شايف العين / لا ميديا -

كشفت مصادر أمنية، أمس الأول، معلومات موثقة عن جانب من تدمير نظام حكم العمالة البائد الذي ترأسه الخائن علي عبدالله صالح، لصواريخ وبطاريات وقبضات صاروخية تابعة للدفاع الجوي في القوات الجوية اليمنية، خلال الفترة من 2005 وحتى 2009، بأوامر وإشراف مباشر من العدو الأمريكي. 
ووفقا للمصادر فإن هذا الجانب من تدمير قدرات دفاع الجو اليمنية جرى على دفعتين، كالتالي:
الدفعة الأولى من صواريخ الدفاعات الجوية جرى تفجيرها في منطقة الجدعان بمحافظة مأرب بتاريخ 28/2/2005، وتمثلت في تدمير 1161 صاروخا توزعت على 1078 صاروخ سام 7 ستريلا، و62 صاروخ سام 14، و20 صاروخ سام 16، بالإضافة إلى 13 قبضة و52 بطارية صواريخ. 
أما عملية تدمير وإتلاف الدفعة الثانية من صواريخ الدفاعات الجوية فتمت بتاريخ 27/7/2009، في قاعدة عسكرية بوادي حلحلان بمأرب، وتمثلت في إتلاف 102 صاروخ دفاع جوي معظمها صواريخ سام 7 ستريلا وسام 14، وصاروخين سام 16، إلى جانب تدمير 40 قبضة خاصة بإطلاق صواريخ الدفاعات المحمولة على الكتف، و51 بطارية صواريخ. 
وأثبتت الوثائق والفيديوهات أن عمليات الإتلاف تمت عبر اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والخائن علي عبدالله صالح وابن أخيه عمار محمد عبدالله صالح وكيل جهاز الأمن القومي حينها.
وعرضت هذه الحقائق جانبا واحدا من عمليات تدمير وإتلاف منظومات الدفاع الجوي اليمني، والتي تأتي كجزء بسيط من الدور الذي لعبه العدو الأمريكي بتواطؤ من نظام حكم العمالة في تدمير الجيش اليمني وتفكيكه وإضعاف قدراته وصولا إلى إعدامها تماما، وهو الدور التدميري الذي كان قد حذر منه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، في وقت مبكر. 

الدور الأمريكي المستهدف لليمن
كشفت السنوات الماضية، والتي بدأت بثورة 21 أيلول 2014، خفايا الدور الأمريكي المستهدف لليمن في مختلف المجالات، لاسيما تدمير جيشه وتفكيكه وإضعاف قدراته.
فالولايات المتحدة لم تكتف بكونها القطب العالمي ذا النفوذ الأكبر على امتداد العقدين الماضيين، بل حتمت عليها نزعتها الامبريالية وشركاتها العابرة للقارات، أن تسعى للقضاء على كل قوة رسمية (جيش) للدول مهما كانت بسيطة، لتطيل عمر سيطرتها وتوسع استثمارات شركاتها، وكانت اليمن جيشاً وشعباً إحدى ضحايا الامبريالية الأمريكية. 
فقد أُفسح المجال واسعاً أمام أمريكا لتقضي على الجيش اليمني، وتطلق الرصاص على جسده عقب 2011، بعد أن حيدته قبلها من مهامه الرئيسة المتمثلة في الدفاع عن سيادة الوطن ودماء شعبه وحماية مقدراته وثرواته، واختزالها فقط في مكافحة ما تسميه «الإرهاب» من منظورها الخاص. 
حيث جرى تفكيك وحدات نموذجية جداً كان الجيش اليمني يُباهي بها، وأزيحت قيادات مؤهلة وكفؤة كان يعوَّل عليها، واستهدفت إما بالاغتيالات وإما بإحالتها للتقاعد، وتزامنا مع ذلك وقبله تمت عمليات تعطيل الرادارات التي تعتمد عليها صواريخ منظومة الدفاع الجوي التي أتلفت معظمها كما ذكرنا آنفا تحت مبرر أن البلاد ليست مستهدفة، كي لا يتم التعامل مع أي عدوان خارجي، وهذا ما كان العدو الأمريكي يحسب حسابه في حال ظهرت قوى وطنية ثورية لا يمكن أن تساوم على سيادة وحرية البلد وقراره بعكس من سبقها من حكومات وأنظمة حكم.
وهذا الدور التدميري نفذه العدو الأمريكي بأيدي أذناب وصايته من أعلى رأس في نظام الحكم البائد، والمتمثل في الخائن علي عبدالله صالح، إلى أعوانه من حكومة الخيانة، وصولا إلى حكومة مرتزقة تحالف العدوان الأمريكي السعودي.

تحذيرات الشهيد القائد
أكدت الحقائق التي تتوالى بالانكشاف اليوم التحذيرات السابقة التي أطلقها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، مبكرا، عام 2002، عن الخطر الأمريكي المتربص باليمن. 
حيث حذر الشهيد القائد من العداء الذي تكنّه الولايات المتحدة الأمريكية للأمة العربية والإسلامية، وأطماعها في المنطقة عموما، واليمن خصوصا. 
وتزامنت تلك التحذيرات في 2002 مع بدء أولى عمليات طائرات الدرون الأمريكية (بلا طيار) في اليمن، معلنا رفضه انتهاك السيادة اليمنية وقتل اليمنيين خارج القانون، موضحا أطماع أمريكا ومن ورائها العدو الصهيوني وأدواته، في السيطرة على المنطقة العربية عموما، واليمن خصوصا، ونبه من توغل التدخلات الأمريكية في القرار اليمني تحت مسميات خادعة كالتعاون والدعم.
وأكد الشهيد القائد حينها أن الهدف هو سلب اليمن قراره واحتلال أراضيه وموقعه الاستراتيجي ونهب ثرواته، تحت ذريعة «محاربة الإرهاب»، مشدداً على أن اليمنيين قادرون على محاربة الإرهاب واستئصاله بأنفسهم.
كما تنبه في حديثه في ذلك العام لكثير من المعطيات أطلق على إثرها صرخته «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام».
ولعل ذلك الموقف المناهض للعدو والصادح بالعداء في وجهه كبد السيد حسين الكثير من الأذى، وبدأ نظام الوصاية بشن الحرب على صعدة بإيعاز من العدو الأمريكي، فواجه العدوان حتى استشهد. 

أنظمة خانت البلد ورهنت سيادته ودمرت مقدراته
إن ما كشفته الوثائق والفيديوهات عن ضلوع الخائن عفاش وأفراد أسرته كنجل أخيه عمار محمد عفاش، من تدمير لقدرات الدفاع الجوي، أتت ضمن سلسلة الحقائق التي انكشفت وتنكشف عن حجم الدناءة والخسة التي اعترت ذلك النظام، ووجب تسميتها بـ»الخيانة العظمى».
ولعل آخر تحركات الخيانة التي نفذها عفاش بإيعاز من العدو الأمريكي وأدواته الإماراتية والسعودية، تمثلت في الفتنة التي قادها في ديسمبر 2017، وكانت تهدف إلى ضرب الجبهة الداخلية في عاصمة الصمود، بعد الالتفاف على الجيش واللجان الشعبية وطعنهم في الظهر.
كما أن الشعارات التي طالما تغنوا بها طيلة فترة حكمهم وبعدها من أنهم يسعون إلى بناء جيش نظامي قوي، تأكد زيفها وبطلانها مع الأيام، واتضح عكس ما كانوا يروجون له.
كما أن أقاربه كطارق عفاش وعمار عفاش وغيرهما سارعوا بعد مصرعه ووأد فتنته إلى الانخراط في صفوف تحالف العدوان على الوطن، وباتوا يقاتلون في صفه ويحيكون الدسائس للنيل من صمود أبناء الشعب وتوحد صفوفهم في مواجهة الأعداء.
وتحدثت وثائق سربت لموقع ويكيليكس الذي قام بنشرها، عن المؤامرة التي وقعها الخائن الصريع عفاش مع الأمريكيين لإتلاف وتدمير صواريخ ومنظومات الدفاع الجوي قبل أن يأتي الخائن الفار هادي ويكمل عقب 2011م ما بدأه سلفه.
وأكدت الوثائق أن مسؤولين أمريكيين حاولوا الضغط على حكومة صالح لعدة سنوات من أجل تدمير صواريخ الدفاع الجوي التي تم جمعها بعد العام 2005.
ووفقا للتسريبات فقد بحث عفاش في 1 سبتمبر 2004 مع مساعد وزير خارجية واشنطن حينها لينكولن بلومفيلد، إعادة شراء الأخيرة منظومات صواريخ دفاع جوي من مخزون وزارة الدفاع والسوق المحلية في مبادرة سميت «MANPADS». 
وتثبت أن الخائن عفاش لم يوافق فقط على الصفقة، بل تعهد للأمريكيين بأن اليمن لن تسعى لشراء أية منظومات من هذا النوع، وقال بالحرف الواحد: «علينا أن نمحوها من السوق».
وعلى هامش اجتماعات تلك الزيارة قدم وكيل جهاز الأمن القومي عمار عفاش، نصيحة لبلومفيلد، إذ أخبره بأن يعمل على توجيه رسالة متابعة إلى عمه الرئيس يذكر فيها الفوائد الأخرى التي ستجنيها اليمن من الاتفاق، وأنه سيلح عليه بعدم رفض الصفقة بسبب الأسعار التي لا يمكن أن تتغير، حد تعبيره.
وتضمنت وثائق ويكيليكس معلومات عن الاتفاقية التي تم توقيعها في 28 سبتمبر 2004، وبموجبها سيتم تدمير مخزون لا يقل عن 1435 صاروخ دفاع جوي، وأن الولايات المتحدة بدأت العمل في الميدان لفحص الصواريخ التي تم الحصول عليها وإتلافها أولا بأول.
وأشارت إلى تفاصيل ترتيبات عملية تدمير المنظومات على دفعات، بدأت بجمع جهاز الأمن القومي للصواريخ من أسواق السلاح المنتشرة، وتدمير أول دفعة في فبراير 2005، وتمثلت في 1161 صاروخ دفاع جوي محمول، وتم توقيع اتفاقية بعدها في 2008 قضت بزيادة قيمة شراء صواريخ السوق السوداء لسحبها وضمان إتلافها.
وخلال 20-22 يونيو 2009، زار وفد أمريكي مكون من دينيس هارديك رئيس مكتب إزالة الأسلحة في الخارجية الأمريكية، وسانتو بوليتزي ضابط ارتباط، ونيلز تالبوت الخبير التقني للمكتب، ولوري فريمان مسؤول العلاقات الخارجية للمكتب، وذلك بعد أن تم جمع أكبر قدر من الصواريخ وإتلافها، لبحث احتمالات وجود صواريخ أكثر في السوق السوداء أو المخازن الرسمية للجيش.
في 27 يوليو 2009، سافر الوفد إلى قاعدة عسكرية في وادي حلحلان بمأرب، يرافقه وكيل الجهاز الخائن عمار عفاش، والعقيد القاسمي رئيس هيئة الأركان، وتم تدمير 102 صاروخاً ليصبح المجموع 1263، وظهر في الفيديوهات التي نشرت أمس الأول، الخائن عمار عفاش وإلى جانبه موظفات أمريكيات شقراوات يدخن السجائر احتفالاً بالنصر الأمريكي المتمثل في تدمير قدرات الدفاع الجوي، ما يمثل دوس كرامة وسيادة بلد، في خيانة عظمى وثقت بالصوت والصورة. 

جريمة فادحة
إن الأفعال المتعمدة التي استهدفت قوات دفاع الجو اليمنيّة، كان غرضها إضعاف القوّة الأكثر قدرة وتأهيلاً، وذات التسليح النوعي الذائدة عن سماء اليمن من أية هجمات خارجية.
وتعتبر قوة الدفاع الجوي من أهم وحدات الجيش ونقاط القوة في أي بلد كان، كونها الرادع الأهم لما يفاخر به العدو الأمريكي وحلفاؤه من أسلحة تتمثل في طائرات الإف 16 والتايفون والتورنيدو.
ولعل تلك الأهمية توضح فداحة الجرم الذي ارتكبه الخونة بتدميرها وإتلافها تنفيذا لأوامر العدو وتلبية لرغباته التي كانت تمهد الوضع ليصبح مواتيا لقواتهم في حال ظهرت قيادة حرة وصاحبة قرار كما حدث مع بداية العدوان.
وإضافة إلى ما ارتكبه الخائن الصريع عفاش، أتى بعده الخائن الفار هادي وأصدر في فترة حكمه الانتقالية توجيهات بإيقاف منظومة الرادارات للدفاع الجوي، وعندما هاجم العدو في ليلة 26 مارس 2015، لم يكن هناك رادار يعمل، وبدأ بضرب المنظومات وهي متوقفة عن العمل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فقد قام الخائن بتسليم السفير الأمريكي بطلب منه أسماء وشفرات منظومات الدفاع الجوي والأسلحة الاستراتيجية، وبدأ بتفكيك بعض منظومات الصواريخ، ليكمل ما بدأه سلفه في إطار خدمة أرباب الوصاية والاستكبار. 

قيادة حرة أعادت المجد للوطن في ظروف خانقة
عقب ثورة 21 أيلول 2014، بقيادة أنصار الله، شهدت اليمن نقلة وقفزة نوعية في مختلف المجالات العسكرية، وقطعت الطريق على استكمال مشروع العدو الأمريكي المتمثل في تدمير القدرات التسليحية اليمنية. ومع بداية العدوان في 26 مارس 2015، تطورت تلك القدرات بأيادٍ محلية، وتمت صناعة منظومات صاروخية باليستية ومجنحة ودفاعية جوية ذات قدرة وأداء عاليين.
وشهدت الدفاعات الجوية اليمنية تطورا تصاعديا وبوتيرة متسارعة على صعيد عمليات وقدرات اعتراض وإصابة وإسقاط طائرات تحالف العدوان، منذ أعلن السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في الـ14 من سبتمبر 2017، عن جهود حثيثة لتطوير منظومات الدفاع الجوي، وقال مبشرا أبناء الشعب: «لدينا جهود لتطوير منظومات الدفاع الجوي للتصدي للطائرات الأمريكية الحديثة».
وفي 25 مارس 2019، أعلن السيد القائد ضمن خطابه بمناسبة إنهاء عام الصمود الرابع بوجه العدوان، أن العام الخامس هو عام تطوير القدرات العسكرية، وأن دول العدوان ستندم لأنها ستدرك أن اليمن أصبح منتجاً للقدرات العسكرية ليتبوأ مكاناً مهماً على مستوى التصنيع العسكري، ويمتلك تقنيات مهمة في ذلك المجال لا تمتلكها السعودية والإمارات.
وبالفعل تمكنت الدفاعات الجوية التي جرى تطويرها محليا من صواريخ جو – جو، من إسقاط طائرات العدوان المروحية والاستطلاعية المقاتلة والتجسسية وتحييد الطائرات المقاتلة المطورة وإجبارها على مغادرة الأجواء وفي أحيان كثيرة إسقاطها كما جرى هذا الشهر من إسقاط طائرة تورنيدو في سماء مديرية المصلوب بالجوف.
وكانت القوات المسلحة أزاحت الستار قبل أيام عن 4 منظومات لدفاع الجو مطورة محليا بخبرات يمنية بحتة. 
وتمثلت المنظومات التي جرى عرضها في معرض الشهيد عبدالعزيز المهرم للدفاعات الجوية، في منظومات «ثاقب 1» و»ثاقب 2» و»ثاقب 3» و»فاطر 1».