كيف تتعاطى صنعاء وشرعية الفنادق مع كورونا
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا
بشرى الغيلي / لا ميديا -
بمجرد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية اعتبار فيروس «كورونا» وباءً عالمياً، قامت وزارة الصحة العامة والسكان في حكومة الإنقاذ الوطني، بإجراءات احترازية على مستوى محافظات الجمهورية، وأثبتت أنها أمام مسؤولية كبيرة ومعركة لا بد من خوضها ومواجهتها، رغم خلو اليمن من الوباء حتى لحظة كتابة هذه المادة (سجلت أول حالة إصابة بفيروس «كورونا» في محافظة حضرموت، مساء الجمعة). ورغم ظروف الحرب والحصار التي فرضها تحالف العدوان على اليمن منذ 5 أعوام، إلا أن وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ قدّمت أداءً لافتا، متفوقة به على إمكانياتها المالية والفنية الشحيحة، بل المنعدمة، في حين قامت حكومة الفار هادي بمضاعفة رحلاتها عبر مطاري عدن وسيئون، وفتح المنافذ البرية وإدخال القادمين من الدول الموبوءة كالسعودية ومصر والأردن، في خطوة واضحة لنقل الفيروس واللامبالاة بحياة المواطنين. وكانت وزارة الصحة أدانت هذه الإجراءات العشوائية، وقالت: «في الوقت الذي تحرص فيه دول العالم على تقليص رحلاتها، بل إغلاق مطاراتها أمام القادمين إليها، تقوم حكومة المرتزقة برفع عدد رحلاتها عبر مطاري عدن وسيئون إلى 3 رحلات إضافية بجانب الرحلتين الاعتياديتين اليوميتين، لتصبح 5 رحلات».
تفاصيل أكثر حول ما قامت به حكومة الإنقاذ من إجراءات احترازية ووقائية، وما تقوم به حكومة المرتزقة من تعسفات لامبالية، خلال السياق التالي.
خطة وطنية طارئة
في أمانة العاصمة صنعاء استوقفتنا الكثير من المظاهر الاحترازية التي كانت نتيجة القرارات الحاسمة لحكومة الإنقاذ ممثلة بوزارة الصحة وغيرها من الوزارات التي تم التنسيق في ما بينها، فالمولات الكبيرة ومحلات الصرافة والمطاعم، تم إلزام العاملين فيها بارتداء الكمامات والقفازات، واستقبال الزبائن بالمعقمات، وتنظيم عمليتي الدخول والخروج بطرق تضمن عدم الازدحام، وصولا إلى إغلاق المداخل البرية التي عبرها يتدفق العائدون.
وأكد الدكتور يوسف الحاضري، الناطق الرسمي لوزارة الصحة، في تصريح خاص لـ»لا»، أن الوزارة وعبر اللجنة العليا لمكافحة الأوبئة، التي تتضمن وزارات كثيرة، ويقودها نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، وبتوجيهات مباشرة من رئاسة المجلس السياسي الأعلى، ومتابعة حثيثة من مكتب سيد الثورة، شكلت لجنة فنية تقوم بإعداد خطة وطنية طارئة للتصدي لوباء «كورونا»، وفعلا تحركت كل القطاعات وكل الجهات في هذا الجانب، وتمت التوعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والوسائل الإعلامية، وكل همة ونشاط تم وضع الرؤى والأفكار ومتابعة ما يحدث عالميا ومراقبته، والنظر إلى تجاربه وإلى وضعه، وإلى انتشار الفيروس، والسعي لتوفير ما يمكن توفيره من المستلزمات.
إغلاق المنافذ
وقال الحاضري: بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن هذه الجائحة تشكل خطراً على التجارة والملاحة الدولية، وتضررت منها الكثير من الدول وتنتقل من دولة إلى دولة، تم مباشرة اتخاذ إجراءات احترازية شديدة قبل أن يصل الوباء إلى اليمن، واتخذ أكثر من 60 قراراً، ومن ضمن هذه الإجراءات الاحترازية: إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات، وإغلاق صالات الأفراح، والتوعية عبر المساجد، وتقليص الدوام إلى 80٪ ولعل أهم القرارات التي اتخذتها حكومة الإنقاذ هي إغلاق المنافذ البرية والجوية والبحرية، التي تربط مناطق السيطرة الوطنية بالمناطق المحتلة الواقعة تحت إدارة تحالف دول العدوان والمرتزقة.
وأشار إلى أنه في المناطق المحتلة ليس هناك أي تحرك، أو توعية، أساسا لا يوجد دولة (حكومة الفنادق)، «وزير صحة المرتزقة ظهر متحدثا قبل يومين في فندق من فنادق الرياض والوباء له 3 أشهر يجتاح العالم، ولم يبد أي اهتمام بمن يدخلون البلاد أو يخرجون منها، بل إنهم كثفوا من رحلات الطيران بنسبة أكثر من 150٪
وتساءل: لماذا تعمدوا فتح المنافذ كالوديعة وشحن لدخول آلاف اليمنيين القادمين من السعودية وعمان؟ كان من المفترض أن تمنع السلطات القائمة في المناطق المحتلة دخول أي كان إلى مناطقها حتى انتهاء هذه الجائحة العالمية، لكن السائد هناك هو اللامبالاة واللادولة في المناطق المحتلة.
استهتار حكومة الفنادق
يتابع المواطن اليمني بقلقٍ ما قامت به حكومة المرتزقة من مضاعفة رحلات «اليمنية» عبر مطاري عدن وسيئون، في حين كان من المفترض إيقاف الرحلات نهائيا أسوة بما فعلته مطارات العالم أجمع، لكن حكومة الفنادق المسيّرة بالريموت كنترول لا تملك قرارا ولا رأيا يخولها بذلك. هنا علق الحاضري بالقول: لا توجد أي إجراءات احترازية في المطارات، ولا في المنافذ، كمنفذي شحن والوديعة.. والدليل على ذلك أن جميع المسافرين الذين يقطنون في مناطق السيطرة الوطنية يصلون إلى المنافذ البرية بيننا وبينهم، البعض له منذ وصوله من الخارج يوم، أو يومان، وبعضهم في نفس اليوم، أي لا يوجد أي حجر صحي لهم، لأنه من الضروري أن أي قادم من دولة موبوءة يخضع للحجر لمدة 14 يوماً.
واتضح كثيراً أن استهتار حكومة الفنادق وصل لدرجة عدم قيامها بالتوعية للمواطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.. يقول الحاضري: تخيلوا أن إحدى المنظمات العاملة في المناطق المحتلة، نحن نرسل إليها الفلاشات والبوسترات التي تم تجهيزها هنا بالعاصمة، لتستخدمها في توعية الناس هناك، ولا مشكلة لدينا للقيام بمثل هذا الأمر، فقد دعوناهم أكثر من مرة لإقامة تعاون بيننا وبينهم في هذا الجانب، حتى إن وزير الصحة طه المتوكل دعاهم عبر مجلس النواب إلى ضرورة التعاون في هذا الموضوع الإنساني بعيدا عن السياسة، ومع ذلك لم يستجيبوا، كما هو الحال مع المبادرة التي أطلقها الرئيس مهدي المشاط، ولم يتفاعلوا معها حتى اللحظة، والسبب أنهم لا يمتلكون القرار ولو في أدنى المستويات.
ويضيف الحاضري: «إذا كان هناك تعاون بين أمريكا وإيران وعلاقات في مسألة مكافحة «كورونا»، فهؤلاء حري بهم أن يتركوا كل شيء جانبا.. نحن مددنا لهم يد العون للتعاون في ما بيننا وبينهم لمكافحة «كورونا»، لكنهم بلا قرار، ولم يعطونا أية معلومات نحتاجها، لذلك اضطررنا إلى عمل المحاجر في الحدود بيننا وبينهم، وإن كانت قاسية، ولكننا مضطرون لهذه الإجراءات الاحترازية حتى لا يمر اليمن بنفس ما يعانيه العالم من جائحة «كورونا»، ولعل التحرك الأبرز لحكومة المرتزقة من أجل مواجهة فيروس «كورونا» هو ما أعلنته بعض مواقعهم الإعلامية عن وصول كمية من أكياس الموتى، وهذه هي أعظم إنجازاتها. أكياس الموتى بمعنى أنهم مستعدون للموت».
جاهزية عالية
عن مدى جاهزية حكومة الإنقاذ في حال تفشي الوباء لا قدر الله وفي حدود الممكن والمتاح، يشير الحاضري إلى أنه «تم تجهيز من محجرٍ إلى محجرين في كل محافظة من محافظات الجمهورية كالفنادق أو أماكن مناسبة تفي بالغرض، وتجهيز مستشفى على الأقل في كل محافظة، يكون مستعداً لاستقبال أية حالات إصابة بكورونا، وتوفير ما لم يتم توفيره خلال 40 عاما من أجهزة التنفس الصناعي، والمحاجر الصحية في المنافذ، ولو كان هناك قصور كبير، ولكننا في حصارٍ لا نمتلك الموارد المالية لإنفاقها في التصدي لوباء «كورونا»، مقارنة بما تمتلكه بقية دول العالم من موارد مالية وما ترصده من ميزانيات ضخمة للتصدي للفيروس وآثاره، كما نرى ونسمع في القنوات الإعلامية، ونحن حسب ظروفنا استنهضنا المجتمع بأكمله في حدود إمكانياتنا لمواجهة هذه الجائحة».
الجيش الأبيض
كشفت جائحة «كورونا» للعالم أن الأطباء هم خط الدفاع الأول، بل تم إطلاق مصطلح «الجيش الأبيض» عليهم، كونهم المنقذين لشعوبهم الموبوءة. في هذا الجانب أوضح الحاضري أنه تم تدريب وتأهيل كوادر طبية لسنة خامسة وسادسة امتياز من جميع التخصصات الطبية لكي يكونوا جنوداً في المستشفيات إلى جانب الأطباء، لأننا سنحتاجهم في حال -لا قدر الله- تفشى الوباء، كما قمنا بتدريب آلاف المتطوعين والمتطوعات في التوعية والتثقيف الصحي بالنزول إلى القرى والمديريات وطبع البوسترات، والنشر عبر القنوات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر لوحات الشوارع، وغيرها من الأعمال التي تم القيام بها كجهودٍ ذاتية، وتوفير الملابس الخاصة من كمامات وقفازات ووسائل حماية خاصة، كما تم تشكيل في كل مديرية يمنية فريق استجابة، ثم تم رفعها إلى 4 فرق استجابة، والعمل على قدمٍ وساق عن طريق الأوقاف، والإعلام، المجالس المحلية، المواصلات، والاتصالات، والنقل، فالكل يد واحدة ومتحرك في هذا الجانب».
قصور
وعن صحة ما نشرته بعض المواقع الإخبارية من أن هناك عدم تقيد بإغلاق بعض المنافذ البرية بين مناطق السيطرة الوطنية ومناطق سيطرة المرتزقة في تعز، حيث يدخل المواطنون من مناطق المرتزقة إلى مناطق الجيش واللجان الشعبية دون حجر صحي، أوضح الحاضري أن هناك قصوراً أحياناً هنا أو هناك، ودعا المجالس المحلية والسلطات المحلية والداخلية إلى الاضطلاع بدورهم بقدر المستطاع، فهذه مسؤولية كبرى وهم رجالها.
تهريب إلى الخارج
لاحظ المواطن ارتفاع أسعار المعقمات واختفاء الكمامات وغيرها مما يتعلق بالوقاية الشخصية، وعما إذا كان هناك تنسيق بين وزارتي الصحة والصناعة وتسهيل الحصول عليها وتوفيرها للمواطنين، يقول الحاضري: «هناك تحرك مستمر من قبل الهيئة العليا للأدوية وإدارة الصيدلة في الوزارة والصناعة والداخلية، وتم ضبطها إلى حد ما. أما عن سبب حدوث أزمة في هذا الجانب، فالسبب أننا أثناء التنسيق بين الداخلية والأمن والمخابرات اكتشفنا حملة تهريب للمعقمات والكمامات للخارج، وتم ضبطهم».
على مدى 5 أعوام من الحرب خاضت وزارة الصحة بمستشفياتها وطواقمها الطبية حرباً ضروساً ضد مختلف الأوبئة الفتاكة، كالكوليرا، وإنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الخنازير، والدفتيريا، والملاريا، وحمى الضنك.. وحاليا تستعد لمواجهة خطر «كورونا» في حال تفشى الوباء لا قدر الله، أي أنها معركة غير متكافئة، ورغم الظروف الصعبة استعدت صنعاء بكل إمكانياتها المتاحة، بينما حكومة الفنادق مستمرة في غيها واستمرار تدفق العائدين وإدخالهم إلى مناطقهم دون خضوعهم لأي حجرٍ صحي، وهي خطوات تنم عن انبطاحٍ من مرتزقةٍ باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان ليعرضوا وطنهم للخطر.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا