«يمن شباب» تخطف «سد الغريب» من فم «يمن صنعاء» بفارق سعر

مارش الحسام / لا ميديا -
حققت الأعمال الدرامية التلفزيونية رقماً قياسياً مقارنة بالأعوام السابقة، إذ بلغت هذا الموسم 9 أعمال درامية، غالبيتها تم إنتاجها في صنعاء، وتصوير مشاهدها في المناطق الواقعة تحت سيطرة القوى الوطنية (السياسي والإنقاذ) لتبث على قنوات مرتزقة العدوان.

«يمن شباب» ترد الجميل
خلو القنوات الوطنية المناهضة للعدوان من الأعمال الدرامية أفسح المجال لفضائيات مرتزقة العدوان للاستحواذ على الأعمال الدرامية، وربما الفوز بنسبة مشاهدات محلية لبث سمومها في عقول المشاهدين، وبمباركة وزراء ومسؤولي حكومة «الإنقاذ».
ولم تنس قنوات مثل «يمن شباب» و«المهرية»، بالإضافة إلى «السعيدة»، أن ترد الجميل لمحافظ صنعاء وكذا لوزراء الإعلام والداخلية والثقافة، بتوجيه الشكر لهم لتعاونهم في إنجاح ما بثته هذه القنوات من أعمال درامية.
فقد بثت قناة «يمن شباب» ٣ أعمال تم إنتاجها في صنعاء، وهي: مسلسلا «سد الغريب» و«دار ما دار»، إضافة إلى برنامج مسابقاتي من تقديم خالد الجبري بعنوان «رحلة حظ٢». وإلى جانب «سد الغريب» بثت قناة المهرية برنامجاً بعنوان «مقالب غازي حميد» تم إنتاجه أيضاً في صنعاء.
السؤال هنا هو: ماذا لو أرادت قناة «المسيرة» أو «الهوية» أو «اللحظة» مثلا أن تنتج عملا دراميا اجتماعيا في مدينة مأرب أو عدن، هل سيتفاعل العرادة أو وزير داخلية المرتزقة في تقديم التسهيلات لهذه الأعمال كما يفعل محافظ صنعاء ووزراء الإعلام والداخلية والثقافة مع قنوات مرتزقة العدوان؟

أعمال هابطة تخدم العدوان
الأعمال الدرامية التي تم عرضها خلال رمضان الفائت في تلك القنوات، لم ترتق إلى المستوى المطلوب، وتهرب من تحديات الواقع ولا تلامس وجع المواطن، كما أنه تم إخضاعها لتوجه سياسي يخدم العدوان بشكل مباشر، وقامت ببثها فضائيات تمعن في تمزيق النسيج الاجتماعي والوطني لليمن.

انحطاط «يمن شباب»
ربما لأن الانحطاط نهج وسياسة تتبعها قناة مثل «يمن شباب»، لقي مسلسل «دار ما دار» استياء عدد كبير من الناشطين والنقاد اليمنيين بسبب المشاهد والسلوكيات الخارجة عن العادات والتقاليد اليمنية الأصيلة.
والشيء ذاته لقيه مسلسل «جمهورية كورونا» الذي بثته القناة نفسها، فرغم أن فكرته تتمحور حول التوعية عن فيروس «كورونا»، إلا أن هذه التوعية كانت غائبة، بينما مشاهد السفور والانحطاط الأخلاقي الدخيل على المجتمع اليمني كانت هي الطاغية، إضافة إلى أنه كان مجرد عمل سخيف وسطحي، ولم يرتق أبداً إلى مستوى العمل الدرامي.

تسميم عقول المشاهدين
مسلسل «سد الغريب» الذي عرضته ـ في وقت متزامن ـ كل من قناتي «يمن شباب» و«المهرية»، وهو من بطولة كل من الفنانين يحيى إبراهيم ونجيبة عبدالله ونبيل حزام، فكرته تناقش مشاكل اجتماعية وقضايا الخلافات القبلية في المجتمع اليمني.
الكثيرون اعتبروا المسلسل بأنه كان جيداً نوعا ما من حيث الفكرة والسيناريو والإخراج، ولكن ما لم يكن مقبولاً هو أنه عُرض على قنوات محسوبة على العدوان، وهي قنوات عمدت إلى بث سمومها داخل المجتمع عبر هذا العمل الدرامي، بحسب ما أكده الناشط عصام الموشكي في أحد منشوراته على منصة التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
وأضاف الموشكي: «سد الغريب يعتبر أنحج عمل درامي في الموسم الحالي، ولكن المشكلة أنه يبث عبر قنوات العدوان، لذا أحجمت عن مشاهدته».
وتابع قائلا: «قد يقول البعض إن هذا عمل درامي ولا دخل له بالسياسة، ولكني وجدت أن هذه القناة تبث سمومها عبر هذا العمل الدرامي، بواسطة شريط الأخبار الذي يتزامن مع المسلسل، تبث رسائل مسمومة للمشاهدين عبر الشريط الإخباري الذي يترجم سياستها الشيطانية في تشويه الجيش واللجان الشعبية».

رداءة «غربة البن»
قناة «السعيدة» التي تدعي الحيادية، وتقول إنها تقف على مسافة واحدة من الكل، فقد بثت هذا الموسم الجزء الثاني من مسلسل «غربة البن»، الذي كان ـ بحسب متابعين ـ رديئاً في كل الجوانب الدرامية، وفي مستوى أقل عن الجزء الأول، إضافة إلى إفراطه في بث فقرات الدعاية والإعلان للبنك الراعي له.
ويبرر الفنان صلاح الوافي والمخرج وليد العلفي تراجع المسلسل ورداءة محتواه بسبب تغيير سيناريو المسلسل أكثر من مرة، فقد كانت فكرة المسلسل تقوم على مناقشة المشاكل التي تواجه المغتربين اليمنيين في الهند من طلاب ومرضى وغيرهم، وبالتالي كان سيتم تصوير أغلب مشاهد المسلسل في الهند، لكن بسبب الحجر الصحي هناك تعذر التصوير وتم تغيير السيناريو.

«المسيرة» وبيضة الديك
«بعد الغياب» هو المسلسل الوحيد الذي عرضته قناة «المسيرة» خلال شهر رمضان الفائت، وقد ناقش المسلسل عدداً من القضايا الاجتماعية كارتفاع أسعار الإيجارات وغلاء المهور وغيرها من القضايا ذات الطابع الإنساني والاجتماعي، إلا أنه لم يتطرق للعدوان الوحشي والحصار الجائر الذي يقتل الشعب اليمني. وباستثناء هذا المسلسل الوحيد فقد خلت القنوات الوطنية الأخرى المناهضة للعدوان من أي أعمال درامية.

إعجاب «مش معجب»
نتيجة لافتقارها للمسلسلات الدرامية اهتمت القنوات الوطنية ببث برامج هادفة تناقش مشاكل وهموم الناس، ويأتي على رأس هذه البرامج الهادفة برنامج «مش معجب» الذي بثته قناة «الساحات» للإعلامي المتألق عبدالحافظ معجب، وحظي باستحسان العديد من المتابعين، الذين أشادوا بالبرنامج واعتبروه بمثابة المكاشفة الحقيقية والانتصار لقضايا المظلومين، وبطريقة تفتقدها كثير من القنوات الفضائية اليمنية.

يجب أن تناقش مشاكل المجتمع
يؤكد النجم الكوميدي سليمان داود المعرف بـ«كشكوش»، أن إقحام السياسة في الأعمال الدرامية يؤثر سلباً على العمل الدرامي، يتفقده نكهته وجمهوره.
ويضيف في سياق حديثه لصحيفة «لا» أن هناك تحسناً ملحوظاً في الأعمال الدرامية اليمنية، وظهرت أعمال متميزة لاقت استحسان الجميع باستثناء بعض الأعمال التي لاقت انتقادات بسيطة.
وحول تهرب الدراما اليمنية من الهموم الراهنة للمجتمع، وبسبب الحصار والحرب الكونية على اليمن، يقول: «العمل الدرامي معبر عن الواقع المعاش للمواطن، ويجب أن يناقش همومه ومشاكله، ولا مانع من التطرق لما يجري في الساحة اليمنية، ولكن بشكل رموز بسيطة وبطريقة غير مباشرة، وهذه مسؤولية كاتب السيناريو وليس الممثلين».

التنافس هو المعيار
وعن موقفه من الأعمال الدرامية التي تبثها قنوات محسوبة على الطرف الآخر (مرتزقة العدوان)، والتي ربما تثير حساسية بعض المشاهدين من هذه الأعمال، وربما يقاطعونها، يقول داود: «من الخطأ تقييم العمل الدرامي بناء على سياسة الوسيلة الإعلامية التي تبث المسلسل، ويحب أن نعرف أن هناك قنوات تتنافس في ما بينها للحصول على الأعمال الدرامية، وبالأخير كلها قنوات يمنية».
ويضيف: ليس هناك مشكلة أن يبث هذا العمل الدرامي على هذه القناة المحسوبة على هذا الطرف أو ذاك، فلا أحد يتعامل مع العمل الدرامي من هذا المنظور، ولو كان التعامل وفق هذا المنظور لما كانت وزارة الإعلام سمحت بتصوير بعض الأعمال الدرامية في صنعاء وحراز ومناخة وإب، لتعرض في قنوات مثل «يمن شباب» و«المهرية».
ويستطرد: لو كان الموضوع حساساً وخطيراً، وتعاملنا على أساس أن القناتين اللتين عرضتا هذه الأعمال محسوبتان على العدوان، فهنا نحمل وزير الإعلام المسؤولية الكاملة، ولكن لا أعتقد أن هناك من يفكر بهذه الطريقة.

الدراما الهادفة تعزز التلاحم
الممثل والمخرج المسرحي حميد زيد السلطان الذي أخرج عدداً من المسرحيات، وشارك ممثلاً في كثير من المسلسلات اليمنية، وكان آخرها مشاركته بمسلسل «سد الغريب» في دور ياسين، يؤكد أن «سد الغريب» هو أنجح الأعمال الدرامية هذا الموسم بدون منافس. مشيراً إلى أن المسلسل مبني على قصة واقعية تتمثل في حدوث صراع بين قريتين على السد كانت نتائجه كارثية.
ويقول السلطان بأن المسلسل تم إنتاجه وتصويره على أساس أن يتم عرضه في الفضائية اليمنية التي تبث من صنعاء، وبموجب اتفاق مسبق بين منتجي المسلسل وإدارة القناة، غير أن الأخيرة عجزت عن دفع التكاليف المادية وتمويل العمل الدرامي، ما اضطر المنتجين إلى بيعه لقناة أخرى، لأن أي عمل بحاجة إلى تمويل، حسب قوله.
ويؤكد أنه يجب عدم تسييس الأعمال الدرامية، وأن ننظر للمسلسل كعمل درامي بغض النظر عن الوسيلة التي تقوم بعرضه، فالدراما عموماً هي رسالة سلام وليست رسالة حرب، وأن العمل الدرامي الهادف يعالج قضية مجتمعية وبطريقة توعوية يعزز التلاحم والسلام، وليس تعميق الصراع وزرع العنصرية والتفرقة.