حاورته:بشرى الغيلي/ لا ميديا -

من قريته الصغيرة "بني أسد"، حلّق حُلم الستيني الطموح بحجم جبال اليمن العظيمة، وامتلأت روحه بشغف العلم كخضرةِ تلال وحقول محابشة حجة الغنّاء... فلم يثنهِ العمر، ولم تحد من مواصلةِ تعليمه بعد بلوغ 64 عاماَ، المسؤولية الملقاة على عاتقه، كونه كان العائل الوحيد لأسرته.
فيما تظل العبارات والحِكم من المثاليات وبلا جدوى عندما لا تجد من يطبقها كـ: العلم من المهدِ إلى اللحد، واطلبوا العلم ولو في الصين، والعلم في الصغر كالنقشِ في الحجر، لكن الحاج حسن علي العرجلي لم يتوقف كثيرا أمام تأملِ وقعها الرنان، فأبهر الرأي العام بإعلان نتيجته مع طلاب الثانوية العامة لعام 2019، وحصوله على معدل 88%.. صحيفة "لا" دردشت معه فكانت إجاباته مقتضبة جدا، فإلى نص الحوار..

انقطعت 30 عاماً 
ـ الجميع يتساءل ما الدافع الذي جعلك تكمل دراستك الثانوية، خصوصاً وأنت في الـ64 من عمرك؟
الدافع كان الرغبة والطموح، فيما السبب في تحقيق حلمي الدراسي بإكمالِ الثانوية العامة، فقد حصلت على شهادة سادس ابتدائي عام 1986م، عندما كنت في سن 28 عاما، ثم انقطعت عن الدراسة لمدة 30 عاماً، ثم عدت إليها وواصلت الدراسة في المرحلتين المتوسطة والثانوية، ليس كمنتسب، بل كطالبٍ مجتهدٍ أشارك في الدروس وأتفاعل مع المعلمين وأتنافس مع زملائي الذين هم بعمرِ أبنائي الـ16 وأحفادي الـ30 فرداً.

ـ ما هي أسباب توقفك طوال هذه الفترة عن مواصلة الدراسة؟
الظروف المعيشية هي التي أعاقتني عن مواصلة الدراسة، فقد كنت كبير الأسرة حينها والعائل الوحيد لهم، الأمر الذي اضطرني للتوقف عن الدراسة.
 
أذاكر مع أحفادي
ـ كيف كان يتعامل معك زملاؤك الذين هم في عمر أبنائك؟
كانوا يتعاملون معي بشكل طبيعي جدا، وكنت أتعامل معهم كأنني في مرحلة الشباب.

ـ لكم 16 ولدً، و30 حفيداً (حفظهم الله)، هل كنت تذاكر دروسك معهم؟ وهل كان منهم من هو معك بنفس الصف؟
نعم كنت أذاكر معهم، لكن لم يكن أي منهم يدرس معي بنفس المرحلة الدراسية.

 أقسّم وقتي
ـ جميع مدرسيك أثنوا عليك حين تم إعلان نتيجتك الثانوية، وذكروا أنك كنت متفوقا في جميع المراحل الدراسية، كم ساعة كنت تذاكر؟
كنت أذاكر 6 ساعات في اليوم، بينما بقية الوقت أهتم فيه بشؤون أسرتي، وأتابع احتياجاتهم.

زوجتي بذلت المستحيل
ـ هل كانت شريكة حياتك عوناً لك في تحقيق حلمك؟ وما كان شعورها عندما ظهرت نتائج الثانوية العامة؟
نعم، كانت زوجتي خير عون لي، وبذلت المستحيل من أجل أن أحقق حلمي، وخصصت جل وقتها لتهيئة الظروف المناسبة لي حتى أستطيع المذاكرة بهدوء. أما عندما ظهرت نتائج الثانوية العامة فقد شعرت بسعادة كبيرة لما حققته من نجاح وتفوق.

طموحي الطب البشري
ـ هل ستواصل الدراسة وتلتحق بالتعليم الجامعي؟
نعم بالتأكيد، سأستمر بالتحصيل الدراسي، فالمرحلة الأكبر لم تبدأ بعد، وهي الدراسة الجامعية، التي سأخوض غمارها إن شاء الله قريباً.

ـ ما هي طموحاتك الآن؟ وفي أي تخصص ستلتحق للدراسة؟
أثناء الدراسة كنت أطمح بعد أن أحصل على الثانوية العامة، أن أكمل دراستي الجامعية في مجال الحاسوب، أما حالياً فإني أطمح إلى دراسة الطب البشري.

منحتان للدراسة الجامعية
ـ هل حظيت بالتكريم من أية جهة؟
نعم، كرمتني وزارة التعليم العالي بمنحةٍ دراسية لمواصلة تعليمي الجامعي وفي أية جامعةٍ يمنية أختارها، والتخصص الذي أريده، كما منحتني الكلية الألمانية للعلوم الطبية والتقنية مقعدا آخر في تقنية المعلومات التخصصية.

ـ كيف ستوفقون بين منحتي وزارة التعليم العالي، والكلية الألمانية؟
بحسب النظام سأقوم التنسيق والتوفيق بينهما.
 
العلم ليس مقيدا بعمر
ـ ما نصيحتكم للشباب الذين تركوا مقاعد الدراسة ولديهم الاستطاعة في إكمالها والظروف مهيأة لذلك؛ ومن يقول: لقد فات العمر ولم يعد في نفس للدراسة ولا رغبة، كبرنا خلاص؟
نصيحتي لهم بأن يواصلوا تعليمهم، خصوصاً وأن الوقت متاح لهم، وأحث من يقولون إن التعليم فاتهم بأن العلم ليس مقيدا بعمر محدد، أو مرحلة معينة، وإنما بدافع الرغبة والطموح لمواصلة التعليم.

ـ كلمة أخيرة لمن توجهونها عبر صحيفة "لا"، ومن أكثر شخص يستحق منكم جملة: "شكرا لأنك ساندتني"؟
أوجهها أولا وأخيراً لأسرتي الكريمة والمعلمين جميعهم، وأخص بالذكر الأستاذ علي محمد المارعي وإدارة مدرسة النجاح، وكل من أسهم في دعمي العلمي والإعلامي. وأشكر صحيفتكم على اللقاء.