعبر مساجد قطاع غزة لهذا القائد الوطني الكبير الذي ارتقى بعد حياة حافلة بالجهاد والمقاومة والعطاء والتضحيات.
وأصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً نعت فيه الدكتور شلح قالت فيه: "تفقد الساحة الفلسطينية اليوم قائداً ثورياً عرف بثباته على مبادئ الثورة وحقوق شعبنا الفلسطيني في أرضه من بحرها إلى نهرها، وكان له دور فاعل في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة".
وأكدت الجبهة الشعبية القيادة العامة أن الوفاء لدماء الشهداء في الساحة الفلسطينية يتطلب تصعيداً في حركة النضال الوطني يعززه الالتزام بأهداف شعبنا من خلال تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطيني على برنامج المقاومة والكفاح المسلح.

الحوثي يعزي
من جانبه، بعث عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، برقية عزاء ومواساة في وفاة شلح قائلاً: "إن الفقيد أبلى بلاء حسناً في العمل داخل حركة الجهاد الإسلامي والمقاومة إيماناً منه بالهدف المقدس وهو تحرير كامل الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي"، مشيدا بإسهاماته في العمل المقاوم ضد الكيان الصهيوني.
كما نعى حزب الله الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح، وقال في بيان: "فقدنا برحيله قامة شامخة من قمم المقاومة في العصر الحديث، بما كان عليه من إخلاص  كبير للقضية المركزية وفهم دقيق للأولويات".
وأضاف: "هكذا عرفناه وخبرناه في ساحات جهادنا المشترك وفي لقاءاتنا الكثيرة والطويلة في كل المراحل الصعبة التي كنا فيها إخوة إيمان ورفاق درب واحد".
وتوجه حزب الله بالتعازي للشعب الفلسطيني وأسرة الفقيد وللقادة والمجاهدين في حركة الجهاد الإسلامي، مشدداً: "سنبقى إلى جانبهم كما كنا دائماً.. لنواصل سوياً درب الأعزاء الذين مضوا ونُحقق أهدافهم وآمالهم". 
بدوره، أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، عن تعازيه في رسالة له قائلاً: "بكل تأكيد سيبقى ذكر رمضان شلح حياً في ذاكرة الشعوب المناضلة كرمز للمقاومة".
ظريف شدد على أن شلح أمضى تاريخاً طويلاً من الجهاد والنضال ضد النظام الصهيوني، مشيراً إلى أنه قضى حياته في ظروف صعبة مضحياً شجاعاً في سبيل تحرير فلسطين.
ويعد شلح أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ اغتيال قائدها ومؤسسها فتحي الشقاقي في مالطا من قبل الموساد عام 1995، حتى مرضه في سبتمبر 2018، حيث تبعه زياد النخالة.
ولد شلح في 1 يناير/ كانون الثاني 1958، في حي الشجاعية، في مدينة غزة، لأسرة محافظة تضم 11 فرداً، إذ نشأ في القطاع ودرس جميع المراحل التعليمية حتى حصل على الشهادة الثانوية، ثم سافر إلى مصر لدراسة الاقتصاد في جامعة الزقازيق، وحصل على شهادة بكالوريوس في علم الاقتصاد في سنة 1981.
عاد إلى غزة وعمل أستاذاً للاقتصاد في الجامعة الإسلامية، واشتهر بخطبه المناهضة للاحتلال الصهيوني، ما دفعهم نحو فرض الإقامة الجبرية ومنعه من العمل في الجامعة، ليقرر عام 1986 مغادرة غزة إلى لندن لإكمال الدراسات العليا حيث حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة درم عام 1990، وعمل أستاذا لدراسات الشرق الأوسط في جامعة جنوبي فلوريدا بالولايات المتحدة بين عامي 1993 و1995.
في 1995، انتقل شلح إلى سورية، وخلال انتظار الانتهاء من أوراقه الخاصة بالعودة، التقى بالأمين العام والمؤسس لحركة "الجهاد"، فتحي الشقاقي، وعملا معاً لمدة 6 أشهر لوضع الخطط لتطوير العمل المقاوم.
وخلال تلك الفترة، اغتال جهاز المخابـــرات الإسرائيلــــي "الموســـاد" الشقاقي، لتجتمع قيادات حركة "الجهاد الإسلامي" وتقرر انتخاب شلح أميناً عاماً خلفاً له، فشغل هذا المنصب منذ عام 1995 حتى عام 2018، حين تعرض لوعكة صحية شديدة منعته من الاستمرار في منصبه.
 كان الدكتور شلح يتشبث بخيار المقاومة المسلحة كخيار وحيد للمواجهة وتحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي، معارضاً النهج الذي سارت عليه حركة "فتح" ومنظمة التحرير.
وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت عام 2000، اتهم كيان الاحتلال شلح بالمسؤولية المباشرة عن عدد كبير من عمليات الجهاد ضد أهداف وجنود الاحتلال، كونه المسؤول المباشر عن "سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي.
أدرجته واشنطن على قائمة الشخصيات الإرهابية عام 2003، وعرضت في 2007 مبلغ 5 ملايين دولار مقابل المساهمة في اعتقاله، وفي نهاية عام 2017 أدرجه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي) على قائمة المطلوبين.
وبرحيل المناضل الدكتور شلح، يسدل الستار على مسيرة زاخرة بالثبات والتضحيات لصالح القضية المركزية الفلسطينية، حيث إن الفقيد يعتبر من الشخصيات البارزة على الساحة الفلسطينية خصوصاً في السنوات الأخيرة، إذ كان يتمتع بحضور إعلامي وسياسي وجهادي مختلف عن الكثير من الشخصيات الأخرى.
ترجل الفارس بمواقفه وكلماته وبنبضه المقاوم للاحتلال، والداعي إلى وحدة الصف والموقف الفلسطيني، وعزاؤنا أن من خلفه رجالاً تطمئن لمواقفهم وجهادهم القلوب.